المتابع لمستوى الكرة المصرية عموما والمنتخبات الوطنية خصوصا لن يجد صعوبة فى إدراك أننا نعانى من ندرة فى الموهوبين أصحاب المهارات العالية الذين يقدمون اللمسة الجمالية فى الأداء الكروي ، كما نعاني من نقص واضح فى مراكز بعينها فى السنوات الأخيرة أهمها فى صناعة اللعب وظهراء الجنب ، ويلجأ المديرون الفنيون للمنتخب إلى لاعبين يدفعونهم إلى هذه المراكز الناقصة رغم أنهم يجيدون فى مراكزهم الأصلية .
المدهش والمثير فى الأمر أن ذلك يحدث فى الوقت الذى انتشرت فيه أكاديميات براعم الكرة فى كل ربوع مصر ، لدرجة أن ملاعب المدارس والمنتجعات السكنية صارت مشغولة بهذه الأكاديميات ، وأكثر من ذلك أن كل مراكز الشباب مزدحمة بتدريبات أكثر من أكاديمية على ملعب واحد .. والمفترض أنه طبقا لهذه الطفرة فى عدد هذه الأكاديميات أن يظهر لنا مواهب ولاعبين بكثرة ولا يصبح لدينا عجزا فى أى مركز طالما أنه يوجد اهتمام بالنشء فى سنوات الأولى .
ولكن مانراه فى الحقيقة هو فوضى وعدم تخطيط ، فهذا الانتشار الكاسح لهذه الأكاديميات التى يرعى بعضها عدد من نجوم الكرة القدامي لا تؤدى دورها كما ينبغى أن تكون ، فالأغلبية يعتمد فقط على جمع أكبر عدد من البراعم بهدف مادي بحث وكأنه مجرد “بيزنيس” ، بدليل أنهم يستعينون بمدربين غير مؤهلين مطلقا للتعامل مع الموهوبين الصغار ، ولا توجد برامج تدريبية على أسس صحيحة ، ومن هنا يكون التدريب عبارة عن وقت فراغ يقضيه الصغار بلا فائدة تذكر لأى أحد ، وبالطبع لا تعير الاندية الكبرى اهتماما لمثل هذه الأكاديميات ولا ترسل مكتشفيها ومدربيها لانتقاء من يصلح منهم .
بإختصار هناك ضياع للوقت والجهد والمال .. ولا توجد فائدة من هذه الأكاديميات لاسيما انها لا تخضع لرقابة من أحد ، ولذلك نرى أنه يجب ألا تصدر رخص لهذه الأكاديميات إلا إذا كانت معتمدة من اتحاد الكرة أو مديريات الشباب المنتشرة فى كل المحافظات ، وهذا الاعتماد لا يتم إلا إذا كان هناك خطط تدريبية واضحة ورؤية محترمة من مدربين مؤهلين لقيادة هذه الأكاديميات ، ولا مانع من اقامة دوريات منتظمة فيما بينها تحت إشراف مسؤولى اللجان الفنية بالمناطق الكروية ، لعلها تكون فرصة لإكتشاف موهوبين جدد بمواصفات صحيحة مثلما ظهر محمد صلاح نجمنا العالمي وهو يلعب بدورى احدى الشركات الغازية التى تولت رعاية مسابقات للصغار .
نحن مع انتشار الأكاديميات بكل تأكيد ، لأنها تقضى فراغ الأطفال فى نشاط جيد ، ولكن بشروط ورؤية سليمة ، ولسنا معها إذا كانت تبيع الأوهام للصغار بأن كل منهم سيكون نجما كبيرا فى الأندية الكبرى ، وتبيع الأوهام ايضا لأولياء الأمور الذين يدفعون أموال الإشتراكات بهذه الأكاديميات التجارية عن طيب خاطر على أمل أن يكون إبنهم خليفة محمد صلاح ، وهؤلاء لا يدرون أن التدريب الصحيح له أصوله وعلمه ومعايير لا تتوافر فى عدد كبير من هذه الأكاديميات .