سيارة تقود نفسها ..خيال أم حقيقة ؟

عالم القيادة الذاتية مليء بالمصطلحات التي قد تساهم في تشكيل حالة من الارتباك عند الزبائن وحتى في الصحافة وكثيراً ما نسمع عن سيارة تقود نفسها بنفسها في الأخبار والإعلانات، ولكن نظرة عن قرب قد توضح لنا الصورة بشكل أفضل .

فعلى سبيل المثال عندما تتابع تصريحات وتغريدات ايلون ماسك – مدير شركة تيسلا –  تشعر بأننا على وشك الوصول إلى مرحلة نستطيع فيها تزويد السيارة بجهة معينة وتركها لتوصلنا  إلى ذلك المكان دون أي  تدخل باعتبارها سيارة تقود نفسها بنفسها. وعلى الرغم من أن اسم التقنيات التي تطرحها شركة تيسلا قد تكون مشوشة، فإن تقنية أوتو بايلوت – وتعني السائق الآلي بالعربية –  ليست في الحقيقة إلا مجموعة من أنظمة المساعدة على القيادة وليست نظام قيادة ذاتية على الإطلاق، وإلى جانب تقنية اوتو بايلوت ، تقدم تيسلا تقنية مختلفة ومنفصلة تماماً تسمى Full Self Driving – وتعني بالعربية نظام القيدة الذاتية بالكامل – ولكنها أيضاً ليست تقنية قيادة ذاتية بالكامل على الرغم من أن اسمها يشير إلى ذلك .

وفي مقال اليوم سنحاول أن نقدم لك موضوع القيادة الذاتية بطريقة مبسطة ونشرح لك كل ما تريد أن تعرفه عن هذه التقنية ومستوياتها المختلفة وما يتوفر منها في سيارات تيسلا وغيرها من السيارات الحديثة .ما هي الأنظمة المتطورة للمساعدة على القيادة ؟وكل التقنيات التي تساعد على تسهيل مهمة قيادة السيارة وجعلها مريحة أكثر ، ويشمل هذا كل المواصفات ذات العلاقة المتوفرة في السيارات اليوم، مثل تقنية مراقبة النقطة العمياء و نظام التحذير عند مغادرة المسار وحتى الأنظمة الأكثر تطوراً مثل نظام تثبيت السرعة ونظام المساعدة على البقاء في المسار .وهنالك من هذه الأنظمة ما هو متطور إلى حد بعيد بحيث يسمح للسائق أن يترك يديه وقدميه عن الدواسات فيما تعمل السيارة أوتوماتيكياً على تهدئة السرعة لتلائم حركة السير من حولها دون أن تتسبب بالحوادث ، ولكن هذه الأنظمة تتفاوت بين شركة وأخرى وبين سيارة وأخرى .

وفي الحقيقة فإن نظام اوتوبايلوت ليس إلا واحداً من هذه الأنظمة ولكن من الواضح أن تيسلا اختارت هذا الاسم لغايات التسويق لا أكثر ، حيث يتضمن نظام اوتو بايلوت نظام تثبيت سرعة يعمل على تعديل سرعة السيارة والمسافة بينها وبين السيارات من حولها بحسب حركة السير وظروف القيادة وكذلك بحسب لوحات المرور التي تحدد السرعة القصوى في بعض الطرق المحفوظة لدى تيسلا ، كما يتضمن”AutoPilot” نظام المساعدة في توجيه السيارة وتحريكها إلى منتصف المسار الذى يسمى نظام التوجيه التلقائي Autosteer ، والذي يساعد سيارة تسلا على الاحتفاظ بموقعها داخل مسار معين وحتى عند المنحنيات والطرق المتلوية .وبالطبع فإن هذه التقنيات متوفرة في عدد كبير من السيارات وخاصة من أنواع السيارات الفخمة وليست حكراً على سيارات تسلا فقط .

ماذا نعني بالقيادة الذاتية ولماذا لا ينطبق هذا الوصف على نظام أوتو بايلوت ؟

عودة إلى موضوع القيادة الذاتية والسيارات ذاتية القيادة، فعادة ما نسمع أو نقرأ هذه العبارات في عدد من التقارير الصحفية ويستخدمها البعض بشكل فضفاض ، ويكثر استخدامها في تسويق السيارات الكهربائية مثل إعلانات سيارات تيسلا ونظام اوتو بايلوت ، ولكن على أرض الواقع فلا يوجد سيارة واحدة في العالم اليوم مرخصة ومجهزة لتكون ذاتية القيادة بالكامل .اصدار رخصة لسيارة ذاتية القيادة بالكامل ليس بالأمر السهل فهنالك عدد من الهيئات الحكومية التي يجب أن تعطي موافقتها على أي سيارة قبل أن تحصل على هذه الصفة وهنالك مواصفات محددة وواضحة تحددها هذه الهيئات الرقابية في كل بلد من بلدان العالم ، ولنوضح لماذا نظام اوتو بايلوت في سيارات تيسلا ليس نظام قيادة ذاتية بهذا المفهوم يجب أن نفهم أولاً كيف تعرّف هذه الهيئات الحكومية القيادة الذاتية .

فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية هنالك هيئتان رقابيتان تعتبران المرجع لترخيص السيارات وتعريف المفاهيم المتعلقة بها ، وهما هيئة الأمان على الطرقات NHTSA وجمعية مهندسي السيارات ، ووفقاً لهاتين المنظمتين فإن هنالك 6 مستويات من القيادة الذاتية تتراوح بين المستوى صفر و المستوى 5 ، وكلما صعدت أكثر في رقم المستوى تقل الحاجة إلى أي تدخل بشري في عملية قيادة السيارة ويصبح بإمكان السائقين صرف انتباههم عن القيادة بالكامل أو حتى ترك مقعد السائق، وبالبطع فهذه المستويات لغايات التعريف والضبط ولا توجد سيارة بالفعل تتمتع بهذا المستوى .مستويات القيادة الذاتية ولنتعرف أكثر على هذه المستويات :

المستوى صفر : ويُعرف هذا المستوى بالقيادة العادية دون أي مساعدة ، فالسائق هو من يضغط على دواسة الوقود وهو من يتحكم بعجلة القيادة وهو من يضغط مكابح – فرامل السيارة – . الأمر في هذا المستوى يعتمد على السائق وعلى السيارة وما تسمح به قوانين الفيزياء والحركة.

المستوى 1 : في هذا المستوى يحصل السئائق على بعض الأنظمة الآلية المساعدة، وهو ما يعني أن السيارة قادرة على القيام ببعض المهام مثل نظام تثبيت السرعة العادي – غير المتكيف – أو نظام التحذير عند مغادرة المسار ، وهي أنظمة موجودة في العديد من السيارات وقد ظهرت منذ مدة طويلة .

ومن الجدير بالذكر أن أول سيارة في العالم تحصل على نظام تثبيت السرعة جاءت من شركة كرايسلر عام 1968 ، وكان هذا النظام يُسمى أيضاً اوتو بايلوت

المستوى 2 : في هذا النظام يمكن للسيارة أن تستخدم نظامين أو أكثر من الأنظمة المساعدة على القيادة في نفس الوقت،  ويعني هذا أن نظام تثبيت السرعة أصبح أكثر ذكاءً ، ويمكنه أن يخفّض سرعة السيارة وحده دون تدخل من السائق في حال تم رصد سيارة بطيئة في الأمام، كما يمكن للنظام زيادة السرعة عندما يكون الطريق خالياً، ويمكن للسيارة في هذا المستوى أيضاً أن تتدخل بتوجيه السيارة لتحافظ عليها في وسط المسار ولكن بالطبع يجب أن تبقى يديك على عجلة القيادة طوال الوقت .

وتقول شركة تيسلا أن سياراتها تنتمي إلى هذ المستوى من مستويات القيادة الذاتية، وقد تلقت الشركة الكثير من الانتقادات الحادة لأن تصريحات مدير الشركة تجعل الزبائن يقتنعون بأن سيارات تيسلا هي سيارات ذاتية القيادة في حين أنها لا تتعدى المستوى الثاني باعتراف شركة تيسلا نفسها .

ويضم هذا المستوى كذلك نظام سوبر كروز في سيارات جنرال موتورز و نظام  بلو كروز في سيارات فورد الأمريكية

المستوى 3 : يُعرف هذا المستوى بأنه نظام القيادة الذاتية المشروط ، ويعني هذا أنه وفي حال توفر ظروف معينة مثل خطوط الشارع الواضحة و اللوحات المرورية والأحوال الجوية على جزء محدد من الطريق السريع ، إذا توفرت كل هذه الشروط فيمكن للسيارة أن تقود نفسها بنفسها لفترة محدودة دون تدخل بشري ، ولكن يجب أن يكون هنالك سائق بشري مستعد لتولي زمام الأمور في أي لحظة تحسباً من وقوع أي أخطاء .

ومن السيارات التي تتمتع بأنظمة قيادة ذاتية من المستوى الثالث سيارة مرسيدس اس كلاس 2023 الجديدة وذلك ضمن حزمة DrivePilot  التي توفرها الشركة الألمانية .

• المستوى 4 و 5  ( سيارة تقود نفسها بنفسها ) :

هذان المستويان هما عبارة عن درجتين متفاوتتين من القيادة الذاتية الحقيقية ، حيث توفر سيارات المستوى الرابع عجلة قيادة أو أداة ما ليستخدمها السائق، بينما تلغي سيارات المستوى الخامس عجلة القيادة بالكامل ولا يمكن للسائق أن يتدخل أصلا في توجيه السيارة لتقود السيارة نفسها بالكامل ، ويكون السائق في هذه الحالة مثله مثل بقية الركاب .

وفي الحقيقة فإن تطبيق المستوى الخامس أو الرابع في سيارات إنتاجية تسير على الطرق ما زال أمراً بعيد المنال ولا يوجد أي سيارة اليوم تتمتع بالمستوى 4 أو المستوى 5 من القيادة الذاتية .

مستويات نظام اوتو بايلوت في سيارات تيسلا

يتوفر نظام اوتو بايلوت في سيارات تسلا حالياً بمستويين اثنين ، وهما نظام “اوتو بايلوت الأساسي ” AutoPilot ، ونظام “القيادة الذاتية بالكامل” Full Self-Driving :

• يتوفر نظام اوتوبايلوت الأساسي في كافة سيارات تسلا ويتضمن الأنظمة المتطورة التي تحدثنا عنها مثل نظام مثبت السرعة ونظام المساعدة على البقاء في المسار ونظام المكابح الأوتوماتيكية لحالات الطوارئ .
• المسافة بين السيارة والسيارات أمامها ولا تتوقف السيارة عند التقاطعات وتلتف بسرعة عند المنحنيات بشكل قد يقول لبعض عنه أنه متهور ، وهو ما دفع بشركة تيسلا إلى إلغاء هذه الوضعية بسبب السلوك الخطير وغير القانوني .
• هل تيسلا هي سيارة تقود نفسها بنفسها؟ (قيادة ذاتية)
• الإجابة هي لا بكل تأكيد ، نظام اوتوبايلوت في سيارات تيسلا هو من المستوى الثاني الذى يوفر عدداً من الميزات المتطورة التي تساعد السائق على القيادة وتجعل مهمة قيادة السيارة مريحة أكثر ، والأمر نفسه ينطبق على نظام Full Self-Driving فعلى الرغم من اسمه إلا أنه ليس نظام قيادة ذاتية بالكامل على الإطلاق لأنه يتطلب تدخل السائق .وكما أكدنا عن خطورة الاعتماد على أنظمة المساعدة على القيادة فإن أنظمة المساعدة على القيادة لا تغني عن انباه السائق ومراقبته باستمرار للطريق ، انتباه السائق هو الضمانة – بعد حفظ الله تعالى – لتجنب الحوادث والاصطدامات ، لا يمكنك أبداً ترك مقعد السائق وأخذ غفوة أو الانشغال عن مراقبة الطريق معتمداً على هذه الأنظمة، صحيح أنها مفيدة ومريحة وتسهّل عليك مهمة قيادة السيارة ولكنها ليست أنظمة قيادة ذاتية على الإطلاق كما يُسوق لها