كيلو الكتب بخمسة جنيه.. و«حبك سفاح».. والياميش والفوانيس..!
ومن أجل أن نفهم الزمن والزمان الذى نعيش فيه.. ومن أجل أن ندرك أن العلم أصبح يباع بالكيلو.. وأن العالم يتجه نحو فوضى الكترونية معلوماتية ترفيهية تضيع فيها معالم كل الموروثات القديمة والتقاليد والعادات والأخلاق والدين أيضا.. فإننى أحدثكم عما جرى ويجرى للكتاب الذى هو قاعدة الثقافة وأساس الفكر والعلم والحضارة..!
فقد أصبح طباعة ونشر الكتاب وتوزيعه عملية بالغة الصعوبة وباهظة التكاليف.. ومن يريد طباعة كتاب يحمل ابداعه وأفكاره فإن عليه تجهيز أمواله لكى يطبع الكتاب على نفقته ويقوم بتوزيعه على نفقته وفى أغلب الأحيان يكتفى أيضا بإهداء الكتاب مجانًا عل وعسى أن يكون هناك من يقرأ ومن يستفيد ولا يوجد ناشر على استعداد لتحمل مسئولية اصدار كتاب إلا لعدد محدود على أصابع اليد من مشاهير الكتاب..!
وأصبح وجود الكتاب فى البيوت أيضا نوعاً من العبء و«زحمة» المكان وبدلاً من أن يكون وجود مكتبة فى المنزل تعبيرًا عن الرقى والثقافة والعلم أصبح وجودها يعنى احتلال غرفة بلا مبرر أو قيمة أو عائد يذكر ووصل الأمر فى بعض المناطق إلى وجود إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعى لشراء الكتب القديمة والتخلص منها.. والكيلو بخمسة جنيه..!!
ونحن فعلاً فى أزمة قد لا تظهر ملامحها الآن لأن البعض مازال يقرأ والبعض مازال قادرًا على التأليف.. ولكننا نتحدث عن أجيال قادمة ستكون أدمغتها خالية من الرصيد الأدبى والثقافى والعلمى الذى يمنحنا توازنا فى كل معانى الحياة..! نحن أمام عصر فيه الكتاب يباع بالكيلو والمؤلف يتقاضى جنيهات قليلة مقابل التأليف.. هذا ان حصل على هذه الجنيهات أيضا..!!
> > >
وما دام عصر الكتاب قد ولى وأصبح من ذكريات الزمن الجميل.. وما دام لكل عصر نجومه ورموزه ومعاييره فإن امتحان علم النفس بإحدى كليات الآداب بجامعة عريقة شهد أسئلة ضمت أغنيات لنانسى عجرم «حبك سفاح» وآليسا «حالة حب» فى مثال لنظرية العالم «فرويد»..!! ورأى عميد الكلية فى تفسيره لذلك «أنها أسئلة لربط الدراسة بالواقع»..!! ومعه حق.. فنحن نعيش حالة حب وحالة عشق.. وحالة رقص جماعى فى المدرجات وفى الاحتفالات فهؤلاء أصبحوا الرموز.. وهم الحياة.. ولا أحد يعرف الآن عباس العقاد ولا طه حسين ولا طلعت حرب فالناس تتعامل مع عباس العقاد على أنه مجرد اسم شارع فى مدينة نصر وطلعت حرب على أنه ميدان فى القاهرة.. وطه حسين لا يذكره أحد ولا يعرفون أنه أول من نادى بمجانية التعليم وأن التعليم حق للجميع كالماء والهواء.
ولم يكن غريبًا أن يلجأ من وضع الأسئلة فى كلية الآداب إلى الاستعانة بأغانى نانسى وآليسا.. هذه هى الرموز.. وهذا هو الواقع وأن كان قد تجاهل شعبان عبدالرحيم..!!
> > >
والنائب أشرف أمين وفى قضية أخرى طالب الدولة بإجراءات لمنع استيراد الياميش وفوانيس رمضان لتوفير العملة الصعبة ودعم وتشجيع الصناعة الوطنية والمنتجات المحلية واحياء الصناعات الصغيرة.. والنائب على حق.. والياميش على أية حال أصبح من ذكريات الماضي.. والفانوس يمكن تصنيعه محليًا وبمهارة بالغة.. وفى السيدة زينب والدرب الأحمر وباب الخلق «أسطوات» ومواهب فى صناعة الفانوس.. صناعة تاريخية عريقة ترتبط بمصر وليالى رمضان.. ويجب أن تبقى مصرية خالصة.. ولا نريد فانوسًا يتكلم ويغنى ويطلع منه دخان.. خلونا فى الحلو الجميل بتاعنا.. واللى بيفكرنا بزمان وليالى زمان.. وخير زمان..!
> > >
والله.. والله عندنا كنوز.. كل الكنوز عندنا بلد فيها الخير وربنا أعطاها كل شيء.. ولا ينقصنا إلا «شوية» حظ.. و«شوية» استغلال للكنوز.. فمنظمة السياحة العالمية اختارت واحة سيوة ضمن أجمل قرى العالم.. وواحة سيوة التى تقع فى قلب الصحراء الغربية هى منتجع للشفاء وعلاج الأمراض خاصة المتعلقة بالعمود الفقرى والمفاصل والروماتيزم.. وهى قطعة ولوحة فنية رائعة حيث تتعانق أشجار النخيل لتشكل بعدًا جماليًا رائعًا.. وهى واحدة من قرى مصر مازالت تعيش أجواء الماضى وكأن التاريخ والزمن قد توقف عند نقطة معينة لمرحلة معينة.. وواحة سيوة ليست وحدها مزارًا سياحيًا.. هناك مئات القرى فى صحراء مصر.. فى صعيد مصر.. وفى ريف مصر.. كلها تشكل مناطق جذب سياحية هائلة.. وكلها تحتاج فقط إلى عين خبير وإلى حسن استغلال لقيمتها وجمالها وخصوصيتها.. نحن لدينا كل شيء وننتظر قليلاً من «الملح» لكى يكون المذاق جيدًا..!
> > >
وبعض الناس لديهم رغبة غريبة فى اثارة الأزمات واختلاقها فالناس تتكالب الآن على تخزين بعض المواد التموينية بحجة اقتراب شهر رمضان المبارك.. والناس هى من يؤدى بذلك إلى ارتفاع أسعار بعض السلع التموينية واختفائها أيضا.. وحدث هذا مع الارز ومع السكر.. ومع المكرونة ومع الزيت.. وسيظل يحدث مع سلع أخرى طالما أننا لا نشترى ما نحتاجه فقط.. وطالما أننا نسرف فى الشراء.. ونسرف أيضا فى اهدار بقايا الطعام الكثير من عاداتنا الاستهلاكية يجب أن تتغير لكى نحافظ على النعمة وتظل باقية.
> > >
وكلهم يتحدثون فى الاقتصاد الآن.. كلهم اصبحوا خبراء فى التعاملات المالية والدولار وتقلبات السوق.. وجميعهم يقدمون نقدًا وتشريحًا ويكشفون العيوب والثغرات.. وكلهم يستندون فى اقاويلهم على نظريات اقتصادية وتحليلات نظرية.. ولكن لا أحد منهم يقدم حلولاً عملية واقعية ولا خطوات واضحة المعالم قابلة للتطبيق أو خطة متكاملة للمعالجة الاقتصادية السليمة للأزمة الراهنة.. كلهم أياديهم فى الماء البارد و ليست فى النار.. ولهذا يأتى الكلام جميلاً.. ولكنه أيضا صعبًا و مستحيلاً..!