مقالات

سؤال ينتظر الإجابة ؟!

فهمي عنبة

هل علينا ٢٠٢٤.. عام جديد نسأل الله ان يكون خيرا ً وسلاماً على مصر وأهلها والعرب والعالم .. وحتى يسود التفاؤل بغدٍ أفضل علينا ان نعمل بكل جد وبدون كلل من أجل بلدنا ومستقبل أحسن للأجيال القادمة .. والأهم ان نكون صرحاء مع أنفسنا ومع غيرنا .. وان تكون الحكومة أيضاً صريحة مع ومتوافقة مع نفسها ومع الشعب  !! .

   بالتأكيد لا يوجد ما يمنع من زيادة أسعار أى سلع أو منتجات أو خدمات مقدمة للمواطنين طالما هناك حاجة مُلحة او يوجد سبب قهرى يبرر ذلك مثل أوقات الحروب أو الأزمات الاقتصادية الدولية !! .

.. ولكن من غير المعقول أو المقبول أن تتم الزيادة لعدة سلع وخدمات مرة واحدة و فى وقت واحد ودون تمهيد أو اعطاء مهلة للمواطنين للاستعداد للأسعار الجديدة وتدبير أمورهم أو اختيار بدائل أو الاستغناء عنها خاصة فى ظل غلاء باقى الأسعار وانفلات الأسواق !! .

لم يمر سوى ساعات قليلة على اعلان الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء باعتبار ٧ سلع من المنتجات الاستراتيجية وتحديد اسعار استرشادية لها لضبط الأسواق وعدم استغلال بعض التجار للمواطنين الذين أسعدهم القرار واعتبروه هدية  وهم يحتفلون بعام ميلادى جديد تمنوا ان يكون أفضل من سابقيه .. الا وفوجىء الناس بزيادات فى أسعار الكهرباء و تذاكر المترو والقطار وكروت شحن المحمول واشتراك الانترنت .. مما أفسد فرحة هدية العام الجيد !! . 

للأسف .. لم يكن اختيار الحكومة لتوقيت اصدار القرار مناسباً .. كما ان زيادة أسعار كل ذلك مرة واحدة يمثل ضغطاً على ميزانية الأسرة المصرية المُثقلة بالالتزامات والمصاريف !! .

الأهم .. ان الزيادات الأخيرة فى الأسعار تزامن مع اعلان صندوق البنك الدولى عن استئناف مفاوضاتة مع مصر ” والكل يعلم ان مراجعاته الؤجلة مرتبطة بشروط  ” مما أثار القلق وأدى إلى حالة من الترقب تحسباً لزيادات أخرى فى العديد من السلع والمنتجات وفى أسعار الطاقة والخدمات  خاصة وانه لم يخرج أى مسئول ليطمئن المواطنين بانه لن تكون هناك زيادة أخرى .. أو يرد على السؤال الذى يتردد فى البيوت والأسواق .. سواء بين رجال الاعمال والمستثمرين او بين رجل الشارع والناس البسطاء وهو : هل سيكون هناك تعويم جديد للجنية ؟! . 

هذا السؤال يجعل الأسواق غير مستقرة والمواطن فى حيرة خاصة فى ظل وجود تكهنات تشير إلى ان هذا هو مطلب صندوق النقد الأساسى .. وهناك من خبراء الاقتصاد من يقولون انه السبيل الوحيد لانهاء وجود تعدد لسعر الدولار وللقضاء على السوق السوداء حيث ان التجار والمستوردين يتعاملون بسعر أعلى بكثير من الرسمى المحدد فى البنوك مما أدى لرفع ثمن جميع السلع المحلية والمستوردة وجعل الذهب يقفز ليصل إلى أسعار جنونية .. فهل سيوقف التعويم جنون الأسعار أم انه سيزيدها اشتعالاً ويزيد من معاناة الأسرة المصرية ؟! .

نحن لا نناقش مشروعية زيادة أسعار الكهرباء خاصة وانها معلنة منذ سنوات وكانت هذه الشريحة مؤجلة .. ولن نتطرق إلى حتمية تحريك أسعار تذاكر المترو والقطار فى ظل ما طرحة وزير النقل الفريق كامل الوزير حيث قدم شرحاً وافياً للاسباب التى دفعت لذلك ولقيمة الزيادةالتى يرى انها بسيطة والتيسيرات المقدمة لأصحاب الاشتراكات والتخفيضات الممنوحة لكبار السن وأصحاب الهمم وأسر الشهداء والطلبة والموظفين .. ولكن ألم يكن من الأفضل التمهيد لهذا القرار قبل صدوره بدلاً من ان يُفاجأ المواطن بالزيادة وهو على شباك التذاكر حتى لو كانت جنيهاً واحداً  ؟! .

.. وبالنسبة للموافقة لشركات  المحمول على زيادة رسوم كروت الشحن واشتراك الانترنت فان غالبية المشتركين و المستخدمين للهواتف المحمولة يرون ان هذه الشركات تكسب منهم الملايين ولا تحاسبهم بقيم عادلة ولا تمنحهم قيمة ما يدفعونه وبذلك لا تستحق هذه الزيادة وهذه وجهة نظر كان من المفترض ان يقوم الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات باحترامها وعمل استفتاء أو استطلاع لارآء المستخدمين لهذه الخدمة باعتبارهم أصحاب المصلحة قبل الموافقة للشركات على الزيادة التى أيضاً كان يجب الا تسرى الا بعد فترة معقولة وليس عدة ساعات  من اعلانها لكى يقوم كل مواطن بالاستعداد او تغيير الشركة او الاستغناء عن الخدمة كل حسب احتاجاته وامكانياته !! . 

المهم فى الموضوع هو النظرة السائدة للعلاقة بين مقدم الخدمة ومتلقيها بمعنى كيف يرى المسئولون فى القطاع العام والخاص المواطن الذى هو كمستهلك او كمشترك فى أى خدمة له حقوق يجب احترامها تماماً كما يطالبونه بأداء واجباته لانه هو الذى يدفع المقابل مما يجعل هذه الشركات او المؤسسات تستمر وتدفع رواتب موظفيها وبذلك يكون مثل ” الزبون دائماً على حق ولابد من شراء وده ” أم انهم ينظرون له على انه مجرد رقم من ضمن أعداد مشتركين فى الخدمة وعليه الانصياع بعقود اذعان ويكفى انه يحصل على الخدمة وليس المهم جودتها أو تكلفتها ولا يحق له ان يعترض او حتى يناقش اذا قمنا بتغيير بنود العقد او قيمة الاشتراك دون الرجوع اليه ؟! .

.. والسؤال الى جهاز الاتصالات : ألا توجد شركة واحدة من ٤ شركات للمحمول فى السوق لم تطلب زيادة سعر الكروت ولو من باب المنافسة واجتذاب اعداد من المشتركين .. أليس اتفاق الشركات وعدم وجود منافسة حقيقية لصالح الجمهور يعتبر احتكاراً  .. أم ان المنافسة فقط فى الباقات التى يعتبرها البعض لا توفر كثيراً وغير مفيده ؟! .

دعونا من ذلك كله ولنعد إلى أصل الموضوع وهو الجدل السائد فى المجتمع الذى قد يؤدى إلى جو من البلبلة وعدم الثقة .. والمطلوب من رئيس الحكومة ووزراء المجموعة الاقتصادية التدخل لانهائها ووضع حد للشائعات والتحدث إلى الشعب بصراحة والإجابة على التساؤلات المطروحة فى الشارع وأهمها : هل هناك ” تعويم جديد قريباً للجنية أم لا ؟! ” .. الاجابة مهمة حتى تستقر الأسواق ولا يستغل بعض التجار حالة الشك والريبة السائدة لرفع الأسعارأو احتكار السلع أو تخزينها تحسباً لزيادة سعر الدولار رسمياً .. وحتى تعود ثقة المستثمرين فى الاقتصاد .. وثقة الشعب فى ان العام الجديد يحمل الخير للمصريين .. ولان الضحية فى كل الأحوال هو المواطن البسيط !! .
******
” الصيف الأفريقى ” .. 
خريف إسرائيل .. وشتاء غزة !!

•• شهد عام ٢٠٢٣ الذى ودعناه منذ 
أيام ثورات للطبيعة نتيجة لتغيرات المناخ .. كان زلزال تركيا وسوريا هو الأعنف والأشد فى خسائرة المادية التى كانت بمليارات الدولارات والبشرية التى زادت عن ٦٠ ألف قتيل وتشريد مئات الآلاف  .. وشهدت افريقيا كذلك زلزال مراكش المدمر فى المغرب  .. ولا ننسى إعصار دانيال الذى ضرب مدينة درنة الليبية مما دمرها تماماً وجرف العديد من سكانها ليدفنوا فى البحر !! .

إلى جانب ثورات الطبيعة وانقلابات الطقس التى جعلت من صيف  ٢٠٢٣ هو الأشد حراً والأعلى فى درجات الحرارة على مر التاريخ  .. شهدت القارة السمراء انقلابات وثورات وحروب أهلية زادت من لهيب ما يقاسية أبناء أفريقيا .. حيث وقعت انقلابات فى النيجر والجابون ومن قبلها فى مالى وبوركينا فاسو وهى الدول التى كانت قابعة يوماً تحت الاحتلال الفرنسى ثم تحررت ولكن ظل نفوذ باريس عليها كبيراً حتى اجبرتها القيادات الجديدة على الخروج من بلادها وقامت بذلك بالحد  من وجودها  ونفوذها فى أفريقيا لصالح دول جديدة مثل روسيا والصين وغيرها !! .

جاءت أحداث الحرب الاهلية التي وقعت في السودان لتزيد من اشتعال حرارة الأزمات الأفريقية وجعلت صيف القارة أكثر التهاباً حيث أدت إلى سقوط أكثر من ١٢ ألف قتيل .. وما زالت المعارك الضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على أشدها .. والشعب هو الذي يدفع الثمن .. وكل الأمل أن تنجح الوساطات التي تشير الأنباء الأخيرة إلى أنها بدأت تؤتي ثمارها ، وإن الجانبين سيقومان قريباً بالاتفاق و بتحكيم العقل ووقف الاقتتال وإنهاء  النزاع والموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية .. والبدء خلال ٢٠٢٤ فى بناء السودان من جديد .. فهل تصدق الأنباء ؟! .

يختلف ” الصيف الأفريقي ” بانقلاباته عن ” الربيع العربي ” وثوراته حيث أن الدول الأفريقية كان هدفها الأساسي التخلص من التبعية للمستعمر الفرنسي وإخراج قواته وقواعده العسكرية من البلاد وكذلك التخلص من الحكام التابعين لفرنسا .. رغم الاستقلال اسمياً منذ عقود ، أما ” الربيع العربي ” فكان هدف من قاموا به التخلص من أنظمة سيطرت على السلطة لمدة طويلة وتزامن ذلك مع مؤامرات خارجية لتغيير وجه المنطقة !! . 

بعد الربيع العربي والصيف الأفريقي، جاء الخريف كالزلزال وهذه المرة  هز إسرائيل .. ففي ٧ أكتوبر قامت المقاومة الفلسطينية بعملية ” طوفان الأقصى ” الذي لم يفاجئ إسرائيل وحدها ، ولكنه كان مفاجأة للعالم .. وبعدها قام الاحتلال الإسرائيلي بعملية إبادة لغزة وأهلها بل وللشعب الفلسطيني فى كل الأرض المحتلة بمساندة من الولايات المتحدة والدول الغربية .. وعندما فشلت إسرائيل في تحقيق هدفها في القضاء على حركة حماس لجأت إلى تصفية قادتها واغتيالهم وهناك تصريحات لمسئولي جيش الاحتلال وقادة الموساد بأنه سوف يتم تتبع قادة حماس في كل مكان وليس في غزة وفلسطين ولبنان وسوريا فقط ، فهل سيقومون باغتيالهم في كل الدول التي يقيمون بها ؟! .

الأخطر من ذلك أن حكومة نتنياهو الصهيونية مستمرة في مطاردة وتهجير أهل غزة فى هذا الشتاء القارس واجبارهم على النزوح إلى الجنوب والتجمع في رفح ثم ضربهم بعنف ، حتى لا تجعل أمامهم أي مكان سوى اللجوء إلى معبر رفح والدخول إلى سيناء .. وهو المخطط الذي حذرت ومازالت تحذر منه مصر وتتحسب له وترفضه .. كما رفضتة كل دول العالم ” في الظاهر ” بما فيها الولايات المتحدة .. ولا ندري ماذا تخبئ الأيام من تغيرات في مواقف الدول الغربية وأمريكا خاصة في ظل مواقف مصر المتشددة والرافضة للانضمام لأي تحالف وآخرها التحالف الأمريكي في البحر الأحمر .. وكذلك رفضها بشده تهجير الفلسطينيين لأي مكان وإلا ضاعت القضية للأبد .. وأكدت القاهرة على ضرورة بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه حتى يقيم دولته وعاصمتها القدس وهو ما سيتحقق باذن الله مهما طال الزمن .. و إلى ان يتحقق ذلك ، فهل يتحرك العالم وينقذ أهل غزة وفلسطين من الإبادة الجماعية ومن القصف والعدوان الاسرائيلى المجنون ومن برد الشتاء القارس ؟! .

 يحاول نتنياهو الهروب من فشله عسكريا منذ السابع من أكتوبر الماضي .. وفشله السياسي داخليا بعد قرار المحكمة العليا بإلغاء ” قانون الأساس ” الذي كان يمنح حكومته صلاحيات أكبر ويحد من سلطات المحكمة العليا .. لذلك يُصرح بأن حربه في غزة وأهلها ستستمر طوال عام ٢٠٢٤.. ومع إيماننا بأن المقاومة قادرة على الصمود ، فإن إسرائيل لن تتحمل الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية.. وقد يضطر قادتها إلى إيقاف الحرب مجبرين .. وعندها سيطلب نتنياهو  من الرئيس الأمريكى بايدن الوقوف إلى جانبه ليخرج من هذا المأزق بسيناريو يحفظ له ما تبقى من ماء وجهه !! .

زر الذهاب إلى الأعلى