صحيفة “دتش نيوز” : دراسة هولندية تكشف عن سبل تعزيز الأمن الغذائي في مصر
شهدت مصر نموًا ملحوظًا في القطاع الزراعي على مدار الستين عامًا الماضية ويساهم القطاع بنحو 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي و18 في المائة من عائدات التصدير كما أن القطاع الزراعي يوظف 20 بالمائة من إجمالي القوى العاملة في البلاد.
وتكثف مصر جهودها لتطوير هذا القطاع الحيوي بما يتماشى مع رؤيتها 2030 وهدف التنمية المستدامة المتمثل في تعزيز الأمن الغذائي وتهدف هولندا، كونها في طليعة الدول التي تربطها علاقات طويلة الأمد مع مصر، إلى تعزيز الإنتاجية الزراعية وتحسين جودة وسلامة البضائع والمحاصيل، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “دتش نيوز”.
وأجرت الشبكة الزراعية الهولندية في مصر، بالتعاون مع شركة “شيمونكس إيجبت” الاستشارية ومركز أبحاث جامعة ” فاخينينجن”، دراسة لتسليط الضوء على طرق تقليل خسائر ما بعد الحصاد وهي الأغذية المفقودة في المرحلة ما بين حصاد المحاصيل واستهلاكها بسبب سوء التخزين وتركز الدراسة أيضًا على تعزيز إمكانات التصدير، وتقييم فرص الاستثمار في سلسلة التبريد، وتحسين إنتاجية سلسلة القيمة والقدرة التنافسية للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وتشير سلسلة التبريد إلى التقنيات التي يمكن من خلالها تخزين السلع الزراعية في درجات حرارة مناسبة لتجنب التلف أو التغير في اللون أو الملمس.
وأشارت الدراسة إلى أنه “في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، يصل الفاقد والمهدر من الأغذية في سلاسل القيمة الغذائية إلى 250 كيلوغرامًا للشخص الواحد، مما يكلف الحكومات والمواطنين أكثر من 60 مليار دولار سنويًا” وفي مصر، أفادت الدراسة أن حوالي 55% من الفواكه والخضروات، و40% من الأسماك، و30% من الحليب والقمح يتم فقدانها سنويًا قبل وصولها إلى المستهلكين بسبب ضعف البنية التحتية والتخزين وسوء الإدارة علاوة على تفشي الآفات والأمراض وبعض الظروف الجوية غير المواتية.
وتؤدي الخسائر الحادة في السلع الزراعية إلى زيادة واردات البلاد – تستورد مصر حوالي 40 في المائة من احتياجاتها الغذائية – إلى جانب انخفاض حاد في دخل المزارعين، وعدم كفاءة استخدام المياه والطاقة والأراضي وفي ظل تزايد الطلب على السلع الزراعية من قبل الطبقة المتوسطة في مصر بسبب النمو السكاني، يعد الاستثمار في مجال سلاسل التبريد فرصة واعدة للمستثمرين وتخطط مصر لرفع المساحة المزروعة من 9.7 مليون فدان العام الحالي إلى أكثر من 15 مليون فدان بحلول عام 2030، وهو ما سيؤدي إلى طفرة في المعروض بالأسواق. وهذا يتطلب ترقية كبيرة لحلول سلسلة التبريد، وفقًا للدراسة.
ومن بين تقنيات التبريد التي حددتها الدراسة التبريد بالتبخير الذي “يعتمد على الماء كمبرد، والذي لا يؤثر سلبًا على البيئة ويتم أخذه في الاعتبار” يتم استخدامه لتبريد الطماطم والمانجو والموز والفلفل الأخضر والخضروات الورقية ويمكن للتبريد المائي تبريد كميات كبيرة من السلع من خلال الاتصال بين الماء البارد والفواكه والخضروات المحصودة ويتم استخدامه لتبريد التفاح والكمثرى والبطيخ ويعد ضغط البخار، أشهر تقنيات التبريد المستخدمة في مصر، ويعتمد على استخدام الكهرباء والبخار في عملية التبريد.
وتركز تقنية تبريد الهواء القسري، والتي تستخدم لتبريد جميع الفواكه والخضروات، على تقليل الوقت المستغرق لتبريد السلع، مما يؤدي إلى استخدام أكثر كفاءة لمدخلات الإنتاج ويعتمد الامتصاص على مواد التبريد الطبيعية والمستدامة، مثل الماء والأمونيا. يتم استخدامه لتبريد الموز ومنتجات الحمضيات والمانجو.
وقال عمر عبد اللطيف، المستشار الزراعي لسفارة هولندا في مصر إن الدراسة جاءت نتيجة جهود مكثفة لوضع تقنيات تبريد يمكن استخدامها في مصر لتعزيز حفظ الأغذية الزراعية وتجنب تلفها وأضاف عبد اللطيف: “إن التقنيات التي شملتها الدراسة تساهم في زيادة كفاءة المياه المستخدمة في عملية الإنتاج”.
وسيساهم تطبيق تقنيات التبريد في تعزيز الأمن الغذائي في مصر من خلال تقليل فقد الغذاء خلال المرحلة ما بين حصاد المحاصيل واستهلاكها وأشارت الدراسة إلى أن تطبيق هذه التقنيات سيساعد في تقليل الخسائر في المحاصيل الزراعية، مما يعزز جودة المحاصيل المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي، مثل العنب والبطاطس والحمضيات والفراولة وأشارت الدراسة إلى أن أهم الفرص الاستثمارية الجذابة تشمل بناء مراكز تجميع مركزية للمزارعين ومجمعات الأغذية، وتطوير أنظمة تهوية للبطاطس في المناطق الجافة، وتعزيز أنظمة التعبئة والتغليف وشددت على ضرورة توفير شاحنات مبردة صغيرة وكبيرة لنقل المنتجات ووحدات التبريد بالقرب من مواقع الإنتاج لكبار المزارعين ومراكز الاستهلاك.
وتسلط الدراسة الضوء على الفرص الاستثمارية الحيوية في القطاع الزراعي، والتي ستمكن مصر من الحفاظ على محاصيلها وفتح أسواق تصدير جديدة خاصة في أوروبا، حسبما قال تايكو فيرميولين المستشار الزراعي لسفارة هولندا في مصر وقال فيرميولين: “إن العلاقات بين مصر وهولندا ستشهد المزيد من التعاون والتطور خلال الأعوام المقبلة”.