مقالات

عاصمة المصالحة المناخية

الكاتب أ / نشأت الديهي

الاسبوع الماضي تشرفت بلقاء ومعرفة أحد خبراء البيئة والتنوع البيولوجي والتغيرات المناخية وهو الدكتور المحمدي عيد والذي شغل مناصب عديدة مرموقة في محيط تخصصه من الادارة الى الوزارة، الرجل تحدث عما قامت به الدولة المصرية في اطار مشروع الجمهورية الجديدة في مجال تخصصه ولكن بطريقة أقرب الى طريقة الدكتور مصطفى محمود في برنامجه الاشهر العلم والايمان،  وصل الرجل  بحديثه الى العاصمة الادارية الجديدة ونظامها المعماري والتنظيمي الذي يتوافق بيئيا ومناخيا مع أحدث وأرقى أنظمة العالم، الحقيقة تفاجأت بكم المعلومات والبيانات والتحليلات الخاصة بالعاصمة الجديدة، حيث شرح لنا الدكتور المحمدي ببساطة عميقة وصدق نادر فكرة العاصمة صديقة البيئة كأفضل ما يكون الشرح، كان الرجل مؤمنا بما يقول عالما باهمية ما يقول، كان يجلس معنا على نفس المائدة الدكتور محمد كمال استاذ العلوم السياسية والكاتب الموسوعى والمفكر الذي ينسج خيوط نظرية التقدم والمستقبل بصمت وتواضع مع النخبة التي أنصت لها بحب ودون مقاطعة منهم الدكتور عبدالمنعم سعيد والدكتور جمال عبدالجواد والاستاذ حلمي النمنم والدكتور خالد عكاشة والدكتور محمد فايز فرحات وكثيرون آخرون ألتقي بهم ومعهم برامجيا وفكريا ووطنيا، أعود الى الدكتور محمدي الذي ظننت أنني وقعت في حالة انبهار فردية، فإذ بالدكتور محمد كمال يهمس في أذني قائلا “ هذا الرجل اكتشاف، إنه أفضل من تحدث في مصر عن العاصمة الادارية الجديدة “ المهم ان الرجل تحدث عن أهمية الاشجار في حياتنا كاطواق نجاة حقيقية وهنا تذكرت ما كتبته هنا عن الاشجار واهميتها حيث قلت ما نصه “ سألت عن ثروة مصر من الأشجار فلم أجد إجابة لدى أي جهة ظننت أنها مختصة بهذا الأمر، أما لماذا أسأل فهذا أمر آخر يرتبط أولا بهاجس شخصي وولع عام بالأرقام وثانيا بمناسبة جنون المناخ وما يرتبط به من ارتفاعات غير مسبوقة لدرجات الحرارة والعدد الهائل من الحرائق التي اشتعلت في الغابات الأوروبية خاصة دول فرنسا وأسبانيا والبرتغال، بالإضافة الى قمة المناخ التي تستضيفها مصر خلال الربع الأخير من العام الحالي وما ينبغي أن يكون بين أيدينا من معلومات وبيانات وأرقام، لكن السؤال الأهم هو هل هناك إمكانية حقيقية لحصر عدد الأشجار في مصر أم أن هذا ضرب من الخيال ؟ في تقديري أن ذلك ممكن وبمنتهى السهولة حيث إن التعداد السكاني وتعداد الوحدات السكنية أصعب من تعداد الأشجار بكثير، ويمكن المساعدة بالتصوير الجوي والأقمار الصناعية، ليكون لدينا بيانات حقيقية وصحيحة تمكننا من التخطيط واتخاذ القرارات التصحيحية، فعدد الأشجار وأنواعها وأعمارها وأماكن تمركزها ستجيب عن تساؤلات حول ثروتنا الشجرية والخشبية ومدى استهلاكها للمياه والمناطق النظيفة  المقاومة للتلوث، ويمكن وضع خطة شاملة لزراعة مليار شجرة خلال عشر سنوات على أن تكون تلك الأشجار كثيفة المجموع الخضري ومنتجة للاكسجين وقليلة استهلاك المياه ومقاومة لدرجة الحرارة ومنتجة للاخشاب أو الثمار، وهذا هو لب التفكير الأخضر في ظل عالم يتجهز ويتحضر للأخضر، وهذا التوجه ليس جديدا بالمناسبة فالعالم سبقنا وعلينا أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون فقد أفادت دراسة أعدها مجموعة من الباحثين في جامعة يال الامريكية أن عدد الأشجار على ظهر الأرض يبلغ ٣ تريليونات شجرة أي ثلاثة آلاف مليار شجرة وبقسمة هذا الرقم على عدد سكان الأرض البالغ سبعة مليارات نسمة فسيكون نصيب كل فرد حوالى 240 شجرة، استطاع هذا الفريق البحثي الوصول الى هذه النتيجة من خلال عمليات احصائية معقدة تجمع بين مسوح أرضية وما التقطته الاقمار الصناعية المتخصصة، هذه النتيجة غيَّرت ما كان راسخا لدي العلماء بأن عدد الاشجار في العالم حوالي 400 مليار شجرة فقط، لكن الدراسة أوضحت ان الكرة الأرضية تفقد سنويا 15 مليار شجرة نتيجة عمليات الإزالة المتعمدة والحرائق المتزايدة في حين أن العالم لا يضيف سنويا أكثر من خمسة مليارات شجرة وهذا معناه أن الكرة الأرضية تفقد سنويا عدد عشرة مليار  شجرة، بقى لن نعرف أن كل شجرة كاملة مورقة تنتج أكسجين في الفصل الواحد يكفي عشرة أشخاص لمدة عام كامل، وفدان واحد من الأشجار يلتهم كمية من ثاني أكسيد الكربون انبعثت من سيارة سارت لمسافة 26 الف كم، من هنا تأتي أهمية الأشجار في حياتنا ويجب علينا أن نوليها ما تستحقه من اهتمام.

زر الذهاب إلى الأعلى