عهد أمان .. وأسوأ أيام إسرائيل .. ومحمد العرابى

الكاتب أ / السيد البابلي
ما الذى حدث فى الإسكندرية، حادث يوصف بأنه غريب وذو دوافع غامضة لشرطى حراسة أطلق النيران على فوج سياحى إسرائيلى فقتل اثنين من الإسرائيليين وثالثاً مصرياً.. ونقول انه حادث غريب وذو دوافع غامضة لأنه لا مبرر له، والهدف كما يبدو هو دور مصر فى الظروف الحالية الذى تقوم به من منطلق مكانتها وثقلها لايقاف التصعيد الذى يهدد حياة آلاف المدنيين. والحادث غريب أيضاً لأنه لا يتفق مع تعاليم ديننا وحيث يقول الأزهر «لا تعتدوا على مستأمن»، والمستأمن الذى سمحت له الدولة بالدخول عن طريق تأشيرة والتى هى فى حقيقتها عهد أمان وضمانة سلام.
وإذا كان الشرطى الذى فتح النيران مخالفا بذلك كل القواعد الأمنية والمحرمات الدينية غائبا عن الوعى والإدراك فإننا من منطق المسئولية الوطنية نرفض أى مساس بزوار مصر وضيوفها من كل الجنسيات ولا نقر ولا نوافق على تبرير أى أعمال انتقامية من هذا النوع لأنها تضر بسمعتنا وتعهداتنا والتزاماتنا.. ان كل من يدخل مصر هو آمن مطمئن فى حمايتنا وفى ضيافتنا وغير ذلك لا يوجد كلام آخر.
ونذهب إلى الأحداث الجارية فى غزة بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى وننقل عن الكاتب الأمريكى توماس فريدمان الصديق المقرب لإسرائيل والذى كتب فى صحيفة «نيويورك تايمز» يصف ما حدث يوم السابع من أكتوبر بأنه من أسوأ أيام إسرائيل وهو يعيد إلى الأذهان ما حدث من قبل يوم السادس من أكتوبر من عام 73 عندما بدأت حرب تحرير الأراضى العربية المحتلة.
وتوماس يقول ان إسرائيل أنفقت أكثر من مليار دولار لإقامة جدار يكون غير قابل للاختراق على الحدود مع غزة ومع ذلك تم اختراق هذا الخط وثبت انه لا يوفر الحماية لإسرائيل. وما يقوله توماس يعيد إلى الأذهان ذكريات خط بارليف على قناة السويس والذى اعتقدت إسرائيل ان هذا الساتر الترابى الهائل سيكون مانعا أمام عبور الجيش المصرى لقناة السويس إلى أرض سيناء.. وتناست إسرائيل فى ذلك أن قوة الإرادة مقرونة بالعقيدة والرغبة فى الاستشهاد هى أسلحة لا يمكن الوقوف أمامها وهى أهم مقومات النصر. وإذا كانت إسرائيل قد اكتشفت ان الفلسطينيين قد عادوا بالأسرى الإسرائيليين عبر هذا الجدار الذى أقامته فإن عليها ان توقف بناء الجدران وأن تبدأ فى بناء إجراءات الثقة والحوار من أجل التعايش.. فالحرب التى وقعت فجأة والخسائر البشرية التى منيت بها إسرائيل دلائل على أن إسرائيل ستظل أيضا فى خطر.. وان الحل الوحيد يكمن فى الاعتراف بحقوق الآخرين.. والحل ليس خارج الحدود ولا يفرض من الخارج.. الحل بوجود اتفاق مع الشعب الفلسطينى وبإنهاء المعاناة والاعتراف بحقه فى دولته المستقلة.
وأفخر ببلادي.. بمصر التى تتعاطف مع الشعب الفلسطينى والتى تؤمن ان القضية الفلسطينية هى قضية العرب الأولي.. أفخر بالشعب المصرى الذى نسى وتناسى كل أزماته وقضاياه ليتابع ويراقب ما يحدث فى فلسطين ويدعو لأهالينا هناك بالصمود والثبات.. وأفخر بكل التعليقات والبيانات التى صدرت عن مصر مؤكدة دورها العروبى وحرصها على دفع القضية الفلسطينية إلى الواجهة مرة أخري.. وأدعو مع الداعين إلى موقف عربى رسمى جماعى يدعو إلى الحق والعدل ويساند أيضا حق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن نفسه.. نحن مع السلام.. والسلام يعنى الحقوق المشروعة للجميع.
ونعود إلى الداخل.. وأتحدث عن رجال فى بلادى هم مصدر قوتها الناعمة وهم الواجهة التى تعزز وتقوى من المواقف المصرية الرسمية فى أوقات الأزمات وأشير فى ذلك إلى رجل يتمتع بكل الاحترام من الجميع.. إلى وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابى الذى يثبت ان العطاء لا يتوقف عند ترك المنصب الرسمي.. العطاء من أجل الوطن هو مسئولية وهو التزام وهو أمانة لا يقدر على حملها إلا أصحاب الفكر والمبادئ واحترام الذات.. والسفير العرابى متواجد دائما فى كل الأوقات متحدثا ومعلقا ومشاركا بالرأى والمعلومة ومؤكدا ان الدبلوماسية المصرية برجالاتها ومدرستها العريقة هى احدى وأهم مصادر القوة فى هذا الوطن.
وعدت إلى القاهرة من زيارة سريعة إلى الإسكندرية وأقول بكل الأمانة والموضوعية أن طريق مصر- الإسكندرية الصحراوى أصبح طريقا عالميا حضاريا يوفر كل وسائل الأمن والأمان والسلامة ليلا ونهارا.. وان هذا الإنجاز هو انعكاس لشبكة طرق هائلة فى مصر لم نكن نحلم يوما بوجودها أو أن تتحقق فى غضون سنوات قليلة على هذا النحو.. هذا إنجاز يتحدث عن نفسه ومعجزة تحققت بأياد مصرية.. ومن لا يشكر تزول عنه النعم. ولأن فى مصر كنوزاً وكفاءات بشرية فى كل المجالات.. ولأن لدينا ثروة هائلة من الأطباء من خريجى الجامعات المصرية التى أثبتت مكانتها العلمية الرفيعة فإن هناك دولا عديدة فى الشرق وفى الغرب تحاول قدر الإمكان تقديم الاغراءات والامتيازات لجذب الأطباء من كل التخصصات.. وهم لا يبحثون عنهم من أجل عقود مؤقتة وإنما من أجل هجرة دائمة..!! أطباء مصر كنوز وينبغى ولا يمكن التفريط فيها بسهولة.
وفى كرة القدم فإن النادى الأهلى اشترى الترام.. اللاعب الفرنسى «العجوز» الذى تعاقد معه النادى الأهلى يصلح لمباريات فرق الكبار (المعاشات) فقط..!
وحتى تكون أسعد الناس: اترك المستقبل حتى يأتي، ولا تهتم بالغد لأنك إذا أصلحت يومك صلح غدك.. وطهر قلبك من الحسد ونقه من الحقد واخرج منه البغضاء وأزل عنه الشحناء.
>>> وأخيراً :
القلوب الجميلة لا تتعب أحدا فى البحث عنها لأن عبيرها يسبق خطاها فسلاما واشتياقا واحتراما ومعزة لكم أينما كنتم.
وأمر غريب، إذا صادف الإنسان شيئاً جميلاً مفرطاً فى الجمال رغب فى البكاء.
وليس هناك أصعب من أن تبدأ الكتابة فى العمر الذى يكون فيه الآخرون قد انتهوا من قول كل شيء.
ولا غيب الله الضحكة على وجهك ولا السعد من قلبك.