تقارير

مدينة مستدامة ذكية من الجيل الرابع تقود مصر إلى الريادة

دكتور/ رضوان ربيع العناني  

خبير الشئون التنموية والاقتصادية – الامم المتحدة

العاصمة الإدارية الجديدة ما هي الا حلم جديد على أرض مصرية لتثبت القيادة السياسية بحق أنها تمتلك رؤية صحيحة وإدارة قوية لمواصلة تحقيق هذا الحلم بخطط زمنية واضحة في تسليم وتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع العاصمة الجديدة، على الرغم ما واجهته الدولة من صعوبات وتحديات اقتصادية وعلاج لأزماتها في السنوات الماضية بالتزامن مع الإصلاح الاقتصادي الجريء، مشروع العاصمة الإدارية الجديدة هو مشروع قومي استثماري يهدف إلى تأسيس مدينة إدارية اقتصادية جديدة تكون عاصمة حديثة تتفق، ومفردات العصر وتقع ضمن إقليم القاهرة الكبرى، مما يساهم في توسيع الحيز العمراني، وتفريغ العاصمة الحالية من التكدس والازدحام، بالإضافة إلى خلق منطقة جديدة جاذبة للاستثمارات، كما يساهم هذا المشروع في توفير نحو مليوني فرصة عمل جديدة، وتشغيل العديد من الشركات خاصة في مجال المقاولات حيث يتم التنفيذ بأيادي المصريين بنسبة 100.%

ومن أجل تطوير القاهرة إلى مركز سياسي وثقافي وإقتصادي رائد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال بيئة إقتصادية مزدهرة تدعمها الأنشطة الاقتصادية المتنوعة وتحقيق التنمية المستدامة لضمان الحفاظ على الأصول التاريخية والطبيعية المميزة التي تمتلكها القاهرة، وتسهيل المعيشة فيها من خلال بنية تحتية تتميز بالكفاءة ، تم البدء فى إنشاء العاصمة الإدارية شرق مدينة القاهرة وذلك لموقعها المتميز وقربها من منطقة قناة السويس والطرق الإقليمية والمحاور الرئيسية ويبلغ عدد السكان المستهدف خلال المرحلة الأولى حوالى 0.5 مليون نسمة بالإضافة إلى عدد 40 إلى 50 ألف موظف حكومي يتم نقلهم بالمقرات الجديدة، مع التخطيط لزيادة الطاقة الإستيعابية إلى 100 ألف موظف بعد الثلاثة أعوام الأولى، وتبلغ المساحة الإجمالية للمدينة 170 ألف فدان، عدد السكان عند اكتمال نمو المدينة 6.5 مليون نسمة، فرص العمل المتولدة حوالي 2 مليون فرصة عمل.

العاصمة الادارية الجديدة هي اول مدينة خضراء، وأول مدينة ذكية تنشأ فى جمهورية مصر العربية، تم تخصيص نسبة 15% من إجمال مساحة المدينة للطرق، وعرضها يتراوح بين 240 متراً فى الطرق الرئيسية، وأقل الطرق داخل المناطق السكنية 40 متراً، بما يضمن انخفاض الانبعاثات ونقاء الهواء، المساحة الحضرية فى العاصمة تبلغ حوالى 22 ألف فدان، وسيتم الاعتماد على استخدام الطاقة المتجددة، وتم إرساء محطات لتوليد الطاقة الشمسية عليها، حيث سيتم تطبيقها فى مبانى 34 وزارة بالحى الحكومى، بجانب جميع أسطح المبانى والمدارس والمستشفيات والأبنية باستخدام الطاقة الشمسية، حيث سيولد الحى الحكومى 4 ميجاوات، أى ما يعادل نصف كهرباء السد العالى.

بالاضافة إلي أن هناك محطة صرف صحى تستخدم البيوجاز، وهى ثلاثية المعالجة، تستخدم مياهها لرى 14 ألف فدان من الزراعات، وتنفيذ قطارين كهربائيين، وستكون جميع وسائل النقل كهربائية للتعامل داخل المدينة، وبين كل 5 أعمدة للإضاءة ستكون هناك محطة للشحن.

المرحلة الاولى.. حلم يرى النور:

فى أعماق الصحراء بدأت ملحمة جديدة من العمل المتواصل لتمهيد منطقة المشروع  للإنطلاق نحو البناء والتعمير ،وفق خطة عمل محددة ،حيث تم وضع خريطة متكاملة لتوفير الاحتياجات من المياه ومصادر الطاقة والمرافق والبنية الأساسية لمشروع العاصمة الادارية ،وكان ذلك على النحو التالى:

فى مجال المياه.. تم توفير ثلاثة خطوط هي: العاشر من رمضان ، والقاهرة الجديدة ، والخط الرئيسي من البحر الأحمر “تحلية مياه البحر” ،وهذه تعتبر المرة الأولى التي سيتم فيها توصيل المياه من البحر الأحمر إلى القاهرة وليس العكس ، كما ستضم العاصمة الإدارية الجديدة شبكة معالجة مياه .

ويتم حاليًا تنفيذ خط مياه من قبل شركة المقاولين العرب، بحيث تدخل المياه بشكل منتظم للعاصمة الإدارية، بالإضافة إلى أربع خطوط ستأتي من التجمع الخامس بجانب محطات مياه يتم انشائها أيضًا، وفي مجال تنمية الآبار، يتم حاليا عمل بئر استكشافي للمنطقة لمعرفة الإنتاجية وكمية المياه الموجودة، لتغذية المنطقة بالمياه الجوفية، كما أنه تم الانتهاء من بئر العاصمة، ويبلغ عمقه 400 متر، حيث تم حفره بالفعل وبدأت الآن عملية التنمية، وتحليل العينات الخارجة منه ومن المتوقع أن يحقق سعة من 50 إلى 60 مترا مكعبا، وجاء حجم المياه التي تم اكتشافها أكبر من المتوقع  .

في مجال الطاقة جارى انشاء 5 محطات لتوليد الكهرباء، حيث تصل حجم الطاقة المستهدفة في المرحلة الأولى 2200 ميجاوات، كما يغذى العاصمة الإدارية الجديدة خط غاز رئيسي ممتد مباشرة من ميناء السخنة، ويجري تنفيذه حاليا، فضلا عن خط توصيل مؤقت من مدينة بدر.

في مجال شبكة الطرق الداخلية.. تم تصميم شبكة طرق عملاقة وجارى التنفيذ على أعلى مستوى ، حيث تتسم باتساعها ، خاصة الشوارع الرئيسية حيث يتراوح عرضها من90 مترًا إلى 124 مترًا ،وذلك لمراعاة الضغط المروري ، ويتم حاليًا ترفيق الشوارع في المرحلة الأولى قبل البدء في رصفها .

محاور الربط جارى تنفيذ محوري محمد بن زايد الجنوبى والشمالى، ويشتمل المحور الجنوبي على 3 أنفاق، بينما يتضمن الشمالي 6 أنفاق بالإضافة إلى الكباري، وتمت مراعاة ان يكون عرض الطريق فى كل من المحورين 124 متراً، وتمت مراعاة التوسعة فى المستقبل بالنسبة للطرق حيث يربط المحورين الأحياء المختلفة، وقد وروعى فيهما تطبيق المعايير الدولية والعالمية، كذلك الكباري تم الانتهاء من تنفيذ الكوبري الأول ويسمى كوبري “بن زايد الجنوبي” لربط العاصمة الإدارية شرقا وغربا، وذلك فى وقت قياسى 9 أشهر فقط، وطول الكوبري يبلغ 155 مترا ويبلغ عرضه 70 مترا، وتم استخدام 25 ألف متر مكعب من الخرسانات في تنفيذه، و5 آلاف طن حديد، ويبلغ عرضه 70 مترا، بما يمثل 14 حارة مرورية، 7 حارات لكل اتجاه، وكذلك إنشاء كوبرى آخر، وهو تقاطع كوبري “بن زايد” مع طريق الأمل.

تم تنفيذ العديد من اجزاء المرحلة الأولى من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة على مساحة 10500 فدان، وتشمل مقار حكومية ذكية ومناطق سكنية متعددة المستويات ومقر الحكم ومدينة طبية عالمية ومدينة رياضية وقرية ذكية وقاعات مؤتمرات دولية ومدينة معارض ضخمة ومناطق خدمية وتعليمية، ومناطق للمال والأعمال وطرق حضارية بعرض 120 مترا، ومحورا اخضر بمساحة 7200 فدان بعرض 300 كيلو متر مربع.

إن العاصمة الادارية تشكل جسراً حضارياً يعمل على خلق كيان سياسي، واقتصادي، وثقافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، لتوفير مناخ اقتصادي مزدهر وبنية تحتية تكون نواة لمعيشة رغدة وتنمية مستدامة، باختصار فإن مصر تشهد مفهوم جديد للحياة في مصر فالمصريون يبنون مستقبلهم بأيديهم.

زر الذهاب إلى الأعلى