”غواية” الشيطان

الكاتب أ / عبد الرازق توفيق
“اوعوا حد يزين لكم أو يفتنكم.. يكفى خراب دول أخرى”
”اوعوا حد يزين لكم أو يفتنكم.. يكفى خراب دول أخرى”.. تلك هى تفاصيل وأسرار الحروب الجديدة التى تدار من أجل تزييف وعى الشعوب.. وخداعها بالأكاذيب والشائعات والشعارات والوعود البراقة ودغدغة العواطف.. وبسبب ذلك سقطت أوطان وضاعت شعوب.. لذلك لابد من توخى الحذر واليقظة وبناء الوعى الحقيقى لأنه السلاح القوى فى مواجهة حروب الأكاذيب والشعارات الزائفة.. والأوهام الخادعة التى تدمر الدول.. وتحدث الوقيعة بين الشعوب.
أخطر ما يواجه الدول الحروب التى تدار وتستهدف عقول شعوبها بالتزييف والخداع وتزيين الباطل والأكاذيب والشعارات وهز الثقة، وإحداث هوة عميقة بين القيادة والمواطنين، وقد دفعت دول كثيرة ثمنًا فادحًا بسبب تعرض شعوبها لعمليات ممنهجة من الخداع والوعى المزيف.
لا يمكن أن يكون العدو يومًا ما حريصًا على مصلحة الوطن، أو تحقيق ما يحقق صالح شعبه، ولكنه يسعى دائمًا لاحتلال عقل المواطن وبالتالى تسهل عملية دفعه لتدمير وطنه، وهو ما حدث فى الدول التى ضاعت وسقطت.. وتحولت إلى بؤر للفوضى والخراب وساحة للدماء والقتل، وعندما تحقق هدف قوى الشر سقطت أقنعة الوعود والشعارات البراقة وأحاديث الإفك عن الحرية والديمقراطية والرخاء والازدهار وتحولت إلى كابوس وظلام وخراب ودمار ولم تعد هناك فرصة للمواطن المخدوع أن يعيش فى وطن وبالتالى لو عاش فهو جسد بلا روح يفتقد للأمن والأمان والأمل، مثل الحيوانات التى تعيش فى الحظائر لا أمل لها ولا معنى لحياتها تنتظر النهاية فى أى وقت سواء الذبح أو الغرق أو التيه فى عالم حدد مصير الضعفاء.
الرئيس عبدالفتاح السيسى قال كلمات من ذهب خلال الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية تزامنت مع مرور ٠٥ عامًا على نصر أكتوبر العظيم، «اوعوا حد يزين لكم أو يفتنكم كفاية خراب دول» هذه العبارة هى بيت القصيد، وتلخص ما جرى وحدث على مدار الأربعة عقود الأخيرة، حيث سقطت الدول التى كانت آمنة مستقرة بفعل تزيين قوى الشر لها شعارات ووعودا براقة، وافتتان هذه الشعوب بهذه الشعارات، التى توهمت أن الغرب يريد لها الخير والحرية والديمقراطية والازدهار، وهى معان نبيلة ولكن الغرب الذى يعانى من مرض ازدواجية المعايير لا يعرف الإنسانية أو حقوق الإنسان ولكن يتاجر بها لخداع الشعوب ويبتز بها الدول، ويضغط بها على دول ويسمح ويتستر على دول تمارس القهر والفاشية والاحتلال والتنكيل، ولا يصدر حتى مجرد إدانة لسياساتها البربرية أو ضربها المواثيق والقوانين والأعراف الدولية عرض الحائط، أو ممارسة جرائم حرب جهارًا نهارًا لقتل الأطفال والنساء، والتدمير والخراب، وقطع المياه والكهرباء والتهجير القسرى.. وهو ما يفضح حالة التواطؤ التى يمارسها الغرب فى الانحياز الفاضح لإسرائيل وإضفاء مشروعية ودعما ومساندة لعملياتها الإجرامية.
أخطر ما يهدد الدول ليست الأسلحة والصواريخ والطائرات وحاملات الطائرات ولكن ضرب قواعد الوعى والاصطفاف والوحدة بين مواطنيها أو استهداف عقول هذه الشعوب أو إحداث الوقيعة بين مكونات وفئات هذه الدول أو تخليق وصناعة حالة من الاحتقان بين الدولة وشعبها، أو شن غارات للغزو الثقافى الغريب والشاذ فى عقول هذه الشعوب واختطاف الوعى والهوية الوطنية، أو تجنيد واستمالة عناصر محلية من الداخل من المرتزقة والعملاء ليكونوا أدوات لتنفيذ مخططات قوى الشر.. لتحقيق أهداف خبيثة وشيطانية، الحقيقة أن حروب تزييف الوعى، وتأليب الشعوب ونشر الأكاذيب والشائعات، وحملات التشكيك والتشويه أخطر بكثير من الحروب النظامية والتقليدية، بل إن الحروب الجديدة أقل تكلفة ولا تقارن بتكلفة الحروب التقليدية التى لا تحتاج سوى بعض المنابر والأبواق التى تروج للأكاذيب والشائعات أو العملاء والمرتزقة المحليين الذين يتشدقون بالحرية وحقوق الإنسان أو يزعمون أنهم معارضة سياسية والهدف واضح، هو شق الصف فى الداخل، وإحداث الفتنة، وإثارة البلبلة والفوضى والتجرؤ على الدولة، وهز الثقة فى الرموز بترويج الأكاذيب والشائعات فعلى سبيل المثال أن تدفع قوى الشر بأحد عملائها من التوافه المرتزقة الذين يتشدقون بشعارات واهية، وعندما يتحدث تكتشف بسهولة انه غارق فى الجهل، هش لا يملك أى رؤية أو حلول.. أراجوز ودمية جاء لتحقيق هدف خبيث فى محاولة لاستدعاء مشاهد قديمة يلتف حوله الطابور الخامس والمرتزقة والممولون وعملاء قوى الشر، والغريب أنه يتشدق بشعارات، ويتسم أداؤه بقلة الأدب رغم انه يعرف حجمه ووزنه الضئيل، ويدرك أن أهله لا يعرفونه، ولو نزل الشارع فهو نكرة ولا يقوى على إدارة «كشك» أو مخبز بلدى، تظهر عليه علامات الثراء والانفاق الكثير رغم أنه عاطل فاشل هؤلاء لا نعرف من أين لهم هذه الأموال الغزيرة، لكن فى الحقيقة الأمر واضح انه ثمن الخيانة.
الكيل بمكيالين، وازدواجية المعايير والكذب والخداع، والمخططات والمؤامرات، وتسويق الأوهام للشعوب، والبربرية والوحشية أهم محاور عقيدة الغرب الغاشمة الذين نشروا الشر والخراب والدمار والقتل فى العالم، ويزعمون أنهم المدافعون عن الحرية وحقوق الإنسان فما يحدث فى غزة يكشف ويفضح حقيقة الغرب، فمباركة ودعم قتل الفلسطينيين الأبرياء العُزل وتدمير منازلهم، وقطع الكهرباء والغاز والمياه والاتصالات عنهم هى جرائم حرب واضحة للعيان لكن الصمت الغربى يكشف للشعوب - التى تعرضت للخداع والتغرير ونالت منها المؤامرة أو الشعوب التى تنتظر ومغرمة بالشعارات الغربية- حقيقة شيطان الغرب.
الربيع العربى المزعوم نموذج لخداع الشعوب وتزييف وعيها.. ومؤامرات الغرب من أجل مشروعات التقسيم، والإسقاط والإضعاف ورسم خريطة جديدة للمنطقة تحقق أهدافهم الاستعمارية، ونهب ثروات ومقدرات الشعوب وتحقيق مصالح وأهداف الكيان الصهيونى التوسعية، ومشروعاتهم القديمة، وللأسف بعض الشعوب صدقت أكاذيب الغرب، فمن كان يتخيل أن يكون مصير ليبيا بهذا الشكل أو اليمن، أو سوريا أو المؤامرات التى تستهدف السودان الآن، أو ما حدث فى تونس ١١٠٢، ونجت مصر من مخطط الشيطان ومؤامرة كبرى سعت لإسقاط الدولة المصرية وبالتالى يسهل تنفيذ أوهام ومشروعات الغرب، لكن عناية الله، وشرفاء هذا الوطن، وجيش مصر العظيم، وصحوة المصريين واسترداد وعيهم حالت دون سقوط وضياع مصر.
الغرب الذى يتشدق بالحرية وحقوق الإنسان غارق فى البربرية والوحشية، والقتل وتخريب وإسقاط الدول، وتشريد الشعوب، وسرقة ثرواتها، والعنصرية المقيتة، فقد نهب ثروات دول القارة الأفريقية، ويعامل شعوبها بالتمييز والنظرة الدونية، حتى التفرقة بين اللاجئين، رسخها شيطان الغرب فالعراق مثلاً تعرض لمؤامرة شيطانية قادها الغرب، زعم أن العراق لديه أسلحة دمار شامل لإيجاد ذريعة لتدميره وإسقاطه وقتل شعبه، وفى النهاية اكتشفوا أنه لا توجد أسلحة دمار شامل بعد فوات الأوان وسقوط العراق، ومعاناته من الفوضى والإرهاب وتفكك وتدمير مؤسساته ودفع العراقيون ثمنا باهظا من أمنهم واستقرارهم وبعد كل ذلك الخراب، جاءت دموع التماسيح واعتذارات واهية، لكن ماذا ربحت العراق بعد كل هذا الخراب والدمار ودماء أبنائها.
الغرب المريض بالازدواجية والكيل بمكيالين يتعامل مع الحرية وحقوق الإنسان بوجهين الأول فى دول الغرب فعندما يشعر بالتهديد يلجأ إلى السحق والقتل والاعتقال والضرب بيد من حديد، ولك أن تتخيل ما حدث فى فرنسا فى مواجهة تظاهرات السترات الصفراء، وما أصدرته باريس من قانون الأمن الفرنسى ثم أنظر إلى معقل الديمقراطية المزعوم، عندما وقعت محاولات اقتحام الكونجرس، كان الرصاص الحى والقتل فى انتظار المحتجين والمقتحمين دون وجود أى محاسبة أو مساءلة، وأنظر إلى العنصرية فى دول أوروبا والتمييز، والإساءات لأصحاب البشرة السمراء حتى فى ملاعب أوروبا.
ما حدث فى «أوكرانيا» كان دليلا واضحا لازدواجية الغرب، انتفض وقدم الدعم ببذخ، وأصدر آلاف العقوبات الاقتصادية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين وقضيتهم فلا تسمع صوتهم سوى لتأييد آلة البطش والبربرية الإسرائيلية بل وتتحرك البوارج والأساطيل وحاملات الطائرات وتخرج مليارات الدولارات صوب تل أبيب لمزيد من سحق الشعب الفلسطينى الأعزل وضرب المدنيين من الأطفال والنساء وبلا رحمة، وحصار محكم يمنع الدواء والوقود، ويدمر المستشفيات، ويقطع المياه والكهرباء.. هذه هى حقيقة حقوق الإنسان عند الغرب، فلا تصدقوهم لأنهم مصاصو دماء، وليسوا بشرا يعانون من مرض التوحش واللا إنسانية.
«اوعوا حد يزين لكم أو يفتنكم ويكفى خراب الدول الأخرى».. رسالة مهمة أطلقها الرئيس السيسى، ليس للشعب المصرى فقط ولكنها مع مقولته «خلوا بالكم من أوطانكم.. حافظوا على دولكم»، الشعب هو من يحمى مصر، لذلك يجب أن نتوقف أمامها كثيرًآ، فالحروب والمؤامرات التى تدار ضد مصر لا يتصورها عقل بشر، على مدار الساعة، تتعرض لحروب وحملات شرسة ومتواصلة من الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه والتحريض ونشر اليأس والإحباط وإضعاف الروح المعنوية بهدف تزييف الوعى لدى المواطنين، وتحريك الشعوب لتدمير أوطانها، تحت شعار «ليه تدفع أكثر لما تقدر تدفع أقل»، لأن هدم الدول بأيادى شعوبها المغيبة والتى تمكن منها الوعى المزيف والتحريض أقل تكلفة بكثير ولا تقارن بتكلفة الحروب التقليدية التى تحتاج إلى إنفاق هائل من مليارات الدولارات وخسائر فى الأرواح تزعج قوى الشر فى الغرب لذلك وجدوا أن تدمير الدول تحت مزاعم التغيير والحرية وحقوق الإنسان والازدهار أقل كلفة مادية وبشرية.
مصر دولة قوية لا يمكن الاقتراب منها لأن لديها جيشًا وطنيًا عظيمًا وقويًا، لذلك تنشط آلة الكذب والتشويه والتشكيك والتحريض لكنها أيضًا فشلت على مدار ٠١ سنوات بسبب وعى المصريين، وتجربتهم القاسية فى ١١٠٢، وإدراكهم لما يحدث على أرض الواقع من إنجازات ونجاحات وإطلاعهم على كل ما يحاك ضد مصر لأن الأمور باتت واضحة مثل الشمس، من استهداف مباشر ومؤامرات ومخططات ومحاولات الابتزاز وفرض الإملاءات، وإحاطتها من كل الاتجاهات الإستراتيجية بأزمات وصراعات فى دول الجوار لكنها آمنة مطمئنة مستقرة يأتى إليها الباحثون عن الأمن والاستقرار من الفارين من ويلات الفوضى التى رسخها الغرب.
أنظر كيف تعامل الغرب مع مبادئ القانون الدولى، والقرارات والمرجعيات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وماذا فعل فى الصومال وأفغانستان والعراق وليبيا واليمن وسوريا، والمؤامرة على السودان، كم من الضحايا سقطوا، كم من الموارد والثروات أهدرت، كم من السنوات ضاعت فى صراعات ومشاكل وأزمات كان يمكن أن تستغل فى البناء والتنمية. وتحقق آمال وتطلعات الشعوب، والسؤال أيضًا للشعوب التى تعرضت للخداع وتزييف الوعى والتغرير بها، هل حصدتم الديمقراطية والحرية والنعيم المنتظر من وعود الغرب ماذا فعلوا بكم بعد أن حققوا أهدافهم هل منحوكم الأمن والأمان والاستقرار والازدهار أين أوطانكم ودولكم، وما هى طبيعة الحرية والديمقراطية التى حصدتموها، للأسف الشديد الأوهام التى روجها الغرب ودغدغ بها مشاعر الشعوب المخدوعة تحولت إلى مرارة وعذاب وأوطان تفوح منها روائح الخراب والدمار والدماء، والسؤال أيضًا كم تحتاج هذه الدول من ميزانيات لتعود إلى سيرتها الأولى، وهل تعود وحدة ولحمة شعوبها من جديد بعد الشقاق والانقسام.
اوعوا حد يزين لكم أو يفتنكم، يكفى خراب الدول الأخرى. دعوة صادقة ليتمسك المصريون باليقظة والحذر والانتباه والوعى الحقيقى، فى مواجهة ما يروج من أكاذيب وشائعات وتشويه وتشكيك وأحاديث الإفك التى لا تتوقف وليس لها أصل على أرض الواقع، فمن المستحيل أن تنتظر الخير من عدوك، أو تنتظره من الخونة والإرهابيين والعملاء والمرتزقة الذين يقبضون ثمن خيانتهم من أجل هدم الوطن وسرقة أحلام الشعوب وأمنها واستقرارها.
لا يجب أن نتوقف لحظة عن بناء الوعى الحقيقى والفهم الصحيح لأنه هو السلاح الأهم، فى أيدينا، وعقولنا، لا يجب أن نتوقف عن التواصل مع شبابنا ليفهم ويعى الحقيقة ويتعرف على أهداف المؤامرة والمخطط ضد مصر وأبعاده بالكامل، ليعرف الحقيقة أن مصر تواجه حملة وحربًا شرسة تستهدف وجودها ومشروعها الوطنى للبناء والتنمية، وتعطيل مسيرتها نحو التقدم، وتسعى إلى خداع شعبها هذه مهمة حتمية لابد أن تكون فى المدرسة والجامعة وعلى المنابر والإعلام، والتواصل الدائم المستمر مع شبابنا فهم الهدف الذى يحاولون تزييف وعيه وتحريضه، ولننتهز العام الدراسى فى تنشيط آلة الوعى، ولنستغل كل ما هو متاح من وسائل الوعى حتى فى المواصلات العامة، فى مراكز الإعداد والتدريب وإعداد القادة فى كل التجمعات فى السوشيال ميديا. الوعى الحقيقى، والفهم الصحيح أقوى سلاح يحمى الدول، ويعزز من الاصطفاف الوطنى، والالتفاف حول القيادة فى توقيت يخوض الوطن فيه معركة وجود، لذلك لابد أن نكثر من عرض النماذج للشعوب التى تعرضت للخداع وتزييف الوعى، وفقدت أعز ما تملك أوطانها، وغرقت فى مستنقعات الفوضى والضياع محدش يقدر أو يستطيع أن يمس مصر، أو يقترب منها أو يفرض عليها ما لا تريد، وما يتعارض مع ثوابتها، ولكن الكرة فى ملعب الشعب، الدولة الوطنية المصرية، تفعل ما عليها، تتسلح بالقوة والقدرة.. لكن اصطفاف المصريين ووعيهم وإلتفافهم حول قيادتهم، هو القوة الجبارة والقاهرة فى مواجهة المؤامرة. لذلك يجب ألا نسمح نحن المصريين بوجود عملاء ومرتزقة، نتحمل تداعيات أزمات عابرة يحاول المتآمرون توظيفها فى النيل من عزيمتنا ووعينا واصطفافنا.
قال الله تعالى فى قرآنه العظيم فى الآية «٢٢» من سورة «إبراهيم»: «وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخى» صدق الله العظيم.
هكذا تفعل قوى الشر مع الشعوب، تزين الباطل مثل الشيطان تمامًا، وفى النهاية تدع الشعوب تذوق ويلات العذاب والحسرة والمرارة والدمار والخراب لذلك الشعوب لا تلوم إلا أنفسها عند ساعة الخراب والدمار، وهى ما فعلت ذلك فى نفسها.
تحيا مصر