بوادر الأمل مع العام الجديد
جلاء جاب الله
نشرت صحيفة سويسرية تحقيقاً صحفياً عن التضخم فى العالم وخاصة فى أوروبا.. وقالت انه تضخم بلا قلب وبدون شفقة.. واشارت إلى ان التضخم فى أوروبا هو الأعلى وان الخبراء يحلمون ويأملون فى ان يتحقق الأمل فى العام الجديد بأن تقل نسب التصخم وان تعود الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها.. وهنا اهتم الخبراء بثلاث قضايا يرونها مؤثرة على العالم كله.. أولاها الحرب على غزة.. والثانية استمرار الحرب فى أوكرانيا والثالثة الأزمات المحلية فى عدد من الدول خاصة الشرق الأوسط وبفعل فاعل وتدخلات خارجية مثل السودان.
وكأن الخبراء يتحدثون هنا عن مصر تحديداً.. فمصر من أكثر الدول التى تأثرت بهذه العوامل الثلاث.. بداية من حرب أوكرانيا وتأثيرها على القمح.. والأزمات الاقتصادية العالمية التى أثرت علينا تأثيراً مباشراً خاصة على الأسعار.. وبالذات كل ما هو مستورد من الخارج.. ثم تأتى الحرب على غزة وتأثيرها الأكبر والمباشر ومحاولات زج مصر فى آتون هذه الحرب بأى شكل لكن قرار مصر كان حاسماً وواضحاً.. وكان التأييد الشعبى للقرارات الرسمية اكثر حسماً ووضوحاً.. وبرغم التأثيرات السلبية العديدة لهذه الحرب على مصر وبالذات على الاقتصاد الا ان مصر كانت أقوى بل ان المساعدات الانسانية لأهل غزة من العالم كله كانت ربع ما ترسله مصر من مساعدات إلى غزة حيث كانت مساعدات مصر 80٪ من حجم المساعدات الإنسانية.
الأمل فى هذا العام الذى بدأ وبرغم كل ما يحدث فى العالم هو أمل كبير وله مبرراته ودوافعه.. وعلى المستوى الدولى فإن العالم كله يرفض ما يحدث فى غزة.
قد تنجح إسرائيل جزئياً فى ان تهدم المنازل وتقتل المزيد من المدنيين وتسفك دماء الضحايا الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ.. وقد تنجح إسرائيل فى حرب الاغتيالات التى بدأتها بوقاحة دولية غريبة فى لبنان ولكن المؤكد انها لن تنتصر فى هذه الحرب لانها ببساطة شديدة فشلت وستفشل فى تحقيق أهدافها المعلنة أو غير المعلنة فى هذه الحرب البشعة وهذه الاعتداءات المجرمة والمحرمة.
وبرغم ان إسرائيل مازالت تصر على تهجير الفلسطينيين من أراضيهم الا ان شعب فلسطين الذى يعيش تحت القصف ومع الموت ووسط الدمار.. هذا الشعب يرفض ان يترك أرضه ويرفض التهجير القسرى ويفضل الموت فى أرضه على ان يغادرها.. وهو نفس الموقف المصرى الواضح الحاسم الذى رفض كل وسائل وضغوط الصهاينة لانهاء القضية الفلسطينية.
قد يكون الأمل ضعيفاً وبسيطاً لكنه سيكبر وينمو مع ارادة الشعوب فى كل مكان خاصة اننا نعى تماماً ان القضية الفلسطينية لم تعد قضية احتلال فحسب.. بل هى قضية عقيدة وسلام دولى وقضية حق لابد ان ينتصر.. وباتت شعوب العالم تعى ما يحدث وكشفت أكاذيب كل معتد أثيم.. وفضحت أكاذيب الغرب وإسرائيل حول حقوق الإنسان أو العدل أو حتى الاتفاقيات الدولية والمجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحاكم الدولية.
الصومال.. ومواقف مصر
الاتصال الذى تلقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى من الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود يعكس قوة العلاقات التاريخية بين مصر والصومال وهى مواقف مصر الثابتة تجاه دول افريقيا كلها.. وتعمل دائماً على استقرار وسيادة الدول الافريقية.
وارتبطت الصومال بمصر بعلاقات تاريخية متجذرة فى التاريخ منذ الفراعنة خاصة حتشبسوت حتى عهد الرئيس جمال عبدالناصر الذى كانت مصر ومازالت عنواناً لدعم الاستقلال والتحرر والسيادة.
جاء هذا الاتصال ليعكس ويؤكد دور مصر الكبير والتاريخى ليس فقط فى نشأة الاتحاد الافريقى والصومال عضو فيه وكانت مصر قد أكدت دورها الافريقى من خلال رئاسة الرئيس السيسى الاتحاد الافريقى ورفع شعار «اسكات البنادق وإقامة مشروعات التنمية وان ثروة افريقيا للافريقيين».. وفى جميع المؤتمرات التى شاركت فيها مصر مثل (افريقيا – فرنسا) الصين.. – ألمانيا.. – الهند.. – روسيا.. واكدت مصر فى كل هذه المؤتمرات دعم افريقيا والتنمية فى قارتنا.. وجاهد بكل قوة فى هذا الاتجاه خاصة من خلال انشاء منطقة التجارة الحرة الافريقية والمشروعات المشتركة.
وهذا الموقف ليس وليد اليوم لكن زيارة الرئيس جمال عبدالناصر فى الستينيات إلى الصومال ساهمت فى تثقيف الشعب الصومالى وتعريب لغتها حتى أصبحت الصومال عضواً فاعلاً فى الجامعة العربية.
ومصر اليوم تقوم بأكبر مشروعات فى القارة الافريقية ومنها السد التنزانى «جوليوس نيريري».. كما تسعى مصر لإقامة مشروعات (سى سى كيب تاون) ومن هنا اهتمت وسائل الإعلام العالمية بالاتصال المهم من رئيس الصومال للرئيس السيسي.. الذى يؤكد من جديد دور مصر الثابت والقوى والتاريخى فى افريقيا.
وداعاً.. سيد شحم
وتتوالى الأخبار الحزينة.. ويرحل عنا الأغلى يوماً بعد يوم وكما يقولون فإن الموت فيما يبدو يختار أفضلنا.. ومنذ أيام قليلة رحل عنا الزميل الكبير والصحفى المتميز والاستاذ المتواضع سيد شحم.. وتربطنى بالراحل الغالى اكثر من رابطة لعل أولاها الجمهورية جريدتنا التى تربينا فيها وارتبطنا من خلالها بالعمل الصحفى والاهتمام بالقضايا العامة والصداقة الانسانية الجميلة.. والرابط الثانى هو أننا أبناء محافظة واحدة فهو من دكرنس وانا من الجمالية وكلتاهما فى محافظة الدقهلية.. وكلما مررت على دكرنس وأنا فى طريقى من وإلى القاهرة كنت أطلبه أو أدعو له بالشفاء وأحييه وزوجته الفاضلة الزميلة الأستاذة نجوى بسيونى وكلاهما نموذج للصحفى المهنى الملتزم المحترم رزقهما الله الصبر والصحة.. ورحم الله فقيدنا الغالى وأدخله الجنة بلا حساب ولا سباقة عذاب.
جيل الأساتذة يرحلون وعلينا ان نكرم الأحياء تكريماً حقيقياً ولائقاً بتاريخهم قبل ان نبكى على رحيلهم يوم لا ينفع الندم والبكاء تحية لأساتذتنا ودعاء بالرحمة لمن رحلوا عنا.
رسائل صلاح لشبابنا
الاهتمام العالمى بنجم ليفربول ومصر محمد صلاح ليس وليد الصدفة أو لقوة علاقاته العامة أو لأن لديه اعلاماً خاصاً.. بل لانه فرض نفسه كنموذج للاعب المتميز.. وتلك هى الرسالة الأولى لكل شاب.. حدد موهبتك وقدراتك وحاول أن تنمى امكانياتك بالعلم والأخلاق.. وثق بأن الله سيهبك أكثر مما كنت تتمني.
محمد صلاح لم يولد فى ناد كبير ولم يكن وراءه دعم أكبر بل هو ابن قرية فى الغربية لعب فى الحوارى والشوارع ومركز شباب القرية قبل ان ينتقل إلى نادى المركز الادارى لقريته فى بسيون غربية إلى ان تم اكتشافه ولعب فى نادى عثمانون بطنطا ومن هناك إلى نادى المقاولون ورفضه نادى الزمالك.. حتى جاءته الفرصة والفرصة لا تأتى إلا لمن يستحقها ولا تظهر الفرصة إلا عندما يستغلها صاحبها أفضل استغلال.. وتلك رسالة صلاح الثانية لشبابنا وهى اجتهد حتى تأتى الفرصة وعندما تأتى تمسك بها وأعمل بكل جد واجتهاد حتى تنجح فى مهمتك..!
وفى آخر مبارياته مع ليفربول هذا الأسبوع تألق محمد صلاح.. وفى هذه المباراة بالذات كانت رسائل صلاح لشبابنا واضحة وقوية ولعل أولها عدم اليأس إذا أصابتك مصيبة أو كان الحظ معانداً لك وهو ما حدث عندما فشل صلاح فى التسجيل من ضربة جزاء لكنه لم ييأس.. بالعكس كان مصراً على التعويض حتى نجح فى ذلك وسجل هدفاً وصنع آخر.. بل وأضاف بعد ذلك هدفاً رابعاً وأرسل للعالم كله رسالة أقوى بهذا الهدف الأخير حيث أصبح رقمً قياسياً عندما كسر رقم 150 بهدفه الـ 151 فى الدورى الانجليزى مع ليفربول.
والأرقام القياسية التى حققها صلاح كثيرة ليس هذا وقت الحديث عنها لانها تحتاج صفحات ولكن الأهم ان صلاح لم يكن هدفه ان يسجل رقماً قياسياً بل كان هدفه الأساسى هو النجاح والتألق.
أما الرسالة الأخرى وليست الأخيرة فهى اهتمام صلاح بأسرته والده ووالدته وأخوه وأخته وزوجته وبناته الصغيرات.. فكان نموذجاً للانسان البار بأسرته.. فى قريته نجريج ثم بمحافظته الغربية ومساهماته الانسانية فى علاج المرضى وزواج غير القادرين.. ثم حبه لوطنه مصر ومساهماته الخيرية الانسانية.. هذا النموذج رسالة اكثر تميزاً لشبابنا الذى يجب ان يعى ان بره بأسرته هو البداية ليكون انساناً سوياً معطاء مميزاً.. انها الإنسانية الحقيقية التى دعا إليها الدين الحنيف.
رسائل صلاح لشبابنا كثيرة وتستحق ان ندرسها ونرسلها إلى شبابنا والكل مهتم بالنتيجة البشرية الانسانية الحقيقية.. وكلنا أمل فى ان يقود صلاح منتخب مصر إلى الفوز ببطولة افريقيا بعد أيام ان شاء الله.