مريم عرجون تكتب : لغة الضاد أسطورة الخلود
بقلم الكاتبة الجزائرية : مريم عرجون
لغة الضاد أسطورة الخلود:
يَرتحلُ في الكِيَان طَيرُ المَعَانِي فنعب صحة القول منه كاللهب، ويُرشق في القلب حروف تتساقط فوق الكتاب من ورائها العجب فنرتديها جمالا من لسان عربي يتصبب ،ذلك البعث لذي لب وهذا دَمُنا أزكى نسب وكل لسان بعد شعوب الضاد ما هو إلا لسان أعجم و روائع حسنها الأنساب أمم العرب، أمم فاهت بالضاد سُطر بالذهب وليس في ذلك من عجب ، حرف سالوا التاريخ عنه وسالوا ذاكرة الأرض عن ثرانا وما اِستوى في أفقها إلا تاريخ العرب ، تاريخا متصلا بأبو البشرية كلها و تحت منصة اللغة ربٌ علم آدم الأسماء كلها وفي كل دَلاَلَة من دلائل العلى توهجت ورفّت الشفتان خلف اللسان فأسكتت الطائر الرنّام في حضور الطرب ، بَوّاقٌ على الأفاق تمضي فلا بَدِيعها يبلى ولا لسانها يضَجر.
لُغَـةُ العُروبــةِ الساميّة و أم اللغات للحميرية وبابلية وآرامية وعبرية وحبشية فلا شك أنها هي الفكر وهي الهوية حيث ربطت ماضيا ،حاضرا ومستقبلا و مثلت خصائص أمة سايرت عبر التاريخ لشخصيتها العربية وحملت رسالة الإنسانية بمفاهيمها وأفكارها واستطاعت في عصورها الزاهرة أن تستوعب تراث الأمم القديمة من الإغريق والسريان و الفرس وغيرهم وتمكنت أن تكون حضارة إنسانية واسعة نواتها العرب الأسطوانة العربية الممجدة لثقافتهم و حضارتهم التي إستنسخت نفسها انتقالا من أمة إلى أمة عبر الزمن و خطها الرُواةٌ على الكتب وساهمت في إثراء التراث العربي في مجالات الحياة المختلفة وتربعت على لغة العلم ،السياسة ، العمل، التجارة، الفلسفة التشريع ،المنطق ، الأدب ،التصوف والفن ،أحدثت في مسمع اللغات صدى يَكِيل اللسان عن وصفها فتعاظمت مبنية للآخر المجهول ،عربية تبوَّأتْ عرْش اللغات فكانت معجزة الله الكبرى في كتابه المجيد ومن عظيم قدرته اِرتضاها أداة ينادي بها جبريل في المَرْقَى مَرَاقِيْهَا لوحيه المنزل على أكرم رسله محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم، فكانت الحرف الخالد و كاتبة الكتاب التي حباها و اصطفاها الله جل وعلا فهي عنده كاللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ فوقَ السُّحب تشمخ عـزةً حيث تبوأت فوق عرشه مقعدها، لغة لبست ثوب الإعجاز للأمة المسلمة في قرآنها الذي إِعْتَلَى الذروة، حملت الإسلام وما انبثق عنه من حضارات وثقافات على تعدد الدول و تنائي الديار واختلاف الأقطار لغة وحدت العرب قديماً وبها يتوحدون اليوم واستعربت شعوبا ارتضت الإسلام دينًا لها و ابتلعت لغاتهم ، تركوا لغة إلى أخرى وارتضوا بالعربية لسانا وهجروا ديناً إلى دين، وآثرت لغة القرآن.
أمة البيان أمة الوسط جالت حولها الأجرام حافية من عدنان نور ومن قحطان واليوم الثناء ضئيلُ، متى تستعيد من عزها ما مضى لتبقى مسطورة في كل لب لأن الله ما إِجْتَبَاها فينا هَبَاءً ، فسلاما على لغة الضم والتنوين التي تجلس على أطباق الثرى المشهود ، سلاما على النحو والأدب والروايات والبلاغة والخيال المسرود، وسلاما على لغة رفع الله لواها و أخذ لها العهد أن ترث الخلود.
اقرأ للكاتبة ايضا :
مريم عرجون تكتب : العزف على أوتار العقيدة الإسلامية
مريم عرجون تكتب : الإيالة التونسية
مريم عرجون تكتب : فلسطين جنة العطور