الرياضة ما بين الإستثمار وحق المجتمع
بقلم – مصطفي بكير
نشأنا على مقولة ان العقل السليم في الجسم السليم، وان الصحة تاج فوق رؤوس الاصحاء، وان الأمم القوية تبني نهضتها ليس فقط على تفوقها العلمي ولكن بمواطنين اصحاء بدنياً ونفسياً.
فالرياضة منذ قديم الأزل لها أهمية كبرى في المنافسة بين الأمم، وان البلدان المتحضرة تضع الرياضة والرياضيين موضع اهتمام وتقدير، وإذا اردت ان تخلق مجتمع صالح فعليك بنشر ثقافة الرياضة حيث انها تسمو بأخلاق الشعوب.
ان المادة 84 من الدستور المصري تنص على ان ممارسة الرياضة حق للجميع وعلى مؤسسات الدولة والمجتمع اكتشاف الموهوبين رياضياً ورعايتهم واتخاذ ما يلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة.
لقد تغيرت نظرة المجتمع واولياء الأمور للرياضة في السنوات الأخيرة وظهر حرصهم على مشاركة أبنائهم وممارستهم للرياضة لما حققه الرياضيين من شهرة ومال ومجد وأصبح كل ولي امر يحلم ان يكون ابنه مثل نجمنا المصري محمد صلاح.
ولكن علينا ان نسأل أنفسنا عن عدد اللاعبين المشاركين في كل الاتحادات الرياضية وبالتالي الذين تألقوا خارجياً في مختلف الألعاب سنجد انهم عدد قليل جداً.
ومن هنا نأتي إلى القضية الأساسية التي يجب ان نركز عليها هل الهدف هو الاستثمار في الرياضة ام زيادة قاعدة المشاركين من أبنائنا.
يرى الكثيرون ان الأندية ومراكز الشباب هي المتنفس الرئيسي للشباب لممارسة الرياضة ولكننا نرى ان الدخول لهذه الأماكن أصبح مقصوراً على من يستطيع دفع رسوم الاشتراك، ونرى ان التوجه العام هو انشاء الاكاديميات الخاصة وأصبحت المشاركة لمن يملك المال واصبحت الرياضة مجرد بيزنس لأصحابه والعائد الحقيقي من ورائه ليس بناء شبابنا.
فهل أصبحت الرياضة فقط للأغنياء؟؟
هل يجوز ان يكون مجتمع تعداده أكثر من مائه مليون وتصل نسبة الشباب فيه الى 60% وتعد كرة القدم مثلاً هي اللعبة الشعبية الأولى ولا نملك سوى لاعب او أكثر على المستوى العالمي.
اين ممارسة الرياضة في المدارس ولماذا لا يتم توجيه الشركات الكبرى والمؤسسات للمشاركة كمسئولية مجتمعية في انشاء ملاعب داخل المدارس والجامعات والاحياء المختلفة في المدن وأين التحفيز الحقيقي للطلاب من خلال تقدير المتفوق رياضياً وان تكون هناك منح دراسية مجانية للمتفوقين منهم.
احلم ان أرى في كل حي ملعب مفتوح بأقل الإمكانيات وان تكون هناك مسابقات داخل المدن والاحياء وليس فقط بالأندية ومراكز الشباب، أحلم ان أرى دوراً للاتحادات الرياضية في دعم الرياضة والرياضيين وألا يكونوا فقط وسيلة للجباية وجمع الأموال من أولياء الأمور.
يجب ان تضع الدولة الرياضة ضمن مشروع قومي كبير وان تعدل اللوائح والقوانين لكي تساعد على سهولة الممارسة ولكي تتجنب التعقيدات والروتين.
أرى مثلاً ان مشروع توفير الدولة للدراجات هو بداية جيدة ولكن يجب ان يتم دراسة هذا المشروع ولا يترك للاجتهاد، لماذا لا يتم انشاء مصانع كبرى لصناعة الدراجات ويتم توفيرها لكل طلاب المدارس والجامعات بأسعار مناسبة وبالتقسيط طوال فترة الدراسة حتى نخفف عن كاهل الاسرة.
وختاماً اعتقد ان اهتمام الدولة بالرياضة ضمن مشروع قومي قد يكون له أثر كبير على رقي المجتمع وتقليل نسبة البطالة والقضاء على الإرهاب والأفكار المتطرفة.