يحدٌث في أمريكا.. الذٌعر المصرفي

د/ عثمان فكري يكتب
الأسواق المالية حول العالم وأسواق الأسهم والسندات اهتزت بشدة على الرغم من تطمينات الرئيس الأمريكي بايدن التي أكد خلالها أن النظام المالي في الولايات المتحدة في أمان بعد أن اضطر البنك الفيدرالي الأمريكي لحماية إيداعات العملاء بعد انهيار بنكي سيليكون فالي وسيجنيتشر وتعهد بايدن باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية النظام المصرفي، ولكن هذا لم يمنع المخاوف والاضطرابات التي شهدتها أسواق المال ومخاوف أخرى حيال امكانية انهيار مٌقرضين آخرين مٌتأثرين بتبعات انهيار هذين البنكين وهو ما أدى بالطبع إلى هبوط حاد في أسهم البنوك على مستوى العالم، ومنها أسهم بنك سانتاندر الإسباني وكوميرسبانك الألماني بحوالي 10 في المئة دفعة واحدة كما عانى عدد من البنوك الأمريكية الأصغر حجمًا من خسائر أكبر من بنوك أوروبية رغم إعلان جميع البنوك لعملائها بأن لديها سيولة أكثر من اللازم توفر لها الحماية من الصدمات وأدت تلك التذبذب إلى ظهور تكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يوقف خطته للاستمرار في رفع الفائدة بشكل مؤقت وهي الخطة التي يتبعها الفيدرالي منذ فترة طويلة بهدف السيطرة على التضخم..
والحكاية بدأت عندما قامت الجهات الرقابية الأمريكية بإغلاق بنك “سيليكون فالي”، وسيطروا على ودائع العملاء في أكبر انهيار لبنك أمريكي يحدٌث منذ عام 2008 وجاءت هذه الإجراءات في الوقت الذي كان يسعى فيه بنك سيليكون فالي وهو مٌقرض رئيسي في مجال التكنولوجيا بكل السبل لجمع الأموال لسد خسارة من بيع الأصول المتأثرة بأسعار الفائدة المرتفعة وفشل في ذلك وهو ما أشاع الفزع في أسواق المال والبنوك حول العالم..
وعلى الفور خرج المسئولون في إدارة بايدن للإعلان عن قيامهم بالتحرك من أجل “حماية المودعين المؤمن عليهم” وأن بنك سيليكون فالي والذي يقع مقره الرئيسي في كاليفورنيا واجه نقص السيولة مما أدى إلى إفلاسه وأن المؤسسة الفيدرالية الأمريكية للتأمين على الودائع التي تحمي عادةً الودائع التي تصل إلى 250 ألف دولار أنها تحملت حوالي 175 مليار دولار من الودائع المحتفظ بها في البنك والذي يأتي في المرتبة السادسة عشر بين أكبر البنوك في الولايات المتحدة الأمريكية وأن فروع البنك قد فتحت أبوابها من جديد أمام العملاء الذين لديهم ودائع مؤمنة للوصول إلى ودائعهم وأن الأموال التي سيتم جمعها من بيع أصول البنك ستذهب إلى المودعين غير المؤمن عليهم..
والانهيار حدث بعد أن حاول بنك سيليكون فالي جمع مبلغ 2,25 مليار دولار لتعويض الخسارة الناجمة عن بيع الأصول وخاصة السندات الحكومية الأمريكية والتي تأثرت بشكل سلبي نتيجة رفع الفائدة.. وهو ما أدى في النهاية إلى فرار المستثمرين من البنك.. وهلع وذعر في الأوساط المصرفية والمالية على مستوى العالم ومخاوف من حدٌوث حالة من “الذعر المصرفي” داخل أمريكا وهو يحدٌث عندما يخشى الناس من أن تكون ودائعهم “في خطر” مما يؤدي إلى عمليات سحب متزايدة من البنوك وفي وقت واحد والذٌعر المصرفي قد يصيب حتى البنوك “التي تتمتع بصحة جيدة” لأن عمليات السحب المتزايدة تقود في النهاية إلى إفلاس العديد من البنوك والشركات..
وللحديث بقية