تصاعد الخلاف بين فصائل الإخوان للسيطرة على الجماعة “التنظيم يواجه أزمة وجودية”
استنادًا إلى الوصول غير المسبوق إلى السلطة، يرصد كتاب جديد بعنوان “الروابط المفككة: الأزمة الوجودية لتنظيم الإخوان في مصر، 2013-2022 في إطار دراسة جريئة كيف أساءت جماعة الإخوان ومنتقدينها على حد سواء فهمها على أنها منظمة أيديولوجية جماهيرية، وكيف فقدت تطورها لينتهي بها الأمر في نهاية المطاف إلى منظمة عضوية نخبوية منفصلة عن مكوناتها.
وفي كتاب يعتقد المتابعون أنه “كتاب القرن”، يرجح الباحثون عبد الرحمن عياش، وعمرو العفيفي، ونهى عزت، أن الإخوان يمرون بأزمات متعددة – ليس أقلها أزمة الهوية وأزمة الشرعية وأزمة العضوية، ويمضي الكتاب في رصد تسارع أزمات تنظيم الإخوان في أعقاب الإطاحة بهم من السلطة في ثورة شعبية عارمة في 30 يونيو 2013، من خلال قصص وأصوات لا تعد ولا تحصى من داخل التنظيم الذي أصبح مفككًا ويقدم المؤلفون صورة دقيقة للتنظيم الذي فقد مصداقيته كما فقد شعبيته.
ويصل الكتاب إلى استنتاجات مهمة أبرزها انفصال الإخوان عن أفكارهم وميلهم إلى الصدام والعنف كنتيجة لسيطرة التيار القطبي الذي يعتنق الفكر المتطرف لسيد قطب وينسب إليه.
شعار الإخوان
وذكر الكتاب أن “السمع والطاعة” هو شعار الإخوان تم الحفاظ عليها وتبعه أعضاؤها طوال وجود الجماعة الإرهابية، منذ أن أسسها حسن البنا في مصر عام 1928 وافتخر التنظيم بهذا الشعار والتسلسل الهرمي الذي استلزمه من خلال اتباع القادة الأكبر سنًا، بدءًا من المرشد العام، والآن يبدو أن تلك الحقبة قد ولت منذ فترة طويلة، وقد بدأ واقع جديد أدى إلى تغيير العلاقات بين أعضاء التنظيم وارتباطهم بالسلطة المركزية.
إنها حقيقة أن الجماعة الإرهابية البالغة من العمر 94 عامًا لم تعاني أبدًا من فترة مضطربة في تاريخها أكثر مما عانت منه بعد ثورة يونيو 2013 الشعبية في مصر التي أطاحت بالتنظيم من السلطة وأجبرت قادة الإخوان على الفرار من البلاد وبالفعل تم تفكيك التسلسل الهرمي للتنظيم بعد إلقاء القبض على مرشدها العام وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وقد تجلى رد الفعل الضعيف للتنظيم في دعوات قادتها المتواصلة للاضطرابات في مصر على مدى السنوات الثماني الماضية وعلى الرغم من الحملات الدعائية الضخمة، إلا أن كل واحدة من هذه الدعوات لم تلق آذانًا صاغية وحتى مع الظروف الاقتصادية الصعبة في مصر في عام 2022، فشل التنظيم في محاولاته لإثارة الاضطرابات، ولم يظهر أحد في الشوارع.
أثارت وفاة المرشد العام بالإنابة للإخوان المسلمين، إبراهيم منير، في نوفمبر الماضي، صراعًا داخليًا جديدًا على السلطة لا يقتصر على الطبقة العليا لقادة الجماعة، بل يمتد عبر عدة دول وفي الوقت الحالي، هناك ثلاث فصائل تكافح للسيطرة على جماعة الإخوان المسلمين.
والجدير بالذكر أن الثلاثة يعملون خارج مصر: أحدهم يقيم في بريطانيا، والآخران يعملان من إسطنبول، فهناك فصيل لندن، الذي كان يقوده منير ذات يوم، يقوده الآن محيي الدين الزايط وأحد فصائل اسطنبول بقيادة محمود حسين والثالث هو فصيل “تيار التغيير” يدعي كل من الفصائل الثلاثة أنه الممثل الشرعي للإخوان وأهدافهم.
قبل وفاته بفترة وجيزة، أعلن منير أن الإخوان لم يعودوا يتنافسون على السلطة في مصر.
وفي المقابل، ترفض فصائل إسطنبول هذا الموقف وأحدهم، تيار التغيير، يعتنق العنف ضد المصريين.
وبعد وفاة منير، أعلن فصيل لندن التابع للتنظيم على الفور زعيمه، الزايط، كمرشد بالوكالة وردًا على ذلك، أعلن فصيل مقره إسطنبول أن محمود حسين هو المرشد الجديد بالوكالة، ومن المستبعد تسوية الخلاف الداخلي بين معسكرات الإخوان الثلاثة قريبًا.
ويبدو أن الصراع الداخلي يتصاعد ومن أجل البدء في الحل، يتطلب الأمر تصويتًا من الجمعية العامة، وهو أمر يصعب للغاية الترتيب له وتعتبر مصر الزايط إرهابيا، وحكمت عليه محكمة عسكرية غيابيًا بالسجن 6 سنوات في عدد من القضايا المتعلقة بالإرهاب لخلية إرهابية تعرف بـ”كتائب حلوان”.
وأسفرت هجمات كتائب حلوان في 2014-2015 عن مقتل خمسة من ضباط الشرطة وتدمير عدد من الأبراج الكهربائية.
وكان الزايط مكلفا بتنسيق مجموعات مختلفة علاوة على ذلك، تطفو أخبار داخل صفوف التنظيم التي اقترحها مكتب لندن بل واختار بديلًا أكثر راديكالية للزايط في ديسمبر الماضي اسمه صلاح عبد الحق ولكن لم يتم الإعلان رسميًا عن أي تأكيد لهذا الترشيح.
واندلعت صراعات مماثلة على السلطة داخل جماعة الإخوان في وقت سابق من عام 2013، بعد اعتقال المرشد العام محمد بديع وحُكم عليه لاحقًا بالسجن المؤبد بعد إدانته بعدة تهم تتعلق بالهروب الجماعي من السجن وقتل ضباط الشرطة.
وتنص اللوائح الداخلية للإخوان على أنه يجب ملء المنصب الشاغر من قبل أقدم عضو حر معروف في الجماعة في عام 2017، كان ذلك العضو إبراهيم منير الذي حافظ على التنظيم الدولي بعد حظره في مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن وروسيا في عام 2016.
وأقنع البرلمان البريطاني في عام 2016 بعدم حظر تنظيم الإخوان أو تصنيفها ككيان إرهابي وزعم أمام لجنة برلمانية بريطانية إن قوانين الشريعة تتسامح مع المرتدين والمثليين، وهو ما يتعارض مع تعاليم مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا.
لكن كلًا من منير وحسين كانا مكروهين كقائدين من قبل فصيل تيار التغيير المتمركز في تركيا، والذي يتألف في الغالب من شباب التنظيم الذين يرون أن الحرس القديم قد عفا عليه الزمن، ويعرف تيار التغيير أيضًا باسم “الموجة الثالثة” و”الكماليين الجدد”، في إشارة إلى محمد كمال، مؤسس التنظيم الذي قتل في مواجهة مع الشرطة.
وكان كمال العقل المدبر لعدد من الأنشطة الإرهابية في مصر قبل أن يقتل في عام 2016 ويؤمن تيار التغيير بإعادة المبادئ التي وضعها مؤسس الجماعة حسن البنا ومنظرها ومديرها الإرهابي سيد قطب وتشمل هذه المبادئ محاربة الحكومات المرتدة والإطاحة بالحكام بالقوة كشكل من أشكال الجهاد وقد آمن قطب بفرض الشريعة في المجتمعات واستبدال القوانين المدنية.