مقالات

وجهة‭ ‬نظر

عبد الرازق توفيق

ليس‭ ‬هناك‭ ‬أعظم‭ ‬من‭ ‬العقلانية‭ ‬والموضوعية‭ ‬والتريث‭.. ‬فالانفعالات‭ ‬والعنتريات‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬حقيقية‭.. ‬لذلك‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نترك‭ ‬الأمور‭ ‬لأهلها‭ ‬والقرارات‭ ‬لصناعها‭.. ‬فهم‭ ‬أكثر‭ ‬دراية‭ ‬وإلماماً‭ ‬بتفاصيل‭ ‬الصورة‭.‬

وجهة‭ ‬نظر

قالوا‭ ‬زمان‭ ‬‮«‬اللى‭ ‬على‭ ‬البر‭ ‬عوام‮»‬‭ ‬و«اللى‭ ‬إيده‭ ‬فى‭ ‬الميه‭ ‬مش‭ ‬زى‭ ‬اللى‭ ‬إيده‭ ‬فى‭ ‬النار‮»‬‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬القرار،‭ ‬يرى‭ ‬أكثر‭ ‬ممن‭ ‬هو‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬صنع‭ ‬القرار،‭ ‬لذلك‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتريث‭ ‬فى‭ ‬أحكامنا‭ ‬وانتقاداتنا‭ ‬ومطالبنا،‭ ‬حتى‭ ‬نعرف‭ ‬أكثر،‭ ‬ونكون‭ ‬أكثر‭ ‬إلماماً‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬بين‭ ‬أيدينا،‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬وبيانات‭ ‬وأرقام‭ ‬وظروف‭ ‬وتحديات‭ ‬ومعوقات‭ ‬وعقبات‭ ‬وأسباب‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬إرادتنا‭ ‬وفرضت‭ ‬علينا،‭ ‬حتى‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬الأمور‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬وموضوعى‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬حجم‭ ‬الجهد‭ ‬المبذول‭ ‬والإجراءات‭ ‬المتخذة‭.‬
ليس‭ ‬دفاعاً‭ ‬عن‭ ‬أحد،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬استشعار‭ ‬حرج‭ ‬ودقة‭ ‬اللحظة‭ ‬والظروف‭ ‬والمتغيرات‭ ‬التى‭ ‬تمر‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية،‭ ‬وتواجه‭ ‬مسيرتها‭ ‬وتنعكس‭ ‬على‭ ‬شعبها،‭ ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬أدافع‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭ ‬التى‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬فارق‭ ‬وبون‭ ‬شاسع‭ ‬فى‭ ‬فرق‭ ‬السرعات،‭ ‬والفكر‭ ‬والرؤية‭.. ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬القيادة‭ ‬دائماً‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬يستوعب‭ ‬رؤيتها‭ ‬ويدرك‭ ‬أبعادها‭ ‬ويعمل‭ ‬بشكل‭ ‬مثالى‭ ‬على‭ ‬تنفيذها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬كما‭ ‬أننى‭ ‬لا‭ ‬أنفى‭ ‬أو‭ ‬أستبعد‭ ‬التقصير‭ ‬الذى‭ ‬شاب‭ ‬أداء‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬لكنها‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬تواجه‭ ‬ظروفاً‭ ‬وتحديات‭ ‬استثنائية‭ ‬فرضت‭ ‬علينا،‭ ‬فمن‭ ‬كان‭ ‬يتوقع‭ ‬هبوب‭ ‬عواصف‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وظلالها‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬المؤلمة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وفرض‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬العزلة‭ ‬والانكماش‭ ‬والركود‭ ‬الاقتصادى‭ ‬وارتفاعات‭ ‬فى‭ ‬الأسعار‭ ‬واضطرابات‭ ‬فى‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬والتوريد،‭ ‬وارتفاع‭ ‬فى‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬يتوقع‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬ـ‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بتداعياتها‭ ‬القاسية‭ ‬والطاحنة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وشعوبها‭ ‬وما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬اقتصادية‭ ‬كارثية‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬والمواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والسلع‭ ‬الأساسية‭ ‬واضطرابات‭ ‬فى‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬والتوريد،‭ ‬ويكفى‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إننا‭ ‬مثلاً‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬وضعنا‭ ‬أرقاماً‭ ‬فى‭ ‬الموازنة‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬لاستيراد‭ ‬البترول‭ ‬وإذا‭ ‬بها‭ ‬تبلغ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬البترول‭ ‬عقب‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬ـ‭ ‬الأوكرانية‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬‮٠٣١‬‭ ‬دولاراً‭ ‬وهو‭ ‬موجود‭ ‬فى‭ ‬الموازنة‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬بـ‭ ‬‮٠٦‬‭ ‬أو‭ ‬‮٥٦‬‭ ‬دولاراً،‭ ‬وأيضاً‭ ‬نحن‭ ‬نستورد‭ ‬‮٠١‬‭ ‬ملايين‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬القمح،‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬‮٦‬‭ ‬ملايين‭ ‬طن،‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬‮٤‬‭ ‬ملايين‭ ‬طن،‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬السعر‭ ‬الذى‭ ‬ارتفع‭ ‬فحسب‭ ‬وحدوث‭ ‬فارق‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬من‭ ‬أرقام‭ ‬فى‭ ‬الموازنة،‭ ‬وما‭ ‬أصبح‭ ‬عليه‭ ‬السعر‭ ‬بعد‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬ولكن‭ ‬الأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الدولتين‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬حرب‭ ‬وهناك‭ ‬اضطرابات‭ ‬فى‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد،‭ ‬وصعوبة‭ ‬الوصول‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬الكميات‭ ‬المطلوبة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تأتى‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعى‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬أسعارها‭.‬
ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬فمن‭ ‬كان‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتفجر‭ ‬الأوضاع‭ ‬فى‭ ‬المنطقة،‭ ‬ونعيش‭ ‬أدق‭ ‬فتراتها‭ ‬باندلاع‭ ‬العدوان‭ ‬والتصعيد‭ ‬العسكرى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ثم‭ ‬الضفة‭ ‬ثم‭ ‬تعدد‭ ‬جبهات‭ ‬الاشتباك‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬اليمن‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وباب‭ ‬المندب،‭ ‬وما‭ ‬لهذه‭ ‬الأحداث‭ ‬والصراعات‭ ‬والاضطرابات‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬اقتصادية‭ ‬صعبة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الفريق‭ ‬أسامة‭ ‬ربيع‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬القناة‭ ‬ومعدلات‭ ‬العبور‭ ‬تأثرت‭ ‬بهذه‭ ‬الأحداث‭ ‬بنسبة‭ ‬‮٠٤‬٪‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭.‬
كل‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فى‭ ‬الحسبان‭ ‬وكانت‭ ‬خارج‭ ‬أى‭ ‬توقعات،‭ ‬ولا‭ ‬نكاد‭ ‬ننتهى‭ ‬من‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬تطل‭ ‬علينا‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬ـ‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بظلالها‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬ثم‭ ‬اضطرابات‭ ‬المنطقة‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والصراعات‭ ‬المحتدمة،‭ ‬وحجم‭ ‬الضغوط‭ ‬والتحديات‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬مصر،‭ ‬وتأثيرات‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصري،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬صامدة،‭ ‬وتبذل‭ ‬جهوداً‭ ‬متواصلة‭ ‬للخروج‭ ‬والعبور‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬شعبها،‭ ‬وحماية‭ ‬الفئات‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجاً،‭ ‬وتنشيط‭ ‬الفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الغزيرة‭ ‬أمام‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبى‭ ‬وتشجيع‭ ‬ودعم‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬لمشاركة‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬لذلك‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬لدينا‭ ‬أمرين‭ ‬هما‭ ‬أحد‭ ‬مظاهر‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية،‭ ‬الأول‭: ‬أزمة‭ ‬وفجوة‭ ‬فى‭ ‬الدولار،‭ ‬والدولة‭ ‬تسابق‭ ‬الزمن‭ ‬لحل‭ ‬وإنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬آلية‭ ‬ورؤية،‭ ‬والثانى‭: ‬هو‭ ‬انعكاس‭ ‬وآثار‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬فى‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬التى‭ ‬تؤرق‭ ‬المواطن،‭ ‬والدولة‭ ‬ليست‭ ‬وحدها‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬ممارسات‭ ‬الجشع‭ ‬والاحتكار‭ ‬والتخزين‭ ‬والمغالاة‭ ‬والفساد‭ ‬التى‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬معدومو‭ ‬الضمير،‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬هذه‭ ‬الأعراض‭ ‬والصعوبات‭ ‬سوف‭ ‬تنتهى‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬ولن‭ ‬تنال‭ ‬من‭ ‬نجاحاتنا‭ ‬وإنجازاتنا‭ ‬وما‭ ‬حققنا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬فهو‭ ‬كثير‭ ‬وعظيم‭ ‬والسبب‭ ‬الرئيسى‭ ‬فى‭ ‬صمودنا،‭ ‬وتعاظم‭ ‬فرصنا‭ ‬وقدرتنا‭ ‬المرنة‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭.‬
ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقوله‭ ‬وأؤكد‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬تدار‭ ‬بالانفعالات‭ ‬والعنتريات‭ ‬لكن‭ ‬بالموضوعية‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬الحقيقة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬وأن‭ ‬نترك‭ ‬القرار‭ ‬لصاحبه‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬دراية‭ ‬واطلاعاً‭ ‬وإلماماً‭ ‬ومعرفة‭ ‬بالتفاصيل،‭ ‬يرى‭ ‬الصورة‭ ‬كاملة‭ ‬عن‭ ‬قرب،‭ ‬فلا‭ ‬تغرنا‭ ‬أعر‭ ‬اض‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نلتفت‭ ‬للأسباب‭ ‬والمسببات‭ ‬والعوامل‭ ‬الأخرى‭ ‬التى‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬إحداث‭ ‬الأزمة‭.‬
مصر‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬50‭ ‬عاما‭ ‬سابقةً،‭ ‬غابت‭ ‬عنها‭ ‬رؤية‭ ‬الإصلاح،‭ ‬وإرادة‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية‭ ‬لذلك‭ ‬تراكمت‭ ‬الأزمات‭ ‬والمشاكل‭ ‬وتفاقمت‭ ‬المعاناة،‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ربوع‭ ‬البلاد،‭ ‬وجميع‭ ‬القطاعات‭ ‬والمجالات،‭ ‬باتت‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬التأخير‭ ‬أو‭ ‬الانتظار‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬وضع‭ ‬أولويات‭ ‬فكل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬حولنا‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬وبناء‭ ‬وتنمية،‭ ‬فى‭ ‬شكل‭ ‬عمل‭ ‬ضخم‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬ورؤية‭ ‬شاملة‭ ‬للبناء‭ ‬والتنمية،‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التقدم،‭ ‬فالأزمات‭ ‬والمعاناة‭ ‬أصبحت‭ ‬لا‭ ‬تطاق،‭ ‬وضغوط‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬مؤلمة،‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬نفق‭ ‬الفوضى‭ ‬والإرهاب‭ ‬وما‭ ‬أدى‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬بلغت‭ ‬450‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬يستوجب‭ ‬ويحتم‭ ‬مشروعاً‭ ‬وعملاً‭ ‬هائلاً‭ ‬وضخماً‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬والقطاعات‭ ‬وفى‭ ‬جميع‭ ‬ربوع‭ ‬البلاد‭ ‬دون‭ ‬إبطاء‭ ‬أو‭ ‬تأخير‭ ‬أو‭ ‬انتظار،‭ ‬فلا‭ ‬وقت‭ ‬لدينا،‭ ‬لذلك‭ ‬انطلقت‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬ملحمة‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية‭ ‬المرتكزة‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬حقيقى‭ ‬وشامل،‭ ‬وحققت‭ ‬إنجازات‭ ‬ونجاحات‭ ‬وعوائد‭ ‬وثماراً‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬العملاق‭ ‬للبناء‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬بعض‭ ‬الأخطاء‭ ‬التى‭ ‬ربما‭ ‬يرصدها‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬وجهات‭ ‬نظره‭ ‬أو‭ ‬نتاج‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية،‭ ‬هذه‭ ‬الأخطاء‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬لتتواجد‭ ‬أو‭ ‬ترصد‭ ‬لولا‭ ‬التحديات‭ ‬المستجدة‭ ‬والطارئة‭ ‬التى‭ ‬خيمت‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بسبب‭ ‬توالى‭ ‬الكوارث‭ ‬والصراعات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬من‭ ‬كورونا‭ ‬مروراً‭ ‬بالحرب‭ ‬الروسية‭ – ‬الأوكرانية‭ ‬التى‭ ‬مازالت‭ ‬قائمة‭ ‬ثم‭ ‬الأوضاع‭ ‬المشتعلة‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬التى‭ ‬زادت‭ ‬الأمور‭ ‬تعقيداً‭ ‬والطين‭ ‬بلة،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬مسألة‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬لوم‭ ‬أفراد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬وهى‭ ‬عوامل‭ ‬وأسباب‭ ‬ضاغطة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬رؤية‭ ‬أو‭ ‬مسيرة‭ ‬لأنها‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬فى‭ ‬الحسبان‭.‬
هدفى‭ ‬ليس‭ ‬مجاملة‭ ‬أحد،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الانحياز‭ ‬لهذه‭ ‬الحكومة‭ ‬التى‭ ‬ربما‭ ‬ظلمت‭ ‬فى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التقييمات‭ ‬بسبب‭ ‬الظروف‭ ‬والأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬الطاحنة،‭ ‬وأنها‭ ‬تعمل‭ ‬وتبذل‭ ‬جهوداً‭ ‬استثنائية،‭ ‬ولكننى‭ ‬أفتح‭ ‬مؤسساً‭ ‬لنقاش‭ ‬موضوعى‭ ‬حول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أمورنا‭ ‬بشكل‭ ‬هادئ‭ ‬ومتزن‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬حجم‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬وما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬وحصار‭ ‬وتضييق‭ ‬وخنق‭ ‬وهذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يؤخذ‭ ‬فى‭ ‬الاعتبار‭.. ‬حتى‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قضية‭ ‬التغيير‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬تحكمها‭ ‬أو‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحكمها‭ ‬اعتبارات‭ ‬موضوعية‭ ‬تترك‭ ‬لصاحب‭ ‬ومتخذ‭ ‬القرار‭ ‬الذى‭ ‬يرى‭ ‬تفاصيل‭ ‬الصورة‭ ‬الكاملة‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تدفعنا‭ ‬العنتريات‭ ‬المرتكزة‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬غير‭ ‬مكتملة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬موجودة‭ ‬فهل‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬تغيير‭ ‬الفكر‭ ‬أم‭ ‬تغيير‭ ‬الأشخاص‭ ‬وهل‭ ‬من‭ ‬سيأتى‭ ‬لديه‭ ‬الفرصة‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬واستيعاب‭ ‬وقراءة‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬دولاب‭ ‬العمل‭ ‬المطلوب،‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬وقت‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬ضغوط‭ ‬الأزمة‭ ‬لتضييع‭ ‬الوقت‭ ‬فى‭ ‬المذاكرة‭ ‬والاطلاع‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬تفاصيل‭ ‬الأمور،‭ ‬ولما‭ ‬يكون‭ ‬تغيير‭ ‬الفكر‭ ‬بما‭ ‬يتواكب‭ ‬مع‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬والأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬الحالية‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬علماً‭ ‬واطلاعاً‭ ‬ودراية‭ ‬ومعرفة‭ ‬بمكونات‭ ‬الصورة‭ ‬وأسباب‭ ‬الأزمة‭ ‬وبالتالى‭ ‬انتهاز‭ ‬الوقت‭ ‬فى‭ ‬مجابهة‭ ‬الأمور‭ ‬بإلمام‭ ‬شامل‭ ‬بالفرص‭ ‬والحلول‭ ‬التى‭ ‬نمتلكها،‭ ‬وأكرر‭ ‬هل‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬تأخذ‭ ‬وقتها‭ ‬فى‭ ‬قراءة‭ ‬والاطلاع‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬التحديات،‭ ‬أم‭ ‬أننا‭ ‬نتمسك‭ ‬بحكومة‭ ‬لديها‭ ‬إلمام‭ ‬حقيقى‭ ‬وكامل‭ ‬بكافة‭ ‬التحديات‭ ‬والأزمات‭ ‬وسبل‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭ ‬مع‭ ‬تغيير‭ ‬فى‭ ‬الفكر‭ ‬ومنحها‭ ‬دفعة‭ ‬معنوية‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬رصيداً‭ ‬وافراً‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬والنجاحات‭ ‬والانجازات‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭.‬
هذا‭ ‬ليس‭ ‬رأيى‭ ‬ولكنه‭ ‬مساحة‭ ‬من‭ ‬النقاش‭ ‬والحوار‭ ‬الهادئ‭ ‬مع‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬وليس‭ ‬انحيازاً‭ ‬أو‭ ‬مصادرة‭ ‬لرأى‭ ‬آخر‭.. ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أكثر‭ ‬منا‭ ‬جميعاً‭ ‬أبعاد‭ ‬الصورة‭ ‬الكاملة،‭ ‬ويعلم‭ ‬جدوى‭ ‬القرار‭ ‬وتوقيته‭.‬
الدولة‭ ‬رغم‭ ‬وطأة‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬الصعبة،‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تترك‭ ‬المواطن‭ ‬وحيداً‭ ‬يواجه‭ ‬هذه‭ ‬الآثار‭ ‬الصعبة،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نراجع‭ ‬جداول‭ ‬المرتبات‭ ‬والمعاشات،‭ ‬وبنود‭ ‬ومخصصات‭ ‬الموازنة‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬لتكشف‭ ‬ما‭ ‬يحصده‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬أولوية‭ ‬واهتمام‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬وما‭ ‬أعلن‭ ‬عنه‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬معيط‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬توجيهات‭ ‬للرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬بشأن‭ ‬حزمة‭ ‬جديدة‭ ‬للحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتحسين‭ ‬الأجور‭ ‬والمعاشات‭ ‬وزيادة‭ ‬حد‭ ‬الإعفاء‭ ‬الضريبى‭ ‬بما‭ ‬يؤدى‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬عن‭ ‬المواطنين‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الآثار‭ ‬الصعبة‭ ‬للأزمة‭ ‬العالمية‭.‬
خلاصة‭ ‬الأمر،‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬محسوب‭ ‬وبدقة‭ ‬وفى‭ ‬توقيته،‭ ‬وأن‭ ‬صانع‭ ‬ومتخذ‭ ‬القرار‭ ‬أعلم‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭ ‬والمصلحة‭ ‬الوطنية،‭ ‬ولديه‭ ‬كافة‭ ‬البيانات‭ ‬والمعلومات‭ ‬والأرقام‭ ‬والجهود،‭ ‬بما‭ ‬يشكل‭ ‬ويرسم‭ ‬ملامح‭ ‬الصورة‭ ‬الكاملة‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تدفعنا‭ ‬آثار‭ ‬الأزمة‭ ‬العارضة‭ ‬إلى‭ ‬عنتريات،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬فى‭ ‬اعتبارنا‭ ‬ماهية‭ ‬أى‭ ‬تغيير‭ ‬وحساباته‭ ‬وجدواه‭ ‬والوقت‭ ‬الذى‭ ‬يتخذ‭ ‬فيه،‭ ‬وهل‭ ‬لدينا‭ ‬رفاهية‭ ‬الوقت‭ ‬لإتاحته‭ ‬لمن‭ ‬سيأتى‭ ‬للدراسة‭ ‬والاطلاع‭ ‬والإلمام،‭ ‬ومعايشة‭ ‬الواقع،‭ ‬والاستعداد‭ ‬والتحضير‭ ‬فى‭ ‬فترة‭ ‬الوقت‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬الأهم‭.‬
العمل‭ ‬الآن‭ ‬فى‭ ‬أجواء‭ ‬وظروف‭ ‬وتحديات‭ ‬استثنائية‭ ‬لا‭ ‬ذنب‭ ‬لأحد‭ ‬فيها،‭ ‬فلم‭ ‬يتوقع‭ ‬الجميع‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬جوائح‭ ‬وحروب‭ ‬وصراعات‭ ‬ألقت‭ ‬بظلالها‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬الطاحنة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب،‭ ‬لكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬ويدعونا‭ ‬للتفاؤل‭ ‬الآن‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬ثمينة‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬وبنية‭ ‬تحتية‭ ‬عصرية‭ ‬ورؤية‭ ‬وإرادة‭ ‬رئاسية‭ ‬لتمكين‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وما‭ ‬نجحت‭ ‬فيه‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬الموانئ‭ ‬المصرية‭ ‬لتأخذ‭ ‬نصيبها‭ ‬الوافر‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬ومجال‭ ‬اللوجستيات،‭ ‬وحصول‭ ‬ميناء‭ ‬بورسعيد‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬العاشر‭ ‬عالمياً،‭ ‬وبانتهاء‭ ‬التطوير‭ ‬فى‭ ‬ميناء‭ ‬السخنة‭ ‬ليتحول‭ ‬إلى‭ ‬ميناء‭ ‬عالمي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سلسلة‭ ‬الموانئ‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬ستأخذ‭ ‬مكانتها‭ ‬بين‭ ‬الموانئ‭ ‬العالمية،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬فرص‭ ‬كثيرة‭ ‬فى‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة،‭ ‬لذلك‭ ‬أقول‭ ‬أعراض‭ ‬الأزمة‭ ‬سوف‭ ‬تزول‭ ‬وما‭ ‬تحقق‭ ‬سيبقى‭ ‬أمام‭ ‬الجميع،‭ ‬لذلك‭ ‬فالحكم‭ ‬على‭ ‬الأمور‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بنظرة‭ ‬موضوعية‭ ‬ومتجردة‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الانفعالات‭.‬
التحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬التى‭ ‬تحيط‭ ‬بمصر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬اتجاه‭ ‬وفى‭ ‬البر‭ ‬والبحر،‭ ‬وفى‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬وصراعات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية،‭ ‬وأزمات‭ ‬طاحنة‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬هذه‭ ‬الصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬والاضطرابات‭ ‬تستدعى‭ ‬منا‭ ‬كشعب‭ ‬التركيز‭ ‬والاصطفاف،‭ ‬وليس‭ ‬إثارة‭ ‬الجدل‭ ‬وخلق‭ ‬صورة‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬دقيقة،‭ ‬أو‭ ‬تشخيص‭ ‬خاطئ‭ ‬للأزمة،‭ ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نترك‭ ‬الأمور‭ ‬لأهلها،‭ ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬تفعله‭ ‬هو‭ ‬بناء‭ ‬سياق‭ ‬لفهم‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬وما‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬العالم‭ ‬والمنطقة‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬وأزمات‭ ‬استثنائية‭ ‬ومستجدة‭ ‬وطارئة،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تتواصل‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬لتفسير‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬ووضع‭ ‬رؤية‭ ‬العبور‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬فى‭ ‬عقلها‭ ‬من‭ ‬تشخيص‭ ‬حلول‭ ‬ورؤي،‭ ‬ورسائل‭ ‬طمأنة‭ ‬للناس‭ ‬فربما‭ ‬هذا‭ ‬العزوف‭ ‬الوزارى‭ ‬عن‭ ‬الحديث‭ ‬للإعلام‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مطلوب‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الفترة،‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المتحدثين‭ ‬الرسميين‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭ ‬التى‭ ‬ترتبط‭ ‬بمصالح‭ ‬وحياة‭ ‬المواطنين‭ ‬تحتاج‭ ‬إعادة‭ ‬نظر‭ ‬لأنه‭ ‬مطلوب‭ ‬منهم‭ ‬قراءة‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وتساؤلات‭ ‬فى‭ ‬عقل‭ ‬المواطن‭ ‬ليطرحوا‭ ‬رؤى‭ ‬وإجابات‭ ‬حولها،‭ ‬فالانفتاح‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بات‭ ‬أمراً‭ ‬مهماً‭ ‬لبناء‭ ‬وعى‭ ‬وسياق‭ ‬شامل‭ ‬للفهم‭ ‬الصحيح‭ ‬لأسباب‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬التى‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬وصراعات‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية‭.‬
ما‭ ‬يواجه‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬استثنائية‭ ‬وتهديدات‭ ‬وجودية‭ ‬يتطلب‭ ‬التريث،‭ ‬والعقلانية،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬إثارة‭ ‬الجدل‭ ‬فى‭ ‬أمور‭ ‬لها‭ ‬أصحابها‭ ‬وأهلها‭ ‬الذين‭ ‬يرون‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬أشمل‭ ‬وأعم،‭ ‬لذلك‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التغيير‭ ‬أمر‭ ‬ربما‭ ‬ليس‭ ‬شأننا‭ ‬كمواطنين‭ ‬ونخب،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مرتبط‭ ‬بصانع‭ ‬وصاحب‭ ‬القرار،‭ ‬وما‭ ‬يجرى‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬وتهديدات‭ ‬وأزمات‭ ‬يجرى‭ ‬فيها‭ ‬الجهد‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬ووضع‭ ‬الرؤى‭ ‬والأفكار‭ ‬والفكر‭ ‬والأولويات‭ ‬والتحرك‭ ‬بقوة‭ ‬نحو‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬وتمكين‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭.‬
فلسفة‭ ‬التغيير‭ ‬وتوقيته‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬للهوى‭ ‬والانفعالات‭ ‬والعنتريات‭ ‬والمطالبات‭ ‬فهى‭ ‬أمور‭ ‬تحتاج‭ ‬لدقة‭ ‬وموضوعية‭ ‬ورؤية‭ ‬شاملة‭ ‬ومراعاة‭ ‬التوقيت‭ ‬والظروف‭ ‬والجهد‭ ‬والعمل‭ ‬وتشخيص‭ ‬للتحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬التى‭ ‬فرضت‭ ‬علينا‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬بأيدينا،‭ ‬فلا‭ ‬يجب‭ ‬بأى‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬والذى‭ ‬بات‭ ‬هو‭ ‬السند‭ ‬الحقيقى‭ ‬للدولة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬تداعيات‭ ‬أزمات‭ ‬وصراعات‭ ‬عالمية،‭ ‬لذلك‭ ‬تشتيت‭ ‬الانتباه‭ ‬والتركيز‭ ‬وإثارة‭ ‬الجدل‭ ‬فى‭ ‬ظنى‭ ‬ليس‭ ‬توقيته،‭ ‬على‭ ‬الاطلاق،‭ ‬لندع‭ ‬الناس‭ ‬تعمل‭ ‬فى‭ ‬هدوء‭ ‬وثقة‭ ‬وصانع‭ ‬القرار‭ ‬يتابع‭ ‬كل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬وملم‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيل‭ ‬الصورة‭ ‬بمعلومات‭ ‬وثيقة‭ ‬وبيانات‭ ‬وأرقام‭ ‬دقيقة،‭ ‬لكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬اعتبارات‭ ‬كثيرة‭ ‬لما‭ ‬يقوله‭ ‬البعض،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأنها‭ ‬تحديات‭ ‬فرضت‭ ‬علينا،‭ ‬وأن‭ ‬التوقيت‭ ‬ضاغط،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬يده‭ ‬وعقله‭ ‬وجهده‭ ‬فى‭ ‬الموضوعات‭ ‬والقضايا‭ ‬أفضل‭ ‬ممن‭ ‬سيأخذ‭ ‬الوقت‭ ‬فى‭ ‬اطلاع‭ ‬ودراسة‭ ‬وتعرف،‭ ‬وطالما‭ ‬أن‭ ‬القائم‭ ‬قادر‭ ‬بتغيير‭ ‬بعض‭ ‬الأفكار‭ ‬والرؤى‭ ‬على‭ ‬صنع‭ ‬الفارق‭.‬
ليس‭ ‬حجراً‭ ‬أو‭ ‬مصادرة‭ ‬على‭ ‬آراء‭ ‬أحد،‭ ‬ولكن‭ ‬نقاش‭ ‬بسيط‭ ‬وموضوعى‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬قناعات‭ ‬بأننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬دقة‭ ‬اللحظة،‭ ‬وطبيعة‭ ‬الظروف‭ ‬والتحديات‭ ‬وما‭ ‬يواجه‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬أوضاع‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية‭ ‬معقدة،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬فإنها‭ ‬تعمل‭ ‬بقوة‭ ‬فى‭ ‬الاتجاه‭ ‬المطلوب،‭ ‬ولا‭ ‬تدخر‭ ‬وسعاً‭ ‬وجهداً‭ ‬وفكراً‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عبور‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الضاغطة‭ ‬والطارئة‭.‬

تحيا مصر

زر الذهاب إلى الأعلى