مشهد «الكوبوى» الأخير!!
الكاتب أ / يسري السيد
لا أ حد يريد أن يسمع سواء عن قصد أو دون قصد… وإذا سمع لا يريد أن يستوعب أولا، ثم يفهم بعد ذلك لنفسه، ثم يصرح به إذا أراد علنا أو ضمنا…قادة الغرب لا يريدون أن يتطرقوا إلى أصل المشكلة ليس فى غزة فحسب ولكن فى فلسطين ككل… لماذا؟
لأنهم يعرفون ويدركون هدفهم الحقيقى وهو زرع هذا الكيان هنا لزعزعة الاستقرار فى هذه المنطقة حتى تظل تحت القبضة الغربية حتى لو تحررت من استعمارهم العلني، يعنى إسرائيل هى البديل الفيزيقى للاستعمار القديم والحديث والمستقبلي، وإذا لم تنشئها بريطانيا بوعد بلفور لكان البديل وعد الرئيس الأمريكى بايدن وأجداده قد أنشأها كما قالها صراحة «إذا لم توجد إسرائيل الآن لقام الأمريكان الآن بانشاءها.
> ومن يجرؤ على انتقاد أفعالها فى غزة مثلما فعل أمين الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بقوله» هجوم يوم 7 أكتوبر الماضى لم يأت من فراغ، وإن هذه الهجمات لا تبرر القتل الجماعى الذى تشهده غزة التى تحولت بسبب الهجوم الإسرائيلى إلى مقبرة جماعية.»!!
فتحوا عليه أبواب جهنم وطالبوه بالاعتذار أو بالاستقالة!!
> لا أحد يريد أن يفهم أن فلسطين لها أهل ولا يسقط حقهم فيها بالاحتلال أو التقادم بوجود مغتصب لحيازتها لمدة تقترب من 75 عاما.
> الكل يتناسى أن لفلسطين أهلا عاشوا فيها قبل بعث إبراهيم أبو الأنبياء وموسى وعيسى ومحمد وما بينهم من أنبياء ورسل، إذا سلمنا بمنطق الصهاينة الجدد
> والغريبة أن العالم الغربى المتمدين و العلمانى لا يريد أن يطبق نظرياته بفصل الدين عن السياسة وأنظمة الحكم وانتقاده لأى تدخل للدين فى السياسة والثقافة والابداع فى اى بقعة من العالم.
ومع ذلك يعلن قادة أمريكا تعصبهم ليهوديتهم ودعمهم للكيان اليهودي، ويصم الغرب أذنه ويغمض عينه ويغلق عقله عما يفعله مجموعة من المهووسين حين أرادوا تطبيق مفاهيم مغلوطة عن التوراة ويكذبهم فيها كبار حاخاماتهم عندما كشفوا عن الملعوب منذ مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل 1897 بالدعوة لإقامة وطنا قوميا لليهود حين قال كبار الحاخامات اليهود إن هذه الدعوة ضد التوراة وتضر بالجانب الروحى فيها، وان والنزعة السياسية لدى البعض لإقامة كيان سياسى يخدم أغراضهم… هو بدعة عن اليهودية كديانة!!
المهم إذا مشينا فى هذا الجدل العقيم الذى يصدره هؤلاء للعالم يكون السؤال المنطقي:
لماذا لا يعود العالم كله بملياراته إلى العراق أو فلسطين أو لبنان أو الجزيرة العربية أو الهند باعتبارهم مهد الإنسانية حيث عاش آدم باعتبار هذه البلاد هى أرض الجد آدم.
وإذا حكمنا هذا المنطق الصهيونى لماذا لا يعود كل المسلمين إلى مكة والمدينة المنورة وكل المسيحيين إلى فلسطين وكل اليهود ايضا الى فلسطين ولنترك اراضى العالم كله لمن يأتى لسكناها وتعميرها من الكائنات الفضائية المحتملة!!
> بالذمة أليس هذا خرف وهزل، ليس لمن يطلقه فحسب ولكن لمن يصدقه فى الغرب أو حتى يصمت عنه أو يغض الطرف عن الرد عليه ووصفه بالسفه.
> وبهذا المنطق الغريب هل يعقل ان تكون فلسطين لمن عاش «جدلا والجدل غير الواقع» بضع سنين فيها باعترافهم هم، يعنى 200 سنة او حتى 500 عام فى بلد عمر سكانه الاصليين فيه اكثر من 15 الف سنه فيها قبل الديانات السماوية اصلا!!، ويحاولون ازاحتهم الآن ليعيشوا مكانهم!!
> والأمر الغريب الذى يصمت الغرب عنه يفسره أن بعض هذه البلاد قامت أصلاعلى المهاجرين اليها بعد ان نفذوا ما تفعله اسرائيل الآن بنفى وقتل سكان هذه البلاد الأصليين.
المهم هل رأيتم فى العالم الآن كيانا يحمل كل سكانه ومواطنيه جنسيات مزدوجة، جنسيات البلاد التى جاءوا منها وجنسية الكيان الصهيوني، وعندما يتم خدشهم يبرزون جواز سفرهم الاصلى كدرع دبلوماسى لحمايتهم من جريمة اغتصاب وسرقة بلد ليست ملكهم.
وكالعادة نجحت الصهيونية فى بداية هذه الازمة فى تصدير المشهد الاخير المفبرك لما قامت به حماس يوم 7 اكتوبر للعالم، وعندما اكتشف العالم الكذبة كانوا قد أعدوا أكاذيب أخرى وصدروا للعالم معها غمامات على الأعين حتى لا يروا ما يحدث امامهم على الهواء مباشرة من هدم المنازل على رءوس من فيها وقتل المواطنين العزل فى الخلاء والمرضى فى المستشفيات وسيارات الاسعاف والاطفال والنساء والعجائز بالطائرات والصواريخ والقنابل العنقودية… إلخ، وكله تحت زعم حق الدفاع عن النفس، وكأن هذا الحق معدوم عمن سرقت أرضه وقتل أهله وشرد أولاده وصار أعزل يفترش الدمار ويلتحف القنابل والصواريخ!!
> يعنى تركوا وما زالوا عن عمد أصل المشكلة وسبب المرض ويتكلمون عن بعض الآثار، والغريبة أن بعض الساسة الغربيين يكملون السيناريو بأقوال من الكوميديا السوداء حين يقولون إنهم يطالبون إسرائيل بمراعاة القانون الدولى أثناء تدميرها وقتلها لأهل غزة، يعنى اقتلوهم بالراحة!!، وتناسوا أن القانون الدولى نفسه يؤكد على حق الشعوب فى الدفاع عن أرضها، ولا حق لمحتل أو مغتصب أو لص.
وللأسف نجحوا بمواقفهم هذه جعلنا نناقش بديهيات مثل أن القرارات الدولية التى أكدت «على الأقل وبمنطقهم هم عن القانون الدولى وصدرت بمشاركتهم» بأن الأراضى التى احتلتها إسرائيل عام 1967 أرض محتلة، ولا شرعية لمستوطنات أقيمت عليها ولا حق فى ضم القدس والجولان… إلخ من ترسانة قوانين دولية انتهكتها إسرائيل برميها فى سلة الاغتصاب، وحولت المدافع عن أرضه إلى إرهابى بعكس القانون الدولى الذى يؤكد أن من يدافع عن أرضه المحتلة ليس بإرهاب!!
المشهد الأخير!!
ومن رحم الأحداث فى غزة تتوالد الأسئلة منها:
> هل تكون معركة غزة هى المشهد الأخير الذى يتشبث فيها الكوبوى الأمريكى بدور البطولة على خشبة المسرح العالمى لحوالى 33 عاما منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
> هل بدأ إسدال الستار فى المسرحية العبثية واقتربت كلمة النهاية فى الفيلم الهوليودى عن الحقبة الأمريكية المنفردة.
> هل استعراض القوة الأمريكية بالأساطيل وحاملات الطائرات والغواصات النووية يتناسب مع المشهد الحادث فى غزة من آلاف الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال العزل الذين لا حول لهم ولا قوة بمقاييس ترسانات الأسلحة الغربية.. أم لاسباب اخري.
> هل الهزيمة والخسائر التى سببها وما زال يسببها الدب الروسى فى أوكرانيا للبيت الأبيض وحلفائه هى سبب هذا الجنون؟… وتؤكد ذلك كل الأخبار التى تأتى من أوكرانيا على استحياء بعد أن قام مخرجو هوليود بتحريك كاميرا الأخبار والأحداث إلى الشرق الأوسط حتى لا يعرف مواطنوهم فى المقام الأول والعالم كله هزيمتهم أمام الدب الروسى بعد أن خسروا الكثير.
يقول المستشار السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جيم ريكاردو أن روسيا انتصرت فى الصراع الأوكراني، وقطعت وصول كييف إلى البحر الأسود، وأقامت اتصالا بريا مع شبه جزيرة القرم،
> يعنى المعركة قى طريقها للحسم ومحاولة واشنطن والغرب استنزاف روسيا فى أوكرانيا حول الدب الروسى بوصلتها إلى خزائن اقتصادهم هم!!
والمتابع للمشهد الآن يتوقف أمام السبب الحقيقى الذى يجعل واشنطن تعود مرة أخرى للمنطقة بعد قرارها الانسحاب منها منذ شهور بعد أن رأت من ورث مكانها فورا أقصد الصين وروسيا وبالتواجد المكثف سواء بطريق الحرير أو بالتنمية الحقيقية غير المشروطة والتفاف دول المنطقة حولهم بدرجة أو بأخرى بعد أن كانت المنطقة بمثابة الفناء الخلفى للغرب.
> وعندما أدرك الكاوبوى الأمريكى الخطأ جاء مستعرضا بقوته أمام سكان عزل يحتمون بوطنهم أمام جحافل من صهاينة جاءوا من مختلف دول العالم ليقيموا كيانهم على جثة ملايين الفلسطينيين وأرضهم المسلوبة!!