حفاوة السماء !!
عبد الوهاب عدس
نعيش هذه الأيام ذكرى معجزة الاسراء والمعراج .. ذكرى حفاوة السماء برسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولكى اكتب ويكون كلاما موثقا .. كان لابد أن الجأ الى عدة كتب : حياة محمد للدكتور هيكل .. والمعجزة الكبرى ( الإسراء والمعراج ) لفضيلة الإمام الشيخ محمد متولى الشعراوى .. تعرض رسولنا صلى الله عليه وسلم .. الى ظروف صعبة وقاسية .. اذى كثير من المشركين والكفار .. كما اشتد الأذى على المسلمين وأشار عليهم رسول الحق صلى الله عليه وسلم .. ان يهاجروا الى الحبشة هربا من الظلم والطغيان .. والاسوء من ذلك .. ان تقرر قريش مقاطعة رسول الله ومن معه من المسلمين لمدة ٣ سنوات لا يبيعونهم شيئا ولا يشترون منهم .. ولا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم .. وكتبوا كتابا تعاهدوا فيه علي هذه المقاطعة وعلقوه داخل الكعبة .. وعانى رسول الحق صلى الله عليه وسلم والمسلمين من الجوع .. لدرجة انهم أكلوا ورق الشجر .. ومن العجيب .. ان الله سبحانه .. سلط أرضه الأرض لتأكل هذه الصحيفة !! فيما عدا باسمك اللهم .. وابلغ الوحى رسول الحق صلى الله عليه وسلم بذلك .. فأبلغ عمه ابو طالب الذى أبلغ قريش .. ويصاب رسول الحق صلى الله عليه وسلم .. بمصيبتين فى عام واحد مات عمه ابو طالب .. وماتت زوجته خديجة .. وسمى هذا العام بعام الحزن .. وهنا يزداد إيذاء الكفار للمسلمين ويخرج رسول الحق صلى الله عليه وسلم وحيدا .. دون أن يخبر احدا متوجها الى الطائف .. يلتمس من أهلها ( بنو ثقيف ) النصرة .. يدعوهم الى الإسلام .. لكنهم استقبلوه اسوء استقبال .. سبوه ورموه بالحجارة .. حتى جرحت قدماه الشريفتان .. وجلس تحت ظل شجرة .. حزينا .. بلغ منه الحزن مبلغه .. وهو يرى جحود خلق الله .. بدعوته الى دين الحق .. وهذا الايذاء والنكران والقسوة التى تعرض لها .. ويرفع رسول الحق يده الى السماء .. يشكو ظلم اهل الأرض .. مرددا الدعاء الخالد : اللهم إليك اشكو ضعف قوتى وقلة حيلتي وهوانى على الناس .. يا أرحم الراحمين .. انت رب المستضعفين .. وانت ربى .. الى من تكلنى .. الى بعيد يتجهمنى أو الى عدو ملكته امرى .. ان لم يكن بك على غضب فلا ابالى .. ولكن عافيتك أوسع لى .. أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات .. وصلح عليه امر الدنيا والآخرة من ان ينزل بى غضبك .. او يحل سخطك .. لك العتبى حتى ترضى .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. أتوقف أمام هذه الكلمات الرائعة البليغة .. التى تصلح ان تكون منهاج عمل لنا جميعا .. وهو الحصول على رضا الله سبحانه وتعالى .. انظروا الى عظمة رسولنا صلى الله عليه وسلم .. وهو فى اشد واقسى أنواع الظلم والاحباط والعذاب والقسوة .. والنكران والجحود .. لا يطلب شيئا سوى رضا الله سبحانه .. وأعتقد أن هذا الرضا هو أعلى درجات الإيمان .. وهذه رسالة من رسول الحق صلى الله عليه وسلم الذى لا ينطق عن الهوى .. إنما هو وحى يوحى إليه .. ويعود رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مكه وحيدا .. كما خرج منها .. وعرفت قريش ما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم من إيذاء اهل الطائف .. فازدادوا إيذاء له ومن معه .. امام كل هذه القسوة .. يتلقى رسول الحق صلى الله عليه وسلم .. اكبر حفاوة يمكن ان تحدث لمخلوق .. وكأن الحق سبحانه وتعالى يؤكد لرسوله صلى الله عليه وسلم .. انه اذا كان اهل الأرض يتنكرون له .. فإن أهل السماء وملكوتها يحتفلون ويرحبون به .. وان الحق سبحانه وتعالى يفتح له أبواب السماء .. وفى ليلة ٢٧ رجب سنة ٦٢١ ميلادية .. وبالتحديد ما بين السنة الحادية عشر الى الثانية عشر من البعثة النبوية .. تجئ معجزة الاسراء والمعراج .. وهنا يقول فضيلة الشيخ متولى الشعراوى : ان الاسراء والمعراج خارجة عن نطاق قدرات البشر وفوق طاقة عقولهم .. لأن طاقة عقل الإنسان لا يمكن ان تدرك اسرار الفعل .. فالله سبحانه يفعل ما يشاء .. لا تحده قوانين .. فهو خالق القوانين .. ولا يحتاج إلى أسباب .. لأنه هو الذى اوجد الأسباب .. فهو ليس كمثله شئ .. كل مخلوقاته تخضع لمشيئته .. فآيات الله لا تخضع لقوانين الكون .. الى هنا .. نأتى الى فرض الصلاة بالأمر المباشر من الله سبحانه وتعالى .. الى رسوله صلى الله عليه وسلم .. فالصلاة هى الصلة بين السماء والأرض .. وبين العبد وربه .. اقول : ان الاسراء والمعراج فاقت كل المعجزات .. فقد أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى .. وعرج به الى سدرة المنتهى .. ورأى من آيات ربه الكبرى .. وهى منزلة عالية جدا .. ليس فيها ما يحجب الرؤية .. وهكذا جاءت حفاوة السماء بخير البشر .. وبما يليق بخالق السماء والبشر .. صلوا على من بعثه الله رحمة للعالمين .. ورددوا معى : اللهم اكرمنا بعفوك ورضاك .