وهل الدفاع عن الوطن تهمة ؟
الكاتب أ / نشأت الديهي
ما اصعب تلك الايام التى يختلط فيها الحابل بالنابل ويصبح الحق فيها وجهة نظر وتتحول الثوابت الى متغيرات وتطرد العملة الرديئة العملة الجيدة من الاسواق وتحاول الكلاب أن تتسيد الغابة وتتوارى خجلا كلمات الحق والعدل والمساواة فى مواجهة بذاءات اهل الباطل، أصبح قول الحقيقة مرا مرارة العلقم فى الحلوق وبات الدفاع عن الحق تهمة قد تحيل حياتك الى جحيم وقد يُزج بك الى سجن نفسك داخل قلاع الصمت، ومع تسليمنا بأن إدراك الحق ومعرفة الحقيقة أمور غير مطلقة ويغلب على معظمها طابع التغير وفقا لما يتوافر من معلومات وبيانات وحقائق قد تجعل المرء منا شديد الحذر فيما يؤمن به من أمور تدفعه للدفاع عنها بجسارة، نعيش فترات صعبة للغاية اعمال العقل فيها نوع من الجنون فلا يوجد ثابت أخلاقى يردع الكاذبين عن كذبهم ولا المزيفين عن زيفهم ولا المنافقين عن نفاقهم ولا العابثين عن عبثهم، لا يوجد كذلك حد أدنى من الجهد يبذله أولئك الجالسون على آرائك المثقفين والمفكرين وأولى النخبة حتى يخلقوا سياقا عاما من الثقافة والفكر الذى يرمم ذاكرة ووعى الامة، بيد أننا أمام معضلات كبرى تحكمها خوارزميات شديدة التعقيد والتداخل فى وقت ان يعد فيه الإعلام كما كان فيما مضى يسير على قضبان كلاسيكية مصنوعة من فنون الخبر والمعلومة والتحليل والتعبئة والتوعية فحسب بل تحول الى كونه أصبح سلاحا فتاكا وفى الخطوط الأمامية من المعارك الكبري، فالإعلام بفنونه وأدواته يمكن أن يحسم معركة دون إطلاق رصاصة واحدة فصرير الأقلام التى أقسم بها رب العزة فى مطلع سورة القلم عندما قال جل فى علاه « ن والقلم وما يسطرون « أراها أكثر إيلامًا من أزيز الطائرات وأصوات المدافع وطلقات الرصاص، كما تعد الفصاحة والخطابة ومهارات التواصل هى الأبواب الملكية للنفاذ الى قلوب الناس فسيدنا موسى نادى ربه طالبا المدد الإعلامى « وَأَخِى هَرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِى إِنِّى أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ « وهذا دليل على أهمية وعِظم الكلمة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، من هنا ولأجل هذا نجد الرئيس السيسى يركز على أهمية الإعلام كأحد أهم أدوات بناء الوعى الجمعى للامة، فالكُتّاب والصحفيون والمفكرون والمثقفون ونجوم الفضائيات والمؤثرون على منصات التواصل المختلفة مدينون للكلمة وعليهم جميعا أداء ما عليهم من ديون أخلاقية للحفاظ على قدسية الكلمة بين جنبات محراب الوعي، فما أعظم مهنتنا ومع عِظم مسئوليتنا تقف الكلمة حكما بين الحق والباطل، وفى هذا الزمان نجد الباطل يمرق بين الناس كما السهم من الرمية وهذه مسئولية إضافية مقدسة فلا يجب ان نكتفى بقولة الحق دون مواجهة ومجابهة الباطل وأهله.