مقالات

رمضان ” الأخضر”  

الكاتب الكبير / عبد المنعم السلموني

غالبًا ما تستلزم وجبات الإفطار الرمضانية الجماعية، سواء على موائد الرحمن أو في المساجد، استخدام الأواني المخصصة للمناسبات الجماهيرية، مثل السكاكين والشوك البلاستيكية، إلى جانب زجاجات الماء.
ولكن لتشجيع المسلمين على أن يكونوا أكثر وعياً بتأثير رمضان على البيئة، تقوم المساجد في الخارج بتوزيع المواد ذات الاستخدام الواحد، مع حظر البعض استخدام البلاستيك تمامًا.
تقول نورزهرا زيدي، أستاذ مساعد التاريخ ، بجامعة ماريلاند، مقاطعة بالتيمور: بصفتي مؤرخة للإسلام، أرى أن “تخضير” رمضان يتوافق تمامًا مع روح العقيدة. شهر رمضان -الذي يمتنع المسلم خلاله عن تناول رشفة ماء أو لقمة طعام من الشروق إلى الغروب -هو الوقت المناسب لتطهير النفس ضد التبذير والمادية.
تضيف، في مقال لها على موقع كونفرسيشن، إنه في السنوات الأخيرة، استغلت المجتمعات المسلمة حول العالم هذه الفترة للتركيز على الوعي الاجتماعي. وهذا يشمل فهم مخاطر التبذير وتأكيد الصلة بين رمضان والوعي البيئي.
على سبيل المثال، شجع المجلس الإسلامي في بريطانيا الحظر المفروض على البلاستيك، كطريقة للمسلمين “ليكونوا على دراية بخلق الله والعناية بالبيئة”.
وهناك العديد من المساجد والمراكز الأخرى لا تشجع على تناول الوجبات الكبيرة أو الباهظة، فمثل هذه الأحداث الجماعية تولد الكثير من بقايا الطعام وتتسبب في الاستهلاك المفرط وغالبًا ما تعتمد على مواد غير قابلة للتحلل لأدوات المائدة وأطباق التقديم.
لطالما شدد العلماء على المبادئ التي حددها القرآن والتي تسلط الضوء على الحفاظ  على الكائنات الحية وتنوع الكائنات الحية كتذكير بخلق الله.
في الآونة الأخيرة، سلط نشطاء البيئة الإسلاميون الضوء على الأحاديث النبوية التي تحث المسلمين على تجنب التبذير، واحترام الموارد والكائنات الحية، والاستهلاك باعتدال.
ورغم وجود روابط الإسلام بالبيئة منذ بداية الرسالة، إلا أن هذه الروابط حظيت برؤية كبيرة من خلال أعمال المفكرين المسلمين، ونتيجة للأزمة الروحية لدى الإنسان المعاصر. 
ويلقي علماء الإسلام باللوم على العلوم الحديثة والغربية لكونها مادية ونفعية وغير إنسانية، وتسببت في دمار وجهات النظر التقليدية عن الطبيعة. ويجادل هؤلاء العلماء بأن الفلسفة الإسلامية تؤكد على الأهمية الروحية للطبيعة. لكنهم يشيرون إلى عوامل معاصرة، مثل الهجرة الجماعية من الريف إلى الحضر والقيادة الفقيرة، منعت العالم الإسلامي من تطبيق الرؤية الإسلامية للبيئة الطبيعية.
في عام 1994، تم إنشاء المؤسسة الإسلامية للبيئة والعلوم البيئية، في برمنجهام بإنجلترا، وهي تكرس نشاطها للحفاظ على كوكب الأرض كموطن صحي لجميع الكائنات الحية. 
بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ابتكر كبار العلماء المسلمين مشروع الميزان، وهو مشروع عالمي للقادة المسلمين المهتمين بالتزامات المسلمين الدينية تجاه الطبيعة. كتب فضلون خالد في كتابه “إشارات على الأرض: الإسلام والحداثة وأزمة المناخ”: “إن روح الإسلام هي أنه يدمج الإيمان بقواعد سلوكية تهتم بجوهر العالم الطبيعي”.

زر الذهاب إلى الأعلى