“المحكمة لم تجد سبيلا للرأفة”.. حيثيات حكم إعدام تاجر ملابس في تصنيع المفرقعات
أودعت الدائرة الثالثة إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة طوارئ، والمنعقدة بمجمع محاكم طرة، حيثيات حكمها في القضية رقم 1436 لسنة 2020 جنايات أمن الدولة طوارئ منشأة ناصر، والمقيدة برقم 228 لسنة 2015 جنايات أمن الدولة العليا.
وعاقبت المحكمة وليد البدري بالإعدام عما أسند اليه، ومعاقبة محمد محمد أسامة وأسامة قاسم بالسجن المشدد 15 عاما.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد كامل عبدالستار، وعضوية المستشارين محمود زيدان ومحمد نبيل، وبحضور محمد مجدي عبدالرحمن عضو نيابة أمن الدولة العليا، وسكرتارية أحمد صبحي عباس.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، إنه بجلسة 25 مايو 2021، لم يمثل أيا من المتهمين أو وكيل خاص عن أيهم وقرَّرت الدائرة إرسال الأوراق لفضيلة مفتي الجمهوريَّة لإبداء الرأي، وأرجأت الحكم لجلسة اليوم، ثُم وَرَدَ تقرير مفتي جمهورية مصر العربية في 21 يونيو 2021، منتهيًا إلى أن الدعوى أُقيمت بالطرق المُعتبرة قانونًا قِبَل المُتَّهمَ “الأول” وليد البدري رمضان متولي علي ولم تظهر في الأوراق شبهة دارئة الحد عنه كان جزاؤه الإعدام حد حرابة لسعيه في الأرض فسادا وترويعه الآمنين عمدا، جزاء وفاقا.
وحيث إن المحكمة إذ تقدم لأسباب حكمها بالمستقر عليه من قضائها أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك، وقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها.
حيث إنه وعما نسب للمتهم الأول وليد البدري رمضان متولي في شأن التهمتين الثانية والثالثة من أمر الإحالة فلما كان من المستقر عليه بقضاء هذه المحكمة أنه يكفي لتحقق جريمة حيازة وإحراز المفرقعات – مجرد الحيازة المادية وأن ينبسط سلطان الحائز وإرادته عليها وعلمه بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المفرقعات أو ما يدخل في تركيبها أو ما يلزم لتصنيعها أو تفجيرها وأن تكون تلك الحيازة أو الإحراز بغير ترخيص وكان يكفي للعقاب على حيازتها بغير ترخيص أن تكون من بين المواد المدرجة بقرار وزير الداخلية بغض النظرعن الغرض من حيازة تلك المواد، إذ أن القصد الجنائي في جريمة حيازة مفرقعات يتحقق دائماً متى ثبت علم الجاني بأن ما يحرزه مفرقع أو مما يدخل في تركيب المفرقعات ولا ضرورة بعد ذلك في حكم المادة 102 (أ) من قانون العقوبات لإثبات نيته في استعمال المفرقع أو ما في حكمه في التخريب والإتلاف، كما أن القصد الجنائي لا شأن له بالباعث على الحيازة …. وهديًا بما تقدَّم من تقريرات قانونيَّة وتقاريرشرعية وفنية.
وإذ ظهر للمحكمة بحثًا بمُخبئات النفوس بما تُهدى إليه الأقوال والأفعال وتنقيبًا في الواقع المطروح في الجناية المنظورة واطمئنانًا من المحكمة لما خلصت إليه شهادة كلا من الرائد علي فيصل عبدالعزيزمحمد ” بمباحث قسم منشأة ناصرو النقيب تامرمحمد عبداللطيف بقطاع الأمن الوطني بتحقيقات النيابة العامة وقد تواترت شهادتيهما على توصل تحرياتهما لكون المتهم الأول وليد البدري رمضان متولي من مصنعي العبوات المتفجرة وأنه من أمـــدَّ المتوفي محمد حمدي محمد حسن يوسف بالعبوة المفرقعــة وكذا الدراجـة النارية رقم ( ي ج ي 643 ) المملوكة للأول والتي كان يستقلها المتوفي سالف الذكروبحوزته العبوة المنفجرة – في سبيله لتنفيذ مخطط عدائي باستخدام تلك العبوة قِبَل قوات الشرطة والمنشآت العامة لإحداث حالة من الانفلات الأمني واشاعة الذعر والفزع بين المواطنين وتعطيل العمل بالدستوروالقانون بغرض اسقاط الدولة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر – إلا أن العبوة انفجرت مُوديَةً بحياة محرزها سالف الذكر قبل بلوغهما مقصدهما.
وقد تعززت تلكما الشهادتين في يقين المحكمة واطمئنانها بما أفصحت عنه الأدلة الفنية وقد اطمأنت المحكمة لصحتها مأخذًا ودلالة والتي تمثلت في البين من تقريرإدارة الحرائق والمفرقعات بالإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية وقد خلص بعد إجراء المعاينة الفنية لموقع الحادث، والإحاطة بالظروف والملابسات السابقة والمعاصرة لوقوعه وإجراء التحاليل المعملية والدراسات الفنية على كافة ما تم رفعه من آثار مادية إلى أن الحادث وقع نتيجة انفجارعدد من العبوات المفرقعة جرى تشكيل حاويتها محلياً من المعدن تحتوى عبوتها الأساسية على كمية من أحد المخاليط النترات المفرقعة(وهو أحد أصناف المخاليط المفرقعة) ومزودة بكمية من المسامير والتي تعمل كشظايا لإحداث اصابات بالمتواجدين بحيز الانفجار،والتي تم وضعها بداخل كيس بلاستيكي أسود اللون موضوع بدواسة الدراجة النارية من الجهة اليسرى التي كان يستقلها المتوفي سالف الذكر أثناء سيره بطريق النصر اتجاه مدينة نصر اسفل كوبرى منشأة ناصر وعلى بعد حوالي ۲۰ متر منه، مما أدى لحدوث بعض التلفيات بالدراجة النارية ووفاة قائدها سالف الذكر وقد تبين بعد إجراء المعاينة الفنية لشقه المتهم الأول وليد البدرى رمضان متولى العثور أسفل سلم العقار الكائنة به على عدد سبعة عبوات حارقة وهي المشابهة للعبوات المرفوعة من شقه “المتوفي” محمد حمدي محمد حسن يوسف.
وحيث إنه ولما كان من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن المشرع أطلق وصف التنظيم الإرهابي على أي جمع وعلى نحو ما أوضحه من أهدافه ، وكانت العبرة في قيام هذا الجمع أو الجماعة أو الهيئة أو المنظمة أو العصابة وعدم مشروعيتها ووصفها بالإرهاب لا تتوقف على صدور ترخيص أو تصاريح باعتبارها كذلك ، لكن العبرة في ذلك بالغرض الذي تهدف إليه والوسائل التي تتخذها وصولًا إلى غايتها ، وكانت جرائم إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون أو إمدادها بمعونات مالية أو تولي قيادة فيها أو الانضمام إليها أو المشاركة فيها المؤثمة مع العلم بالغرض الذي تدعو إليه تتحقق بإنشاء الجاني أحد هذه التنظيمات أو الانضمام إليها أو إمدادها بمعونات مالية أو مادية ، ويتحقق القصد الجنائي فيها بعلم الجاني بالغرض الذي تهدف إليه ، ويستخلص ذلك الغرض من مضمون الأعمال الإرهابية التي ترتكبها تلك الجماعة وتعد صورة لسلوكها الإرهابي ، سواء شارك الجاني في ذلك العمل أو لم يشارك متى ثبت أن ذلك التنظيم هادف إلى ما أشارت إليه المواد السالفة من جرائم ولا يشترط لثبوت جريمة الانضمام لجماعة إرهابية طريقـة خاصة غير طرق الاستدلال العامة وكفاية اطمئنان المحكمة إلى الإدانة من دلائل الدعوى وقرائنها وكان العلم في جريمة الانضمام إلى جماعة إرهابية مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل للمحكمة أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط إثباتًا لذلك طريقًا خاصًا غير طرق الاستدلال العامة ، وكحال سائر الجرائم بحسب الأصل يكفي أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون للجريمة من أي دليل أو قرينة تقدم إليها.
فلما كان ما تقدم وكانت المحكمة وقد اطمأنت إلى ثبوت تهمة تأسيس المتهم الأول وليد البدري رمضان متولي جماعة وتوليه قيادة جماعة ارهابية وهي الخلية الارهابية التي أنشأها و تهدف للقيام بجملة عمليات ارهابية ضد الشرطة والقوات المسلحة لإحداث حالة من الانفلات الأمني واشاعة الذعروالفزع بين المواطنين وتعطيل العمل بالدستوروالقانون بغرض اسقاط الدولة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه وكذا ثبوت انضمام المتهمين الثاني محمد محمد أسامة بدري والثالث أسامة محمد قاسم عبدالحميد إلي تلك الخلية ، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الخلية في تحقيق أغراضها أخذا بما خلصت إليه في مقام التهمتين الثانية والثالثة المسندتين إلى المتهم الأول وعلى نحو ما تقدم بحسبان أن الارهاب المعني بحكم المادة (86) من قانون العقوبات لا يتحقق إلا بتوافر ركنين أولهما مادي يتمثل في مظاهر القوة والعنف أو التهديد أو الترويع الحاصلة من الجاني فالسلوك الإجرامي في جريمة الإرهاب يتخذ شكل العنف بمعناه الواسع بما يشير إليه من معان مختلفة تتضمن استخدام القوة والتهديد أو الترويع بها على النحو الذى حدده القانون – وليس أدل على العنف والترويع أكثر من حيازة المفرقعات وترتب الموت على انفجارها، وقد تحقق لدى المحكمة ثبوت القصد الجنائي العام لدى المتهمين وهو إدراكهم لما يفعلونه وعلمهم بشروط الجريمة بثبوت اتجاه إراداتهم إلى استخدام القوة والعنف أو التهديد أو الترويع
وحيث إنه من المُقرر قانونًا أنه يلزم لقيام الكيان القانونىّ لجريمة إحراز سلاح أبيض في غير الأحوال المُصرَّح بها قانونًا اتصال الجاني بهذا السلاح اتصالاً مُباشرًا أو بالواسطة وبسط سلطان إرادته عليه مع علمه بطبيعته ومدى مُخالفة هذا النشاط لأحكام القانون العقابىّ ولمَّا كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ثبوت حيازة المُتَّهم الأول وليد البدري رمضان متولي لثلاث نبال معدنيه والتي تعد ضمن الأسلحة البيضاء أخذا بما أورته كلا من معاينة النيابة العامة وتقريرإدارة الحرائق والمفرقعات بالإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية بشأن معاينة مسكن المتهم سالف الذكرمن العثورعلى تلك النبال أسفل سرير إحدى غرف المسكن – بما يكشف عن خضوع تلك النبال لسلطان إرادته مع علمه بطبيعتها وكَوْن هذا النشاط يتعارض مع إرادة الشارع الجنائي بما تنهض معه المسئولية الجنائيَّة للمُتَّهم الأول في هذا المقام .
وحيث إنَّ الجرائم المُسندة للمُتَّهَم الأول قد ارتُكبت لغرض إجرامىّ واحد وانتظمتها خطة جنائيَّة واحدة فتكونت منها وحدة إجراميَّة لا تقبل التجزئة، ومن ثَم وجب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المُقررة لأشدها وهي الجريمة الثالثة المسندة إليه بأمرالإحالة – عملاً بالمادة 32 /2 من قانون العقوبات.
وإذ استطلعت المحكمة رأى فضيلة مفتى جمهورية مصر العربيَّة إنفاذًا لمقتضى المادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائيَّة فارتأى أن الجرم الذي ارتكبه المتهم الأول “وليد البدري رمضان متولي ” – المطلوب أخذ الرأي الشرعي فيما نسب إليه – يكون معه المتهم مفسدًا في الأرض ويستحق أن ينطبق عليه قول الله تعالى المبين في آية الحرابة ألا وهو القتل حد حرابة لسعية في الأرض فسادا وترويعه الآمنين وليكون ذلك عبرة له ولأمثاله ممن تسول لهم أنفسهم أن يرتكبوا مثل هذا الجرم الشنيع ,ومتى كان ذلك وقد أقيمت هذه الدعوي بالطرق المعتبرة قانونا قبل المتهم الأول ” وليد البدري رمضان متولي ” – المطلوب إبداء الرأي الشرعي بشأنه – ولم تظهر في الأوراق شبهة دارئة الحد عنه – كان جزاؤه الإعدام حد حرابة لسعيه في الأرض فسادا وترويعه الآمنين عمدا جزاء وفاقا.
وحيث إن المحكمة وهي بصدد تقديرالعقاب الذي يتناسب مع الفعل الإجرامىّ المُسند للمُتَّهم الأول “وليد البدري رمضان متولي ” فإنها لا تجد من سبيل للرأفة ويتعيَّن القصاص منه حقًا وعدلاً والحكم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة – بالإعدام امتثالاً لقوله تعالى: “إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ “.
وحيث إن المحكمة تقضى بمُصادرة المضبوطات عملاً بالمادة 30 من قانون العقوبات والمادة 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل، وحيث إنه عن المصاريف الجنائية فإذ تلزمها المحكمة كلاً من المحكوم عليهم عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية .
فلهذه الأسباب وبعد الاطلاع على المواد القانونية حكمت المحكمة غيابياً وبإجماع آراء أعضائها بمعاقبة وليد البدري رمضان متولي بالإعدام عما أسند إليه من اتهامات وألزمته المصاريف الجنائية، ومعاقبة كلاً من محمد محمد أسامة بدري وأسامة محمد قاسم عبد الحميد بالسجن المشدد خمس عشرة سنة عما أسند إليه من اتهام وألزمته المصاريف الجنائية وبمصادرة المضبوطات.