- يصف نفسه بأنه صاحب قلب من حديد، بينما يصفه متابعوه بأنه أديب متميز بالإضافة إلى عمله في مجال مختلف يخشاه الكثيرون رغم أهميته، وفي الوقت نفسه، يصفه زملاؤه من أبناء مهنته خارج مصر بأنه ذو أحد أكثر الأطباء الشرعيين مهارة. ورغم أنه ما زال شاباً، إلا أنه أحد الذين خاضوا تجارب مع الأحياء والأموات، وعالم ما وراء الطبيعة أيضا.. بل إنه قابل الجن وجهاً لوجه.
الدكتور محمد الشيخ، طبيب الشرعي في مشرحة زينهم، وهو أحد هؤلاء الباحثين عن الحقيقة، يستخرجها من رحم الموت. فهو دائما ما يقضي الليل فاحصا أحشاء جثة، أو باحثا عن علامات تدل على ميتة غير طبيعية في جسد غادرته الروح بغير رجعة. فبين حكاياته عن دجال النقاب، الذي تعفن جسده وهو حي، والأسرة التي تعمل في السحر، وما تعرض لها من مضايقات من الجن بسببهم، تجد أنك مجبر على التصديق.
قد يعتبر البعض وصف «الشيخ» لنفسه بأنه ذو قلب حديدي مبالغة، فلا أحد يصف نفسه بالشجاعة بهذه اللغة، إلا أن ما يرويه من حكايات عن تشريح جثامين ارتبطت بظواهر خوارقية، بعضها كان لسحرة فطاله أذى من الجان، وبعضها لأشخاص رأى فيهم سوء الخاتمة وآخرين استحضر فيه روح الجنة وطيبها، كلها كانت قصصاً مدعمة بصور وتقارير من أرض الواقع.
يروي الدكتور محمد – ضمن حكاياته، كيف أن مشرحة زينهم تضم عباقرة في مجال الطب الشرعي، يعملون بأيديهم ومشارط الجراحة، دون آلات متقدمة حديثة، ومع ذلك عندما أظهر – هو شخصيا – جانبا من قدراته أمام أطباء أمريكان، انبهروا من مدى الدقة التي يعمل بها، والدقة الأكبر في التشخيص التي أظهرتها نتائج عمله، والتي لا تقل قوة وأداء عن الآلات الذكية.
جمع الرجل بين العلم والأدب.. والمنطق واللامنطق.. فتعامل مع الشرايين والأوردة والأعضاء، وانجذب نحو حقيقة الكون وما ورائها، وكثيراً ما تشفق عليه في حكاياته، التي يتمكن خلالها من نقلك معه إلى غرفة التشريح داخل مشرحة زينهم، بسبب حلة التردد بين العلم واللاعلم، عندما يقف أمام جثة يعرف أنها غير طبيعية، وعندما تجبره ظواهر يعرف أن ورائها الجن، الذي لن تعترف به أي أوراق رسمية، على السير في اتجاه معين. ولكنه في النهاية ينتصر، وتقول الجثث كلمتها.