السودان وسيناريو المشهد الليبي ..تقرير
بدا أن المشهد الليبي بتعقيداته بدأ يلوح في أفق السودان، وسط اقتتال دامي بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، التي يقودها حميدتي.
فعلى الرغم من مرور نحو 48 ساعة من بدء الاقتتال بين الطرفين، إلا أن الجيش لم يستطع إخماد ما يسمه تمردًا عسكريًا يستهدف الاستيلاء على السلطة، رغم الفارق في العتاد والجنود لصالح الجيش. وهنا يطل برأسه شبح الانقسام العسكري، في ظل أنباء تؤكد سيطرت قوات الدعم على إقليم كوردفان والنيل الأزرق.
ومن المؤكد أن تفاعل القوى المدنية السودانية مع طرفي الأزمة، وبدأ تأييد طرف على حساب الأخر، سيعقد المشهد، ويدفعه نحو السيناريو الليبي، انقسام عسكري، وانفراد كل طرف بمنطقة ومعه زمرة من التيار المدني يؤيده على أمل الانتفاع وتحقيق مكاسب.
لذلك فإن وحدة المكون المدني الآن، فرض عين بعد الاشتباكات المسلحة بين أطراف المكون العسكري، وأن الحياد بين أطراف العسكري أساسي، وأن الجيوش الوطنية التابعة للدولة يتم إصلاحها وليس تفكيكها.
موقف إيجابي
وحتى اللحظة لم يؤيد أي طرف مدني أحد طرفي النزاع المسلح، بل إن مطالبات الجميع بإيقاف الحرب والاحتكام إلى صوت العقل.
عضو المجلس المركزي لحزب المؤتمر السوداني، القيادي في قوى الحرية والتغيير، فؤاد عثمان اعتبر أن: “الاتفاق الإطاري كان يسير في الإطار الصحيح لحل كل المشكلات، ومن بينها تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، والعدالة الانتقالية، وتقييم اتفاق سلام جوبا مع كل أصحاب المصلحة، وقضية إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية”.
وأضاف في حديثه مع موقع “الحرة”: “بينما كنا نحل تلك القضايا للتوصل إلى توقيع الاتفاق النهائي كان فلول النظام البائد وأنصار البشير يقرعون طبول الحرب ويعملون بكل جهدهم لقطع الطريق على الوصول لاتفاق نهائي وكانوا يجرون البلاد إلى الحرب لمواجهة شاملة بين الجيش وقوات الدعم السريع”.
وأقر بأنه كانت هناك عقبات بالفعل بين طرفي الصراع الحالي، تتعلق بنقطتين في ملف دمج الدعم السريع في الجيش.
وقال: “نحن في القوى المدنية نرى أنه حتى يكون لدينا جيش مهني، يجب علينا أن ننهي ظاهرة تعدد الجيوش، ويتم دمج الدعم السريع في القوات المسلحة”.
وأوضح أنه “كان هناك خلاف في المدة الزمنية التي يجب دمج فيها الدعم السريع في الجيش، حيث كان البرهان يرى أنه يجب أن يحدث الدمج خلال الفترة الانتقالية أي خلال سنتين، أما حميدتي فكان يرى أنه يجب ان تكون عشر سنوات، وكان هناك حوار عميق بين المؤسستين لحل الخلاف”.
وأضاف: “برزت مشكلة تخص القيادة والسيطرة للقوات النظامية، إذ كان الجيش يطالب أن تكون قوات الدعم السريع تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة وليس القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو رئيس مجلس السيادة في المرحلة الانتقالية، الذي كان من المفترض أن يكون مدنيا”.
وتابع: “كدنا أن نصل لحلول بخصوص هذه المسائل، واقترحنا تأجيلها إلى ما بعد تشكيل حكومة مدنية، لكن انطلاق الرصاص، وهو أمر مؤسف، حال بين توقيع الاتفاق النهائي، وهو ما يحتم علينا أن نعمل بكل جهد لوقف إطلاق النار فورا ووقف التصعيد”.
ودعت قوى سياسية في السودان، قوات الجيش والدعم السريع إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري، بعد تصاعد حدة الاشتباكات بين الطرفين في الخرطوم وغيرها من ولايات البلاد.
ودعت القوى المدنية قيادة القوات المسلحة السودانية والدعم السريع لوقف العدائيات فورًا وتجنيب البلاد شر الانزلاق لهاوية الانهيار الشامل.
وتابعت القوى في بيانها “إن هذه اللحظة مفصلية في تاريخ بلادنا وتتطلب الحكمة والتعقل ووضع الوطن أولًا وأخيرًا، فهذه حرب لن ينتصر فيها أحد وسنخسر فيها بلادنا إلى الأبد”، مناشدة الأسرة الدولية والإقليمية للمساعدة عاجلًا في وقف هذه المواجهات الدموية، والامتناع عن أي فعل يؤجج الصراع ويزيد اشتعاله”.
وأوضح البيان “نؤكد لشعبنا الصابر المثابر إننا سنواصل الجهد لمنع انزلاق بلادنا لهاوية الاحتراب الشامل، ولن نسمح لأي جهة بأن تضيع هذه البلاد العزيزة علينا جميعًا”.
قالت هذه القوى إنها سعت “لدرء لدرء الفتنة وتجنيب البلاد ويلات الحرب حتى وقت مبكر من فجر اليوم بلقاء مع القائد العام للقوات المسلحة السودانية توصلنا فيه لتشكيل آلية لتخفيض التوتر”.