مقالات

احمد عفيفي يكتب : عضة كلب!!!

متعود دايما اخد كتاب او رواية واقعد على كافيه قريب من البيت أو انزل وسط البلد بالمترو اضيع ساعتين تلاتة على قهوة وفي ايدي كتاب استمتع بسطوره وكلماته وارجع اتفرج على ام بي سي 2 او قناة Mix .. اشوف فيلم أجنبي محترم احسن لي مليون مرة من ان اتفرج على احمد موسى او عمرو أديب.المهم من اسبوعين وانا راجع اشتريت علبة سجاير من كشك وبيني وبين البيت خطوتين.. وفجأة لقيت كلب واقف كأنه مستنيني.. معبرتوش وعديت من جنبه، لقيته ( هو هو ) وقام عاضضني في رجلي عضة حسيت بيها اوي .. وقفت وبصيت له : ليه يا ابن الحلال.. عملت لك ايه .. قام زغر لي زغرة رعبتني وكأنه بيقولي: مش عاجبك.. تحب اهبش لك رجلك التانية.. ؟ … لا ياعم كتر خيرك ، ورجعت البيت ابص ع العضة ، لقيت أنيابه غارسة في اللحم ومكان العضة وارم وواجعني. المهم اخدت تاكسي ورحت المستشفى واخدت اول جرعة من المصل مع جدول بتواريخ الجرعات الاربعة الباقية…………يعني عضة غبية حتنتهي أثارها وخطورتها في ٢٠ يوم مع آخر حقنة من المصل ، ويادار مادخلك شر.. عضة تفوت ولا حد يموت!

غصب عنى استرجعت مشوار حياتي في الصحافة .. واذا كانت العضة الأخيرة من كلب شارع .. فكام كلب من كلاب المكاتب والمكيفات و البدل والكرافتات عضني ، وكلفتني عضاتهم سنين طويلة مش مجرد خمس حقن في ٢٠ يوم.

كلاب الشوارع مقدور عليها .. لكن الكلاب التانية عضاتهم والقبر.. افتكرت رواية نجيب محفوظ ( اللص والكلاب ) .. قبل ما اقراها كنت فاكر ان الحكاية حكاية حرامي وكلاب الشرطة بتطارده ، لكن بعد ماقريتها عرفت الكلاب الحقيقية اللي قضت عليه وجابت أجله( مراته وصاحبه وصحفي ) هو اللي برر له سرقاته وشجعه عليها ولما بقى صاحب قلم ومركز هاجمه مدافعا عن الشرف، وهو ابعد مايكون عن هذه الصفة.. هو المعنى الحقيقي للخسة والندالة ، لكنه مداري نفسه وراء بدلة أنيقة وسيارة فارهة وسيجارة أجنبية!

كلب زي الصحفي ده بتاع رواية نجيب محفوظ عملت معه ، ومكنتش حرامي ولا بتاع تلات ورقات.. بالعكس كنت ناجح جدا وأعمل بإخلاص، سعيد بنجاحي وتفوقي اللي كان لصالحه هو صاحب المكان .. لكنه كره هذا التميز .. فقرر التخلص مني وساق عليا كلابه المخلصين، فكرهوني في المهنة والمكان، فتركته لهم ينبحون بحمد وشكر ولي نعمتهم .. الكلب الكبير

عشرين سنة واكتر .. اتغربت فيها، وتحملت كتير عشان البيت والعيال والمسؤولية .. والكلاب كأنها خلقت لكي تصطادني أينما ذهبت .. على رأى المثل ( في كل خرابة الاقي عفريت ) .. مشكلتي الوحيدة معاهم اني انسان عندي مبادئ .. لا أنافق ولا أطاطي راسي.. مجرد اعتزاز بالنفس ليس أكثر.. واحد فاهم شغلته وسط ناس ملهاش في الصحافة .. لايعرفوها ولا يشرفها انها تعرفهم .. لكنهم أصحاب سلطة .. يعرفوا يضربوك فين وازاى عضتهم ليك تجيب دم .. لا ينفع معاها مصل ولا حقن .. لسه العلم ماوصلشي لمصل واقي من عض البني أدمين اللي هو أصعب مليون مرة من عض كلاب الشوارع.. مفيش مكان اشتغلت فيه إلا وصادفني هذه النوعية.. خسرت كتير بسببهم ، والغريب انهم بخستهم ووضاعتهم، لسه قاعدين في أماكنهم ، سانين سنانهم على وضع الاستعداد دائما لعض اى واحد ( فاهم ) يبين لهم ضآلتهم وتواضع تفكيرهم .

انا عارف مش لوحدي اللي صادف النوعية دي من البشر .. اكيد غيري كتير .. مشكلتنا مبنعرفش نطبل ولا نقول للحمار انت حصان .. وفي الزمن الأغبر ده ، مينفعش تكون محترم .. لازم تبقى واطي .. حتكسب كتير وحتبقى باشا.. بس حتخسر نفسك وحتبقى كلب زيهم .. ضحاياك بالمئات وانت ماسك سيجارك وراكب عربيتك والسواق ينزل يفتح لك الباب .. وانت تنزل وتنزل وتنزل لحد ماتكره نفسك وتعرف ان العيش بكرامة وعزة نفس أغلى كتير من كل كنوز العالم .. كفاية انك متكونش كلب .. حياتك مرهونة بما يرميه لك سيدك من فتات

ساعتها بس حتحس ان عضة كلب في الشارع اهون كتير من عض البني آدمين.. علاج بتاع الشارع خمس حقن.. لكن عضات التانيين مالهاش مصل .. إما تبقى كلب زيهم ، أو تموت اكرم وأشرف لك.

زر الذهاب إلى الأعلى