الرياضة

قصة نجاح “الأسيوطي” .. الحلم الجميل الذى تحول إلى”بيراميدز”

إيهاب شعبان

نحن نحتاج دائما إلى من يمدنا بالأمل ويشجعنا على المضى قدما نحو النجاح .. ويوجد حولنا الكثير من قصص الكفاح المشرفة والرائعة التى تستحق ان تروي لنا ، وتحديدا لشبابنا ، والنجاح يبدأ ب (حلم) .. والحلم يحتاج إلى ( شجاعة وإصرار وإرادة) .. والحقيقة أن هناك من الناجحين الأبطال من لا يجيد الحديث أو الكتابة مما يجعل نشر سيرة ذاتية عنهم وعن كفاحهم وطريق نجاحهم صعبا .. إلا أن محمود الأسيوطي رجل الاعمال العصامى الذى أنشأ منتجع ونادى الأسيوطي الذى اصبح فريقه الكروي مسمى بنادى (بيراميدز) لم يبخل علينا بنشر قصة كفاحه .. ووجدناها فرصة لنقدم نموذجا ناجحا وعنوانا للصبر والكفاح والتحدى .

وإليكم القصة بقلم صاحبها بنفسه .. يقول محمود الأسيوطي :

هي قصة تحدي واغرب من الخيال  وبدأت في عمر ١٣ سنة ، وذلك عندما انتقلت من التعليم الابتدائي بقرية الخوالد الي مدينة ساحل سليم  والتي عشنا فيها بدون ادني  وسيلة للمعرفة هنا ، اقصد قرية الخوالدو حيث لاتوجد كهرباء حتي امتحانات الثانوية العامة لكي نطلع علي العالم الخارجي ، واكتفينا  بالمعطيات التي توجد بقريتنا وهي مسلسل القتل والثأر علي مدار الساعة ،حتي كانت أقصي احلامنا ان نحمل البندقية الآلي حتي يتحدث عنا الجميع ويالها من فرحة وسعادة  لواكتمل هذا الحلم بقتل احد بهذه البندقية لنكون مثل فلان وعلان وهم قاتلي البشر!

ذهبت وانا عمري ١٣ سنة الي مركز ساحل سليم لكي أكمل دراسة الإعدادية وكانت المفاجأه انه يوجد كهرباء وبالتالي تلفاز ، ومنذ اول يوم وانا أحاول أن اكتسب كل شئ في المدينة الي ان جاء اليوم المؤلم والحزين لي ونقطة التحول في حياتي .

في السنه الثانية الاعدادية ،استطعت  ان احجز مكانا في اول (صف) درج ولحسن حظي ، كان يجلس بجواري زميل اسمه توتي داهش من قرية الشامية وكان لاعبا كورة مميز وله عشاق كثيرون في ذلك الوقت وتقاسمنا سوياً ريادة الفصل انا رئيس الفصل وهو رئيس اللجنة الرياضية

##نرجع للحظة التحول

وجدت زميلي توتي داهش يختار اسماء لفريق الفصل للعب دوري المدرسة، وكنت لاأعرف شيئا عن هذه اللعبة ولحب التواجد طلبت منه ان أكون من أعضاء الفريق وبعد إلحاح وجدل  وافق وجاء وقت المباراة ونزلت ارض الملعب ففوجئت بجماهير غفيرة حول الملعب ولم اعلم وقتها ان هناك قانون لكرة القدم وبدأت المباراة ووجدت نفسي اخالف القانون بشكل اضحك الجماهير باستخدام اليد في اللعب ،وبدأت تهاجمني الجماهير فهربت بسرعه للخارج دون أذن الحكم وذهبت الي بيتي في قريتي وقضيت اصعب ليلة في حياتي وانا ابكي واسأل نفسي كيف أواجه ذملائي غدا ولَم اذهب الي المدرسه في اليوم التالي ومابين التحدي والخوف قررت انا اذهب الي المدرسة  في اليوم الثالث لكي أغير الواقع المرير.

وبدأت أفكر كيف لي انا أكون لاعب كره ولاتوجد هذه اللعبه في قريتي

وتعلمت قانون اللعبة اولا وكيفية عمل الكوره الشراب وبعد ذلك جمعت أبناء قريتي وعرضت عليهم هذه اللعبة وكانوا فرحين لثقتهم بي وبدأنا نمارس اللعبة حتي كان لدينا فريق مميز علي مستوي مركز ساحل سليم والتحقت بمنتخب المدرسة الثانوية للعب دوري المحافظة وكنت علي وشك الانضمام لمنتخب اسيوط

##بعد الثانوية العامة التحقت بكلية التجارة جامعة أسيوط قسم إدارة الاعمال وفي خلال السنه الدراسية جاء الدكتور عبدالاحد جمال الدين رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة ، ليجتمع بالشباب وانا في الاجتماع كتبت طلبا لانشاء  مركز شباب في قريتي ، وكان هذا الشئ من المستحيل وبعون الله وافق الوزير علي طلبي وفوجئ أهل قريتي باعتماد مركز شباب كنت انا أمين صندوقه وانا في التاسعة عشرة من عمري ولمدة سنة لظروف السفر وصارت الكرة اللعبة الشعبية الأولي لابناء قريتي

##بعد اول سنة دراسية في الجامعه سافرت اليونان في رحلة نظمتها جامعة اسيوط بحثاً عن العمل والمعرفة ولاانسي لحظة نزولي من الطائرة كانت صدمة حضارية بمعني الكلمه وكنت غير مصدق ماأراه  بعيني .

وبدأت البحث عن العمل في كل مكان خوفاً من ضياع الوقت حتي تورمت قدماي بعد ثلاثة ايام من المشي علي الاقدام وفجأة وانا منهك من التعب  وجدت رجل مصري يوناني ،اتذكر انه من الزقازيق يشبه الخواجات في شكله وكان هو المنقذ لي وساعدني ولم يتركني لحظه حتي  وفر لي عمل في مطعم وساعدني في جمع سكن صغير ،وبعدها اختفي ولم اراه مره اخري وعملت ليل نهار في مطعم لغسيل الاطباق حتي تعلمت اللغة وتم ترقيتي بعد ٦ شهور الي تقديم الطعام للزبائن، وكان نجاح كبير في ذالك الوقت لرغبتي الشديدة في تحقيق احلامي التي كان جزء منها ان شراء كوره (كفر) tempo الان ) وملابس  رياضية  لابناء قريتي وبعد سنة من الكفاح والعمل ،جاءت الرياح بما لاتشتهيه السفن وتم ترحيل مجموعة من المصريين لمصر لعدم حصولهم علي الاقامة ولم أحقق كل امنياتي وعشت سنة حزينة  في مصر ،ورجعت مرة اخري في السنة الدراسية الثانية الي اليونان ونجحت نجاح نسبي ، ورجعت لأكمل دراستي وسافرت مره ثالثه لليونان لكي اكمل النجاح وعدت مرة اخري لمصر .

ومازالت الأحلام تراودني في تحقيق أحلامي فوجدت نفسي أغير اتجاهي واقرر السفر للنمسا دون سبب ، ولايوجد اي اشخاص معرفة اي في ذلك البلد ولَم يزعجني فأنا مؤمن بأن قدرات الشخص نفسه هي من تتحكم في النجاح والفشل وليس المكان ، وعملت لمدة شهرين في مكتب توزيع اعلانات بمدينة ڤيينا ، ثم عدت الي مصر للحصول علي البكالوريوس وقضاء الخدمه العسكرية وبعدها عقدت قراني  قبل السفر لزميلة لي في  قسم إدارة الاعمال وكانت اهم رفيق  في رحلة الكفاح، وبعد انتهاء الخدمة العسكرية سافرت النمسا سنة ٩٠  للمرة الثانية وبعد شهرين ، احضرت زوجتي الي النمسا في مغامرة اخري وانا اتحسس الطريق  وكان لوجودها معي في الغربة  عامل السحر في النجاح

عشت في مقاطعه شتايرمارك وهي محافظة تبعد عن ڤيينا العاصمة حوالي ٢٠٠ كيلو وعشنا هناك

وبعد سنة من التخبط والعمل في الاعلانات لم اجد امامي الا ان أغامر فالوقت يداهمني وفتحت مطعم تيكاواي )شاورما) في المقاطعه وكان اول مطعم من هذا النوع وسميته (سندباد )وكان التحدي الاكبر ان لا ابيع اي انواع من الخمور  وكانت كل أحلامي ان تكون بدايه لدخولي الاعمال الحرة وحدث مالم يتوقعه عقل بشر ووجدت الطوابير علي المطعم وجميع صحف المقاطعة  تتحدث عني وافردت اكبر صحيفه في ذاك الوقت kleine Zeitung صفحة كاملة عن السيره الذاتية لي وكانت الصحف المحليه تتحدث عني أحياناً بالسلب لتواجد إعداد كبيره امام المطعم في مشهد لم يعتادوا عليه وفريق اخر يدافع عني وعن مااحدثته من رواج اقتصادي في البلد

وبحمد الله فتحت اول مسجد في المقاطعه نفسها واستقبلت مسلمي البوسنة اثناء الحرب وكان هذا العمل من افضل اعمالي في الغربة ، وعندما تأكد نجاحي بدأت الحرب من اصحاب المطاعم النمساوية المجاوره بشتي الطرق واستغلوا الاخطاء الاداريه لعدم وجود خبرات في تأسيس وترخيص المطعم وكان أصعبها عندما اتصل بي شخص صديق لي يوم الاحد وهو يوم اجازة المطعم وقالي لي الوجهه الاماميه زجاج المطعم مملؤه بالقازورات وتلاها تكسير الزجاج وتلاها رفع دعاوي وكنت لاأستطيع ان أتحمل ذالك لاني صغير السن ولا اجيد التعامل الجيد باللغة الالمانيه ولا توجد خبرات كافيه حتي نصحوني اصدقائي ان أبيع المطعم وهذا حدث بالفعل ومازلت قصة السندباد تحكي حتي الان في المقاطعة

لم أستطيع ان أعيش يوما واحدا وانا مرتاح البال في هذه المقاطعه وبدأ اليأس يتسرب بداخلي بعد فشلي في الحفاظ علي هذا النجاح وفي هذا الوقت كنت رزقت بأسلام سنة 91وسيف 94 ،وبدأت ثقتي بنفسي تهتز ولكن كيف وانا لااتعامل مع اليأس إطلاقاً وفي احد الليالي جلست مع زوجتي شريكة رحلة الكفاح وحكيت لها كل شئ وقلت لها  لابد  ان نذهب  الي مكان اخر غير هذه المقاطعة حيث نبدأ حياة جديدة وصعبة مرة اخري ونحن لدينا طفلين فكان الرد بنعم ،اذهب الي اي مكان في العالم انا عندي ثقه فيك وفي ربنا ورزقنا علي الله

##وذهبت الي العاصمه ڤيينا المليئة بالمصريين وقصص النجاح والفشل وعشت اول سنه لجس النبض اعمل هنا وهناك وانا لاامتلك رأس مال لكي اشتري مطعم فقررت ان ابحث عن مشروعات لاتحتاج لرأس مال ووجدت ضالتي وبعد دراسه للسوق فتحت شركة توظيف عماله في سنة ١٩٩٥ وبدأت ادرس كل ماهو يتعلق بسوق العماله  وبتوفيق من الله حققنا اكثر ماكنت اتوقعه من نجاح،

##في سنة ٢٠٠٢ رزقت ب”رنا” وجاء خير كثير بقدومها

##في سنة ٢٠٠٦ كونت رأس مال يسمح لي بعمل مشروع في مصر وأول شئ خطر ببالي الليله الحزينه وانا في سن الثالثة عشرة من عمري وكنت في اجازه لقريتي وانا في طريق الي القاهره علي طريق اسيوط الغربي وجدت صحراء شاسعة لايوجد بها احد

وعند هرم ميدوم توقفت بالسيارة ونزلت وسألت من يملك هذه الارض قالو لي جمعية الشرطه وبدأت في اكبر مغامراتي حتي الان وتحديت الظروف والمقاييس العلميه وبدأت فكرت تأسيس نادي يلعب في الممتاز يالها من جنون وانا لاملك الكثير من المال وكان لابد من عمل مشروع أستطيع من خلاله تحقيق فكرة تأسيس نادي ولم اصرح بذالك لأي احد حتي عائلتي خوفاً ان يتهموني بالجنون وقلت للجميع اني سوف أشيد منتجع للمعسكرات الرياضيه لاني لي علاقات جيده بفرق أوربا وبالرغم من ذالك اتهمني الجميع بالانتحار الاقتصادي  علي الطريق الصحراوي ، حيث لايوجد بشر ولا بنية اساسية في هذه المنطقه لم اهتم كثيرا بالنقد والدفاع عن نفسي وبعد سنتين من تأسيس  المنتجع جاءت أللحظه الفارقه وهي تإسيس النادي وتم اشهار النادي ولضيق الوقت بعد الاشهار لم نستطيع الصعود وصعدنا بعد ذالك حتي وصلنا الدوري الممتاز موسم 2014 في خلال ٥ سنوات رقم قياسي علي مستوي افريقيا ولم أتوقع ذالك النجاح السريع فكان الهبوط السريع حيث انه من سوء الحظ هبوط خمس فرق وكان من الصعب البقاء وعندما ايقنت انني لم أستطيع الصمود وتذكرت نجاحي السريع مع مطعم السندباد في النمسا وايضاً عدم الحفاظ علي هذا النجاح.

بدأت أفكر وأفكر كيف افعل وإدارة كورة  القدم في مصر تدار بشكل عشوائي وكيف أغامر في هذا الجو غير المشجع للاستثمار وهل انسحب وكيف انسحب وتذكرت الليلة الحزينة التي قضيتها في حزن شديد بعيد عن أعين الناس فوجدت نفسي استعيد قواي مره اخري وأعلن التحدي للصمود والصعود مره اخره للدوري الممتاز مع عدم الهبوط مرة اخري وبدا التخطيط والعمل  وصنعنا فريق من اللاعبين المميزن أستطعنا انهاء الموسم كأول مجموعة شمال الصعيد قبل نهاية الموسم بأربع اسابيع لنلتقي مع فريق النصر للتعدين في المباراه الاولي التعادل ١/١في اسوان والمباراة الثانيه لم يتوقع احد غير صعود للاسيوطي ونتفوق علي النصر للتعدين ١/. حتي الدقيقه ١٢ من الوقت الضايع ولم يخطر ببالي في اي لحظه غير الصعود والاحتفالات والتهاني من جميع المصريين ولايوجد الا مبروووك صعود للاسيوطي وفجأه يحتسب سمير عثمان ضربة جزاء من وحي الخيال ويتعادل النصر للتعدين ونحتكم الي ضربات الترجيح والتي تفوق فيها المنافس وصعد وانا لاصدق مايحدث .

كانت لحظات صعبة وقاتلة ، وقررت السفر الي النمسا صباحاً وفِي اثناء خروجي في الصباح الباكر من منتجع الاسيوطي رأيت كمية احباط علي وجه العاملين تدمر العالم علي وجه العاملين وكل شئ في المكان محبط وكأنه مهجور ولاتوجد به حياة وفِي هذه اللحظات ادركت دور القائد في اللحظات الصعبه وايقنت اني لابد ان انهض مره اخري من اجل الجميع وبدأت في الطائرة ترتيب الاوراق والبدأ في العمل للموسم الجديد وعملنا مع فريق العمل انجاز الصعود والفريق في الدوري الممتاز 

#وتعلمنا الدرس من الصعود والهبوط الاول وصنعنا فريق معظمه مواهب مستمرة حتي الان في كل فرق الدوري الممتاز بعد اكتساب خبرات كرة القدم واستطعنا ان نلقب بالحصان الاسود والحصول علي المركز التاسع متخطين فرق عريقه في الترتيب وصعدنا الي الدور قبل النهائي في كأس مصر بعد الفوز علي النادي الاهلي العريق والتعادل مع سموحه في الدور قبل النهائي والخروج بضربات الجزاء الترجيحية

##وحققنا في هذا الموسم معظم الاهداف التي خططنا لها وبدأنا الموسم الجديد بطموحات جديدة وكان في ذالك الوقت تحوم خلافات المستشار ترك ال شيخ مع النادي الاهلي وبعد الاطمئنان علي فترة الاعداد للفريق وفي ليلة سفري الي النمسا جائتني رساله من سيف ابني  بناءا علي اتصال من شركة صلة ان ترك ال شيخ يريد امتلاك اسهم النادي وهو الان في سويسرا وبعد ساعة وصلتنا تذاكر الطيران انا وسيف وحجز الفندق وتغيرت الرحلة من ڤيينا الي زيورخ وبدأنا المفاوضات والتي انتهت بعد ذالك في روسيا حيث اقامة المنتخب السعودي ومابين زيورخ وموسكو رأيت كثير من المصريين المشهورين وقصص وحكايات كثيرة لامجال للحديث عنها وبعد ذالك تم انتقال النادي للمستشار تركي آل الشيخ وتحول المسمي الي بيراميدز وهو فريق من الكبار الان

ملحوظة :يوجد اسماء كثيرة شاركت في كل قصص نجاحي واعتذر عن عدم ذكر اي اسماء حتي لا انسي اي اسم ساهم بأي شئ حتي لو بسيط في في هذه الرحلة

زر الذهاب إلى الأعلى