مقالات

مستقبل‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية

عبد الرازق توفيق

هناك‭ ‬آراء‭ ‬حادة‭ ‬غير‭ ‬موضوعية‭.. ‬أو‭ ‬مهنية‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬اقتراب‭ ‬اختفاء‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬وهذا‭ ‬افتراء‭.. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬عبث‭.. ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬ذلك‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نبحث‭ ‬فى‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬والتميز‭ ‬بين‭ ‬الورقى‭ ‬والإلكترونى‭ ‬والرقمى‭.. ‬وكيف‭ ‬نحقق‭ ‬حالة‭ ‬التكامل‭ ‬وكيف‭ ‬نجد‭ ‬الأفكار‭ ‬والرؤى‭.. ‬لتخليص‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬من‭ ‬أزماتها‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬ذنب‭ ‬لها‭ ‬فيها‭.. ‬والتى‭ ‬تأتى‭ ‬بفعل‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭.. ‬وكيفية‭ ‬تطوير‭ ‬المضمون‭ ‬والمحتوى‭ ‬ليكون‭ ‬أكثر‭ ‬خصوصية‭ ‬واختلافاً‭ ‬عن‭ ‬المحتوى‭ ‬الإلكترونى‭.. ‬وهناك‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬يقودون‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأخرى‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬وهم‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬تطويرها‭.. ‬ووجودها‭ ‬وبقوة‭.‬


مستقبل‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية

ذهبت‭ ‬بالأمس‭ ‬إلى‭ ‬معرض‭ ‬القاهرة‭ ‬الدولى‭ ‬للكتاب‭ ‬فانتابتنى‭ ‬دهشة‭ ‬وحيرة‭ ‬كبيرة‭.. ‬ففى‭ ‬ظل‭ ‬سوء‭ ‬الأحوال‭ ‬الجوية‭.. ‬وهطول‭ ‬الأمطار‭.. ‬وأيضاً‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬النظرة‭ ‬التشاؤمية‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ورقى‭ ‬سواء‭ ‬الصحف‭ ‬أو‭ ‬الكتب‭.. ‬وجدت‭ ‬إقبالاً‭ ‬كبيراً‭.. ‬وحشوداً‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والأسر‭ ‬المصرية‭.. ‬فرغم‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬والتحديات‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬المصرى‭ ‬مازال‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بقيمة‭ ‬وعمق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ورقى‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجى‭ ‬الهائل‭ ‬فى‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬والإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبطل‭ ‬آراء‭ ‬ووجهات‭ ‬نظر‭ ‬حادة‭ ‬وغير‭ ‬موضوعية‭ ‬وتشاؤمية‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬ذات‭ ‬التأثير‭ ‬والتناول‭ ‬الأعمق‭.. ‬لكنها‭ ‬فى‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقفة‭ ‬جادة‭ ‬مع‭ ‬النفس‭ ‬سواء‭ ‬لكيفية‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬وتوظيفه‭ ‬لصالحها‭.. ‬أو‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬جوهرية‭ ‬وهى‭ ‬تطوير‭ ‬المحتوى‭ ‬والمضمون‭ ‬ليكون‭ ‬ذا‭ ‬خصوصية‭ ‬شديدة‭ ‬ويرتبط‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق‭ ‬مع‭ ‬القارئ‭.. ‬ويلبى‭ ‬احتياجاته‭ ‬ومطالبه‭ ‬وما‭ ‬يبحث‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬محتوى‭.. ‬مختلف‭ ‬وفريد‭.‬
‮«‬معرض‭ ‬الكتاب‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬العام‭.. ‬تجسيد‭ ‬حقيقى‭ ‬لقوة‭ ‬مصر‭ ‬الناعمة‭.. ‬وكونها‭ ‬منارة‭ ‬الإشعاع‭ ‬الثقافى‭ ‬والتنويرى‭.. ‬فالمعرض‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬6‭ ‬أيام‭.. ‬استقبل‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬المليونى‭ ‬زائر‭.. ‬يعكس‭ ‬حرص‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬الكتب‭ ‬الورقية‭.. ‬رغم‭ ‬التطور‭ ‬الهائل‭.. ‬بل‭ ‬المعرض‭ ‬تميز‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بوجود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النقاشات‭ ‬والحوارات‭ ‬والفعاليات‭ ‬حول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬والقضايا‭ ‬والموضوعات‭ ‬المهمة‭ ‬باستضافة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬والمتخصصين‭ ‬والنخب‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية‭.. ‬وهو‭ ‬بعد‭ ‬جديد‭ ‬أضيف‭ ‬للمعرض‭ ‬هذا‭ ‬العام‭.. ‬لتحقيق‭ ‬ثراء‭ ‬شامل‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬الوعى‭ ‬والفكر‭ ‬والتنوير‭.. ‬ويطرح‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬وهو‭ ‬امتداد‭ ‬للقاعدة‭ ‬الأساسية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬وهى‭ ‬عقيدة‭ ‬الحوار‭ ‬والنقاش‭.. ‬وهذه‭ ‬القاعدة‭ ‬تتمثل‭ ‬فى‭ ‬‮«‬الحوار‭ ‬الوطنى‮»‬‭ ‬الذى‭ ‬دعا‭ ‬إليه‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬ليجمع‭ ‬كافة‭ ‬الأطياف‭ ‬والقوى‭ ‬والأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬الوطنية‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬كلمة‭ ‬سواء‭ ‬حول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬والقضايا‭ ‬التى‭ ‬ترتبط‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بالوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الآراء‭ ‬ووجهات‭ ‬النظر‭ ‬والأفكار‭ ‬والمقترحات‭ ‬التى‭ ‬طرحت‭ ‬فى‭ ‬ندوات‭ ‬ونقاشات‭ ‬‮«‬معرض‭ ‬القاهرة‭ ‬للكتاب‮»‬‭ ‬مسجلة‭ ‬وتتم‭ ‬دراستها‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭.. ‬والأخذ‭ ‬بالصالح‭ ‬منها‭.. ‬ومواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬بأفكار‭ ‬ورؤى‭.. ‬قابلة‭ ‬للتطبيق‭.. ‬وأعجبنى‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭.. ‬برنامج‭ ‬مستقبليات‭ ‬الذى‭ ‬ضم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬حول‭ ‬ملفات‭ ‬تواجه‭ ‬عقبات‭ ‬كثيرة‭.. ‬وتحديات‭ ‬هائلة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجى‭ ‬الهائل‭ ‬الذى‭ ‬يتسم‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭.. ‬وجاءت‭ ‬قضية‭ ‬مستقبل‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬الفعاليات‭ ‬وشرفت‭ ‬بالمشاركة‭ ‬فيها‭ ‬متحدثاً‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬زميلى‭ ‬الكاتب‭ ‬الصحفى‭ ‬جمال‭ ‬الكشكى‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬الأهرام‭ ‬العربى‭.. ‬والكاتب‭ ‬الصحفى‭ ‬علاء‭ ‬عبدالهادى‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬أخبار‭ ‬الأدب‭.. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الندوة‭ ‬كانت‭ ‬حيوية‭ ‬وفيها‭ ‬تفاصيل‭ ‬وآراء‭ ‬مهمة‭ ‬وتفاعل‭ ‬مع‭ ‬الحاضرين‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬والتطور‭ ‬التكنولوجى‭ ‬الهائل‭ ‬فى‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة‭ ‬وشبكة‭ ‬الإنترنت‭.. ‬ووجود‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والرقمية‭ ‬التى‭ ‬تعد‭ ‬الأسرع‭ ‬فى‭ ‬تداول‭ ‬ونقل‭ ‬الأخبار‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يعيش‭ ‬فى‭ ‬قرية‭ ‬ولكن‭ ‬العالم‭ ‬الآن‭ ‬يعيش‭ ‬فى‭ ‬حجرة‭ ‬واحدة‭.‬
الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬آراء‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬منها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متشائم‭ ‬يبشر‭ ‬باختفاء‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الصحافة‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬أهمية‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬والصحافة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وتحقيق‭ ‬استفادة‭ ‬متبادلة‭ ‬لكن‭ ‬قولاً‭ ‬واحداً‭ ‬فإن‭ ‬الآراء‭ ‬التى‭ ‬تبشر‭ ‬باندثار‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬آراء‭ ‬غير‭ ‬موضوعية‭ ‬منقوصة‭ ‬ليست‭ ‬بنت‭ – ‬أو‭ ‬ليسوا‭ – ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬وأبعد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭.. ‬ولعل‭ ‬التجارب‭ ‬العالمية‭ ‬فى‭ ‬موطن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬مثل‭ ‬اليابان‭ ‬والهند‭ ‬التى‭ ‬توزع‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬فيها‭ ‬ملايين‭ ‬النسخ‭ ‬دليل‭ ‬قوى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬قابلة‭ ‬للحياة‭ ‬والمنافسة‭.. ‬فلا‭ ‬يجب‭ ‬تحويل‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬والإلكترونية‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬وتراشق‭.. ‬فكل‭ ‬منهما‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬له‭.. ‬وعليه‭ ‬ما‭ ‬عليه‭.. ‬فإذا‭ ‬تحدثنا‭ ‬عن‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬فهى‭ ‬الأكثر‭ ‬موضوعية‭ ‬ومصداقية‭ ‬بل‭ ‬وتعد‭ ‬وثيقة‭ ‬تسجل‭ ‬أو‭ ‬تعد‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأوطان‭ ‬ودليلاً‭ ‬موضوعياً‭ ‬للباحثين‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭.. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬لدينا‭ ‬النموذج‭ ‬فى‭ ‬الصحافة‭ ‬القومية‭ ‬المصرية‭ ‬والوطنية‭ ‬عموماً‭.. ‬إنها‭ ‬الأكثر‭ ‬مهنية‭.. ‬وكذلك‭ ‬تحفظ‭ ‬قيم‭ ‬وثوابت‭ ‬المجتمع‭.. ‬وأيضاً‭ ‬المبادئ‭ ‬الوطنية‭.. ‬وهى‭ ‬القاعدة‭ ‬التى‭ ‬تنطلق‭ ‬منها‭ ‬ركائز‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭.. ‬والتثقيف‭ ‬والتنوير‭ ‬وهى‭ ‬الأكثر‭ ‬مصداقية‭ ‬أيضاً‭ ‬لأنها‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬موثوق‭ ‬بها‭.. ‬وتتميز‭ ‬عنها‭ ‬وسائل‭ ‬أخرى‭ ‬بأنها‭ ‬حرفية‭.. ‬وليست‭ ‬متروكة‭ ‬للهواة‭ ‬أو‭ ‬ساحات‭ ‬للغزو‭ ‬الثقافى‭ ‬والأفكار‭ ‬المنحرفة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التى‭ ‬تخالف‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية‭ ‬والأخلاقية‭.‬
ظهور‭ ‬الراديو‭ ‬أو‭ ‬الإذاعة‭ ‬لم‭ ‬يلغ‭ ‬الصحف‭ ‬التى‭ ‬بدأت‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1814‭.. ‬وظهور‭ ‬التليفزيون‭ ‬لم‭ ‬يلغ‭ ‬الإذاعة‭ ‬أو‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬بل‭ ‬شهدت‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬رواجاً‭ ‬كبيراً‭ ‬وكان‭ ‬التوزيع‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬مليون‭ ‬نسخة‭.. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬المبشرين‭ ‬بفناء‭ ‬وتشييع‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬غابت‭ ‬عنهم‭ ‬الموضوعية‭.. ‬ورغم‭ ‬أننا‭ ‬نعترف‭ ‬بوجود‭ ‬بعض‭ ‬العلل‭ ‬والتحديات‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬مازالت‭ ‬مؤثرة‭.. ‬والأكثر‭ ‬عمقاً‭.. ‬وموضوعية‭ ‬ومصداقية‭.. ‬لكن‭ ‬أمامها‭ ‬تحديات‭ ‬هائلة‭ ‬فى‭ ‬تجاوزها‭ ‬وعبورها‭.. ‬ضماناً‭ ‬للبقاء‭ ‬كالتالى‭:‬
أولاً‭:‬‭ ‬هناك‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬تواجه‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬المتوالية‭.. ‬أبرزها‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬مستلزمات‭ ‬الإنتاج‭ ‬مثل‭ ‬الورق‭ ‬والأحبار‭ ‬والزنكات‭ ‬وربما‭ ‬العمالة‭ ‬الكثيفة‭ ‬التى‭ ‬ورثتها‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬ماضية‭.. ‬فالصحيفة‭ ‬تباع‭ ‬بثلاثة‭ ‬جنيهات‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬تكلفتها‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬الـ‭ ‬10‭ ‬جنيهات‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬تسببت‭ ‬فى‭ ‬تراجع‭ ‬موارد‭ ‬الإعلانات‭ ‬التى‭ ‬تحقق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬البيع‭ ‬والتكلفة‭.. ‬ومازالت‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬ورغم‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجى‭ ‬الهائل‭ ‬ورغم‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬النصيب‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الإعلانات‭ ‬سعراً‭ ‬وكماً‭.. ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬تقارب‭ ‬أسعار‭ ‬الإعلانات‭ ‬فى‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬بنظيرتها‭ ‬فى‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية‭.. ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬ربما‭ ‬تراجع‭ ‬التوزيع‭ ‬شيئاً‭ ‬ما‭.. ‬لكن‭ ‬التأثير‭ ‬مازال‭ ‬قوياً‭.‬
ثانياً‭:‬‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭.. ‬وفى‭ ‬القلب‭ ‬منها‭ ‬الصحافة‭ ‬القومية‭ ‬مازالت‭ ‬تقود‭ ‬الإعلام‭ ‬المصرى‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬الكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬أو‭ ‬المضامين‭ ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬أجيال‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬هى‭ ‬من‭ ‬تقود‭ ‬الصحافة‭ ‬الرقمية‭ ‬والإلكترونية‭ ‬والنماذج‭ ‬موجودة‭ ‬وواضحة‭ ‬للجميع‭ ‬ولم‭ ‬يتبلور‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬جيل‭ ‬مكتمل‭ ‬الملامح‭ ‬للصحافة‭ ‬الإلكترونية‭.. ‬كذلك‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬والقومية‭ ‬تحديداً‭ ‬هى‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬النجاح‭ ‬الإعلامى‭ ‬الإذاعى‭ ‬والتليفزيونى‭.. ‬فليس‭ ‬غريباً‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬المذيع‭ ‬صحفياً‭ ‬فى‭ ‬الأصل‭ ‬وما‭ ‬أكثرهم‭.. ‬والمعد‭ ‬ورئيس‭ ‬تحرير‭ ‬البرنامج‭ ‬بل‭ ‬ورئيس‭ ‬القناة‭ ‬والضيف‭ ‬والمحلل‭ ‬ومن‭ ‬يقومون‭ ‬بالمداخلات‭ ‬فى‭ ‬البرامج‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬لذلك‭ ‬مازالت‭ ‬أجيال‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬والقومية‭ ‬تقود‭ ‬المشهد‭ ‬الإعلامى‭ ‬إذاعياً‭ ‬وتليفزيونياً‭ ‬وإلكترونياً‭.. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬المحتوى‭ ‬والمضمون‭ ‬الرائج‭ ‬أو‭ ‬الأغلب‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صناعة‭ ‬أبناء‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬القومية‭ ‬ورموزها‭ ‬وأبنائها‭.. ‬هم‭ ‬‮«‬أسطوات‮»‬‭ ‬العمل‭ ‬الإعلامى‭.‬
ثالثاً‭:‬‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬نظرة‭ ‬مختلفة‭.. ‬تؤكد‭ ‬تواجدها‭ ‬ومنافستها‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬سواء‭ ‬لتحقيق‭ ‬التكاملية‭ ‬بين‭ ‬الاثنين‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتطوير‭ ‬العناصر‭ ‬المساعدة‭ ‬لمهنة‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬فنحن‭ ‬فى‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬منظومات‭ ‬التوزيع‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬الصحفية‭.. ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬تراجع‭ ‬أعداد‭ ‬بائعى‭ ‬الصحف‭.. ‬فالبائع‭ ‬لا‭ ‬يورث‭ ‬ابنه‭ ‬مهنة‭ ‬بيع‭ ‬الصحف‭.. ‬وأيضاً‭ ‬هناك‭ ‬مناطق‭ ‬ودوائر‭ ‬للتوزيع‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬فإذا‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬مليون‭ ‬مواطن‭ ‬يعيشون‭ ‬فى‭ ‬قرى‭ ‬ونجوع‭ ‬الريف‭ ‬المصرى‭.. ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬متاحة‭ ‬لديهم‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬قاموا‭ ‬بالسفر‭ ‬للمركز‭ ‬أو‭ ‬المدينة‭ ‬أو‭ ‬المحافظة‭ ‬للحصول‭ ‬عليها‭.. ‬وهى‭ ‬نقطة‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بوجود‭ ‬الصحف‭ ‬فى‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬فقط‭.. ‬وأيضاً‭ ‬هناك‭ ‬نقص‭ ‬فى‭ ‬توزيع‭ ‬الصحف‭ ‬فى‭ ‬المدن‭ ‬الجديدة‭ ‬والكومباوندات‭ ‬السكنية‭ ‬بل‭ ‬ان‭ ‬أعداداً‭ ‬غفيرة‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬الساحلية‭ ‬‮«‬المصايف‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تصلها‭ ‬الصحف‭ ‬القومية‭.. ‬ويضطر‭ ‬المصطافون‭ ‬إلى‭ ‬النزول‭ ‬إلى‭ ‬مدن‭ ‬أخرى‭ ‬للحصول‭ ‬عليها‭.‬
لابد‭ ‬أن‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬منافذ‭ ‬جديدة‭ ‬لتوزيع‭ ‬الصحف‭.. ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬منافذ‭ ‬الدولة‭ ‬لبيع‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭.. ‬وسيلة‭ ‬لتوزيع‭ ‬الصحف‭ ‬ويستطيع‭ ‬المواطن‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬ثم‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تعظيم‭ ‬دور‭ ‬الاشتراكات‭ ‬والاتفاقات‭ ‬مع‭ ‬السلاسل‭ ‬التجارية‭ ‬والأسواق‭.. ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬التى‭ ‬تضمن‭ ‬وجود‭ ‬الصحيفة‭ ‬وسهولة‭ ‬اقتنائها‭.‬
رابعاً‭:‬‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحافة‭ ‬تتبنى‭ ‬فكراً‭ ‬مهماً‭.. ‬فى‭ ‬إيجاد‭ ‬موارد‭ ‬اقتصادية‭ ‬بديلة‭.. ‬لتوفير‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬التكلفة‭ ‬العالية‭ ‬لإصدار‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭.. ‬أبرزها‭ ‬تعظيم‭ ‬الاستثمار‭ ‬فى‭ ‬أصول‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحفية‭.. ‬وممارسة‭ ‬نشاطات‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬العمل‭ ‬الصحفى‭ ‬والإعلامى‭ ‬والتعليمى‭.. ‬والخدمى‭ ‬الذى‭ ‬يوفر‭ ‬موارد‭ ‬داعمة‭ ‬لتطوير‭ ‬وبقاء‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭.. ‬فالإعلام‭ ‬عموماً‭ ‬صناعة‭ ‬ليست‭ ‬مربحة‭ ‬لأنها‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬تنويرية‭ ‬وتوعوية‭ ‬وكانت‭ ‬الإعلانات‭ ‬توفر‭ ‬عوائد‭ ‬قوية‭ ‬لدعم‭ ‬إصدار‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬وتواجدها‭ ‬وبسبب‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬باتت‭ ‬الأمور‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬حيث‭ ‬تراجعت‭ ‬معدلات‭ ‬الإعلانات‭.. ‬لذلك‭ ‬والحق‭ ‬يقال‭ ‬فإن‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬القومية‭.. ‬بطرق‭ ‬كثيرة‭ ‬سواء‭ ‬مالياً‭.. ‬أو‭ ‬لوجستياً‭ ‬أو‭ ‬إحداث‭ ‬تيسيرات‭ ‬كثيرة‭ ‬فى‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬المشروعات‭ ‬الاستثمارية‭ ‬التى‭ ‬تدر‭ ‬موارد‭ ‬للانفاق‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الصحفى‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬أزمات‭ ‬عالمية‭ ‬قاسية‭.. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعاون‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬وبروتوكولات‭ ‬لجدولة‭ ‬مستحقاتها‭ ‬لدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬القومية‭.. ‬ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭.. ‬هو‭ ‬الاتفاق‭ ‬الموقع‭ ‬وبحضور‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بين‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحافة‭ ‬وهيئة‭ ‬التأمينات‭.. ‬وهو‭ ‬نجاح‭ ‬كبير‭ ‬وهناك‭ ‬أمور‭ ‬أخرى‭.. ‬فالدولة‭ ‬تدعم‭ ‬بطرق‭ ‬وأساليب‭ ‬مختلفة‭ ‬إدراكاً‭ ‬منها‭ ‬بأهمية‭ ‬دور‭ ‬الصحف‭ ‬القومية‭ ‬والورقية‭.. ‬كمنارات‭ ‬للإعلام‭ ‬الوطنى‭ ‬الملتزم‭ ‬الذى‭ ‬يقف‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬حملات‭ ‬معادية‭ ‬لتزييف‭ ‬الوعى‭ ‬ومحاولات‭ ‬المساس‭ ‬بالهوية‭ ‬والشخصية‭ ‬المصرية‭ ‬ومنظومة‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية‭.. ‬وفى‭ ‬ظل‭ ‬حملات‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والشائعات‭ ‬والتشكيك‭ ‬والتشويه‭ ‬المتلاحقة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭.. ‬لذلك‭ ‬فالأمور‭ ‬فى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬تمضى‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتطوير‭.. ‬من‭ ‬منظور‭ ‬يدرك‭ ‬التحديات‭ ‬والتطورات‭ ‬الهائلة‭ ‬فى‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة‭.. ‬وتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭.‬
خامساً‭: ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬ضماناً‭ ‬لاستمرار‭ ‬بقائها‭ ‬وتأثيرها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬لدى‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية‭.. ‬التى‭ ‬تتميز‭ ‬بسرعة‭ ‬نشر‭ ‬وبث‭ ‬الأخبار‭.. ‬وبالتالى‭ ‬تستطيع‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬المنافسة‭ ‬القوية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬المحتوى‭ ‬والمضمون‭.. ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التقليدية‭.. ‬لذلك‭ ‬وجب‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتحليل‭ ‬والتفسير‭ ‬والبعد‭ ‬الثانى‭ ‬والثالث‭ ‬للأحداث‭ ‬والأخبار‭ ‬وما‭ ‬يدور‭ ‬فى‭ ‬العالم‭.. ‬والاهتمام‭ ‬بالحوار‭ ‬والتحقيق‭ ‬والتقرير‭.. ‬والملفات‭.. ‬وكذلك‭ ‬صحافة‭ ‬القارئ‭.. ‬وربط‭ ‬الصحيفة‭ ‬بالمواطن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬تؤديها‭ ‬له‭ ‬مثل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حلقة‭ ‬الوصل‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬المسئول‭ ‬أو‭ ‬نشر‭ ‬أو‭ ‬إصدار‭ ‬نماذج‭ ‬تعليمية‭.. ‬وتغيير‭ ‬التناول‭ ‬التقليدى‭ ‬للفعاليات‭ ‬الرياضية‭ ‬مثل‭ ‬مباريات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭.. ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬نقاط‭ ‬جديدة‭ ‬وتفاصيل‭ ‬أكثر‭ ‬تشويقاً‭ ‬يبحث‭ ‬عنها‭ ‬القارئ‭ ‬والاجتهاد‭ ‬فى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أخبار‭ ‬تمثل‭ ‬انفرادات‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭.. ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬والاهتمام‭ ‬بصفحات‭ ‬الفنون‭ ‬والحوادث‭ ‬والاقتصاد‭.. ‬لكن‭ ‬يظل‭ ‬التدريب‭ ‬والتأهيل‭ ‬لخلق‭ ‬منظومة‭ ‬الصحفى‭ ‬الشامل‭ ‬هى‭ ‬الأساس‭ ‬التى‭ ‬تمكن‭ ‬هذه‭ ‬الكوادر‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التطوير‭ ‬والمواكبة‭.. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحافة‭ ‬تعمل‭ ‬بدأب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دورات‭ ‬التدريب‭ ‬المستمرة‭ ‬والمكثفة‭.. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬طفرة‭ ‬إخراجية‭.. ‬والوصول‭ ‬بالصحف‭ ‬إلى‭ ‬الجامعات‭ ‬ومراكز‭ ‬الشباب‭ ‬والأندية‭.. ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬منافذ‭ ‬لبيع‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬فى‭ ‬الجامعات‭ ‬المصرية‭.‬
التحديات‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬فى‭ ‬حجم‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجى‭ ‬الهائل‭ ‬فى‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصالات‭ ‬والإعلام‭ ‬الجديد‭.. ‬فالصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬لديها‭ ‬مميزات‭ ‬ومزايا‭ ‬وقدرة‭ ‬تستطيع‭ ‬معها‭ ‬مواكبة‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭.. ‬ولكن‭ ‬أزمات‭ ‬وتحديات‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬التى‭ ‬يمكنها‭ ‬التكامل‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وتحقيق‭ ‬استفادة‭ ‬متبادلة‭.. ‬هى‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬فى‭ ‬الأساس‭.. ‬وارتفاع‭ ‬فى‭ ‬أسعار‭ ‬مستلزمات‭ ‬الإنتاج‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬جراء‭ ‬الأحداث‭ ‬العالمية‭ ‬المتلاحقة‭.. ‬وأيضاً‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬فى‭ ‬المحتوى‭ ‬والمضمون‭.. ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬خصوصية‭ ‬واختلاف‭ ‬عن‭ ‬الموجود‭ ‬فى‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية‭.. ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭.. ‬لذلك‭ ‬فالصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬مطالبة‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬مناطق‭ ‬التميز‭ ‬لها‭.. ‬ونقاط‭ ‬القوة‭.. ‬التى‭ ‬تستطيع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الانطلاق‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬القارئ‭.. ‬فالتجربة‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬القارئ‭ ‬يقدم‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الصحيفة‭ ‬بأى‭ ‬ثمن‭ ‬بشرط‭ ‬أنها‭ ‬توفر‭ ‬له‭ ‬المضمون‭ ‬الذى‭ ‬يحتاجه‭.. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬فإن‭ ‬الجمهورية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عقود‭ ‬تميزت‭ ‬بالجانب‭ ‬التعليمى‭ ‬ونشر‭ ‬نماذج‭ ‬للمراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬المختلفة‭ ‬وأبرزها‭ ‬الإعدادية‭ ‬والثانوية‭ ‬وفى‭ ‬الفترة‭ ‬التى‭ ‬تسبق‭ ‬وخلال‭ ‬الامتحانات‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬سوداء‭.. ‬تباع‭ ‬بما‭ ‬يصل‭ ‬أحياناً‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬جنيهاً‭.. ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬يجدها‭ ‬القارئ‭ ‬لأن‭ ‬زيادة‭ ‬كميات‭ ‬الطبع‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭.. ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬دفعنا‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬كتب‭ ‬ومجلات‭ ‬تعليمية‭ ‬تباع‭ ‬بسعر‭ ‬معقول‭ ‬كدور‭ ‬مجتمعى‭.. ‬وحققت‭ ‬نجاحاً‭ ‬كبيراً‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬فكرة‭ ‬الملاحق‭ ‬المتخصصة‭ ‬سواء‭ ‬الرياضية‭ ‬أو‭ ‬الحوادث‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬التوزيع‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬جانباً‭ ‬غير‭ ‬منظور‭.. ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الفئات‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬تدفع‭ ‬لبائع‭ ‬الصحف‭ ‬مبلغاً‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬تكلفة‭ ‬شراء‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬وفى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬يقوم‭ ‬القارئ‭ ‬بالإطلاع‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬وإرجاعها‭ ‬للبائع‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يفرغ‭ ‬من‭ ‬قراءتها‭.. ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬منتشر‭.. ‬لذلك‭ ‬أقول‭ ‬دائماً‭ ‬ربما‭ ‬تراجع‭ ‬التوزيع‭.. ‬لكن‭ ‬التأثير‭ ‬لم‭ ‬يتراجع‭.. ‬وتنقل‭ ‬الصحف‭ ‬والمواقع‭ ‬الإخبارية‭ ‬والبرامج‭ ‬التليفزيونية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأخبار‭ ‬والموضوعات‭ ‬المنشورة‭ ‬فى‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬هى‭ ‬من‭ ‬شكلت‭ ‬إطار‭ ‬التناول‭ ‬وآليات‭ ‬العمل‭ ‬الصحفى‭ ‬والإعلامى‭ ‬لباقى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الحديث‭.. ‬ومازالت‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬تتناول‭ ‬بنفس‭ ‬أسلوب‭ ‬وآلية‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬صراعاً‭ ‬بين‭ ‬الصحافتين‭ ‬الورقية‭ ‬والإلكترونية‭ ‬ولكن‭ ‬إحداث‭ ‬تكامل‭ ‬بينهما‭ ‬واستفادة‭ ‬متبادلة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المعارك‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تغنى‭ ‬ولا‭ ‬تسمن‭ ‬من‭ ‬جوع‭.. ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نأخذ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬لذاك‭ ‬والعكس‭ ‬وليس‭ ‬ذنب‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭.. ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬أجيالاً‭ ‬جديدة‭ ‬تعيش‭ ‬السرعة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬شىء‭.. ‬لذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬علينا‭ ‬تنمية‭ ‬القراءة‭ ‬لدى‭ ‬الأبناء‭ ‬والشباب‭ ‬عموماً‭.. ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬المحتوى‭ ‬والمضمون‭.. ‬فقد‭ ‬بات‭ ‬‮«‬الموبايل‮»‬‭ ‬سلاحاً‭ ‬خطيراً‭ ‬يهدد‭ ‬التناول‭ ‬الأكثر‭ ‬عمقاً‭ ‬ومليئاً‭ ‬بالإرهاصات‭.. ‬والبدائيات‭ ‬الصحفية‭.. ‬فكل‭ ‬من‭ ‬هب‭ ‬ودب‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬إعلامياً‭ ‬وصحفياً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬‭.. ‬لكن‭ ‬المصداقية‭ ‬والمهنية‭ ‬والتدقيق‭ ‬والتوثيق‭ ‬واحترام‭ ‬قيم‭ ‬المجتمع‭.. ‬والمبادئ‭ ‬الوطنية‭ ‬تجدها‭ ‬فى‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬التى‭ ‬تقف‭ ‬دائماً‭ ‬بأدواتها‭ ‬ورموزها‭ ‬وكوادرها‭.. ‬وكتابها‭ ‬فى‭ ‬‮«‬ضهر‮»‬‭ ‬الوطن‭.. ‬وبناء‭ ‬وعى‭ ‬وتنوير‭ ‬للمواطن‭.‬
تحيا مصر

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى