مقالات

‮«‬الميلشيات‭ ‬الإعلامية‮»‬‭.. ‬والدولة‭ ‬الوطنية


الكاتب أ / نشأت الديهي

الآن‭ ‬وقد‭ ‬اتضحت‭ ‬الصورة‭ ‬كاملة‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬الزوايا‭ ‬وبكل‭ ‬الابعاد،‭ ‬صورة‭ ‬الإعلام‭ ‬وحقيقته‭ ‬ودوره‭ ‬وفلسفته‭ ‬كسلاح‭ ‬غير‭ ‬ناعم‭ ‬كما‭ ‬يظن‭ ‬البعض،‭ ‬إنه‭ ‬سلاح‭ ‬ذو‭ ‬نصال‭ ‬متعددة‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬الأسلحة‭ ‬التقليدية‭ ‬الخشنة،‭ ‬سلاح‭ ‬الإعلام‭ ‬قاتل‭ ‬دون‭ ‬هجمات‭ ‬صاروخية‭ ‬أو‭ ‬اطلاق‭ ‬أعيرة‭ ‬نارية،‭ ‬يبدو‭ ‬ناعمًا‭ ‬ويوصف‭ ‬بالنعومة‭ ‬لكنه‭ ‬ليس‭ ‬كذلك‭ ‬تماماً،‭ ‬فعن‭ ‬طريقه‭ ‬يمكن‭ ‬التحكم‭ ‬فى‭ ‬مزاجية‭ ‬التيار‭ ‬العام‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬مجتمع‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬يتم‭ ‬طمس‭ ‬الحقائق‭ ‬وضياع‭ ‬الحقوق،‭ ‬الإعلام‭ ‬يستطيع‭ ‬خلق‭ ‬صور‭ ‬مزيفة‭ ‬لواقع‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬كما‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬اخفاء‭ ‬واقع‭ ‬موجود،‭ ‬ورغم‭ ‬أننى‭ ‬إعلامى‭ ‬ممارس‭ ‬ومسئول‭ ‬إلا‭ ‬إننى‭ ‬أستطيع‭ ‬القول‭ ‬بجراءة‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬بات‭ ‬أخطر‭ ‬وأهم‭ ‬من‭ ‬يديره‭ ‬رجال‭ ‬الإعلام‭ ‬وحدهم،‭ ‬وهذا‭ ‬القول‭ ‬لا‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬معينة‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭ ‬وإنما‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ودون‭ ‬استثناء،‭ ‬الفارق‭ ‬الوحيد‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬فى‭ ‬نظام‭ ‬إعلامى‭ ‬وآخر‭ ‬هو‭ ‬طريقة‭ ‬التعاطى‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬النخب‭ ‬السياسية‭ ‬والثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬المتكلسة‭ ‬التى‭ ‬تقف‭ ‬علي‮»‬ناصية‭ ‬نهر‭ ‬المعاصي‮»‬‭ ‬يغترفون‭ ‬ويشربون‭ ‬ثم‭ ‬يتقيؤون‭ ‬،‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬المتحجرة‭ ‬فى‭ ‬أذهان‭ ‬هؤلاء‭ ‬عن‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬والنظم‭ ‬الغربية‭ ‬والديمقراطيات‭ ‬المزيفة‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬هذه‭ ‬الفلسفات‭ ‬والعنتريات‭ ‬اللقيطة،‭ ‬لقد‭ ‬أبدع‭ ‬هؤلاء‭ ‬فى‭ ‬تطريز‭ ‬الخرق‭ ‬الرأسمالية‭ ‬البالية‭ ‬بما‭ ‬يخطف‭ ‬الأبصار‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬ثم‭ ‬يصيبها‭ ‬بالعمى‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬الطريق،‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ٍ‭ ‬فما‭ ‬وقر‭ ‬يقينا‭ ‬فى‭ ‬قلوب‭ ‬وعقول‭ ‬المنصفين‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬بات‭ ‬سلاحاً‭ ‬وكتائب‭ ‬وجيوش‭ ‬ومعامل‭ ‬واستخبارات،‭ ‬فلذلك‭ ‬أقول‭ ‬وأكرر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُترك‭ ‬دونما‭ ‬تنظيم،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬أبالغ‭ ‬اذا‭ ‬قلت‭ ‬إن‭ ‬شيوع‭ ‬فكرة‭ ‬الحرية‭ ‬المطلقة‭ ‬للإعلام‭ ‬خطأ‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬خطورة‭ ‬عن‭ ‬انتشار‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬رب‭ ‬قائل‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬فكر‭ ‬شمولى‭ ‬يقرب‭ ‬إلى‭ ‬الديكتاتورية‭ ‬والعبودية‭ ‬وكراهية‭ ‬الحرية،‭ ‬أقول‭ ‬هنا‭ ‬بئست‭ ‬الحرية‭ ‬غير‭ ‬المسئولة‭ ‬وبئست‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الحلزونية‭ ‬المزيفة،‭ ‬لكل‭ ‬ماسبق‭ ‬أدلل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬ما‭ ‬أسميته‭ ‬‮«‬الميلشيات‭ ‬الإعلامية‮»‬‭ ‬فنحن‭ ‬نعرف‭ ‬الميلشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬التى‭ ‬تتسلح‭ ‬من‭ ‬جسد‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬تحت‭ ‬حجة‭ ‬تبدو‭ ‬براقة‭ ‬ثم‭ ‬تنقلب‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬والجيوش‭ ‬الوطنية‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬حولنا،‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الخطورة‭ ‬أرى‭ ‬انسلاخ‭ ‬الإعلام‭ ‬ونزوحه‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬جسم‭ ‬الدولة‭ ‬تحت‭ ‬حجج‭ ‬ورايات‭ ‬الحرية‭ ‬يخلق‭ ‬ميلشيات‭ ‬مناوئة‭ ‬للدولة‭ ‬كما‭ ‬رأينا‭ ‬وتابعتا‭ ‬ودفعنا‭ ‬اثماناً‭ ‬باهظة‭ ‬حينما‭ ‬تملك‭ ‬رجال‭ ‬أعمال‭ ‬محطات‭ ‬فضائية‭ ‬وصحف‭ ‬ومواقع‭ ‬وبدأوا‭ ‬فى‭ ‬ابتزاز‭ ‬الدولة‭ ‬والعبث‭ ‬فى‭ ‬مقدرات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬استطاعت‭ ‬إنقاذ‭ ‬الإعلام‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحرج‭ ‬وبدأت‭ ‬فى‭ ‬القيام‭ ‬بأكبر‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬بحث‭ ‬وإنقاذ‭ ‬‮«‬ان‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الارتزاق‭ ‬والرخص‭ ‬وايجار‭ ‬العقول‭ ‬والاقلام،‭ ‬دخلت‭ ‬الدولة‭ ‬لتجد‮»‬‭ ‬حانات‭ ‬فضائية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المحطات‭ ‬الفضائية‭ ‬‮«‬‭ ‬وجواسيس‭ ‬ومتخابرين‭ ‬يحملون‭ ‬صفة‭ ‬مذيعين‭ ‬وصحفيين‭ ‬ومراسلين‭ ‬‮«‬‭ ‬ووضعت‭ ‬الدولة‭ ‬يدها‭ ‬على‭ ‬دكاكين‭ ‬ومكاتب‭ ‬تضع‭ ‬لافتة‭ ‬صحيفة‭ ‬أو‭ ‬قناة‭ ‬وهى‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬مكتب‭ ‬لجهاز‭ ‬استخباراتى‭ ‬أو‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية‭ ‬،‭ ‬الدولة‭ ‬وجدت‭ ‬كذلك‭ ‬شرفاء‭ ‬ووطنيين‭ ‬ورجال‭ ‬دولة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬المواقع‭ ‬والأماكن،‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬تحركات‭ ‬الدولة‭ ‬لإعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬للاعلام‭ ‬وضبط‭ ‬بوصلته‭ ‬فى‭ ‬اتجاه‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وبعد‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الضبط‭ ‬والتنظيم‭ ‬والترتيب‭ ‬قامت‭ ‬الدولة‭ ‬بضخ‭ ‬استثمارات‭ ‬ضخمة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬صناعة‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحافة‭ ‬وخلق‭ ‬أجيال‭ ‬جديدة‭ ‬تحمل‭ ‬وتتحمل‭ ‬المسئولية‭ ‬بكل‭ ‬شرف‭ ‬وكرامة‭ ‬حتى‭ ‬تحول‭ ‬الإعلام‭ ‬المصرى‭ ‬من‭ ‬منصات‭ ‬الروايات‭ ‬المعادة‭ ‬والبالية‭ ‬إلى‭ ‬منصات‭ ‬الروايات‭ ‬المبتكرة،‭ ‬تحول‭ ‬إعلامنا‭ ‬خاصة‭ ‬الاخبارى‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬الريادة‭ ‬الحقيقية‭ ‬وللحديث‭ ‬بقية‭.‬

زر الذهاب إلى الأعلى