مقالات
أخر الأخبار

كيف تخطىء المرأة بلا خطيئة فتصاب بالضياع

بقلم اللواء أحمد طاهر

جاءت إلى مكتبي سيدة يظهر عليها علامات الحيرة والألم تشتكي من وقوعها ضحية ابتزاز وتهديد ألكتروني، يبدو من ملامح وجهها إنها مجهدة ومكتئبة لدرجة كبيرة.

أنصت إليها باهتمام أو تعمدت ذلك لأشعرها بالراحة النفسية فأنا الآن بالنسبة لها ملاذ أو طبيب نفسي تريد أن تلقي عنده بكل ما بداخلها من آلام وأحزان، قصة تكررت كثيرًا على مسامعي منذ أن فتحت مكتبي هذا، وها هي ضحية جديدة لتعارف وهمي على شبكات التواصل الإجتماعي، الأمر يبدأ بالإعجاب العابر ثم تبادل الرسائل.

وقت فراغ وملل وعدم اهتمام الطرف الآخر وراء بحث زائف عن علاقة عابرة، وها هي تعيد على مسامعي نفس العبارات ونفس الحجج: «هو لا يعرفني لم أراه ولم يراني ولا يعرف مكاني ولم أسمح له بأن يقابلني أو يخترق جدار خصوصيتي على أرض الواقع».

ولما لا فنحن في عالم افتراضي وهمي لا أحد فينا لامس الآخر أو اختلى به فنحن نتحدث وننشئ علاقى من وراء ستار، وكالعادة تتطور الأمور والرسائل ويزداد الحلم والوهم وتسيطر على مشاعرنا أوهام ما كان داعي لها.

وفي غفلة من الزمن ننزلق أكثر في العلاقة ونغوص أكثر وأكثر في بحر من الرمال صعب جدًا أن ننجو منه ودون أن ندري نتبادل أرقام الهواتف المحمولة ومعها الصور والمحادثات الصوتية كل ذلك قد يكون شيء أقل من العادي ولكن عندما يخرج لينال من شرف امرأة يتحول كالنار في الهشيم.

ثم نستفيق على واقع مؤلم ونكتشف أننا نتحدث مع أشخاص ما كان يجب أبدًا أن نسمح لهم باختراق جدران حياتنا الهادئة وأننا فتحنا بابًا للشيطان دون حتى أن نرتكب خطيئة.

وفجأة يظهر الجانب الآخر للحلم، كابوس فظيع وشخص يهدد ويتوعد ويطلب الأموال مقابل ألا يرسل ما لديه من محتوى لزوج الضحية أو أهلها.

وتصرخ المرأة في مكتبي: «أنا لم أقابله لم أكن يومًا زوجة خائنة، نعم أنا أخطأت لكنه لم يلمس هذا الأفتراضي يدى ولم يراني».

فقلت لها ماذا ستفعلين عندما يرى زوجك كل تلك المحادثات التي تلاطفي بها رجلًا آخر ويرى صورك التي أرسلتيها لغريمه، لن تستطيعي إيقاف الشيطان الذي سينفجر برأسه سيفقد إيمانه بنفسه سيشك حتى في أولاده والنتيجة بيت سينهار وفضائح ما كان هناك أبدًا داعي لها.

ولا أجد أمامي سوى أن أهدئ من روعها وأمتص خوفها فهي لا تريد أن يعلم أحدًا، تتمنى أن تدفن كل ما لديها هنا داخل مكتبي تريد أن تستيقظ من هذا الكابوس الذي يهددها بفضح أمرها وإرسال صورها ومحادثاتهما للأصدقاء والأهل.

لقد تعدى الأمر حدود التشهير وأصبح ابتزازًا كاملًا، فها هو المبتز في رسائله يهدد ويطلب أموالًا لوقف تهديده.

وللأسف لو دفعت مرة واحدة لن يتوقف أبدًا وسيستمر في تهديده فهي أصبحت بالنسبة له ضحية سيطر عليها الخوف وستصبح عبده بمعنى الكلمة؛ لنزواته ومرضه.

أعتدت أن أعالج تلك الأمور في سرية كاملة، واتخذ الإجراءات القانونية دون تعريض الضحية لفضح أمرها من خلال الأجهزة المنوط بها ذلك، وأحيانا نلجأ إلى التفاوض والعمل بهدوء وعقلانية مع مصدر التهديد وإزالة الضرر بأقل الخسائر.

أمورًا غريبة جدًا تحدث من خلال شبكات التواصل الإجتماعي الإفتراضي وقع ضحيته آلاف الرجال والنساء على حد سواء. ناقوس خطر يجب أن يحذر منه الجميع، فلا ندرى كيف ولا متى سنكون ضحايا هذا العالم المخيف!

زر الذهاب إلى الأعلى