مقالات

د. أمانى ويصا تكتب: حديث المدينة ومواقع التواصل

حديث المدينة للمحاور الفذ مفيد فوزي كان من ابرز البرامج التي يقدمها ماسبيرو في فترة التسعينات وبدايات الألفية الثانية. حظي هذا البرنامج باعلي معدلات المشاهدة والمتابعة لانه كان يمثل بانوراما مرئية لأحداث الاسبوع التي مرت مجمعة ومصحوبة بتغطية مميزة للإعلامي المخضرم في مجاله.

كان هذا البرنامج كأنه ارهاصة واستشراقا لظهور مواقع التواصل الاجتماعي بعد ذلك بعدة سنوات، إذ اننا بنظرة متعمقة للأمر سنلاحظ ان هناك تشابها كبيرا بين محتوي البرنامج ومحتوي السوشيال ميديا، فكلاهما يلقي الضوء علي الاحداث التي يهتم لها المواطن ويتابعها ولديه شغف لمعرفة تفاصيلها وآخر تطوراتها.

بظهور السوشيال ميديا تغيرت اشياء كثيرة في الاعلام ومحتوي البرامج بل وفي حياتنا. فلم يعد للبرامج الاخبارية نفس الجاذبية ولا الأهمية إذ ان معظم معدي تلك البرامج يستقون أخبارهم من مواقع التواصل نفسها فلم يعد محتواها مصدرا لجذب المشاهد اللهم الا اذا كان هناك ضيفا ذائع الصيت ذو حضور وشعبية كبيرة.

تعدي تأثير مواقع التواصل ذلك ليجعل إيقاع الحياة اكثر سرعة وحدة. الاخبار أصبحت تشد القارئ بشدة ولكن مفعولها واستمرار تأثيرها صار قصيرا جدا، فكل يوم بل كل ساعة وكل لحظة هناك جديد مثير يشد القارئ. أعطت مواقع التواصل القارئ الفرصة للتعبير عن نفسه وعن آرائه والتعليق علي الاحداث سواء علي صفحته الخاصة او علي الخبر نفسه وربما تكون هذه اهم واخطر ميزة للسوشيال ميديا.

فتعظيم دور المتلقي حاز إعجاب ورضا رواد مواقع التواصل فصار التعبير عن الرأي والنفس له اكثر من طريقة وأسلوب ما بين كتابة الرأي في صورة منشور او في نصف كلمة علي شكل تويتة ثم تطور الي تسجيل مقاطع مصورة حتي وصل الي التحول لمقهى يتجاذب فيه المشاركون أطراف الحوار والنقاش في آخر إصدارات السوشيال ميديا الا وهو الكلوب هاوس.

كما أن للسوشيال ميديا العديد من المزايا، فإن المساوئ ايضا جاءت خطيرة التأثير. منها انفتاح العالم بعضه علي بعض انفتاحا غير قابل للرقابة او التحجيم وهو ما يؤثر بشدة علي قيم وموروثات الشعوب الثقافية والاخلاقية، بل ان انفتاح طبقات المجتمع بعضها علي بعض كان له آثار سلبية علي روادها.

فأنت تستطيع أن تشهد مثلا سلوكيات مرتادي الساحل الشمالي المرفهة وتتعرف علي الأماكن التي يذهب إليها طبقة معينة في المجتمع بينما انت لا تستطيع أن تغطي نفقات بيتك وهو الامر الذي له تأثيرات سلبية جدا علي الناس وخاصة قطاع الشباب.

نهاية فإن مواقع التواصل شأنها شأن كل ما يمر علينا في الحياة، فيها ما ينفع ويفيد وفيها ما يؤذي ويضر والقرار لك انت ايها القارئ.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى