مقالات

موقفنا‭ ‬الاقتصادى‭.. ‬وحفل‭ ‬المنصورية

الكاتب أ / السيد البابلي

ماذا‭ ‬عن‭ ‬موقفنا‭ ‬الاقتصادي‭.. ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬التوقعات‭ ‬المستقبلية‭ ‬فى‭ ‬ضوء‭ ‬التقارير‭ ‬العالمية‭ ‬عن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصري‭.. ‬هل‭ ‬نحن‭ ‬فى‭ ‬دائرة‭ ‬الخطر؟
والاجابة‭ ‬ليست‭ ‬سهلة‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬اختزالها‭ ‬فى‭ ‬مقال‭ ‬واحد‭.. ‬فنحن‭ ‬فى‭ ‬عنق‭ ‬الزجاجة‭ ‬فى‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬بفعل‭ ‬ظروف‭ ‬معاكسة‭ ‬وأوضاع‭ ‬عالمية‭ ‬معقدة‭ ‬تحمل‭ ‬منها‭ ‬وفى‭ ‬طياتها‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬السيادية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬الموجهة‭ ‬ضد‭ ‬مصر‭.‬
ولكننا‭ ‬نقولها‭ ‬بكل‭ ‬الثقة‭ ‬إننا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بقدرتنا‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬الأزمة‭.. ‬وبقدرتنا‭ ‬على‭ ‬سداد‭ ‬ديون‭ ‬مصر‭.. ‬وبقدرتنا‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬برامج‭ ‬وخطط‭ ‬التنمية‭ ‬والرعاية‭ ‬الاجتماعية‭.. ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬سهلاً‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاركة‭ ‬رسمية‭ ‬وشعبية‭ ‬لوقف‭ ‬المضاربة‭ ‬على‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬ومحاربة‭ ‬تجار‭ ‬العملة‭ ‬وبالعمل‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬الصادرات‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تمثل‭ ‬الأمل‭ ‬فى‭ ‬توفير‭ ‬العائدات‭ ‬الأجنبية‭ ‬وفى‭ ‬تشجيع‭ ‬المصريين‭ ‬بالخارج‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬تحويلاتهم‭ ‬عبر‭ ‬القنوات‭ ‬الرسمية‭ ‬وفى‭ ‬سياسات‭ ‬تتسم‭ ‬بالترشيد‭ ‬فى‭ ‬الانفاق‭ ‬والمصروفات‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭.‬
إن‭ ‬مصر‭ ‬التى‭ ‬تخوض‭ ‬حاليا‭ ‬معركة‭ ‬اقتصادية‭ ‬تقاوم‭ ‬فيها‭ ‬ضغوطاً‭ ‬دولية‭ ‬اقتصادية‭ ‬ترتبط‭ ‬بأهداف‭ ‬وأجندات‭ ‬سياسية‭ ‬سوف‭ ‬تنتصر‭ ‬بكبريائها‭ ‬الوطنى‭ ‬وبإراداتها‭ ‬الحرة‭ ‬وبقدرتها‭ ‬على‭ ‬الصبر‭ ‬ومواجهة‭ ‬الشدائد‭ ‬والأزمة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬طريقنا‭ ‬إلى‭ ‬النجاح‭ ‬وإعادة‭ ‬اكتشاف‭ ‬أنفسنا‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬
‭>>>‬
وفى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬وجوداً‭ ‬وانتشاراً‭ ‬فى‭ ‬الأسواق‭ ‬للملابس‭ ‬الجاهزة‭ ‬المصرية‭.. ‬وهناك‭ ‬سمعة‭ ‬طيبة‭ ‬تاريخية‭ ‬للمنتجات‭ ‬القطنية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭.. ‬والدولة‭ ‬تشجع‭ ‬بقوة‭ ‬صناعة‭ ‬الملابس‭ ‬الجاهزة‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬والتى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مصدراً‭ ‬مهماً‭ ‬للدخل‭ ‬القومى‭ ‬بالتصدير‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬وإلى‭ ‬أوروبا‭ ‬وإلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فصادراتنا‭ ‬من‭ ‬الملابس‭ ‬الجاهزة‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬وصلت‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليارى‭ ‬ونصف‭ ‬المليار‭ ‬دولار‭ ‬ويمكن‭ ‬مضاعفة‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭.. ‬وفى‭ ‬مقدورنا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬وسنكون‭.‬
‭>>>‬
وقبل‭ ‬عدة‭ ‬أسابيع‭ ‬هاجت‭ ‬الدنيا‭ ‬وماجت‭ ‬بسبب‭ ‬حفل‭ ‬أقيم‭ ‬فى‭ ‬المنصورية‭ ‬لطلاب‭ ‬احدى‭ ‬المدارس‭ ‬الأجنبية‭ ‬وقيل‭ ‬انه‭ ‬شهد‭ ‬حوادث‭ ‬عنف‭ ‬وسرقة‭ ‬بالإكراه‭ ‬وتحرش‭.. ‬وانفعلنا‭ ‬جميعا‭ ‬مع‭ ‬الفيديوهات‭ ‬والتعليقات‭ ‬والروايات‭ ‬التى‭ ‬قيلت‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬وتبين‭ ‬لنا‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬تحقيقات‭ ‬النيابة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬كذباً‭ ‬فى‭ ‬كذب‭.. ‬والذين‭ ‬نشروا‭ ‬ذلك‭ ‬كذبوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬فى‭ ‬أقوالهم‭ ‬أمام‭ ‬النيابة‭ ‬وقالوا‭ ‬انهم‭ ‬قالوا‭ ‬ما‭ ‬قالوه‭ ‬ظنا‭ ‬منهم‭ ‬بصحة‭ ‬محتواه‭ ‬وأنهم‭ ‬حذفوا‭ ‬ما‭ ‬قالوه‭ ‬من‭ ‬حساباتهم‭ ‬الإلكترونية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اكتشفوا‭ ‬انه‭ ‬تم‭ ‬التضليل‭ ‬بهم‭.‬
ونحن‭ ‬أمام‭ ‬قضية‭ ‬لا‭ ‬تتعلق‭ ‬بحادث‭ ‬المنصورية‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحديث‭ ‬فى‭ ‬أمور‭ ‬نجهلها‭ ‬وأحداث‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬حقيقتها‭ ‬وبقضايا‭ ‬نسارع‭ ‬إلى‭ ‬التعليق‭ ‬عليها‭ ‬دون‭ ‬معلومات‭ ‬كافية‭ ‬ورؤية‭ ‬واضحة‭..! ‬إننا‭ ‬أمام‭ ‬قضية‭ ‬جهل‭ ‬ندمر‭ ‬بها‭ ‬أنفسنا‭ ‬بأنفسنا‭ ‬ونستمتع‭ ‬بالإساءة‭ ‬للآخرين‭.. ‬هذه‭ ‬مصيبة‭ ‬المصائب‭.‬
‭>>>‬
وفى‭ ‬مناسبة‭ ‬الأحداث‭ ‬الجارية‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬أسوق‭ ‬إليكم‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬التى‭ ‬تقول‭ ‬انه‭ ‬ما‭ ‬أشبه‭ ‬الليلة‭ ‬بالبارحة‭.. ‬فتاريخ‭ ‬الأندلس‭ ‬يروى‭ ‬أن‭ ‬الإسبان‭ ‬قاموا‭ ‬بحصار‭ ‬طليطلة‭ ‬ومكثوا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭.. ‬وعندما‭ ‬استسلمت‭ ‬طليطلة‭ ‬للإسبان‭ ‬سأل‭ ‬الإسبان‭ ‬أهلها‭:‬
ما‭ ‬دمتم‭ ‬سوف‭ ‬تستسلمون‭ ‬فلماذا‭ ‬صبرتم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنين‭ ‬على‭ ‬الحصار‭ ‬الطويل؟
قالوا‭: ‬كنا‭ ‬ننتظر‭ ‬المدد‭ ‬من‭ ‬ملوك‭ ‬الطوائف؟
فقال‭ ‬الإسبان‭: ‬ملوك‭ ‬الطوائف‭ ‬كانوا‭ ‬معنا‭ ‬فى‭ ‬حصاركم؟
وبعد‭ ‬سقوط‭ ‬طليطلة‭ ‬أغار‭ ‬الإسبان‭ ‬على‭ ‬ملوك‭ ‬الطوائف‭ ‬فشتتوا‭ ‬شملهم‭ ‬وأسقطوا‭ ‬دولهم‭ ‬دويلة‭ ‬تلو‭ ‬الأخري‭..!‬
‭>>>‬
ونذهب‭ ‬للرياضة‭ ‬وكرة‭ ‬القدم‭ ‬ونضحك‭ ‬مع‭ ‬المدرب‭ ‬حلمى‭ ‬طولان‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬المدربين‭ ‬فى‭ ‬الدورى‭ ‬لا‭ ‬يجيدون‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭..!‬
وطولان‭ ‬ذكرنا‭ ‬بالراقصة‭ ‬التى‭ ‬هاجمت‭ ‬راقصة‭ ‬أخرى‭ ‬بسبب‭ ‬جهلها‭ ‬بالقراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬وتفاخرت‭ ‬بأنها‭ ‬تجيد‭ ‬عدة‭ ‬لغات‭ ‬أجنبية‭.. ‬ونسيت‭ ‬أو‭ ‬تناست‭ ‬أنها‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬ترقص‭.. ‬وأن‭ ‬كله‭ ‬رقص‭.. ‬ومواهب‭ ‬أخرى‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬القراءة‭ ‬ولا‭ ‬الكتابة‭.. ‬ولا‭ ‬اللغات‭..!‬
‭>>>‬
وأخيراً‭ :‬
لم‭ ‬تعد‭ ‬فى‭ ‬أيدى‭ ‬أصابع‭ ‬للتلويح‭ ‬لكثرة‭ ‬ما‭ ‬عضضتها‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬الندم‭.‬
‭>>>‬
وانشغالك‭ ‬بذاتك‭ ‬هو‭ ‬أفضل‭ ‬إنجاز‭ ‬تقدمه‭ ‬لنفسك‭.‬
‭>>>‬
وليس‭ ‬الاقتصاد‭ ‬حفظ‭ ‬المال‭ ‬بل‭ ‬انفاقه‭ ‬بحكمة‭.‬
‭>>>‬
والكلمة‭ ‬الطيبة‭ ‬كالماء‭ ‬الجارى‭ ‬تزهر‭ ‬أينما‭ ‬تتدفق‭

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى