تسوية حكومية تلوح في الأفق؟
بقلم/ جويس مارون:
فبعد الجمود القاتل والفراغ المدمّر يعدّ هذا الاسبوع واحداً من الاسابيع الحاسمة ، نظراً لما يحمله من ملفات ساخنة وحلول جذرية. فمن ملف الحكومة والعقوبات الفرنسية والاوروبية في ضوء وصول وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت اعتباراً من مساء اليوم وحتى مساء الغد، الى ملف البطاقة التمويلية وملف ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل الذي عاد الى طاولة البحث .
ففي ظلّ استئناف مفاوضات ترسيم الحدود غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل وجولة الوفد الأميركي المشارك في المحادثات يدفعنا للاعتقاد بأنّ التعقيدات التي أدّت إلى تجميد المفاوضات قبل ستّة أشهر، انتهت، أو تمّت حلحلتها بشكل أو بآخر. كما انّ الزيارة الأخيرة لوكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، هدفها اعادة خطّ استئناف تلك المفاوضات وسط أجواء التسوية المحتملة في المنطقة، خاصةً وأنّ الإسرائيليّين، والأميركيّين ومن ورائهم غير راضين بالموقف اللبناني المتمسّك بتوسيع حدوده، انطلاقًا من الخط 29، وليس 23 ، من هنا كلّ طرف سيحاول رفع سقف شروطه التفاوضية ،ولبنان، نحو التسوية الحكوميّة ، خاصّةً وأنّ المفاوضات تتطلّب وجود حكومة أصيلة وفاعلة تواكبها بكلّ التفاصيل، حكومة ، تكون قادرة بالدرجة الأولى على تنفيذ أيّ اتفاقٍ يتمّ التوصل إليه بين أطراف المفاوضات، وبالتالي ترجمته على أرض الواقع من هنا لا مجال لحكومة تصريف اعمال.
امّا عن زيارة لودريان لبيروت اليوم في أول تحرّك فرنسيّ من نوعه منذ أشهر تتّجه الأنظار إلى هذه الزيارة المرتقبة ،خاصّةً بعد عودته من اجتماعات وزراء خارجية دول “مجموعة السبع”وتوقيت هذه الزيارة المتزامنة مع المصالحات الجارية في المنطقة، والتقارب التركي المصري، والعربي – العربي، فضلاً عن استمرار المفاوضات الدولية حول الملف النووي الإيراني. ومن المتوقع أن يلتقي خلال زيارته لبيروت كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري والبطريرك الراعي حاملاً انذاراً أخيراً ورسالة قوية بضرورة التوصّل إلى تفاهم ضمن سيناريوهات محتملة، ومخاوف من انهيارات مقبلة ما لم يتم التفاهم على تأليف الحكومة التي أصبحت ضرورة ملحّة ومفتاح الحلول قبل دخول العقوبات حيّز التنفيذ.
زيارة ، يحيط بها الغموض حتى الساعة فلا برنامج معلن حتى الآن لزيارة لودريان، كما لا تحديد رسمي لجدول لقاءاته التي سيجريها في بيروت فضلاً عن انتقال باريس إلى “خط” جديد في مقاربة الأزمة اللبنانيّة وتهديدها بعقوبات على المسؤولين اللبنانين الذين يعطّلون تشكيل الحكومة دون تسميتهم او تحديد طبيعة تلك العقوبات .
وعلى هذا الصعيد، حددت الأطراف المعنية بالتأليف خياراتها:
1- فالرئيس الحريري اجتمع مع رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام، وجرى الاتفاق على دعم الرئيس المكلف بمواقفه، ودعوه إلى عدم التراجع، لا عن المبادرة الفرنسية ولا عن مندرجاتها.
2- بالمقابل الرئيس عون ينتظر التشكيلة الوزارية لإصدار مراسيمها على ان تسقط، ما لم يكن فريقه مع حزب الله راضٍ عنها في المجلس النيابي.
3- امّا النائب جبران باسيل يسير في اتجاه احراج الرئيس المكلف لاخراجه، ودفعه إلى الاعتذار.
امام استمرار مهزلة العبث السياسي في لبنان وتصلّب قوى التعطيل في مواقفها ، ثمة إجماع داخلي وخارجي على انّ باب لبنان مشرّع على احتمالات صعبة للغاية نتيجة الواقع القاسي الذي يعيشه اللبنانيون في هذه الايام والأزمة الحقيقية التي لم تبدأ بعد، من هنا، امام اللبنانيين فرصة أخيرة ، فرصة تتجسد بالتفاهم على حكومة وفق المبادرة الفرنسية ،تلبّي طموحات اللبنانيين ومطالب المجتمع الدولي لناحية إجراء الاصلاحات ومكافحة الفساد فالمعادلة اصبحت واضحة: إما اعادة إحياء لبنان وإما تدميره نهائياً عبر استمرار النهج المتّبع حالياً في تعقيد الحلول ومنع تأليف الحكومة المنتظرة ، هذه الفرصة المتمثّلة بزيارة الوزير الفرنسي هي تمهيد لاعادة الانتظام للحياة السياسية في لبنان وصياغة تسوية سياسية تفضي الى تشكيل حكومة طال انتظارها وانقاذ لبنان من النفق المظلم والعتمة القاحلة المقدم عليها .
واكثر ،إن ذهبنا اقليمياً ، صورة المشهد الاميركي- الإيراني تنضح بإيجابيات تتوالى في الملف النووي الايراني، والمشهد الايراني- السعودي ينتقل من الصدام الى التلاقي والحوار، وكذلك الامر بالنسبة الى المشهد الخليجي- السوري الذي ينحى خارج السياق الصدامي، إضافة الى الاستحقاقات الانتخابية، بدءًا من الانتخابات الرئاسية في سوريا وكذلك الانتخابات الرئاسية في ايران. فأمام هذه الصورة لا بدّ للبنان ان يلحق بهذه التطورات .
من هنا فهل تحمل كل تلك الملفات حلًا للأزمة اللبنانية؟