اضطراب الشخصية الحدية عند المشاهير
بقلم.. د. أمانى ويصا
هل عقل الانسان “معجزة”.. أم انه “قنبلة موقوتة”؟ هذا وذاك حسب ما يتم تغذيته به. فكل كلمة تسمعها في طفولتك سيكون لها صدي فيما بعد، تكون شخصيتك وتكرس لسماتها وربما تكون سببا في جعلك مصاب باحد الاضطرابات النفسية التي نراها كثيرا هذه الايام.
وبصراحة أنا لا أتعجب عندما أسمع أخبار و قضايا المشاهير أو الغير مشاهير التي تهل علينا بكثرة وسرعة فقد أصبحت أياما مجنونة مثلنا. وتريند هذه الأيام هو شيرين عبد الوهاب؛ إنسانة بسيطة روحاً و وجدانًا، ابهرتنا بإحساسها الذي له صوت يدخل القلوب و الأفئدة.
تعرفنا على شيرين حين إقتحمت الوسط الغنائي وقدمت نوع خاص بها من الأغاني و العديد من الألبومات.
شيرين التي كانت صوت مصر في وقت من الاوقات قد انتهكت حين قادها شعورها القوي و الملح الي تصديق صورتها عند بعض من حولها اكثر من تصديق صورتها عن نفسها، حين عززت هذا بعشرة انسان في الغالب يتغذى على نقاط ضعفها، حين عادت مرة اخري لانها صدقت ما قاله اكثر من تصديقها لنفسها و احساسها.
هل تستحق شيرين في عز ضعفها كإنسانة وتجردها من صورة الفنانة و الظهور على الميديا عارية الروح تستغيث بجمهورها أن يحكم عليها بقسوة؟ هل فعلا تستحق هذا الهجوم؟ هل تتصور انها، وجوني ديب أيضا، مجرد مشاهير يستمتعون بالبروباجاندا؟
كل هؤلاء المذكورين وغيرهم كثيرين مصابون غالبا باضطراب شهير وأصبح الأكثر إنتشارا هذه الأيام وهو اضطراب الشخصية الحدية.
ولسوء الحظ ان اصحاب هذا الاضطراب لا يقاومون الانجذاب الفطري الذي ينشآ بينهم وبين اصحاب الشخصية النرجسية. كثيرا مننا في بعض الاحيان لا يستوعب كيف لانسان لديه الكثير من المميزات كالشهرة او الجمال او الذكاء أن يقوم بإنهاء حياته أو يقبل على الانتحار.
هل السبب هو الاكتئاب؟ وماذا عن الآخرين الذين يقومون بأشياء فيها قدر كبير من الاندفاع تؤدى إلي أذيتهم؟
والبعض الأخر الذي يقبل الاستمرار في علاقات سامة بدون سبب؟ كلمة السر هي اضطراب الشخصية الحدية.
الكلمات الشهيرة التي يرددها الناس المحاطين بهذا النوع من البشر “حب نفسك” .. “ليه كده تؤذي نفسك” والسؤال هل هذا الإنسان قادر فعلا علي هذا؟
اضطراب الشخصية الحدية من أصعب الاضطرابات لانه أشبه بالمشي على حبل رفيع في الهواء. مريض هذا الاضطراب يعاني من عدة أشياء مؤلمة تتراوح نسبتها من شخص لأخر.
من أبرز أعراض هذا الاضطراب هو الخوف من الفقد، عدم وجود صورة ذهنية واضحة عن شخصية المريض لنفسه، الاندفاعية و المخاطرة، الدخول في علاقات غير مستقرة والمزاجية الشديدة خلال أيام أو ساعات.
هم أشخاص في قمة الفوضى، قمة المرح، قمة الكآبة، قمة الطيبة، قمة الإحساس. اشخاص نادرا ان يتفق عليهم اثنان. هم جذابين جدا ويجذبون بالأخص اصحاب الشخصية النرجسية، فهم مثل العاشق و المعشوق.
فالشخص النرجسي غالباً تري منه كل ود واحترام وشهامة واهتمام، شخص لا تري به عيب واضح، تقول عنه “إنسان مفيهوش غلطة” أو “لقطة”. أصحاب الشخصية النرجسية لا و لن يتوقفوا عن محاولات كثيرة للاستحواذ على اي شيء أو شخص أو فرصة.
هم يرون أنفسهم أعظم الناس في محيطهم ولن يستريحوا الا لو حققوا الفوز ذلك ان لديهم شعور عميق بالنقص كامن بداخلهم لا يراه سواهم. تنجذب هذه الشخصية الي أصحاب الشخصية الحدية عادة إذ تري فيها كم هي تائهة عن هويتها فتنتهز الفرصة في البداية لتقمص دور المنقذ و الأمين على أسرارها وعيوبها، ثم ماذا؟ الاجابة واضحة لا شئ.
فالاستحواذ هو الهدف. الشخص الحدي ينجذب للنرجسي اذ يري فيه الاحتواء و الغيرة المريضة التي يترجمها حب. الشخص الحدي الذي يرتعب من فكرة الهجر او الفقد يخضع لقوانين النرجسي وسيطرته والا سوف يتركه. اذا فهي علاقة مغناطيسية الشخصية الحدية تملأ نقص النرجسي وهو يملأ حالة الفوضى الداخلية و الاحتياج العاطفي لديها.
هل توصلت عزيزي القارئ الى ربط ما نراه بما لا نراه؟
كل هذه القضايا التى تنهال علينا من وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي مشاكل ناس عادية مثلنا، فعندما تسمع عن تريند جديد يشبه هذا النوع من القضاي تذكر عقلك وضميرك قبل أن تفتح فمك، قبل ان تصدر احكاما علي الآخرين لربما يوما كنت انت ذاتك في نفس موضعهم.