أوضاع مأساوية في مستشفيات غزة وسط تواصل القصف الإسرائيلي
دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ37 في ظل أوضاع مأساوية تزداد سوءًا في مستشفيات القطاع التي تتعرض للقصف العنيف والمتواصل، وسط احتدام المعارك بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال المتوغلة.
وتجاوز عدد شهداء العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في السابع من أكتوبر الماضي أكثر من 11 ألف شهيد غالبيتهم من النساء والأطفال، في حين وصل عدد الجرحى إلى أكثر من 27 ألفًا.
معارك ضارية
وتخوض المقاومة اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال في محاور القتال، مؤكدة إيقاع قتلى وجرحى في صفوف الإسرائيليين وتدمير دبابات وآليات إسرائيلية.
وكان الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة قد أكد في تسجيل صوتي جديد تدمير أكثر من 160 آلية ودبابة إسرائيلية منذ بدء العدوان الإسرائيلي البري على القطاع.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الأحد، تدمير دبابتين إسرائيليتين بقذائف الياسين 105 في محور جنوب غرب غزة.
كما أعلنت سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الأحد، عن قصفها بوابة السناطي العسكرية شرق مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة بعدد من قذائف الهاون.
غارات ليلية كثيفة
وبينما تواصل القصف الجوي والبري والبحري على مواقع مختلفة من قطاع غزة، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، بأن إسرائيل شنت عشرات الغارات على شمال وجنوب القطاع، مساء السبت إلى الأحد، حيث سقط عدد من الضحايا والمصابين.
واستهدفت غارة إسرائيلية مساء السبت منزلًا يعود إلى عائلة العسكري في منطقة تل الزعتر شمالي القطاع تسببت في استشهاد 9 أشخاص ووقوع عدد من الجرحى.
كما قصف طيران الاحتلال مقر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP الذي يؤوي نازحين، في حي النصر بمدينة غزة، ما أسفر عن وقوع ضحايا ومصابين.
وسقط ضحايا أيضًا في مخيم الشابورة في رفح جنوب القطاع، وفي مخيم النصيرات وسط القطاع، بعد غارات إسرائيلية مكثفة.
وفي الضفة الغربية المحتلة، استشهد الشابين وسام جمال حمران (22 عامًا) وأمير عقراوي (23 عاما) خلال اقتحام جيش الاحتلال لبلدة عرابة وجنين، فيما وقعت إصابتان بالرصاص الحي في مدينة طوباس خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية.
وفجرت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الأحد، مركبة واعتقلت 4 شبان، من بينهم أمين سر حركة فتح من بلدة برقة شمال غرب نابلس.
ووقعت اشتباكات مسلحة بين شبان فلسطينيين وقوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة طولكرم.
واقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي باقتحام مخيم قلنديا، فجر الأحد، وانسحبت منه لاحقًا بعد إغراق الشارع الرئيسي بالغاز المسيل للدموع.
وفي محافظة الخليل، شنت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة مداهمات واعتقالات في بلدة حلحول شمالي مدينة الخليل.
وكشفت وزارة الصحة في غزة، في بيان، أنها لم تتمكن من إحصاء الضحايا في القطاع، السبت، جراء انقطاع الاتصالات والإنترنت.
مستشفيات غزة تحت النار
وكانت الأيام الماضية الأكثر دموية، فقد شن جيش الاحتلال حملة وحشية على المؤسسات الطبية أوقعت عددا كبيرا من الشهداء والجرحى بين الطواقم الطبية والمدنيين المرابطين في المستشفيات بحثا عن بقعة أمان تحميهم من كثافة القصف اليومي الذي يدك شمال القطاع.
وازداد الوضع مأساوية في مستشفيات قطاع غزة، حيث استشهد عددًا من الرضع الخدج بسبب انقطاع الكهرباء في وحدة عناية مركّزة للأطفال.
ويشهد مجمع الشفاء الطبي وسط مدينة غزة -وهو الأكبر في القطاع- أكثر المآسي قتامة، إذ تواصل قوات الاحتلال تصعيد هجماتها وقصفها المكثف على محيطه وبوابته وقرب ساحته.
وعلى مدى الأيام الماضية شهد المجمع توافد نازحين من شمال القطاع في طريقهم إلى جنوبه، وكانوا داخله ضمن آلاف آخرين، وذلك على خلفية إنذارات إسرائيلية تطالب بإخلاء شمال القطاع.
ويتعرض المجمع ومحيطه لاستهداف مستمر بالقصف من جانب جيش الاحتلال بزعم وجود مقر للمقاومة فيه، وهو ما نفته حكومة غزة مرارا.
وكان مبنى العيادات الخارجية في المجمع تعرض لقصف نفذته طائرات الاحتلال، مما أسفر عن وقوع عدد من الشهداء والجرحى، ويعتبر هذا الاستهداف هو الرابع للمجمع منذ فجر الجمعة.
ومستشفى الشفاء هو المرفق الصحي التشغيلي الرئيسي في مدينة غزة الذي يقدم الرعاية الطارئة والجراحية، ويوجد داخله مئات المرضى والمدنيين النازحين.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة إن وضع مجمع الشفاء كارثي وخطير جدًا، بعد أن فقد آخر شريان حياة له، وهو المولد الكهربائي الصغير، وبات ساحة مفتوحة للقصف الإسرائيلي من كل جانب.
وأضاف القدرة أن هناك جرحى وشهداء ملقون على الأرض عند بوابة مستشفى الشفاء، وجيش الاحتلال يستهدف كل ما يتحرك، بعدما تحولت ساحات المستشفى إلى مسرح للقناصة الإسرائيليين والطائرات المسيرة.
وتابع أن مستشفى الشفاء غير قادر على تقديم أي خدمة طبية بعد نفاذ كل الإمكانيات منه وانقطاع الكهرباء بشكل كامل ومحاصرة المجمع بالدبابات الإسرائيلية.
وأوضح القدرة أن المؤسسات الدولية العاملة في المجال الصحي مثل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر وكذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) كلها غير قادرة على فعل شيء وفقدت قدرتها على العمل.
وفي وقت سابق، أعلنت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، أن 39 طفلًا في قسم العناية بمستشفى الشفاء، مهددون بالموت في أي لحظة، جراء انقطاع الأكسجين، مشيرة إلى أن 20 مستشفى من أصل 35 توقفت عن العمل بسبب القصف الإسرائيلي وعدم توفر الوقود.
وتحدّثت منظّمة أطبّاء بلا حدود عن قصف متواصل على المستشفيات في غزّة في الساعات الأربع والعشرين الماضية، ولا سيّما مستشفى الشفاء الذي أصيب مرّات عدّة، بما يشمل قسم الحضانة.
وقال مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية، إنّ الطواقم الطبية عاجزة عن العمل والجثث بالعشرات لا يمكن التعامل معها أو دفنها، مؤكدا أن المستشفى محاصر تمامًا والقصف مستمر في محيطه.
انقطاع الكهرباء
وشهد مستشفى القدس -الذي يسمى أيضا مستشفى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني- سقوط ضحايا إثر استهدافه من قبل قناصة إسرائيليين.
وأظهرت صور من داخل المستشفى فشل الطواقم الطبية في إنقاذ مصاب في قصف إسرائيلي بسبب انقطاع الكهرباء بعد نفاد الوقود.
وقال جهاز إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني، إنّ الدبّابات الإسرائيلية على بعد 20 مترًا من مستشفى القدس، وإطلاق النار يتم مباشرة على المستشفى، مشيرا إلى أن هناك حالة هلع وخوف شديد بين النازحين.
ويشهد مستشفى الرنتيسي للأطفال بدوره حصارا منذ أمس الجمعة، وتتمركز الدبابات الإسرائيلية في محيطه.
وفي تطور لافت خلال الساعات الماضية انقطع التيار الكهربائي عن أقسام المستشفى الإندونيسي بشكل كامل، وتوقفت كافة العمليات الجراحية فيه مع استمرار القصف بمحيطه.
وبدورهم، بث نشطاء نداء استغاثة من داخل مستشفى النصر للأطفال المحاصر منذ 5 أيام، وداخله مرضى من الأطفال، بينهم أطفال في العناية المركزة، إلى جانب عدد من النازحين.
وفي مستشفى العودة شمال غزة أظهر مقطع فيديو التقطه أحد الأطباء آثار القصف الإسرائيلي الذي استهدف ليلا المستشفى ومحيطه.
ووثق الفيديو حالات لمرضى وموظفين أصيبوا بالقصف، فضلا عن أضرار لحقت بسيارات الإسعاف والسيارات التابعة للمستشفى وللموظفين ودمار خارجي أحدثه القصف الإسرائيلي.
وفيما يتمادى جيش الاحتلال الإسرائيلي في استهدافه المتواصل للمستشفيات ومحيطها في قطاع غزة، قال تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الأحد، إن المنظمة فقدت الاتصال بجهات الاتصال التابعة لها في مستشفى الشفاء شمال القطاع، وسط تقارير مرعبة عن تعرض المستشفى لهجمات متكررة.
وأشار أدهانوم عبر منصة X (تويتر سابقًا)، إلى تقارير تفيد بأن بعض الذين فروا من المستشفى تعرضوا لإطلاق النار، أو أصيبوا أو تم قتلهم، بالإضافة إلى محاصرة المستشفى بالدبابات الإسرائيلية.
وعبّر جيبرييسوس عن شعور منظمة الصحة العالمية بالقلق البالغ بشأن سلامة العاملين في مجال الصحة، ومئات المرضى والجرحى، بما في ذلك الأطفال الذين يحتاجون إلى أجهزة دعم الحياة، والنازحين الذين لا يزالون داخل المستشفى.
ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لإنقاذ الأرواح والحد من مستويات المعاناة المروعة.
وتدعو منظمة الصحة العالمية إلى عمليات إجلاء طبي مستدامة ومنظمة وآمنة ودون عوائق للمرضى المصابين بجروح خطيرة.
،قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الأحد، إن مستشفى الشفاء في غزة من دون كهرباء، مشيرة إلى أنها تشعر بالقلق إزاء تقارير حول وفاة أطفال خدّج في الحضّانات.
ودعت اليونيسف إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، مشددة على ضرورة حماية المستشفيات والأطفال.
وفي حين ضرب الاحتلال عرض الحائط كل التحذيرات من حدوث كارثة إنسانية تضع القطاع الصحي المتداعي أصلا على حافة الانهيار، في ظل نقص الوقود لتشغيل مولدات الكهرباء والعدد الهائل من الجرحى ضحايا الحرب المتواصلة، طالب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بوقف ما وصفه بالمأساة المستمرة في قطاع غزة.
وقال البرنامج، في بيان، إن المأساة المستمرة المتمثلة في مقتل وإصابة مدنيين أُقحموا في هذا الصراع غير مقبولة، ويجب أن تتوقف.
وشدد البرنامج الأممي على أنه يجب احترام المدنيين والبنية التحتية المدنية وحرمة مرافق الأمم المتحدة وحمايتها في جميع الأوقات، ويجب احترام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك مبادئ التمييز والتناسب والحيطة.
وأعرب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن بالغ الأسى بعد تقارير أولية تشير إلى تعرض مجمع الأمم المتحدة في مدينة غزة للقصف، السبت، ما تسبب بسقوط وإصابة عدد كبير من الأشخاص.