التجربة التى أثبتت صدق المقولة الخالدة «مفيش فايدة»!
الكاتب أ / السيد البابلي
سوف أنتقل بكم اليوم بعيداً عن قضايا السياسة.. وعن الحرب الدائرة فى غزة.. وعن المؤامرة التى يخططون لها لتهجير الفلسطينيين قسرياً من غزة ورفح إلى سيناء.. وعن حديث الدولار الشغل الشاغل لكل ما يتعلق بالاقتصاد والتجارة والأسعار.. وحتى عن أحاديث الرياضة ومغامرة النادى الأهلى فى بطولة كأس العالم للأندية.. سوف نترك كل ذلك ونتحدث عن تجربة هامة وفقاً لقانون أصدرته الدولة قبل أعوام لحماية الثروة العقارية وهو قانون يتعلق باتحادات الشاغلين التى تدير شئون العمارات والكومبوندات والتجمعات السكنية.
فالدولة قالت إن السكان أو ملاك الوحدات السكنية من صالحهم الحفاظ على ممتلكاتهم العقارية وصيانتها وحمايتها والإبقاء عليها فى أحسن حال.. وهو ما يعنى أن صاحب المال أى صاحب العقار عليه أن يدير شئون نفسه بنفسه من منطلق أن صاحب المال سيكون هو الأكثر حرصاً عليه والأكثر رغبة فى صيانته وحمايته.
وعندما صدر قانون اتحاد الشاغلين فإن سكان كل عمارة أو كومبوند كان عليهم انتخاب رئيس ومجلس إدارة يتولى هذه المهمة، وهى مسألة تبدو سهلة بين مجموعة من الملاك الجيران الذين يحرصون على علاقة الجيرة والود والاحترام والذين أولوا ثقتهم بجيرانهم فى تسيير الأمور وفقاً لرسوم صيانة سنوية يحددونها بأنفسهم من خلال لائحة لإدارة المكان.
وتبدو العملية على هذا النحو سهلة وبسيطة وعملية وتمثل نوعاً من الممارسات الديمقراطية لاختيار أو انتخاب رئيس لاتحاد الشاغلين ومعه أمين للصندوق وعدد من الأعضاء.
>>>
ولكن آه.. وآه من لكن.. ولكن المسألة لم تكن بهذه البساطة فى أى مكان يوجد فيه اتحاد للشاغلين يدير شئون المكان.. فلابد دائماً وأبداً أن يكون هناك «خميرة عكننة».. تتمثل فى شخص أو أشخاص لا يجيدون إلا الاعتراض وتصيد الهفوات والأخطاء وتوجيه الاتهامات سواء اتهامات بالتقصير أو بسوء إنفاق الموارد أو باستغلال النفوذ..! وزاد من الطين بله أن ظهرت «الجروبات» الإلكترونية التى تتعلق بسكان العقار أو المقيمين بالمكان.. فعلى هذه الجروبات تدور جرائم الحرب الإلكترونية وجرائم الاغتيال المعنوي.. وجرائم الحرب النفسية.. وكل أنواع القصف المدفعى المتبادل مع إشراقة كل صباح.. فهناك حزب الكنبة الذى لا يرى إلا ما يريد رؤيته.. وهناك من له نوع من الثأر مع اتحادات الشاغلين لتصديها له فى مخالفة بناء أو تجاوز ما.. وهناك من يعتقد أنه الأحق فى إدارة المكان وهناك من يرى أن أحداً لا يفقه شيئاً غيره.. وهناك من يهوى توجيه الاتهامات «عمال على بطال»..!! والنتيجة.. النتيجة أن اتحادات الشاغلين أصبحت فى صدام مستمر مع الملاك والملاك فى صدام مع اتحادات الشاغلين.. والنتيجة أيضاً أن أحداً لم يعد يقبل أن يكون عرضة للقيل والقال.. وأن الملاك اكتفوا بتوجيه الانتقادات دون أن يكون لهم مشاركة إيجابية.. والنتيجة أن اتحادات الشاغلين لا تستطيع الاستمرار فى عملها طويلاً وتضطر للاستقالة وتتحول من موقع المسئولية لتصفية حساباتها مع من صبوا عليها اللعنات من قبل فتكون أكثر شراسة فى المعارضة.. وأكثر رغبة فى إفشال الآخرين لإثبات أنهم كانوا الأفضل والأحق.
>>>
ويقودنا هذا الحوار إلى المقولة الشهيرة «مفيش فايدة».. وصحيح أنها كانت صرخة من الزعيم سعد زغلول لزوجته «صفية» وجد بأنه مفيش فايدة من العلاج، وأن النهاية قد اقتربت إلا أن هذه العبارة قد أثبتت صدقها فى الكثير من القضايا «فمفيش فايدة» فى تجربة اتحاد الشاغلين وقدرة الملاك على إدارة أمورهم بأنفسهم والتزامهم بسداد المستحقات المالية اللازمة لصيانة المكان.. ومفيش فايدة فى التزام الملاك بقواعد وقرارات الحفاظ على الطابع المعمارى والحضارى للمكان والتقيد بقرارات تنظيم العمل داخل الكومبوندات والتى تتعلق بإجراءات الدخول والخروج وتأمين المكان.. فكل مالك يعتقد أنه الأهم والأكثر نفوذاً وأن لديه الحق والسلطة فى أن يفعل ما يشاء وأن يتجاوز أيضاً كيفما يشاء..!! ولذلك فإن شركات المقاولات تحاول إنقاذ سمعة التجمعات السكنية التى تقوم ببنائها وعادت لتفرض على الملاك شروطاً مسبقة من بينها ألا يطالب الملاك باتحاد للشاغلين أو أن يكون هناك اتحاد للشاغلين ولكن الإدارة تسند إلى شركات متخصصة تابعة لشركات المقاولات.. وشركات الإدارة تدير المكان «بالحديد والدم».. وادفع يعنى ادفع.. وإذا لم تسدد ما عليك لن تدخل إلى بيتك.. وادفع كما نقول وكما نحدد.. وإلا واجهت غرامات التأخير وعقوبات لا حصر لها ولا نهاية..!
ويبدو.. وكل الأسف فيما أقول.. أنه لا يصلح إلا هذا الأسلوب وهذه الطريقة فى إدارة المكان.. فالناس اعتادت ذلك والناس على مختلف مستوياتها الثقافية والاجتماعية لا تجيد ولا تتقن فلسفة العمل الجماعى فى إدارة شئونها بأنفسها.. الناس تريد دائماً أن يأتى من يملى عليها ما الذى يجب أن تفعله وأن تلتزم به.. الناس فى أمورها الخاصة التى تتعلق بها لا تحترم الديمقراطية ولا صوت وقرار الأغلبية.. الناس لا تجيد إلا الشكوى والاعتراض والنقد.. الناس لا تعرف حدود مسئولياتها وواجباتها.. الناس تبحث فقط عن المصلحة الفردية وتتمسك بها وتلجأ للقانون عندما يتفق مع مصلحتها ومصالحها ولا تقتنع أو تقبل بالقانون إذا كان ضد هذه المصلحة ويتعارض معها.. الناس فى داخلها ازدواجية عجيبة غريبة تتغير بين لحظة وأخرى عندما تشعر بأنها لن تحقق الاستفادة التى تتعلق بها.. الناس هى من يفشل أى تجربة جديدة والناس هى أيضاً من يفسد القانون.. أى قانون فى أى زمان ومكان..!
>>>
ونذهب بعيداً عن مشاكل اتحادات الشاغلين والناس التى اتفقت على ألا تتفق ونتحدث عن أبطال العالم فى الاسكواش الذين شرفونا بفوز مصر ببطولة العالم للاسكواش والتى أقيمت فى نيوزيلندا بعد أن فزنا على المنتخب الانجليزي.
والأبطال الذين شرفونا وشاركوا فى البطولة هم على فرج ومصطفى عسل ومازن هشام ويوسف سليمان.. أربعة أبطال من ذهب.. حملوا علم مصر ورفعوا العلم.. ويستحقون عند العودة استقبالاً يليق بهم.. وأياد ترتفع لتحيتهم.. كل التحية والاحترام لهم وللذين وقفوا معهم وساندوهم وأعدوهم ليكونوا أبطالاً.
>>>
وأخيراً:
>> دع روحك متوهجة، فإذا ما انطفأت الروح انطفأ كل شيء.
>>>
>> يفوز الطيبون فى النهاية مهما تعددت خساراتهم.
>>>
>> وترفق بكل شخص تقابله يخوض معركة مع الحياة أنت لا تعلم عنه شيئاً.
>>>
>> وأسرع الناس بكاء هم الذين لا يستطيعون شرح ما فى قلوبهم.
>>>
>> وكن على ثقة فى أن البيت الذى يتواجد فيه الأب
أكثر أماناً من باب مقفل بأربعين قفلاً..!