مقالات

متى يتغير الانسان  ؟!

عبد الوهاب عدس

يشغلنى الانسان .. بتركيبته المعقدة الفريدة .. انظر دائما الى سلوكه .. أتوقف أمام الجانب الإنسانى الذى يحركه .. والجينات الوراثية التى اكتسبها من اهله  .. وما اضافه هو الى نفسه  .. وان كان آدم وحواء بدون آية مكتسبات وراثية .. فليس لهما من يكتسبان منهم اى شئ .. انهما البداية  .. لكنهما عصيا ربهما .. كيف ؟ عن طريق الشيطان  .. الذى وسوس لهما .. من هنا .. جاء الشيطان العدو الأول للإنسان  .. الذى يقوده لمعصية الله  .. ولابد أن نعترف بان النفس البشرية  .. فيها الخير والشر .. وشهوات وميل وهوى .. وطموح وضعف .. تصديقا لقول الحق سبحانه  : وخلق الإنسان ضعيفا .. وهنا يقف امامى جهاد النفس .. وهو اصعب أنواع الجهاد .. هذه المقدمة أجدها ضرورية .. للإجابة على السؤال : متى يتغير الإنسان ؟! نعم يتغير الإنسان .. اما للأفضل او الأسوء .. إذا أراد .. فقد منحنا الله سبحانه حرية الاختيار .. بداية التغير .. قد تكون من حلم او رؤية  .. تجعل الإنسان ينتفض من فراشه .. ليصبح شخصية أخرى .. اعرف شابا .. كان مجرما .. شقيا .. لا يهدأ عن أذية الناس والنيل منهم  ..  ولا يعترف بحقوقهم .. شاهد حلما .. بأنه مات .. وعندما ادخلوه القبر .. وجد ثعبانا ضخما ينتظره .. وفمه مفتوح عن آخره .. من هنا اصبح شابا آخر .. وصورة الثعبان لا تفارقه .. والاستقامة اصبحت سلوكه .. وتحول الى شخص آخر تماما .. يخشى الله فى كل تصرفاته .. ويراعى حدود الله .. هذا الشخص اعرفه جيدا  .. كان والده قد احتار فيه .. وبذل جهدا غير عادى  .. لاصلاحه .. لكنه فشل .. وبهذا الحلم أو الرؤية .. اصبح هذا الشاب  .. من الناجحين المشهود لهم بالكفاءة وحسن الخلق .. فى أحد الهيئات الكبرى .. ويجئ بعد الحلم .. الإرادة .. نعم الإرادة  .. فإن الإنسان عندما يدرك الخطأ والصواب  .. والفارق
 بينهما .. يستطيع ان يقوم نفسه بنفسه  .. إذا أراد  .. أى برغبته .. من تلقاء نفسه  .. عن طريق الهام يجئ من داخله .. شئ ما يحركه .. قد يكون نتيجة تراكمات لخبرات عاشها أو قرأها أو اكتسبها .. او نماذج وقدوة امامه .. تأثر بها .. وأراد ان يقلدها .. ويسير نفس طريق نجاحها .. وهناك  الموقف .. ان يتعرض الانسان لموقف ما .. او يشاهد واقعة او حادثة .. تقوده للتغيير تماما  .. وامامنا حوادث تركت أثرا عظيما .. داخل نفوس اصحابها أو حتى من شاهدوها .. أضافت اليهم بعدا انعكس على شخصياتهم وعلى سلوكهم .. اما الى الأفضل .. او الى الأسوء .. امامى واقعة حقيقية تستحق ان نتوقف امامها .. عندما كانت الشرطة تطارد واحد من عتاة المجرمين .. قفز فى أتوبيس لاطفال فى الحضانة  .. مهددا السائق بمسدسه بأن يسير بأكبر سرعة .. بعيدا عن سيارات الشرطة  .. عندما التفت هذا المجرم للخلف .. شاهد هلع ورعب الأطفال على وجوههم .. مع ارتفاع صيحات استغاثتهم له .. بعدم قتلهم  .. منظر الأطفال والرعب على وجوههم .. والدموع فى أعينهم .. وكلماتهم الصادقة المغلفة ببراءتهم .. يا عمو ماتقتلناش  .. يا عمو .. ويقفز احد الأطفال من مقعده ليقدم ساندوتش كان فى يده .. للمجرم .. هنا تسمر الرجل فى مكانه .. وجاءت لحظة الغليان .. ولحظة أو نقطة الغليان  .. هى درجة الحرارة ( ١٠٠ ) التى يتحول معها الماء الى بخار .. وهى نفس نقطة الغليان  .. التى حولت هذا المجرم الخطر .. الى انسان آخر تماما  .. حيث طلب من السائق الانحراف عند أول منحنى بهدوء حتى يقفز من الاتوبيس .. ويهرب من البوليس .. ويترك المدينة  .. ويذهب الى مدينة أخرى لا يعرفه فيها أحد  .. ليبدأ حياة جديدة فى العودة إلى مهنته فران فى أحد المخابز .. ليعيش حياة مستقرة .. ويمتلك اشهر مخبز فى المدينة .. ويظل وجه الطفل بكل ملامح الرعب والفزع .. وهو يقدم له الساندوتش الذى كان يتناوله .. بيد مرتعشة متوسلا له .. الا يقتله .. هذا الوجه لم يفارقه بل ظل يطارده مدى حياته .. بقى ان اقول : ان جهاد النفس .. ومقاومة الشيطان  .. بداية التغيير .. وايضا الإرادة .. لكن الأصعب هو استمرارية التغيير  .. ولنتذكر دائما .. ان القرب الى الله .. بقلوب صافية .. لا تحمل كراهية او حقد او ظلم .. وان تنطبق عباداتنا على سلوكنا .. فهذا هو التغيير الحقيقى  .. رددوا معى : اللهم اهدنا الى نورك بنورك .. اقول  : اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا رمضان  .. وكل رجب وانتم بخير  .

زر الذهاب إلى الأعلى