أشواقي مشدودة إلى رتل من انتظار
مريم عرجون
في النبض همهمة، رثاها الحرف، والضاد والمداد، واستطاب زخرفها في الصحيفة، والكتاب، ومهما تطاول الحرف في قامته، ومهما كان بالغا، سيبدوا واهنا، ولن يصل إلى قامة همهمة الحب، فمهلا أيتها النبضة على روحي، وقلبي إذا قاتلتني، مهلا فإني مسالما مهلا إذا أمهلتني، في هذا السكون الذي يحيط بي، إن نفسي تصارع نفسها في جسدي حتى تغرقني في سكون قاصل، فتتهاوى الأشواق كمارد ملثم، يبتسم في صمت، وترهق بسماه قلبي المتيم، تارة تجعلني اغرق في مسبحه الخفي، وبطشه الوحشي، وتارة أخرى أستتب أمامه، وأعاند طوفان الحب الذي يعتلي دون رادع، أو مانع داخلي، ثم يهوى، ثم يسقط، ثم يهدم مني كل فظاظة حتى يحضن قبلة البدن المهترىء، ليستحدث عناق متبوع، وتابع من كل صوب، و يؤنسه النظر الهاجع، الذي آل بسببه الوجود، مكهربا بنشوة غامضة، مثل السحاب يفيض شغفا، وحبا، ووحدي واقفة، وهائمة أنا هناك، أحاول شق العجيج المتخثر حولي، فيسحبني، ويشدني العمر لعمار الديار، و النبض، والقلب، وأنا مهزومة الأشواق بسبب عينيه الآنية، التي صارت موطني القديم في الزمن العقيم، وكلما ناظرتها يهوى الحب عليا على مهل، ليرتطم على صدري بعيناه العنيفة في الحب، والمدهونة بالمجازفات، التي عصرت العشق على جدائلي، وطوقت وجهي بكفيه، وإذ بسحابة حبه تقطر خمرا على تضاريسي المتشققة، وطهر الشفاه برضاب الشفاه، ودون ميثاق العشق لأصونه جيدا، حينها هزمني بقسوة، وهمس للقلب، وردد اللاوعي بين الفينة والأخرى كلمة واحدة، ابتسمت، واحمر وجهي خجلا، لأدرك انني غارقة في الحب، وطوق النجاة ما إلا ضمة المحبوب، فالجمرة التي تركها في ضمته الأخيرة، لازالت ملتهبة داخلي لا تخمد الا عند اللقاء، فيا نصف حاظر، ويا معشوقي اللدود، ضمني اليك، اريد منك ضلعا، وعطرا، وكثيرا من الحب، وخذني لك أينما كنت أود لو أستريح قليلا، وأعيد ملامح القلب الممزق، فأنا امرأة يؤلمها واقعها، وتضعفها عيناك.
لذة الحب يا قاتلي، عادت لتخيم كالليل على أنفاسي الحبيسة، أقلب صفحات العشق الواهم، فلا أجد فيها سوى غيابك، كجرح يستنزف مشاعري، وجسدي، وصدقي، وإيماني، ويقيني، اقف غارقة في سكون متشنجا بلا أنفاس تخرج او تدخل، مختنقة بشرنقة حبه، وأحلام بنتها مخيلتي كلها أمور أحادية، أحاول استحضاره فيها فيأبى الظهور حقيقة فيها حتى لو لدقائق، فتجتمع مشاعر عميقة بمخزون الشوق الذي لا يستهلك كل مرة أشتاق فيها لعينيه، ويشكو القلب المتضارب من ساكنه، وأشكوه له دون أن يسمع الشكوى، وتبقى شكواي شعور يسرد قصة بحوار داخلي، بعدم ارتياح، وضيق صدر لأشياء ليست لي، ما نفعه قلبي أنا لا أريده في حياة لن يكون فيها، وانا التي ابتليت به بلاءا جميلا، فحار القلب بين المكوث وبين الخلاص، وكأنه في أعماق ذاكرتي منتصب كمقام حب، ممنوع من نسيانه، ومعصوم من تجاهله، والحضور الخاطف، والغياب الطويل له ما إلا عذاب يتسبب في احتراق أوصالي، حينها ارتدي التفكير به، وأعيش الوقت أرقا حالما بعينيه، حتى أجد عيناي يتيمة من شح النظرات.
يا أسطورة من جوى، لقد إلتقينا مرات ومرات، ومرة التقينا تحت المطر، فسار عطرك بالأنفاس قاتل خطر، ثم هام القلب في خيام الجمر، ينادي، كمنادي الذي مال على المنبر، يدعوا للعبادة فمال القلب بشطر، واستقام بشطر، وانت الذي كنت لي كفرض صلاة لا نقاش فيها، واليوم من منبر التوق أنادي، إني اشتاقك جدا، واحتياجات الشوق في تزايد خاطف للروح، وأنا هناك في وحشة الأركان باقية كعاشق مجنون ابكي، ومغلوقة إليك كل آفاقية، أعاني من حريق الشوق بسكوت، وسكون جميل، وجميل هو الحب لأنه أنت، فاني أريدك أن تأتي في هذا الليل الساكن، واقتحم خلوتي في دجورها التي أضناها طور الانتظار، و أحتاجك أنيسا في هاته العتمة التي تشبهني، والتي تثقل أكتافي بالحنين إليك، وفي لحظة الشوق الخارق، وفي كل دقيقة لك أريد دقيقة أخرى منك، فهذا الظلام حولي يخيفني، والشوق إليك يطويني ككتاب حزن مبهم، وعابر أنا وموعدي مع عينيك مستحيل، والمستحيل أنه حتى لو فقدت يوما ذاكرتي، كلي ثقة أن إحساسا ما سيعلمني حبك من جديد،
فيا عميق الحب الذي يثور في قلبي، أريد أن أملأ الكون بنسلي ونسلك، ولكن لست أدري كيف افتعله.