مقالات

عـام الفـرص

عبد الرازق توفيق

بين عام يلملم ساعاته الأخيرة.. وعام جديد يحمل الكثير من نتاج الرؤى والإرادة والصبر والفرص.. ويستند على التجربة المصرية الملهمة.. فى البناء والتنمية وامتلاك القوة والقدرة.. يتسلح بالقدرة على النجاح وعبور العقبات والأزمات.. لكنه يظل مليئاً وغزيراً بالفرص.. على قاعدة الأمن والأمان والاستقرار.. هذه الفرص جاءت من رؤية وإرادة وعمل متواصل على مدار سنوات ماضية.. فبدا القادم والمستقبل حافلاً بـ «البشارات».. رغم كثرة التحديات التى خلقتها أزمات عالمية.. وتعدد التهديدات والمؤامرات والمخططات.. لكن يظل ما حققناه هو الحصن.. وتبقى حكمة القيادة هى صمام الأمان.. فى كل الأحوال.. القادم أفضل فى «حياة كريمة».. واقتصاد جاذب للاستثمار.. وقطاع خاص تهيأت له أنسب الظروف.. واستقرار بمفهوم شامل.. وبنية تحتية عصرية.. وقوة وقدرة غير مسبوقة.. وحكمة تحمى كل ذلك.
 
 
عـام الفـرص
 
 
مضى عام ٣٢٠٢ بما فيه من تحديات وأزمات إقليمية ودولية لها انعكاساتها على الداخل، وكذلك بما فيه من نجاحات وإنجازات كثيرة، ومشاهد مبهرة، لم يكن عاماً سيئاً كما يظن البعض، رغم ما شهده من ظروف صعبة وقاسية، بل كان عاماً مليئاً بالفرص والمكاسب، والوعي، والاصطفاف والتحدى وكشف عن معدن المصريين النفيس، بل إن استمرار ما تشهده مصر من أمن وأمان واستقرار ووعى وفرص هو أبرز مكاسب العام الذى تبقى فيه ساعات لتحمل فى العام الجديد ٤٢٠٢ آمالاً وتطلعات وأهدافاً كثيرة نسعى بتحد لتحقيقها.
أفضل ما فى عام ٣٢٠٢ وما قبله من سنوات أنه منحنا القدرة على معرفة الذات، قدراتنا إمكانياتنا، أين نقف وإلى أين نمضي، لكن تظل أكبر منحة تحصلنا عليها فى السنوات الماضية هى استرداد ثقتنا فى أنفسنا، وفى قدراتنا على النجاح، وتجاوز الصعاب والعقبات والتحديات لم نعد نخشى أى شيء، لم تعد تعجزنا الأزمات والمشاكل، بل امتلكنا إرادة البناء والنجاح وهو رصيد لو تعلمون عظيم، تمرسنا على مواجهة التحديات والأزمات والعقبات وباتت لدينا تجربة عظيمة وملهمة تدفعنا دائماً إلى التحدى وتحقيق الإنجازات.
لم يكن عام ٣٢٠٢ سيئاً على الإطلاق بل كان فيه كثير من الخير والإنجازات، فإذا كانت هناك حرائق فى الجوار اشتعلت سواء فى السودان أو غزة، أو فى البحر الأحمر أو مشاكل وأزمات مازالت عالقة دون تسوية إلا أن كل ذلك كشف عن قوة وقدرة مصر على كافة الأصعدة والمستويات، فمصر شهدت أعلى مراتب الأمن والأمان والاستقرار رغم الصراعات والنزاعات والحروب والتوترات التى تموج بها المنطقة المضطربة فى الأصل، وفشلت كل الأطماع والأوهام والمخططات والمؤامرات فى النيل من مصر أو فرض واقع يخالف إرادتها ويتجافى مع سيادتها ونجحت بما لديها من حكمة وقوة وقدرة، وأوراق ودبلوماسية رئاسية فى تحويل كل هذه التهديدات إلى نقاط قوة من خلال تجسيد الدور والثقل والمكانة والقدرة المصرية، عكست شرف الدولة المصرية، وعدم خضوعها لأى إملاءات أو ضغوط أو ابتزاز أو حتى إغراءات فى أتون تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، فى ذات الوقت تسعى مصر بكل جدارة للدفاع عن مقدرات وحقوق الأمة العربية، فى كل دول الأزمات خاصة القضية الفلسطينية التى تصدت وبحسم وحزم لمحاولات تصفيتها، أو تهجير الفلسطينيين قسرياً أو دفعهم للمغادرة والهجرة من أراضيهم للداخل أو الخارج وإحباط مخطط توطين الفلسطينيين على حساب الأراضى المصرية فى سيناء باعتبار ذلك قضية أمن قومى لا يمكن التهاون أو التفريط فى حمايته.
النقاط الإيجابية كثيرة فى العام المنقضى الذى نعيش آخر ساعاته كثرة فقد شهد مزيداً من الاحترام والتقدير والمصداقية للدور المصرى إقليمياً ودولياً وتأكيد مبادئ وثوابت مصر الشريفة، فى العمل على حماية الأمن والسلم الإقليمى والدولي، وأهمية إنهاء النزاعات والصراعات أو الحيلولة دون وقوعها من خلال تغليب لغة العقل والحوار والتفاوض والحلول السلمية فى قناعة وإيمان بأن الحروب والحسم العسكرى لن يحقق أى نتيجة بل يهدر الوقت ويضيع فرص البناء والتنمية ويستنزف الموارد والثروات على حساب آمال وتطلعات الشعوب.
العام الذى يلفظ ساعاته الأخيرة، شهد أيضاً الكثير من النجاحات والإنجازات المصرية على طريق البناء والتنمية والتقدم فى كافة المجالات والقطاعات فى الزراعة حيث يحدونا الأمل إلى إكمال الى ٤ ملايين فدان جديدة تضاف إلى الرقعة الزراعية المصرية التى أنجزت منها الدولة حتى عام ٣٢٠٢ «٧.١» مليون فدان، بالإضافة إلى الاهتمام بالصناعة، وتوطينها فى مصر، بعد وجود بنية صناعية وتشريعية تحفز على النهوض بهذا القطاع الحيوى والاستراتيجى.. وهناك أيضاً طفرات قوية فى مجال التصنيع المحلى والتصنيع العسكري، وتصنيع المواد الغذائية وصناعة الدواء.. وباتت مصر تصدر بقيمة مليار دولار سنوياً أدوية، وأيضاً طفرات وقفزات فى مجال الاستثمار فى الموقع الجغرافى حيث بدأت مصر تنطلق وبقوة فى مجال التجارة العالمية واللوجستيات فى ظل تطوير وتحديث الموانئ المصرية بشكل عصري، وأصبح ميناء بورسعيد هو العاشر عالمياً، بالإضافة إلى تطوير الموانئ البرية وإقامة الموانئ الجافة، وربط مصر بحرياً وبرياً من خلال رؤية استراتيجية تستهدف دفع الاقتصاد المصرى إلى آفاق أكثر رحابة من خلال الربط بالطرق الحديثة والعصرية، ووسائل النقل الحديثة وعلى رأسها القطار السريع، وفتح شرايين جديدة للتنمية وإقامة مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية وتجارية.
و أصبحت لدينا رؤية متكاملة حققت جدواها، من النجاح الكبير، وهو ما سيتم البناء عليه فى العام الجديد باستكمال مكونات هذه الرؤية التى حمت مصر وأنقذتها من تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية وجعلتها صامدة فى مواجهة الظروف القاسية بفضل ثمار الإصلاح ونجاحات البناء والتنمية.
الحقيقة أن لدينا الكثير الذى حققناه فى العام الذى ينتهى اليوم وهو ما يدعونا للتفاؤل والبناء عليه فى العام الجديد، فمصر نجحت بفضل السياسات الحكيمة والمتوازنة فى العلاقات المصرية مع دول العالم، والقوى الكبرى والمتقدمة الفاعلة والمؤثرة فى انفتاح وبناء شراكات استراتيجية، دون الانحياز لمعسكر أو حلف، ورفض قاطع لمحاولات الاستقطاب لذلك فإن عبقرية الدبلوماسية الرئاسية جعلت مصر على علاقات شراكة مع الولايات المتحدة والصين والدول الأوروبية والهند وروسيا، وليست هناك علاقة مع دول على حساب أخري، فمصر تسعى إلى تحقيق مصالحها الوطنية وترتبط بعلاقات قوية مع الجميع، وهو ما حقق عوائد قوية لمصر فى كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة سواء فى المجالات الاقتصادية والتنموية والاستثمارات والتنسيق والتشاور فى الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
فى العام ٣٢٠٢، انطلقت جلسات الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى كافة القوى والأحزاب والأطياف السياسية للحوار والتوافق والاتفاق حول رسم ملامح المستقبل فى الكثير من القضايا المهمة التى تهم الوطن والمواطن تحت شعار أن الوطن يتسع للجميع، ولابد من خلق مساحات بيننا للتوافق وتبادل الرؤى والآراء لمصلحة مصر وشعبها، والحقيقة أن الحوار الوطنى فى مرحلته الأولى حقق نتائج عظيمة، فى بناء جدار الثقة وتحفيز المشاركة السياسية، وتنمية العمل الحزبي، والتوافق على عشرات القضايا التى تهم المواطنين فى كافة المحاور، وحالة الحراك السياسى المرتكزة على الثقة انعكست على الإقبال التاريخى والخروج الكبير للمصريين فى الانتخابات الرئاسية، ودور الأحزاب وتواجدها إلى جوار المواطنين وهذا الإقبال هو أعظم مشاهد عام ٣٢٠٢ من حيث المشاركة التى بلغت ٨.٦٦٪ وأيضاً من حيث النتيجة التى اختارت قائداً عظيماً ليواصل مسيرة البناء والتنمية والتقدم، ويستكمل الحلم الكبير فى تحقيق المشروع الوطنى المصرى لتحقيق التقدم، واستمرار بناء القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة لتحصين الدولة المصرية، وحمايتها من التحديات والتهديدات لذلك تظل مشاهد الإقبال التاريخى والاستثنائى على التصويت فى الانتخابات الرئاسية هى أهم مشهد فى ٣٢٠٢ والذى جسد وعى المصريين وإصرارهم على استكمال المشوار وتفويضهم لقائد عظيم من أجل حماية مصر وأمنها القومي.
مصر فى العام ٢٠٢٣ أبلت بلاءً حسناً، وبذلت جهوداً خلاقة فى البناء والتنمية، ومجابهة التهديدات والحفاظ على الأمن والاستقرار والصمود فى مجابهة التحديات التى نتجت عن تداعيات الأزمات العالمية.
ندخل العام الجديد 2024 بثقة، وبقدرة على النجاح، لدينا آمال وتطلعات وفرص كثيرة فى ظل مناخ الأمن والأمان والاستقرار وما حققناه من قوة وقدرة وفى ظل تهيئة أنسب الظروف والأجواء لاستقبال المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى كافة ربوع البلاد فى الطاقة والهيدروجين الأخضر فى الموانئ، فى تطوير قناة السويس المتواصل والمستمر، فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة فى الصعيد، فى الزراعة والنهضة الزراعية غير المسبوقة، فى الصعيد حيث الاستفادة من فرص عظيمة لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وبدأت تصل الاستثمارات الأجنبية، فقبل أيام قال الدكتور مصطفى مدبولى إنه لدينا ما يقرب من ٠٠٣١ فرصة ثمينة للاستثمار تتوفر لها كافة مقومات النجاح بالإضافة إلى فتح الآفاق أمام شراكة القطاع الخاص خاصة بعد أن انتهت الدولة من المرحلة الصعبة فى تأسيس بنية تحتية وأساسية خلقت آلاف الفرص التى يستطيع من خلالها القطاع الخاص تحقيق نجاحات كبيرة، فمصر لديها بنية تحتية عصرية أنفقت عليها ٤.٩ تريليون جنيه ومناخ الأمن والأمان والاستقرار والثقة وتشريعات وتيسيرات غير مسبوقة للمستثمر المحلى والأجنبي.
يحدونا الأمل والتفاؤل الكبير فى العام الجديد خاصة أن لدينا أهدافاً كثيرة ومشروعات عملاقة، فالدولة عازمة على استكمال المشروع الأعظم تنمية وتطوير قرى الريف المصرى فى العام ٤٢٠٢ حيث تبدأ المرحلة الثانية، وعقب انتهاء المرحلة الأولى باستثمارات ٠٥٣ مليار جنيه لإدخال خدمات المياه النظيفة والصرف الصحى الذى يغطى فى السنوات الأخيرة ما يزيد على ٣٤٪ وبعد أن كان لا يصل إلا إلى ٢١٪ فى البلاد، ولتنعم القرى المصرية بالخدمات التى يحظى بها أهل المدن، من مدارس وجامعات ومستشفيات وطرق ومجمعات للخدمات الحكومية والزراعية، واتصالات وكهرباء، ومشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، فى تجسيد حقيقى لبناء الإنسان المصري، وتلبية كافة حقوقه ونشر العدالة الجغرافية، لتأخذ جميع مناطق وربوع البلاد حقها من عوائد التنمية الشاملة العملاقة فى مجالات الصناعة والزراعة والاستثمارات لخلق فرص عمل حقيقية بأيادى أهالى سيناء من المصريين الشرفاء الذين دافعوا مع جيشهم وشرطتهم عن هذه الأرض الطيبة، ودفعوا أيضاً ثمناً وتضحيات لتبقى سيناء أبد الدهر مصرية، كما قال الرئيس السيسي، سيناء يا تبقى مصرية، يا نموت على أرضها.
المرحلة الأولى انتهت من البنية التحتية والأساسية فى سيناء والتى تضمنت الطرق والأنفاق والموانئ أيضاً فى العام الجديد، نستكمل أهم مشروعات الأمن القومي، هو المرحلة الثانية من المشروع القومى لتعمير وتنمية سيناء لتنفيذ كامل للرؤية الرئاسية فى حماية هذه الأرض الغالية على المصريين، وأيضاً المستهدفة من قوى الشر، وتأكيد حمايتها بالقوة والقدرة والردع المصري، وأيضاً البناء والتعمير والتنمية وتحويلها إلى مركز عالمى للمشروعات ومحطات معالجة مياه الصرف الزراعى ومحطات المياه، وتحلية مياه البحر، والطرق، والمدن الجديدة والإسكان والمستشفيات والمدارس والمعاهد الأزهرية بتكلفة بلغت 610 مليار جنيه، وانطلقت المرحلة الثانية باستثمارات تقترب من 400 مليار جنيه.
مصر فى العام الجديد، ما بين الأمن والأمان والاستقرار وتعظيم القوة والقدرة، وجذب الاستثمارات واستغلال الفرص الكثيرة، والمضى قدماً فى مشروعات حياة كريمة، والاستمرار فى خفض معدلات البطالة التى بلغت فى 2014 ــ 13.8٪ ووصلت إلى رقم تاريخى رغم الأزمات العالمية إلى 7٪، وتعمل الدولة على استمرار انخفاض المعدلات، بالإضافة إلى خلق المزيد من فرص العمل سواء من خلال جذب الاستثمارات، أو تنفيذ المشروعات، أو التأهيل والتدريب بما يناسب التطور الكبير والهائل فى متطلبات سوق العمل المحلى والإقليمى والدولي، والحقيقة أن انضمام مصر إلى مجموعة البريكس يرفع مؤشرات التفاؤل، خاصة فى تحقيق معدلات اقتصادية، وبما لدى مصر من فرص وقدرات هائلة، وأيضا من خلال التبادل التجارى بالعملات المحلية مع دول التجمع، مما يخفف الطلب على الدولار.
ثروة مصر الكبيرة ترتكز فيما لديها من أمن وأمان واستقرار بالمفهوم الشامل، يرتكز على وعى الشعب وآماله وتطلعاته، وامتلاكه لإرادة التحدى للبناء والتقدم، وهى ثروة باتت حلما لدول وشعوب كثيرة، تنطلق منها دعائم التقدم والنجاح، بالإضافة إلى رصيدنا الوافر من الإنجازات خلال الأعوام الماضية، يمنحنا فرصاً ثمينة.
المصريون فى 2024، يتحاورون.. يبنون قواعد المجد.. يواجهون التحديات.. ليستكملوا مسيرة التنمية فى كل ربوع البلاد.. يواصلون الاصطفاف.. شعارهم «نحن على قلب رجل واحد»، خلف قيادة سياسية وطنية شريفة.. يتحدون كافة التهديدات والمؤامرات.. الأيام القادمة مليئة بالأخبار السارة وتحقيق الأحلام، مع قيادة وطنية استثنائية تقود مصر إلى مصاف التقدم والقوة والقدرة.

تحيا مصر

زر الذهاب إلى الأعلى