أيام « عيد الثقافة » !!
فهمي عنبة
انتهت أيام « عيد الثقافة » الذى يأتى كل عام مع معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى اختتمت أول أمس دورتـه رقم ٥٥ .. وهو موسم القراءة والمعرفة والفكر والأدب والشعر والعلوم والفنون .
شهد المعرض العديد من الأنشطة الثقافية وندوات توقيع الكتب والإصدارات الجديدة للمبدعين .. وكان الاقبال كبيرا من الجماهير .. وضرب هذا العام رقما قياسيا فى أعداد الزائرين بلغ قرابة ٥ ملايين زائر لأول مرة منذ دورته الأولى عام ١٩٦٩.
الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة والدكتور أحمد بهى الدين رئيس هيئة الكتاب بالتعاون مع الدكتور سعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين يستحقون التحية على نجاح المعرض والجهد المبذول لخروجه فى أحسن صـورة واستمرار فعالياته وأنشطته التى تجذب رواد المعرض من مختلف الأعمار والفئات .. وان كانت هناك ملاحظات بسيطة تحتاج تداركها فى الأعوام القادمة بإذن الله مثل ضرورة وجود وسيلة لتسهيل انتقال كبار السن وأصحاب الهمم بين الأجنحة كعربات الجولف أو « طفطف » ينهى معاناتهم طالما لا يسمح بدخول السيارات وكذلك مطلوب خيمة أو بناء مسجد يتسع لعدد كبير من المصلين .. والأهم مازالت أسعار كتب وألعاب الأطفال تحتاج إعادة نظر حتى تستطيع كل أسرة شراء ما يسعد أطفالها .. وهذا يجب أن يتم بالاتفاق مع اتحاد الناشرين ودور النشر المختلفة لتكون أسعار معروضاتها مقاربة للموجود فى جناحى هيئتى الكتاب وقصور الثقافة .
شهد المعرض كذلك عناوين لإصـــدارات جديدة من بينها كتاب ” الاقتصاد وسنينة ” للكاتب الصحفى الكبير محسن حسنين رئيس تحرير مجلة أكتوبر السابق وكتابة عبارة عن رؤية نقدية ساخرة فى دفتر أحوال المحروسة .. كما حضر حفل توقيع روايـة « شاى بحليب » للكاتبة الكبيرة ألفه السلامى نخبة من المثقفين والمبدعين .. أما مفاجأة المعرض فكان قصة مصورة للأطفال بعنوان « نخلة جدي » للكاتب جمال مصباح ورسوم آية شعراوي .. وفـى السطور التالية نتحدث عن كتاب محسن و قصة مصباح وآيــة .. أما روايـة الكاتبة ألفه السلامى فنتناولها الأسبوع القادم بإذن الله على الأقل لنستمر فى معايشة أيام معرض الكتاب « عيد الثقافة » !! .
******
اقتصاد ” محسن حسنين ” وسنينه !!
•• يُفضل اغلب الصحفيين الجدد العمل في أقسام الفن والرياضة والحوادث أو التحقيقات والسياسة اعتقادا أن طريقهم للشهرة سيكون اسهل .. و يهربون من قسم الاقتصاد والتعامل مع مصطلحاتة الجامدة و الإحصاءات والأرقام .. إلاالصديق العزيز محسن حسنين فإنه عاشق لهذا المجال بل و يتفنن في ابتكار اسلوب صحفي يجذب القراء الذين نادرا ما نجدهم يقبلون على الصفحات الاقتصادية .
استطاع محسن حسنين أن يشرح باسلوب مبسط ورشيق كل نظريات و لوغاريتمات الاقتصاد بل ويكتب تحليلاته للأزمات بسهولة ممزوجة بسخرية تجعل القارئ يتقبلها و يفهمها وكأنه خبير أو ” وزير مالية ” خاصة وانه لا يتناول الأزمة أو المشكلة ويحللها فقط ولكنه يضع حلولا لانهائها ويقدمها للمسئولين على ” طبق من فضة ” !! .
خاض محسن حسنين معارك صحفية عديدة دافع فيها عن المال العام و مصالح المواطنين والدولة وتميزت كتاباته بالجرأة فهو خريج الدفعة الأولى من كلية إعلام القاهرة وتتلمذ على يد الاستاذ جلال الدين الحمامصى .. ثم إلتحق بجريدة الجمهورية فى منتصف السبعينيات وتعلم من رئيس تحريرها الاستاذ محسن محمد صاحب واحدة من أهم المدارس فى الصحافة العربية وهو الذى أصدر أول صفحة اقتصادية فى الجرائد المصرية وكان محسن حسنين الصحفى الشاب وقتها من محرريها قبل ان يسافر إلى السعودية ومن بعدها إلى قطر ويصدر فى كل دولة منها صفحة اقتصادية مماثلة وكأنها هوايتة او لنقل انه عاشق لاصدار الصفحات المتخصصة فى الشأن الاقتصادى فى كل جريدة أو مجلة يعمل بها !! .
العناوين التى اختارها محسن للتنقل بين فقرات كتابه تعبر عن شخصيته وأسلوبه الساخر .. وتظهر انه مهموم بالمواطن البسيط و أحلامة واحتياجاته .. كما أن هذه العناوين تجذب القارئ من أول وهلة ومنها على سبيل المثال : ” مطلوب وزير دولة لشئون العفاريت .. و بياكل رز مع الملايكة .. ومحتار مع جهاز منع الاحتكار .. و ملاليم البحث العلمي علمك ..و حكايتي مع الريان .. وحتى لا يصبح الشاي بالياسمين مشروبنا الرسمي .. و ….. ” .. وتحت عنوان اصحاب الأيادي المرتعشة يمتنعون يقدم ” روشتة ” لعلاج مشكلة تكدس الأموال فى خزائن البنوك بلا توظيف ويقترح أن يقوم البنك المركزي والحكومه بمساندة البنوك عن طريق آلية تسمح لها بتمويل المستثمرين أو الدخول كشريك فى المشروعات العملاقة !! .
ويروي الكاتب قصة ” زرزورة ” وهي اسطورة عن واحة مسحورة خيالية هي الجنة الموعودة التي يتوفر بها كل شىء وأى شىء و يحلم بها سكان الواحات .. ويربط بينها وبين حلم المواطن من الحكومة ويقول ان حلمه أبسط من ” زرزورة ” فهو يريد سبل الحياة الأساسية من سكن ومأكل وتعليم ورعاية صحية .
خلال مشواره لم يجلس محسن على المكاتب لانه يعمل في مهنة البحث عن المتاعب .. كان ينزل لعمل التحقيقات في الشارع ليعبر عن نبض المواطن ويلتقي بالمسئولين ورجال الاقتصاد والأعمال ويحاور الوزراء و له ” خبطات صحفية ” فى كل جريدة او مجلة عمل بها فى مصر او الدول العربية .. وقد حكى عن ذلك وعن تجربته و مشواره في كتاب آخر اصدره منذ فترة بعنوان ” أسرار ٥٠ سنة صحافة ” .. وهو لا ينكر فضل من وقفوا بجانبه وأولهم زوجتة التى أهداها الكتابين فهى رفيقة عمره وأم أولادة !! .
يقول في الختام : ” باختصار كنت أنفخ طوال نصف قرن في قربة مقطوعة ولسان حالي يردد ما غناه الموسيقار اللواء الدكتور محمد عبد الوهاب من عشرات السنين أنا من ضيع فى الأوهام عمره ” .. ومع ذلك فمن يقرأ الكتاب يستفيد كثيراً ويعرف كل شىء عن الاقتصاد وأحواله ويعيش من خلال ٢٢٦ صفحة مع كاتب ساخر له خفه ظل يمتعنا دائماً بمقالاتة وكتبة فى كل أيامة وسنينة .. وإلى ما شاء الله !! .
******
” نخلة ” مصباح وآية !!
•• تكتشف وأنت تتجول فى المعرض كنوزاً مصرية أو عالمية مترجمة من أعمال كبار الأدبـاء والمفكرين والشعراء والعلماء أمثال طه حسين والعقاد وجبران خليل جبران و د. مصطفى محمود وماركيز وداروين وغيرهم .. وسعر الكتاب يـتـراوح ما بين ١٠ و٢٠ جنيها .. وهــى تباع فـى جناحى هيئتى الكتاب وقصور الثقافة .. وهناك اقبال كبير عليها من رواد المعرض لارتفاع ثمن الكتب فى معظم الأجنحة .
علينا أن نحيى وزارة الثقافة فهذا دورها ودور الدولة لنشر الوعى وبناء الإنـسـان .. ولابـد من استمرار اصدار سلاسل جديدة بأسعار مناسبة فى مختلف مجالات الثقافة والمعرفة .
.. ولكن أكثر ما أسعدنى وأدهشنى وجـود قصة مصورة للأطفال بعنوان « نخلة جدي » من تأليف جمال مصباح ورسوم آية شعراوى من سلسلة كتاب « قطر الندي » الصادرة عن هيئة قصور الثقافة وتباع فى المعرض بثلاثة جنيهات .. وهـو ما لا تخيله أو يمكننا أن نصدق انه مازال يوجد شيء له قيمة يُباع بهذا السعر !! .
القصة من ورق ” الكوشيه ” وطباعتها فاخرة ورسومها بــالألــوان مما يـجـذب الأطــفــال ويـقـوم الكاتب بتعريف الطفل بواحة سيوة وشهرتها فى زراعة النخيل وفـائـدة البلح وأنـواعـه بأسلوب بسيط يرافقه رسومات رائعة تُقرب المعني وتزيد من الانتماء .. وهو ما يدعو إلـى مطالبة وزارة الثقافة وهيئاتها بضرورة الاهتمام أكثر بإصدارات الأطفال وبأسعار مناسبة .. خاصة ان أسعار كتبهم وألعابهم فى باقى الأجنحة تفوق قـدرة الأســرة َّالبسيطة .. والأهــم تشجيع المواهب من الكتاب والرسامين أمثال جمال مصباح وآية شعراوي .