صلاة التراويح.. وموائد الرحمن.. وزكاة المال

الكاتب الكبير / السيد البابلي

ونعيش الأجواء الرمضانية في شهر رمضان الفضيل.. الشهر الذي بدأ بأمطار غزيرة غير متوقعة أتت وكأنها تغسل ما علق بنا من ذنوب وتعدنا لشهر أبيض بقلوب صافية ونفوس خاشعة. ولا يوجد أجمل وأفضل من الكتابة عن الناس في رمضان.. الناس الذين منحوا أنفسهم إجازة في أول أيام رمضان يوم الخميس الماضي ليواصلوا عطلتهم حتي صباح اليوم “الأحد”.. الناس الذين يجدون في رمضان شهرًا يختزل كل شهور العام.. فيه الروحانيات. وفيه الماديات وفيه الإمتاع وفيه البركة في كل شيء.
والناس في رمضان ذهبوا إلي صلاة التراويح بأعداد لا حصر لها.. الناس تركوا المسلسلات وأيضًا المباريات وافترشوا المساجد والشوارع والطرقات يسجدون للواحد القهار في ليالي رمضان ويقبلون علي صلاة التراويح في مشاهد لا توجد إلا في مصر.. ولا تشعر بها  إلا في مصر.
وفي مختلف محافظات مصر.. وبعد أذان العشاء فإنه لا صوت يعلو فوق صوت الإمام الذي يؤم المصلين ليقرأ ويتلو آيات من كتاب الله الذي هو النور والنبراس والدستور الإلهي الذي ينظم أمور الدنيا والدين.
وإذا كانت مصر تتلألأ في رمضان بالأضواء والزينات في كل شارع وزقاق وحارة فإن مصر العامرة بالإيمان تتلألأ في قلوب سكانها بالهدوء والاطمئنان والسكينة.. والثقة بالله هي أساس الأمن والاستقرار والتفاؤل.
* * *
والناس بحثت عن البديل الأفضل لموائد الرحمن.. الناس وجدت أن هناك أسرًا أكثر احتياجًا وأكثر تعففًا.. والناس قررت فيما بينها دون سابق إعداد أو تنظيم.. ودون الدخول في جمعيات وأحزاب.. ودون مزايدة وتفاخر.. الناس قررت أن تصل الموائد الرحمانية إلي البيوت في شكل وجبات يتم إعدادها وتوزيعها وإيصالها إلي من يستحقها في بيوتهم.. والناس تفعل ذلك عن حب.. وعن مسئولية اجتماعية ومن منطلقات تربوية ودينية.. ويتباري في ذلك الشباب وحتي الأطفال.. ويقف بعضهم علي الطرقات ساعة الإفطار لتوزيع وتقديم ما لديهم علي قائدي السيارات وعابري السبيل.. مصر كلها تتفاعل بالخير والعطاء ساعة الإفطار.. مصر كلها تعيش اللحظة.. وما أجملها من لحظة.. لحظة إفطار الصائم.
* * *
وفي مدينة السادس من أكتوبر كان الشريف شريف جمال يؤم المصلين في صلاة التراويح في أول أيام الشهر الفضيل عندما أتاه ملك الموت وتوفي أمام المصلين.. هي فعلاً حُسن الخاتمة.. ويا لها من خاتمة.
* * *
وآه..  وآه.. لو أدركنا معني وقيمة أن نلتزم بسداد ما علينا من زكاة المال.. آه لو أخرجنا ما يجب علينا لتطهير أموالنا واستكمال أركان ديننا.. لو فعلنا ذلك لما كان هناك في عالمنا الإسلامي كله جائع أو مسكين أو محروم.. ولما كان هناك ما يدعو من إعلانات ونداءات التبرع للجمعيات الخيرية ولا مستشفيات السرطان والأطفال لأن مال الزكاة يكفي ويزيد عن كل الاحتياجات التي تتعلق بحياتنا ومتطلباتنا وظروفنا.. والزكاة هي ركن واحد من أركان الإسلام لو طبقناه لكنا أعظم أمة أخرجت للناس.
* * *
ولا تتوقف حواراتنا في رمضان.. وحيث نتابع حوارات “السوشيال ميديا”.. التي تحول الأبيض إلي أسود والأسود إلي أبيض والتي تتعامل مع كل إنجاز علي أنه إخفاق والتي لا تجيد إلا نشر الصورة السوداوية والتشكيك في كل شيء.. والتي يزعجها أن مصر تتغير وفقًا لمنظومة في البناء والعمل لم تكن معهودة من قبل.. والمؤسف.. كل الأسف أن الصورة لا تصل بكل الوضوح إلي المواطن العادي.. وأن الأمور قد اختلطت عليه لأن الكثير من وسائل الإعلام لم تجد بعد الوصفة المناسبة للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي واكتفت بتوجيه النقد إليها دون أن تصل إلي عقل ووجدان المواطن العادي ليفخر ويزهو بكل ما يتحقق علي أرض بلاده من مشروعات كانت نوعًا من الخيال.
* * *
وحواراتنا في رمضان تمتد إلي برامج ودراما وإعلانات رمضان وحيث بات واضحًا أن “الشللية” هي سيد الموقف. فالشللية تعني أفرادًا بعينهم احتكروا كل شيء.. المسلسلات والبرامج.. وحتي إعلانات الملابس القطنية.. وناس ليها حظ وتحصل علي الملايين في شهر واحد.. وناس تشكو وتبكي وتظهر علي شاشات التليفزيون تتساءل متي ستتم الاستعانة بها في أي عمل فني.. ومتي سيتم تقدير قيمتها ووجودها.. وهي كده الدنيا.. أرزاق.. وحظوظ!!
* * *
والشيشة تنتصر في رمضان.. فرغم كل التحذيرات ورغم  الحديث عن ضوابط.. فالشيشة بعد الإفطار ترفع التحدي.. فلا أماكن للمدخنين وأخري لغير المدخنين ولا امتناع عن تقديم الشيشة للصغار قبل الكبار.. والدخان في كل مكان.. ومسابقات غير معلنة بين النساء والرجال لأطول نفس وأقوي تنفيس.. وأعلي دخان.. ومصيبة ما بعدها مصيبة ونتساءل بعد ذلك عن زيادة أمراض الصدر وعن “الكحة” التي لا تختفي أبدًا.. وعن وفيات الشباب المفاجئة..!!
* * *
والأيام.. الأيام قد تعيد نفسها ولكنها لا تعيد ما أخذته منا.. أشياء ترحل ولا تعود.. وأشياء حتي لو عادت لم تكن مثلما كانت. ولولا نعمة النسيان لما بدأنا حياة جديدة كل يوم..!
* * *
وذهبت الأستاذة الجامعية إلي المحكمة تطلب الطلاق!! ليه يا دكتورة.. أصل كل ما أتكلم يقول لي “يا حمارة” انتي مبتفهميش حاجه..! والمحكمة حكمت لها بالطلاق.. وده أقل شيء للهروب من جحيم زوج لا يصلح معه إلا جاموسة تخلص عليه..!
* * *
وأخيرًا:
ليس كل الكسور نهاية.. قد يكون بعضها حرية.
* * *
ومهما أرهقتك الحياة. إياك أن تنحني أو تستسلم.
فهناك من يتكئ عليك فلا تخذله.
* * *
وأشتاق لنفسي القديمة. التي لا تحمل همًا
ولا تبالي لأمر.
* * *
وما أكثر الناس وما أندر الإنسان.

Exit mobile version