مقالات

من آن لآخر…خدمة وابتسامة

الكاتب الكبير/ عبد الرازق توفيق

«تسويق الإنجاز».. الطريق إلى تحقيق الرضا.. وتأهيل وتدريب مقدم الخدمة.. أمر غاية فى الأهمية

خدمة وابتسامة
 
لا يتعلق الأمر فقط بكفاءة وجودة الخدمة المقدمة للعميل ولكن بكيفية وطريقة تقديمها، وذلك يمثل قيمة مضافة على جودة وروعة الخدمة، وهو ما يركز عليه القطاع الخاص جيداً، فى كافة المجالات والقطاعات سواء فى شكل وتصميم العبوة، أو مواصفات الشخص الذى يقوم بأداء الخدمة سواء فى المظهر أو اللباقة والابتسامة والرقة والانسانية والأسلوب المهذب الجذاب حتى راح البعض يرسخ مبدأ تسويقيا مهماً أن الزبون دائماً على حق، وربما تجد شركات، تنتظر عميلها بالورد، وابتسامة رقيقة وعريضة، ومعاملة متحضرة تفوح منها روائح الرقى والانسانية، فى القطاع الخاص انت مجبر على تقديم هذه الاشياء التى تتكامل مع جودة الخدمة.. وهو ما يحقق رضا وقبول العميل وسعادته.
الحقيقة أننا نحتاج فى مؤسسات الدولة التى تتعامل مع الجماهير والمواطنين إلى تطبيق هذه المبادئ والأساليب الإنسانية الراقية التى تستطيع أن تسوق جهوداً خلاقة تبذلها الدولة بتفانٍ وإخلاص وجودة أرقى من الموجودة فى القطاع الخاص حيث توفر الدولة كافة الامكانات والميزانيات والأدوات لإرضاء مواطنيها وتوفير احتياجاتهم بأرقى وأجود ما يكون، لكن ماذا ينقصنا؟
فى ظل جهود الدولة ونجاحاتها وإنجازاتها وتغيير مفهوم وطريقة تقديم خدماتها للمواطنين والحرص على الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة لهم، إلا أن هناك مشكلة هى العنصر البشري، فهناك حقيقة ومنطق متجذر أن الموظف الحكومى ضامن مرتبه وحوافزه ومكافآته ومزاياه، ومطمئن لها تماماً وهذا حق، لكن فى المقابل، هل يحرص على تسويق الخدمة التى يقدمها بأعلى جودة وبطريقة انسانية تفوح منها روائح لمسة العلاقات العامة، والحرص على إرضاء المواطن والرفق به وتحقيق مطالبه والاستماع إليه، وتسريع هذه الخدمة ورسم ابتسامة على الوجه حين مقابلة هذا المواطن.. الحقيقة أن هذا الأمر غائب فى كثير من الأحيان حتى لا نظلم أحداً، فبعض الموظفين يتعاملون بتجهم، وغلظة وقسوة وإبطاء للخدمة وأحياناً بتجاهل للمواطن.
الخدمة فى أعلى جودة وكفاءة لكن مقدمها تنقصه الكثير من المقومات، لذلك مع حالة التطوير والتحديث غير المسبوق، وتوفير كافة الامكانات لضمان أعلى جودة لابد من التركيز على تأهيل وتدريب العنصر البشرى على طريقة التعامل مع الجماهير والمواطنين بما يحقق رضاهم وارتياحهم.. فوجود هذا العنصر مع جودة الخدمة سوف يحقق الرضا والقبول وهو أمر حساس وضرورى للتسويق لهذه الإنجازات غير المسبوقة التى هدفها المواطن نفسه.
أعلم أن هناك قاعات فى المستشفيات على سبيل المثال، ربما تكون فيها محاضرات علمية ومهنية لتدريب الأطباء وأطقم التمريض على التخصصات لكن لابد أن تكون هناك دورات ومحاضرات تستهدف تنمية وتعظيم الشق الإنسانى والتعامل مع المواطنين ولابد أن يكون كل من يعمل فى أى مؤسسة ملتزماً بروح موظف العلاقات العامة، فالابتسامة لابد أن تكون جزءاً من وجهه، مع الرقة فى التعامل، والاستجابة للراغب فى الخدمة بأسلوب تبدو فيه البساطة والانسانية فهناك بعض الممرضات، يتجاهلن على سبيل المثال أنات المريض، ويضعن «ودن من طين وأخرى من عجين»، وهناك موظفون يتعاملون باستعلاء وقسوة وغلظة مع الجماهير رغم أن الدولة تمنحهم كافة الامتيازات من المرتبات والحوافز والمكافآت والإضافي، ولو أن هذا الموظف يعمل فى القطاع الخاص سوف يعاقب لذلك لابد أن يكون مدير العمل ملماً بهذه المبادئ والشق الإنسانى وطبيعة التعامل الراقى مع الجماهير، حتى يراقب تصرفات وتعاملات وسلوكيات المرءوسين والموظفين مع المواطن.
تخيل أن المواطن دخل إلى مكان لتقديم الخدمة ووجده فى أزهى صورة وبتطوير وتحديث وجودة عالية بمعنى «حاجة تشرح القلب» لكن مع أول وهلة للتعامل مع الموظفين يصاب بالإحباط، الموظف مشغول عنه، لا يبالى بمطالبه وندائه، لا يجيب عن استفساراته فما بالنا لو هذا حدث فى المستشفيات، تستطيع أن ترى ذلك فى المحافظات البعيدة عن العاصمة بوضوح، الموظف «مش طايق حد يكلمه» رغم أن طبيعة عمله تفرض عليه الفصل بين حالته النفسية وطبيعة تعامله مع الجماهير.
لكن ما الحل.. أعتقد أن الجانب التأهيلى والتدريبى والعلمى مهم لإكساب الموظفين والمتعاملين مع الجماهير القدرة على التواصل والتعامل الراقى والإنسانى مع المواطنين بالاضافة إلى ترسيخ مفهوم الإدارة والمسئولين فى المؤسسات الخدمية أن يكون بين الناس من الوزير وحتى أصغر مدير للاطمئنان على أن جهود الدولة ونجاحاتها وإنجازاتها تحقق الأهداف المرجوة والمطلوبة، لذلك أنادى دائماً بأهمية المتابعة والزيارات الميدانية للوزارات الخدمية مثل الصحة والتموين والتعليم للمحافظات للوقوف على جودة تقديم الخدمة، وأداء الموظفين وتعاملهم مع المواطنين، ولابد من زيارات ميدانية لمستشفيات الصعيد والوجه البحرى والمناطق النائية، والمناطق ذات الكثافات السكانية حتى نطمئن على تحقيق هذه الأهداف، ونضمن التسويق الجيد لجهود ونجاحات الدولة من أجل المواطن والوصول إلى حالة الرضا لدى المواطنين تجاه الخدمات المقدمة، والتى لا تنقصها الامكانات أو الجودة ولكن الأمر يكمن فى طبيعة وسلوكيات وطريقة تعامل من يقدمون هذه الخدمات.

تحيا مصر

زر الذهاب إلى الأعلى