أم ماتت وتحلل جثمانها .. وتذكرتها ابنتها بعد شهر ونصف الشهر
أنْ تموت أُمّ، في العقد الثامن من عمرها، و تبقي مكانها حتي تحلّل جثمانها؛ لتتذكّر ابنتها أخيرًا أن تمرّ عليها، بعد شهور من آخر اتصال؛ فتجدها هيكلًا عظميًّا، و بقايا جلد، و بعض العضلات، و الأوتار؛ فإنّ هذه الدنيا الغريبة، حتمًا؛ أوشكت علي نهايتها..!!!
هكذا ماتت الحاجة / نجلاء؛ السيدة الثمانينية القعيدة، التي كانت تتحرك بصعوبة بالغة، مستندة علي عكاز مشي، مخصص للمسنّين ..!!
لقدأثبت الطب الشرعي، في توصيف أسباب الوفاة؛ وجود خلع في مفصل القدم، و كسر بالحوض؛ لقد سقطت الفقيدة أرضًا في ردهة منزلها، و لم تستطع الحركة من مكانها، أو الإستغاثة، أو حتي الوصول لهاتفها، و بقيت علي حالها في انتظار الموت؛ آملةً ألا يتأخّر كثيرًا، إلي أن لقيت ربها؛ لتتذكر ابنتها المرور عليها، بعد شهر، و نصف الشهر من وفاتها؛ فتجدها بقايا جُثمان !!
تُرى فيمَ كانت تُفكّر – حبيبتي – و هي مُلقاة علي الأرض لا حول لها ولا قوة، تصرخ من الألم، ولا مُجيب…؟!!
تُرى فيمَ كانت تُفكّر – حبيبتي – و هي تُحصي الثواني، و الدقائق؛ في انتظار موتٍ قريب؟!!
هل كان لديها بعض الأمل في أن يأتي أحد أبنائها؛ لإنقاذها، أم أنها ماتت بفقدان الأمل، قبل فقدان الروح ؟!!
يااااااااااالله.. كيف وصلنا لهذه الدرجة من الجحود الإنساني..؟! كيف نقتل إنسانيتنا، ثم ننام في هدوء ؟!!
متي امتلكنا – يا ربي – هذا القدر المُذهل من الحقد المرضيّ، و عمي الأبصار، والقلوب، والإهمال، واللامبالاة، ثم ننام في هدوء ؟!! 🙄
متي – يا إلهي – تعلمنا أن نعبث ببقايا أرواح بعضنا البعض، و نصنع من أيّ شيء متاح حولنا سكينًا حادًا؛ نغرسه في خاصرة، حتّي أقرب الناس إلينا، ثم ننام في هدوء ؟!!
ألهذه الدرجة الجحود؟!!