رجال من ذهب
الكاتب أ / عبد الوهاب عدس
الإسماعيلية مدينة مختلفة.. ليس فقط بموقعها المميز.. ولا بجمال شواطئها.. وسحر حدائقها.. ولكن بعظمة رجالها وأبنائها.. لقد سطروا بطولات نادرة.. توقف أمامها التاريخ طويلا.. فى نصر أكتوبر المجيد.. بعد 50 عاما يمر أمامى شريط البطولات.. بطولات أذهلت العالم.. بطولات محفورة فى الأذهان والوجدان لا يمحوها الزمن.. بطولات نقدمها لمختلف الأجيال.. ليعرفوا أن لدينا رجالاً من ذهب.. ولتكن البداية مع الشهيد رائد طيار السيد محمد سليمان بخيت.. الأول على دفعته فى الكلية الجوية.. بعد تخرجه فى كلية التربية الرياضية.. التحق بالجوية.. ليصبح واحداً من اعظم صقور السماء.. كان الرائد طيار بخيت.. من أوائل شهداء مصر فى حرب أكتوبر.. بعد أن قام بتنفيذ مهمته بتحطيم وإبادة لواء دبابات للعدو الإسرائيلي.. لاحظ وهو فى طريق عودته.. ان بعض الدبابات تعيد تجميعها مرة أخري.. كانت الذخيرة قد نفدت من الرائد طيار السيد بخيت.. وصدرت له التعليمات بالعودة.. تصوروا.. لم يفكر الرائد طيار بخيت فى العودة بسلام.. إنما قرر العودة لضرب وابادة هذه الدبابات التى تعيد تجميع نفسها.. ولأنه بدون ذخيرة.. قرر أن يكون هو وطائرته الذخيرة.. هبط مندفعا بأعلى سرعة.. فوق هذه الدبابات.. ليوقف تجمعها وتقدمها.. مضحيا بنفسه وبطائرته وعمره كله من أجل وطنه.. ليستشهد السيد بخيت وعمره 28 عاما.. ويضيف لنفسه أرفع الأوسمة والنياشين.. الشهادة.. أمامى نموذج آخر.. الرائد السيد أحمد الحجف.. مساعد كبير معلمى مدرسة الصاعقة.. أحد أبطال معركة رأس سدر.. استشهد يوم ٢٢ اكتوبر.. نتيجة شاظية من قنابل مدافع العدو.. اخترقت صدره.. ليستشهد بعد بطولات نادرة قدم حياته ثمنا لها.. أمامى نموذج آخر.. يستحق ان تسجل بطولته كل كتب البطولة والفداء والتضحية.. انه الشهيد عريف مجند عمر حسن الفرك.. ابن قرية نفيشة.. خريج كلية التربية الرياضية.. حاصل على وسام نجمة سيناء.. كانت إحدى نقاط خط بارليف الحصينة.. قد ابيدت بالكامل.. عدا مدفع هاوتزر.. لم تفلح كل أسلحة قواتنا فى اسكاته.. فكر عمر حسن الفرك.. فى اعظم طريقة لإيقاف هذا المدفع.. بأن يكون هو نفسه الوسيلة القوية لإسكاته.. طلب من زملائه.. ان يلفوا جسده بالديناميت.. ليفجر نفسه بالمدفع.. تصوروا.. قدم نفسه مضحيا بروحه من اجل بلده.. رفض الزملاء حرصا على حياته.. كما رفض قائده.. جاء رد عمر حسن الفرك.. قويا شجاعا.. إذا لم تلغموا جسدي.. فسوف اقوم انا شخصيا بتلغيم نفسى بنفسي.. ماهذه التضحية وهذه الروح النادرة.. انها روح اكتوبر التى صنعت اعظم نصر يسجله التاريخ.. يقف البطل الفرك ابن قرية نفيشة.. الإسماعيلاوى فى شموخ العظماء.. رافعا رأسه للسماء.. فى انتظار الشهادة بكل رضا وقناعة.. والزملاء يلفون جسده بالديناميت.. ينطلق البطل وبكل هدوء يصعد الى مكان المدفع الحصين ليحتضن ماسورته.. مفجرا نفسه بالمدفع ليسكته للأبد.. مسجلا اعظم بطولة تشهدها قوات عسكرية فى التاريخ.. أمامى نموذج آخر من هؤلاء الابطال الشهيد رائد يحيى محمد الصولي.. احد ابطال معركة القنطرة شرق.. كان يتقدم قواته.. وعند دخولهم القنطرة شرق.. كان يحيى الصولى اول من دخلها.. ولكنه كان ايضا اول من استشهد من أجلها.. أمامى نموذج فريد من أبناء عزبة أبوعمر بأبوصوير الإسماعيلية.. البطل عبدالجواد سويلم من اعظم رجال الصاعقة.. هذا البطل أصيب بصاروخ مباشرة.. فقد ساقه ويده اليمنى وفقد عينه.. وبالرغم من ذلك.. طلب إعادته لأرض المعركة!! وأمامى الرائد الشهيد أحمد حسن القرعلي.. ابن عائلة القرعلي.. أحد نجوم حرب أكتوبر.. من أول شهداء النصر.. قدم روحه فداء وطنه.. واللواء على جمال.. أحد أبطال الصاعقة.. ضمن الموجة الأولى التى عبرت القناة.. هذا البطل.. أصيب فى العمود الفقري.. نتيجة احدى عمليات خلف خطوط العدو.. ونقل للعلاج فى القاهرة.. وتم عمل قميص من الجبس.. أصر على العودة لميدان القتال.. وبالفعل عاد ليقدم النموذج والقدوة فى التضحية فداء للوطن.. حصل على عدة أوسمة ونياشين.. هؤلاء رجال فعلا من ذهب.. والمقال القادم نستكمل بإذن الله.. بطولات رجال من ذهب.. من أبناء بلدى الإسماعيلية.