مقالات

متى‭ ‬تنتهى‭ ‬الحرب؟

الكاتب أ / عبد الرازق توفيق

«‬المأزق‭ ‬الأمريكى‭ ‬ــ‭ ‬الأوروبى‮»‬‭ .. ‬والانهيار‭ ‬الإسرائيلى

متى‭ ‬تنتهى‭ ‬الحرب؟


أظهرت‭ ‬الأحداث‭ ‬والأزمة‭ ‬الراهنة‭ ‬والتصعيد‭ ‬العسكرى‭ ‬الصهيونى‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬التى‭ ‬يرتكبها‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال،‭ ‬فشل‭ ‬المخطط‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وحالة‭ ‬الانهيار‭ ‬والإحباط‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬التى‭ ‬تطارد‭ ‬نتنياهو‭ ‬وعصابته‭ ‬الإجرامية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المأزق‭ ‬الأخلاقى‭ ‬الذى‭ ‬يطارد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأوروبا‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬تصاعد‭ ‬وتيرة‭ ‬ثورات‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬داخل‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬بل‭ ‬وانقسام‭ ‬صُناع‭ ‬القرار‭ ‬داخل‭ ‬المطبخ‭ ‬السياسى‭ ‬فى‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا،‭ ‬ونظرتهم‭ ‬التى‭ ‬تغيرت‭ ‬طبقاً‭ ‬لمعطيات‭ ‬ومتغيرات‭ ‬الواقع‭.. ‬والحقائق‭ ‬التى‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬نوايا‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬فى‭ ‬فلسطين،‭ ‬وأيضا‭ ‬الداعمين‭ ‬لها‭ ‬فى‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا،‭ ‬وأنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬حالة‭ ‬دفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬ولكنها‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬بالمعنى‭ ‬الكامل‭ ‬للتوصيف،‭ ‬وأنهم‭ ‬يقتلون‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬ويفرضون‭ ‬الحصار‭ ‬والتجويع‭ ‬وقطع‭ ‬سبل‭ ‬ومقومات‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬وكهرباء‭ ‬ووقود‭ ‬واتصالات‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬واستهداف‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬ومدارس‭ ‬الأونروا‭ ‬والمساجد‭ ‬والكنائس‭ ‬بلا‭ ‬رحمة‭ ‬أو‭ ‬هوادة‭ ‬وبلا‭ ‬أخلاق‭ ‬أو‭ ‬إنسانية‭.. ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬أيقظ‭ ‬ضمير‭ ‬العالم‭ ‬والشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬التى‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬عنصر‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬صُنَّاع‭ ‬القرار‭ ‬المؤيد‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭.. ‬والداعم‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬للإجرام‭ ‬الصهيونى‭.‬
فى‭ ‬ظنى،‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬يعانى‭ ‬مأزقاً‭ ‬أخلاقياً‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الآلة‭ ‬الإعلامية‭ ‬المكثفة‭ ‬التى‭ ‬فضحت‭ ‬ممارسات‭ ‬الإجرام‭ ‬والقتل‭ ‬والإبادة‭ ‬التى‭ ‬تمارسها‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬والدعم‭ ‬المطلق‭ ‬ورفض‭ ‬الغرب‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬للتهدئة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مجرد‭ ‬تخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وبدت‭ ‬ملامح‭ ‬السقوط‭ ‬الأخلاقى‭ ‬فى‭ ‬الغرب‭ ‬فى‭ ‬افتضاح‭ ‬سياسة‭ ‬الكيل‭ ‬بمكيالين‭ ‬وازدواجية‭ ‬المعايير،‭ ‬بل‭ ‬ذهبت‭ ‬الشعوب‭ ‬بعيداً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬يعتبر‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ليسوا‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬البشر،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬متعة‭ ‬ولذة‭ ‬فى‭ ‬قتلهم،‭ ‬خاصة‭ ‬سفك‭ ‬دماء‭ ‬وأرواح‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والعجائز‭.. ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬صدعوا‭ ‬العالم‭ ‬بشعارات‭ ‬زائفة‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬والحرية‭ ‬والديمقراطية،‭ ‬وتناقض‭ ‬مواقفهم‭ ‬فيما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬ومناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬البون‭ ‬الشاسع‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬وأن‭ ‬الشعوب‭ ‬باتت‭ ‬أكثر‭ ‬دراية‭ ‬بأهداف‭ ‬الغرب‭ ‬الشيطانية‭.. ‬لذلك‭ ‬انتفضت‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬حكامها‭ ‬وقامت‭ ‬المظاهرات‭ ‬والحشود‭ ‬الهائلة‭ ‬التى‭ ‬تطالب‭ ‬بوقف‭ ‬القتل‭ ‬والحصار‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬
الحقيقة،‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الصهيونى‭ ‬ليوآف‭ ‬جالانت‭ ‬مثير‭ ‬للشفقة‭ ‬والسخرية‭.. ‬يقول‭ ‬كلاماً‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬وجود‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.. ‬يتحدث‭ ‬بثقة‭ ‬عن‭ ‬انتصار‭ ‬أصبح‭ ‬بعيد‭ ‬المنال،‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الإخفاقات‭ ‬والفشل‭ ‬الذريع‭ ‬والهشاشة‭ ‬والارتباك‭ ‬الذى‭ ‬بدت‭ ‬علي‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭.. ‬بل‭ ‬والمدهش‭ ‬أنه‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬جيشه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬القتال‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬استمر‭ ‬لمدة‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭.. ‬وهو‭ ‬في‭ ‬اعتقادى‭ ‬يقول‭ ‬كلاماً‭ ‬لا‭ ‬يدرى‭ ‬معناه‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الضغوط‭ ‬والتحديات‭ ‬والفشل‭ ‬والانقسام‭ ‬والانشقاق‭ ‬داخل‭ ‬اسرائيل‭ ‬وفى‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬جيشه‭ ‬من‭ ‬فضائح‭ ‬مزرية‭ ‬ومدوية‭.. ‬فلا‭ ‬أدرى‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬أتى‭ ‬بهذه‭ ‬الخزعبلات‭ ‬وجيشه‭ ‬فشل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬شهر‭ ‬كامل‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬أى‭ ‬نجاح‭ ‬سوى‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمدنيين‭ ‬ولا‭ ‬يقوى‭ ‬جنوده‭ ‬علي‭ ‬مواجهة‭ ‬المقاومين‭.. ‬تخور‭ ‬قواهم‭ ‬فور‭ ‬مشاهدتهم‭ ‬ويفرون‭ ‬هرباً،‭ ‬ودباباته‭ ‬تتعرض‭ ‬لضربات‭ ‬قاصمة‭ ‬تتهاوى‭ ‬أمام‭ ‬صواريخ‭ ‬المقاومة‭ ‬البدائية‭ ‬ذات‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الضعيفة،‭ ‬والصواريخ‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تضىء‭ ‬سماء‭ ‬اسرائيل‭ ‬وتشعل‭ ‬اللهب‭ ‬والحرائق‭ ‬فى‭ ‬مدن‭ ‬اسرائيل‭.‬
الحقيقة،‭ ‬أن‭ ‬مشهد‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والاسرائيليين‭ ‬بات‭ ‬مختلفاً‭ ‬تماماً‭.. ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هول‭ ‬الصاعقة‭ ‬والمفاجأة‭ ‬فى‭ ‬‮٧‬‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضى‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬وما‭ ‬كشفته‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬وترهل‭ ‬لجيش‭ ‬الاحتلال‭.. ‬لكن‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬الجيش‭ ‬الاسرائيلى‭ ‬أى‭ ‬مظاهر‭ ‬قوة‭ ‬أو‭ ‬تخطيط‭ ‬أو‭ ‬نجاح‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬أو‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭.. ‬بل‭ ‬دخل‭ ‬مستنقع‭ ‬الاستنزاف‭ ‬ومزيد‭ ‬من‭ ‬الفضائح،‭ ‬ويمكن‭ ‬لأى‭ ‬قوة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬تبنى‭ ‬حساباتها‭ ‬على‭ ‬الهشاشة‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬ومدى‭ ‬الضعف‭ ‬لدى‭ ‬المقاتل‭ ‬فى‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬العقيدة‭ ‬أو‭ ‬تدريبه‭ ‬وجاهزيته،‭ ‬وأنه‭ ‬مقاتل‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬الشجاعة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬قناعاته‭ ‬وعدم‭ ‬ارتباطه‭ ‬بالأرض‭ ‬التى‭ ‬يعيش‭ ‬عليها‭ ‬وهى‭ ‬أرض‭ ‬مغتصبة‭ ‬بالأساس‭ ‬وأنه‭ ‬جاء‭ ‬لمجرد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيونى‭.‬
الحقيقة‭ ‬أيضا،‭ ‬أن‭ ‬اسرائيل‭ ‬بدت‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬فى‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الضعف‭ ‬والعجز،‭ ‬وأن‭ ‬الضغوط‭ ‬الداخلية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬والعالمية‭ ‬سوف‭ ‬تواجه‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬ضد‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.. ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬عرض‭ ‬تفاصيل‭ ‬المشهد‭ ‬الحالى‭ ‬وحقيقته‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬ومن‭ ‬سيحسم‭ ‬ويفرض‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭ ‬وما‭ ‬لدى‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬وما‭ ‬الضغوط‭ ‬التى‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬فى‭ ‬الكيان،‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬التلويح‭ ‬باستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووى‭ ‬لاستهداف‭ ‬غزة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬الوجه‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬القبيح؟
أولاً‭:‬‭ ‬الوضع‭ ‬العسكرى‭ ‬ليس‭ ‬فى‭ ‬صالح‭ ‬إسرائيل‭.. ‬قولاً‭ ‬واحداً،‭ ‬إخفاقات‭ ‬تلو‭ ‬الإخفاقات‭.. ‬غياب‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭.. ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬فى‭ ‬المعدات‭ ‬والأرواح‭ ‬والإصابات،‭ ‬وسقوط‭ ‬ذريع‭ ‬للآلة‭ ‬العسكرية‭ ‬الاسرائيلية،‭ ‬خاصة‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمزاعم‭ ‬أسطورة‭ ‬الدبابة‭ ‬‮«‬الميركافا‮»‬‭.. ‬فكل‭ ‬ذلك‭ ‬تهاوى‭ ‬أمام‭ ‬شراسة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وإدراكها‭ ‬ماذا‭ ‬تريد‭ ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬القتال،‭ ‬فالاجتياح‭ ‬البرى‭ ‬تم‭ ‬تحوله‭ ‬إلى‭ ‬توغل‭ ‬برى،‭ ‬فشل‭ ‬رغم‭ ‬اختراق‭ ‬الآليات‭ ‬والمعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬لمساحات‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يتردد‭ ‬عن‭ ‬نجاحها‭ ‬فى‭ ‬فصل‭ ‬شمال‭ ‬وجنوب‭ ‬غزة‭.. ‬لكن‭ ‬محاولات‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الدخول‭ ‬نفسه‭ ‬فى‭ ‬القطاع‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬فسحة‭ ‬أو‭ ‬نزهة‭ ‬لجيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬البائس،‭ ‬الذى‭ ‬تتخطفه‭ ‬الطير‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المقاومة،‭ ‬وسوف‭ ‬يفشل‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬المدن‭ ‬وسيكون‭ ‬الدمار‭ ‬الذى‭ ‬ارتكبه‭ ‬وسيلة‭ ‬المقاومة‭ ‬للتخفى‭ ‬واصطياد‭ ‬آلياته‭ ‬وعناصره،‭ ‬ولن‭ ‬تحتاج‭ ‬المواجهة‭ ‬أسلحة‭ ‬متطورة،‭ ‬وسوف‭ ‬تحيد‭ ‬الدبابات‭ ‬والطائرات‭ ‬وسيكون‭ ‬القتال‭ ‬بالمواجهة‭ ‬المباشرة‭ ‬مع‭ ‬المقاومة‭.‬
فعلى‭ ‬مدار‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية،‭ ‬تكبد‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬فى‭ ‬معداته‭ ‬وآلياته‭ ‬وأرواح‭ ‬ضباطه‭ ‬وجنوده،‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يعلنه،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬استهداف‭ ‬قواته‭ ‬تتم‭ ‬فى‭ ‬الخلاء‭ ‬وفى‭ ‬ساحات‭ ‬مفتوحة‭ ‬ويصل‭ ‬المقاومون‭ ‬إلى‭ ‬الآليات‭ ‬ويضعون‭ ‬القنابل‭ ‬والعبوات‭ ‬بأياديهم‭.. ‬هذه‭ ‬الخسائر،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬الأرواح‭ ‬والمصابين‭ ‬والفشل‭ ‬العسكرى‭ ‬الذريع،‭ ‬تمثل‭ ‬عنصر‭ ‬ضغط‭ ‬رهيب،‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬الصهيونى‭ ‬والداخل‭ ‬الاسرائيلى‭.‬
ثانياً‭:‬‭ ‬ارتباطاً‭ ‬بالمشهد‭ ‬العسكرى‭ ‬والفشل‭ ‬الاسرائيلى‭ ‬الذريع‭.. ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬أعمال‭ ‬المقاومة‭ ‬وحيويتها‭ ‬يشكل‭ ‬ضغطاً‭ ‬رهيباً‭ ‬على‭ ‬اسرائيل‭ ‬وقياداتها‭ ‬ويؤجج‭ ‬الرعب‭ ‬والفزع‭ ‬فى‭ ‬نفوس‭ ‬الصهاينة‭.. ‬بل‭ ‬تذهب‭ ‬الأخبار‭ ‬الواردة‭ ‬أن‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬شهر‭ ‬فى‭ ‬الخنادق‭ ‬والمخابئ‭ ‬تحت‭ ‬الأرض،‭ ‬وأن‭ ‬مظاهر‭ ‬الحياة‭ ‬توقفت‭ ‬فى‭ ‬الأراضى‭ ‬المحتلة‭ ‬خوفاً‭ ‬ورعباً‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬وصواريخ‭ ‬المقاومة‭.. ‬فلا‭ ‬أمن‭ ‬ولا‭ ‬اقتصاد‭ ‬ولا‭ ‬رفاهية‭.. ‬خسائر‭ ‬بعشرات‭ ‬المليارات‭ ‬من‭ ‬الدولارات،‭ ‬قابلة‭ ‬للزيادة‭ ‬يومياً‭ ‬ومع‭ ‬الاستمرار‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مئات‭ ‬المليارات،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬اسرائيل‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬الحرب‭ ‬فى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬والصراعات‭.. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الضغوط‭ ‬الشعبية‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬والمظاهرات‭ ‬الحاشدة‭.. ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬المطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ولكن‭ ‬تلك‭ ‬التى‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬لأزمات‭ ‬الأسرى‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬فى‭ ‬أيدى‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأيضا‭ ‬الخسائر‭ ‬الهائلة‭ ‬فى‭ ‬الأرواح‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬سقوط‭ ‬عشرات‭ ‬الضباط‭ ‬والجنود‭ ‬قتلى‭ ‬خلال‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬وباستهداف‭ ‬المقاومة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬ثورة‭ ‬الداخل‭ ‬وأوجاع‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬باتوا‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬نتنياهو‭ ‬الذى‭ ‬يطبق‭ ‬أسوأ‭ ‬بنود‭ ‬قانون‭ ‬‮«‬هانيبال‮»‬‭ ‬الأمريكى‭ ‬ويضحى‭ ‬بالأسرى،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬أعلنت‭ ‬أن‭ ‬60‭ ‬٪‭ ‬من‭ ‬الأسرى‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬قتلوا‭ ‬وفقدوا‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬القصف‭ ‬الذى‭ ‬تشنه‭ ‬مقاتلات‭ ‬الاحتلال‭.. ‬والحقيقة،‭ ‬أن‭ ‬إعلام‭ ‬المقاومة‭ ‬أجاد‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التلاعب‭ ‬بالداخل‭ ‬الاسرائيلى‭ ‬والتحريض‭ ‬بأوتار‭ ‬معينة‭ ‬ضد‭ ‬نتنياهو،‭ ‬خاصة‭ ‬‮«‬تسجيل‭ ‬الأسيرات‮»‬‭ ‬وفيديوهات‭ ‬استهداف‭ ‬الآليات‭ ‬العسكرية‭ ‬وضباط‭ ‬وجنود‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬أو‭ ‬فقدان‭ ‬الأسرى‭ ‬لدى‭ ‬كتائب‭ ‬المقاومة‭.. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬سخونة‭ ‬الداخل‭ ‬الاسرائيلى‭ ‬ويربك‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬الإجرامية‭ ‬واستمرار‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكرى‭.. ‬لذلك‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬الأوضاع‭ ‬داخل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيونى‭ ‬أصبحت‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتحملها‭ ‬قادة‭ ‬اسرائيل،‭ ‬والإجرام‭ ‬الصهيونى‭.. ‬لذلك‭ ‬يكذب‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت‭ ‬وزير‭ ‬دفاع‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬عندما‭ ‬يزعم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬لمدة‭ ‬سنة‭ ‬ولن‭ ‬يستطيع،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التكلفة‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن‭ ‬التى‭ ‬يدفعها‭ ‬الكيان‭ ‬من‭ ‬اقتصاده‭ ‬وتكلفة‭ ‬الحرب‭ ‬والعمليات‭ ‬الإجرامية‭ ‬أو‭ ‬تداعيات‭ ‬توقف‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬اسرائيل‭ ‬والخسائر‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الفادحة‭ ‬وحروب‭ ‬المستثمرين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬وتوقف‭ ‬السياحة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أسوأ‭ ‬مما‭ ‬ارتكبته‭ ‬القوات‭ ‬الصهيونية‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭.. ‬لذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬أصبحت‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬تفرق،‭ ‬ولكن‭ ‬الأمر‭ ‬مختلف‭ ‬بالنسبة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيونى‭ ‬المحمل‭ ‬بالضغوط‭ ‬والأعباء‭ ‬المتزايدة‭ ‬والمتصاعدة،‭ ‬والتى‭ ‬تشكل‭ ‬ضغطاً‭ ‬رهيباً‭ ‬ومتصاعداً‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬الإجرامية‭.‬
استدراج‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لقوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬وقيامها‭ ‬بتدمير‭ ‬آلياتها‭ ‬يزداد‭ ‬شراسة‭ ‬ويجعل‭ ‬اسرائيل‭ ‬تنزف‭ ‬يومياً،‭ ‬فلا‭ ‬اجتاحت‭ ‬أو‭ ‬توغلت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬ولا‭ ‬استقرت‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬ولا‭ ‬تخلصت‭ ‬من‭ ‬الانفاق‭ ‬ولا‭ ‬أفرجت‭ ‬عن‭ ‬الأسرى،‭ ‬ولا‭ ‬أوقفت‭ ‬الرشقات‭ ‬الصاروخية‭ ‬التى‭ ‬تحول‭ ‬اسرائيليين‭ ‬إلى‭ ‬جرذان‭ ‬تجرى‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬ولا‭ ‬أوقفت‭ ‬الاستنزاف‭ ‬الاقتصادى،‭ ‬فالتكلفة‭ ‬باهظة‭ ‬والفشل‭ ‬ذريع‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬الزمن‭ ‬يداهم‭ ‬نتنياهو‭ ‬وعصابته‭ ‬وليس‭ ‬أمامهم‭ ‬سوى‭ ‬الاستسلام‭ ‬للأمر‭ ‬الواقع‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬تحقيق‭ ‬أى‭ ‬هدف‭ ‬يحفظ‭ ‬ماء‭ ‬وجه‭ ‬الاحتلال‭ ‬القبيح‭.‬
ثالثاً‭:‬‭ ‬تغير‭ ‬دفة‭ ‬المؤيدين‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭ ‬للإجرام‭ ‬الاسرائيلى،‭ ‬وباتوا‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬موافقتهم‭ ‬على‭ ‬النزوح‭ ‬العسكرى‭ ‬وضرورة‭ ‬إدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬وعدم‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬وأهمية‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭.. ‬ولأنهم‭ ‬لم‭ ‬يعطوا‭ ‬تفويضاً‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بقتل‭ ‬المدنيين،‭ ‬وذلك‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬ضغط‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬المتصاعد‭ ‬فى‭ ‬دولهم،‭ ‬وخروج‭ ‬المظاهرات‭ ‬والحشود‭ ‬الشعبية‭ ‬وتنامى‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬العالمى‭ ‬الرافض‭ ‬للإجرام‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭.. ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬الانقسام‭ ‬والانشقاق‭ ‬داخل‭ ‬مركز‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬فى‭ ‬واشنطن‭ ‬والعواصم‭ ‬الأوروبية،‭ ‬فهناك‭ ‬انقسامات‭ ‬داخل‭ ‬برلمانات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬واتهامات‭ ‬متبادلة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الانقسام‭ ‬فى‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وفريق‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬السياسى‭ ‬وخروج‭ ‬مظاهرات‭ ‬بحشود‭ ‬غفيرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اضطر‭ ‬قادة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬خطاباتهم‭ ‬أو‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التأييد‭ ‬المطلق‭ ‬لإسرائيل‭.. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬فرنسا‭ ‬تتحدث‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬وزيرة‭ ‬خارجيتها‭ ‬بأن‭ ‬مؤتمر‭ ‬باريس‭ ‬فى‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬الجارى‭ ‬سيكون‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬وأهمية‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولى‭ ‬الإنسانى‭.. ‬وتعلن‭ ‬فرنسا‭ ‬أنها‭ ‬صوتت‭ ‬لصالح‭ ‬وقف‭ ‬اطلاق‭ ‬النار‭ ‬بغزة‭ ‬وعلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬تحمل‭ ‬مسئولياته‭.. ‬الجميع‭ ‬استشعر‭ ‬الخطر‭ ‬على‭ ‬مستقبلهم‭ ‬السياسى‭ ‬جراء‭ ‬التأييد‭ ‬اللامحدود‭ ‬لإجرام‭ ‬اسرائيل،‭ ‬وأنهم‭ ‬سيدفعون‭ ‬ثمناً‭ ‬باهظاً‭ ‬من‭ ‬مستقبلهم‭ ‬السياسى‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬التأييد‭ ‬والدعم‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التى‭ ‬تشنها‭ ‬اسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬تنامى‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬الغربى‭ ‬الرافض‭ ‬للإجرام‭ ‬الصهيونى‭ ‬فى‭ ‬فلسطين‭.. ‬لذلك‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التراجع‭ ‬للخلف‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭.. ‬لكن‭ ‬الموقف‭ ‬الاسبانى‭ ‬والبلجيكى‭ ‬الأكثر‭ ‬اعتدالاً‭ ‬مازال‭ ‬يضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيقاف‭ ‬الحرب‭ ‬وإدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬وإنقاذ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬حالة‭ ‬التعاطف‭ ‬العالمى‭ ‬مع‭ ‬سكان‭ ‬القطاع،‭ ‬والرفض‭ ‬المطلق‭ ‬لإجرام‭ ‬الصهاينة‭ ‬تشكل‭ ‬عنصراً‭ ‬آخراً‭ ‬ضاغط‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬ليس‭ ‬فى‭ ‬صالح‭ ‬إسرائيل‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬تراجع‭ ‬الدعم‭ ‬الامريكى‭ ‬والغربى،‭ ‬خاصة‭ ‬المالى‭ ‬والعسكرى‭.‬
رابعاً‭:‬‭ ‬فشل‭ ‬مشروع‭ ‬الصهيونية‭ ‬وداعميها‭ ‬فى‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتهجير‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬قسرياً‭ ‬إلى‭ ‬سيناء،‭ ‬بسبب‭ ‬الموقف‭ ‬المصرى‭ ‬الصلب‭ ‬والشريف‭ ‬والتصدى‭ ‬الشجاع‭ ‬والقاطع‭ ‬لهذا‭ ‬المشروع‭ ‬الخبيث‭ ‬والشيطانى،‭ ‬رغم‭ ‬الضغوط‭ ‬الرهيبة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الغرب‭ ‬وبفعل‭ ‬التحريض‭ ‬الاسرائيلى،‭ ‬ورغم‭ ‬ضغوط‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭.. ‬لكن‭ ‬جاء‭ ‬الموقف‭ ‬المصرى‭ ‬شريفاً‭ ‬شامخاً‭ ‬ثابتاً‭ ‬راسخاً‭ ‬دون‭ ‬تزحزح،‭ ‬بل‭ ‬محذراً‭ ‬أو‭ ‬مهدداً‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬خطوط‭ ‬مصر‭ ‬الحمراء‭.. ‬لذلك‭ ‬فشلت‭ ‬محاولات‭ ‬ومؤامرات‭ ‬التهجير‭ ‬والتوطين‭ ‬رغم‭ ‬الضغوط‭ ‬الهائلة‭ ‬والمتعددة،‭ ‬بل‭ ‬وأثبتت‭ ‬مصر‭ ‬قوتها‭ ‬وقدرتها‭ ‬واتخذت‭ ‬مواقف‭ ‬صارمة،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬إدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬الانسانية‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬بعبور‭ ‬الأجانب‭ ‬من‭ ‬معبر‭ ‬رفح‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات،‭ ‬ثم‭ ‬بالأمس‭ ‬اتخذت‭ ‬موقفاً‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬عدم‭ ‬سماح‭ ‬اسرائيل‭ ‬بعبور‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬والمصابين‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬لتلقى‭ ‬العلاج‭.. ‬لذلك‭ ‬أعلنت‭ ‬وبقوة‭ ‬عدم‭ ‬السماح‭ ‬بعبور‭ ‬الأجانب‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬السماح‭ ‬بعبور‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬والمصابين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬لتلقى‭ ‬العلاج‭ ‬فى‭ ‬المستشفيات‭ ‬المصرية‭.‬
مصر‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬خطوتين‭ ‬حصار‭ ‬الأزمة‭ ‬الراهنة‭ ‬سياسياً‭ ‬ودبلوماسياً‭ ‬ودور‭ ‬وثقل‭ ‬مصر‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬الدولية‭ ‬القوية‭ ‬مع‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬قبلة‭ ‬الاتصالات‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الحل‭ ‬وسط‭ ‬إجماع‭ ‬عالمى‭ ‬ودولى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬حل‭ ‬قضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وفى‭ ‬القلب‭ ‬منها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬
جميع‭ ‬رهانات‭ ‬وأوهام‭ ‬اسرائيل‭ ‬فشلت‭ ‬وباتت‭ ‬مخططاتها‭ ‬ومشروعاتها‭ ‬المشبوهة‭ ‬سلعة‭ ‬فاسدة‭ ‬منتهية‭ ‬الصلاحية‭ ‬بفعل‭ ‬الموقف‭ ‬والإرادة‭ ‬المصرية،‭ ‬وقدرة‭ ‬القاهرة‭ ‬على‭ ‬محاصرة‭ ‬وتطويق‭ ‬الأزمة‭ ‬والمؤامرة‭ ‬وتغيير‭ ‬المواقف‭ ‬والمفاهيم‭ ‬بتحركات‭ ‬ومسارات‭ ‬فى‭ ‬منتهى‭ ‬العبقرية،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬وقدرة‭ ‬مصر‭ ‬الشاملة‭ ‬وتأثيرها‭ ‬الفعال‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭ ‬والتهديدات‭.‬
وصلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬معادلة‭ ‬‮«‬صفرية‮»‬‭.. ‬فلا‭ ‬أهداف‭ ‬تحققت،‭ ‬ولا‭ ‬تهجير‭ ‬أو‭ ‬توطين‭ ‬تحقق،‭ ‬وأصبح‭ ‬مجرد‭ ‬أضغاث‭ ‬أحلام،‭ ‬ولا‭ ‬نجاح‭ ‬عسكرياً،‭ ‬ولا‭ ‬كسر‭ ‬للمقاومة،‭ ‬ولا‭ ‬احتلال‭ ‬لأرض‭ ‬فى‭ ‬غزة‭.. ‬وتخويف‭ ‬مستمر‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة‭ ‬وتوقف‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬اسرائيل،‭ ‬وحالة‭ ‬فزع‭ ‬وهلع‭ ‬فى‭ ‬الداخل،‭ ‬وانقسامات‭ ‬وانشقاقات‭ ‬ومظاهرات‭ ‬بسبب‭ ‬الأسرى‭ ‬وارتفاع‭ ‬أعداد‭ ‬القتلى‭ ‬وظهور‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬بحالة‭ ‬مزرية‭ ‬وهشة‭ ‬وضآلة‭ ‬وارتفاع‭ ‬غياب‭ ‬الجاهزية‭ ‬وعدم‭ ‬كفاءة‭ ‬المقاتل‭ ‬الصهيونى‭.. ‬إذن‭ ‬جميع‭ ‬أهداف‭ ‬اسرائيل‭ ‬تهاوت‭ ‬وسقطت،‭ ‬فما‭ ‬جدوى‭ ‬استمرار‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكرى‭ ‬سوى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬والعار‭ ‬والفضائح‭ ‬والانقسام‭ ‬الداخلى‭ ‬والهروب‭ ‬الجماعى‭ ‬من‭ ‬اسرائيل‭ ‬وتراجع‭ ‬حدة‭ ‬التأييد‭ ‬والدعم‭ ‬المطلق‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬ووجود‭ ‬احتمالات‭ ‬إلى‭ ‬عجز‭ ‬هذا‭ ‬الدعم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تواجد‭ ‬مكثف‭ ‬لقوى‭ ‬كبرى‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وانتظار‭ ‬ما‭ ‬تسفر‭ ‬عنه‭ ‬الأحداث‭ ‬المتصاعدة‭.. ‬واسرائيل‭ ‬قابلة‭ ‬للانفجار‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الصراع‭ ‬ليتحول‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬شاملة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تخشاه‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭.. ‬لذلك‭ ‬هناك‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الصمود‭ ‬الفلسطينى‭ ‬علي‭ ‬الأرض‭ ‬وتزايد‭ ‬الخسائر،‭ ‬مع‭ ‬الموقف‭ ‬المصرى‭ ‬الحاسم‭ ‬والقاطع‭ ‬والشريف‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬تطويق‭ ‬المؤامرة‭ ‬والصراع‭ ‬ومحاصرته‭ ‬سياسياً‭ ‬ودولياً‭ ‬وفرض‭ ‬الإرادة‭ ‬المصرية‭ ‬ورفضها‭ ‬لكل‭ ‬مشروعات‭ ‬‮«‬التوريط‮»‬‭ ‬أو‭ ‬المساس‭ ‬باستقلالية‭ ‬الشأن‭ ‬الفلسطينى‭ ‬ورفض‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المتواطئة‭.‬
خامساً‭:‬‭ ‬الموقف‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬ونجاح‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فى‭ ‬الصمود‭ ‬واستمرار‭ ‬استنزاف‭ ‬قدرات‭ ‬وقوات‭ ‬وآليات‭ ‬وضباط‭ ‬وجنود‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيونى،‭ ‬سوف‭ ‬يحسم‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيونى‭ ‬لا‭ ‬يتحمل‭ ‬تداعيات‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬وإصابة‭ ‬ضباطه‭ ‬وجنوده‭ ‬والأرقام‭ ‬تتصاعد،‭ ‬واسرائيل‭ ‬تخفى‭ ‬خسائرها‭ ‬الحقيقية‭ ‬ولا‭ ‬قبل‭ ‬لها‭ ‬باستمرار‭ ‬الاستنزاف‭ ‬المستمر‭ ‬وتحتاج‭ ‬فقط‭ ‬فتح‭ ‬أبواب‭ ‬الانسحاب‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬المفاوضات،‭ ‬ولديها‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭ ‬الآن،‭ ‬هو‭ ‬مصير‭ ‬الأسرى‭ ‬والرهائن‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬فى‭ ‬أيدى‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭.‬
فى‭ ‬ظنى،‭ ‬أن‭ ‬معطيات‭ ‬الواقع‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬اقتراب‭ ‬زوال‭ ‬الأزمة‭ ‬والإعلان‭ ‬الرسمى‭ ‬عن‭ ‬هزيمة‭ ‬وفشل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيونى‭ ‬وحكومته‭ ‬منتهية‭ ‬الصلاحية‭ ‬وجيشه‭ ‬الهش،‭ ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬أوصافاً‭ ‬مبالغاً‭ ‬فيها،‭ ‬لكنها‭ ‬الحقيقة‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬معطيات‭ ‬شهر‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬والإخفاقات‭ ‬والفضائح‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭.‬
هذه‭ ‬مجرد‭ ‬قراءة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيونى‭ ‬الذى‭ ‬اعتاد‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬إطالة‭ ‬زمن‭ ‬أى‭ ‬حرب‭.. ‬لأن‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬ضرراً‭ ‬وخسائر‭ ‬فادحة‭ ‬له‭.. ‬وفى‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬إطالة‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬ربما‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬اتساع‭ ‬نطاق‭ ‬الصراع‭ ‬وتصاعد‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬العالمى‭.. ‬وأيضاً‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬داخل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيونى‭.. ‬لذلك‭ ‬كلما‭ ‬طال‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬حسابات‭ ‬أخرى‭.. ‬وارتفعت‭ ‬خسائر‭ ‬وتفاقمت‭ ‬أوجاع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيونى‭.. ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬ان‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أعدت‭ ‬عدتها‭ ‬جيداً‭ ‬وجاهزة‭ ‬لإلحاق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬بالكيان‭ ‬الصهيونى‭.. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬لأسلحة‭ ‬محظورة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تلويح‭ ‬وزير‭ ‬التراث‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬باستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووى‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجسد‭ ‬عقيدة‭ ‬الإجرام‭ ‬والإرهاب‭ ‬الصهيونى‭.. ‬وأيضاً‭ ‬تأثير‭ ‬الضربات‭ ‬المؤلمة‭ ‬للمقاومة‭ ‬والفشل‭ ‬الذريع‭ ‬للكيان‭. ‬
ربما‭ ‬تتغير‭ ‬بوصلة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيونى‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المخطط‭ ‬الشيطانى‭ ‬الذى‭ ‬تنفذه‭ ‬إسرائيل‭ ‬مدعوم‭ ‬برعاية‭ ‬ومصالح‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬وقوى‭ ‬الشر‭ ‬التى‭ ‬ترعى‭ ‬محاولة‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتهجير‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬وتحقيق‭ ‬مصالحها‭.. ‬ووأد‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقله‭.. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬وإطالة‭ ‬زمنها‭ ‬لحين‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬الشيطانية‭ ‬أمر‭ ‬وارد‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬‮«‬مؤامرة‮»‬‭ ‬مدعومة‭ ‬دولياً‭.‬
وختاماً‭.. ‬تحية‭ ‬إجلال‭ ‬واعتزاز‭ ‬لموقف‭ ‬مصر‭ ‬الشريف‭ ‬والحاسم،‭ ‬والإدارة‭ ‬العبقرية‭ ‬لقيادتها‭ ‬السياسية‭ ‬الاستثنائية‭ ‬الشريفة‭ ‬المخلصة،‭ ‬التى‭ ‬وقفت‭ ‬كالجبل‭ ‬الشامخ‭ ‬أمام‭ ‬محاولات‭ ‬النيل‭ ‬والمساس‭ ‬بأرض‭ ‬وسيادة‭ ‬مصر‭ ‬الحرة‭ ‬الأبية‭ ‬القوية‭ ‬القادرة،‭ ‬التى‭ ‬نجحت‭ ‬بامتياز‭ ‬واقتدار‭ ‬وبشرف‭. ‬

تحيا مصر

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى