الممتنون
الكاتب أ / نشأت الديهي
الامتنان» هو الاعتراف بالجميل وإظهار الشكر والتقدير، وهو عكس «الجحود» حيث نكران الجميل وهى من أسوأ صفات البشر، الامتنان يبنى جسور الوفاء وهو أعظم صفة من أعظم صفات العظماء، وفى حياة كل منا مواقف وأحداث عديدة وسط علاقات متشعبة عاش فيها أحاسيس الامتنان لآخرين كثيرين قدموا له الدعم او العون أو المساعدة أو حتى إسداء نصيحة خشنة صادقة وربما كان الامتنان لمجرد ابتسامة حانية وسط ضجيج العبث والعبوس وصخب النفاق وتسعير المشاعر وتحويلها الى سلعة ، كما تعرض كل منا الى حالات «الجحود» والنكران من كثيرين قدمنا لهم دعما أو مساندة أو عطايا متنوعة، ربما الشعور بالامتنان والوفاء عظيم ومريح للنفس البشرية ومحفز على استمرار العطاء دون حساب، والعكس تماما عندما ترى جحودا تنتابك مشاعر الضيق وربما الندم، هكذا علمنا القرآن الكريم فى أكثر من موضع أن الشكر والامتنان والوفاء طريق لمزيد من العطاء الربانى «وان شكرتم لأزيدنكم»، هذا كله يرتبط بالفرد فى كل المجتمعات وكل الأزمنة وباختلافات طفيفة ترتبط بعدة عوامل ثقافية ودينية واجتماعية واقتصادية كذلك، لكن لفت انتباهى وهذه دعوة للتحليل ــ أن السلوك الجمعى هو حاصل جمع سلوكيات وممارسات الأفراد، كان سبب هذا الانتباه هو ما يمكن أن أطلق عليه «الزحف الانتخابى الامتناني» أو بتعبير آخر زحف الممتنين الى صناديق الانتخاب، كانت هذه سمة انتخابات الرئاسة ٢٠٢٣ ، شاهدنا وشاهد العالم من حولنا الأعداد المليونية التى خرجت للتعبير عن امتنانها للدولة لما قدمته على مدار سنوات ماضية، ويمكن أن أحصر تلك الفئات الممتنة والتى رصدتها خلال أيام الانتخابات، الفئة الأولى هى أبناء المشروع الوطنى الضخم الذين راهنوا عليه وعلى قائده ووجدوا ذلك المشروع يعلو ويعلو وسط عواصف وانواء، فخرجوا للتعبير عن امتنانهم لهذا النجاح وتفويض قائدهم لاستكمال هذا المشروع، الفئة الثانية هى فئة المستفيدين من برامج الحماية الاجتماعية الشاملة مثل حياة كريمة وتكافل وكرامة، الفئة الثالثة هم هؤلاء الذين تغيرت حياتهم من العدم الى الإنسانية وهم سكان بديل العشوائيات فى الاسمرات وبشاير الخير ومثلث ماسبيرو وغيرها، الفئة الرابعة هم المستفيدون من برامج التحالف الوطنى للعمل الاهلى والذى استطاع خلال وقت قياسى الوصول الى القرى والعزب والنجوع فى أطراف وقلب وعمق المجتمع من خلال قاعدة بيانات حقيقية تستهدف الوصول الى عشرات الملايين من ابناء الشعب المصرى الذين يستحقون جبر خواطرهم ، الفئة الخامسة هم أولئك الممتنون للدولة التى حافظت على استقرارها وامنها وأعادت مكانتها بين الامم رغم الظروف شديدة الصعوبة ، طوبى لمن امتن وشكر وويل لمن جحد ونكر .