مقالات

د.أمانى ويصا تكتب: وزير بلا أنياب

كان خروج وزير التربية والتعليم د. طارق شوقي من التشكيل الوزاري في التعديلات الوزارية الاخيرة الخبر الاكثر جدلا في الشارع المصري. تباينت الآراء حول القرار ما بين سعيد برحيله لعدم رضاؤه عن أداء د. طارق إبان فترة توليه أعمال الوزارة وبين حزين علي ضياع مشروع هو الأهم والاخطر تأثيرا علي مستقبل مصر إذ ان التعليم هو حجر الزاوية في تقدم اي أمة.

انا من الناس التي دعمت د. طارق شوقي طوال فترة توليه الوزارة بكل قوة وكنت ومازلت مؤمنة بمشروعه في إيجاد منظومة تعليمية منضبطة ومتطورة تغير وجه الحياة في مصر وتضعها في مصاف الدول المتقدمة. لكن الوزير فشل في مهمته للاسف ولأن فشله سيكون له تأثيرا سلبيا علي مستقبل التعليم في مصر دعونا نناقش اسباب وصوله الي هذه النتيجة.

أي مسئول في أي منظومة يحتاج إلي أدوات لتنفيذ خطة العمل التي يضعها لهذه المنظومة. اهم هذه الأدوات هم البشر التي ستتولي تنفيذ تلك الخطة لتحويل الفكر إلي فعل علي أرض الواقع.

وحتى يتمكن المسئول من إدارة هؤلاء البشر يحتاج إلي بعض السلطات التي تمنحة القدرة علي تفعيل مبدأ الثواب والعقاب، فهل كان د. طارق لديه هذه السلطة؟ الحقيقة أنه، واي وزير آخر، كانت يديه مكبلة بقانون عمل لا يسمح له بالاطاحة بمن يعرقل تنفيذ مشروعه المتطور.

فكلنا يعلم جيداً أن الموظف الحكومي في مصر محمي بمجموعة من القوانين تمنع محاسبته علي الإهمال او عدم الإتقان في عمله. فأنت لا تستطيع انهاء خدمته ولا حتي نقله من مكان لآخر مهما اهماله او تقاعسه عن أداء مهام وظيفته. وللاسف الامر في حالة د. شوقي كان مأساويا. فالرجل كان يواجه بتيارين يناهضان ويحاربان بشراسة فكره وحلمه في التطوير لانه يضر ويضرب بمصالحهما عرض الحائط.

التيار الأول هو تيار الإخوان وهو تيار شبه مسيطر علي الوزارة بداية من الكادر التعليمي امتدادا الي الكادر الإداري وكان هذا التيار يري ان المشروع التنويري المتطور المحفز للعقول علي التفكير هو عدو يجب وأده في مهده.

والتيار الثاني هو تيار الفساد الذي استشري في مجال التعليم ومصالح المرتبطين به تتكلم عن مئات الملايين التي سيخسرها هؤلاء اذا نجح د. طارق في مهمته فكان لزاماً عليهم محاربته بكل قوة. وقف د. طارق مكتوف الأيدي امام التيارين ربما لضعف قدراته الإدارية ولكن الأكيد ايضا لضعف القوانين التي تخول له محاسبة طيور الظلام بالوزارة.

الدرس الاول الذي يجب أن ننتبه له من قصة د. طارق شوقي هو ان اي وزير لديه مشروع وحلم في تطوير أداء وعمل وزارته يجب أن يستثني من أعمال تلك القوانين المكبلة له وعلي الدولة أن تطلق يده في التعامل مع مرؤوسيه في مدة زمنية يحددها للوصول الي النتائج المرجوة وتنفيذ مشروعه ثم تحاسبه بعد تلك الفترة حسابا حقيقيا في حالة فشله عن أي إهدار للمال او الوقت حتي لو ادي ذلك الي الحكم عليه بالسجن جراء ذلك الاهدار.

والدرس الثاني هو أن قانون الخدمة المدنية ملئ بالعوار ويجب مناقشته وتغييره تماما ليعطي للمسئول الحق في محاسبة الموظف المهمل او المنحرف حسابا يجعله يفكر الف مرة قبل أن يقصر او ينحرف.

زر الذهاب إلى الأعلى