إدانات واسعة لـ”اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال”
سلطت شبكة سي إن إن الإخبارية الضوء على رفض مصر مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال (صوماليلاند)، التي بموجبها تحصل أديس أبابا على منفذ بحري على البحر الأحمر، وأكدت ضرورة احترام وحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل اراضيها، ومعارضتها لأية إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مشددةً على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده”.
وحذّرت القاهرة من خطورة تزايد الاجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التي من شأنها تقويض الاستقرار فى منطقة القرن الإفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها ويأتي الإعلان عن الموقف المصري من الاتفاق الإثيوبي بعد يوم من اتصال أجراه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الثلاثاء، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
من جانبها؛ أعربت تركيا عن استنكارها الشديد للاتفاقية التي وقعتها إثيوبيا وأرض الصومال في الأول من يناير 2024، والتي تعتبرها تعديًا على حقوق ومصالح الشعب الصومالي وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أونكو كيسيلي، في بيان صدر بتاريخ 4 يناير 2024، إن تركيا تشعر بقلق بالغ إزاء هذه الخطوة الأحادية الجانب، التي قال إنها تتعارض مع القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الصومالية “صونا”.
وكانت الحكومة الصومالية قد استدعت سفيرها لدى أديس أبابا عبد الله محمد ورفا، للتشاور بشأن “انتهاك السيادة الصومالية”، ووصفت الحكومة، في بيان الثلاثاء، مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال بأنها “غير مشروعة، ولا أساس لها من الصحة، وهي اعتداء سافر على السيادة الداخلية لجمهورية الصومال الفيدرالية”.
وأشارت سي إن إن إلى أن إقليم أرض الصومال لم ينل اعترافًا دوليًا منذ إعلانه الاستقلال في عام 1991 ويعتبر الصومال الإقليم جزءً من أراضيه.
تقضي مذكرة التفاهم بحصول إثيوبيا على منفذ بحري في نطاق ميناء بربرة، من المتوقع استخدامه في أغراض عسكرية وتجارية، وذلك مقابل حصول أرض الصومال على حصة من شركة الطيران الإثيوبية، وأعادت إثيوبيا تشكيل قوتها البحرية قبل سنوات من توقيع مذكرة التفاهم وكانت إثيوبيا قد تحولت إلى دولة حبيسة بعد استقلال إريتريا في عام 1993.
لماذا يفاقم وصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر من تعقيدات الأوضاع الجيوسياسية في القرن الأفريقي؟
في 2023، وضع رئيس الوزراء، أبي أحمد، استعادة الوصول إلى المحيط كهدف استراتيجي رئيسي للبلاد، وحذر من أن عدم تحقيقه قد يشعل صراعًا واستشاط الصومال وإريتريا وجيبوتي غضبًا وقالت الدول الثلاث إنها ستعارض أي محاولة للتعدي على أراضيها، مما دفع أبي إلى التراجع عن تصريحاته.
ثم توصلت إثيوبيا في الأول من يناير الجاري إلى اتفاق لتأمين منفذ مباشر إلى البحر الأحمر عبر أرض الصومال، وهي منطقة انفصالية عن الصومال، والتي ستحصل في المقابل على حصة في شركة الطيران الوطنية. وأثار هذا التحالف توترات في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابًا بالفعل.
أبرز ما تتضمنه صفقة إثيوبيا
وفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبرج، تنص مذكرة التفاهم على أن تتمكن إثيوبيا من الوصول إلى مضيق باب المندب في خليج عدن عبر ممر ستستأجره من أرض الصومال لمدة 50 عامًا. ويمكن لإثيوبيا إنشاء قاعدة عسكرية ومنشآت تجارية هناك.
وفي المقابل، ستحصل أرض الصومال على حصة غير محددة من الخطوط الجوية الإثيوبية، أكبر شركة طيران في القارة. وبينما قال رئيس أرض الصومال موسى بيحي عبدي إن إثيوبيا ستعترف رسميًا ببلاده دولةً ذات سيادة، قالت أديس أبابا إن هذه القضية لا تزال قيد التقييم.
صومال لاند كيان انفصالي لا يمكنه توقيع مثل هذا الاتفاق
اتحدت أرض الصومال، وهي محمية بريطانية سابقة، مع الصومال الإيطالي عام 1960 بعد الاستقلال، لكنها انفصلت بعد ذلك عام 1991 بعد اندلاع حرب أهلية. وتجري المنطقة انتخابات، كما تصدر جوازات سفرها الخاصة، وتطبع عملتها الخاصة، ووقعت صفقات استثمار دولية، بما في ذلك مع شركة “موانئ دبي العالمية” لتوسيع مينائها الرئيسي، وعقدت صفقة مع شركة جينيل إنرجي ومقرها لندن للتنقيب عن النفط. لكنها أخفقت في الحصول على اعتراف دولي يسمح لها بتلقي التمويل والمساعدات من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، ولم يعترف باستقلالها سوى تايوان حتى الآن.
وعبرت الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد)، وهي مجموعة إقليمية مكونة من ثماني دول، عن قلقها العميق بشأن التداعيات المحتملة للاتفاق على الاستقرار الإقليمي، ودعت إلى حل أي خلافات وديًا. ومن المتوقع أيضًا أن يساور مصر وإريتريا القلق إزاء احتمال إنشاء إثيوبيا قاعدة بحرية. ومن الممكن أن تتكبد جيبوتي، التي تعبرها إثيوبيا حاليًا عبر الطرق والسكك الحديدية للوصول إلى المحيط، خسائر اقتصاديةً.
ويُعد مضيق باب المندب ممرًا ملاحيًا عالميًا يقود إلى البحر الأحمر وقناة السويس، وتنشر العديد من الدول قوات بحرية هناك لحماية مصالحها التجارية. ويمر نحو 12% من التجارة الاقتصادية العالمية عبر المضيق، وقد يضطرب توازن القوى الحالي إذا تمكنت إثيوبيا من الوصول إليه، بحسب رشيد عبدي، كبير محللي شؤون القرن الأفريقي والشرق الأوسط في شركة “ساهان ريسيرش”.