بعد التنصيب لولاية جديدة : ماذا يريد الشعب من الرئيس ؟!
تمنيت لو شارك الشعب كله في حفل تنصيب الرئيس او على الاقل كان يتم دعوة 100 مواطن من مختلف المحافظات من الدلتا وبحري والصعيد وسيناء لحضور مراسم حلف اليمين ومشاهده العاصمة الإدارية الجديدة .. على أن يكونوا من أفراد المجتمع العاديين وليس الرسميين .. ويتم اختيارهم من الرجال والنساء الذين يمثلون كل الفئات .. من العمال والفلاحين .. والموظفين والمهنيين .. ورجال الأعمال و ” الصنايعية ” .. والصيادين والحرفيين فهؤلاء بحق يستحقون التواجد والمشاركة مع من حضروا حفل التنصيب .
هم ” أولاد البلد ” الذين ضحوا كثيرا وتحملوا المشقة في السنوات الماضية وقدموا أرواح أبنائهم شهداء فى الحرب على الإرهاب .. وصبروا طويلا حتى يتم تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بنجاح .. وكانوا شركاء في كل إنجاز تحقق .. وهم الذين توافدوا على لجان الاقتراع بنسبة مشاركة غير مسبوقة يوم الانتخابات ليختاروا ” عبد الفتاح السيسي ” رئيسا يكمل معهم وبهم وعلى بركة الله مشوار بناء مصر الجديدة في السنوات الست القادمة .
.. و لأن الرئيس يشعر بنبض الشارع فقد بدأ خطابه الأول في ولايته الجديدة بتحية الشعب العظيم صاحب الكلمة والقرار رمز الاصالة والعزة والصمود مجددا لهم العهد على تحقيق تطلعات الأمة .. مع إيمانه بأن طريق بناء الاوطان ليس مفروشاً بالورود .. مشيرا إلى التحديات التي تواجهنا من محاولات الشر الإرهابي بالداخل .. و الأزمات العالمية المفاجئة بالخارج .. والحروب الدولية والإقليميه العاتية من حولنا التي ربما لم تجتمع بهذا الحجم وهذه الحدة عبر تاريخ مصر الحديث .
رسم السيسي في خطابه ملامح ومستهدفات العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة وحددها في سبع نقاط .. حيث أعطي الأولوية لحماية وصون أمن مصر القومي وذلك على علاقات مصر الخارجية .. وسياسيا اكد على استكمال وتعميق الحوار الوطني و تنفيذ توصياتة .. واقتصاديا يتم تبني استراتيجيات تعظم من قدرات وموارد الدولة وتقوم بتعزيز صلابة ومرونة الاقتصاد ودور القطاع الخاص مع التركيز على أربعة قطاعات هي الصناعة والزراعة والسياحة و الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات .. إلى جانب زيادة الاستثمارات لتوفير ملايين من فرص العمل وزيادة الصادرات .
تناول الرئيس في النقطة الرابعة أنه سيتم تبني إصلاح مؤسسي شامل لضمان الانضباط المالي وتحقيق الحوكمة و تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت والطاقة الجديدة والهيدروجين الأخضر .. وخامسا سيكون هناك تعظيم للإستفاده من الثروات البشرية من خلال زيادة جودة التعليم و الارتقاء بالصحة العامة واستكمال مشروع التأمين الصحي الشامل .. و سادسا سيتم دعم شبكات الأمان الاجتماعي خاصة مشروعى ” حياة كريمة وتكافل وكرامة ” .. وأخيرا الاستمرار في التنمية العمرانية و إنشاء مدن جديدة من الجيل الرابع واستكمال برنامج سكن لكل المصريين .
كان الرئيس واضحاً كعادتة عندما رسم خارطة الطريق للمرحلة القادمة التي يرى البعض أنها قد تحتاج إلى فريق عمل جديد يتحمل مسئوليتها .. وخلال الأيام الماضية خرجت تكهنات عديدة تتحدث عن تغيير الحكومة أو حدوث تعديل وزاري ثم حركة المحافظين وذهب البعض إلى أنه سيتم تعيين نائب للرئيس وتبارى آخرون في تحديد أسماء بعينها لشغل كل منصب .. والحقيقة انه كل هذا تكون مجرد توقعات و تكهنات والرئيس هو الذي سيحدد في النهاية ويختار الفريق الذى يعمل معه .. كل هذه الامور قد تهم من يعمل بالسياسة والإعلام وربما ” المشتاقون ” .. ولكن المواطن رجل الشارع لا تعنيه الأسماء التى ستشغل المناصب او من يستمر ومن انتهى دورة بقدر ما يهتم بالسياسات والنتائج وتأثيرها على حياته اليومية و أموره المعيشية .. فماذا يريد الشعب من الرئيس الذي اختاره لولاية جديدة ؟! .
يتفهم المواطنون أهمية أمن الوطن ويتفقون على أن تكون لها الأولوية خاصة في ظل الاضطرابات الإقليمية على حدودنا وبالأخص التهديدات الإسرائيلية بضرب رفح الفلسطينية واقتحامها برياً .. وفي هذه المسألة هناك ايمان راسخ لدى الشعب بوجود سيناريوهات مصرية للتعامل مع كل الاحتمالات خاصة في ظل حكومة نتنياهو العنصرية الصهيونية المتطرفة .. بل أن اغلب المواطنين مع اتخاذ إجراءات تصاعدية شديدة في حال حدوث ذلك منها سحب السفير أو قطع العلاقات أو إلغاء معاهدة كامب ديفيد .. حيث لابد أن يكون هذا الأمر واضح لإسرائيل حتى تعرف عواقب ما ستقدم عليه في ظل اصرار نتنياهو على ضرب رفح ” كما قال ” رغم أنف أمريكا و الرئيس بايدن !! .
تأتي الأزمة الاقتصادية التي أثرت كثيرا على الأسرة المصرية على رأس أولويات الشعب وهم إذا كانوا يقدرون جهود حكومة الدكتور مصطفى مدبولي فى العديد من الانجازات فى مجالات مختلفة إلا أنهم بصراحة يعتبرونها فشلت في السيطرة على الأسواق والأسعار وان التجار كانوا للأسف أقوى من الحكومة و فرضوا سطوتهم واحتكروا السلع وحددوا الأسعار التي تحلو لهم دون أن يجدوا من يوقفهم .. ولهذا سواء استمرت الحكومة أو جاءت غيرها فإن المطلب الأول الشعب هو اخذ ” هدنة ” لمدة عام أو عامين يتم فيها تثبيت الأسعار بقدر الامكان و لا يتم خلال هذه الفترة تعويم الجنيه مرة أخرى ولا تحريك أسعار الوقود مع السيطرة بيد من حديد على الأسواق والعودة .. ويمكن وضع الأسعار الإسترشادية للسلع الاستراتيجية للحد من تقديرات التجار الجزافية التي تحقق لهم الأرباح الخيالية على حساب محدودى الدخل .. وقبل أن نترك الجانب الاقتصادي فلا بد من مراجعة سياسة الاقتراض والحد منها .. وأن يرى المواطن تقشفاً حقيقيا للحكومة حتى يستعيد فيها الثقة !! .
تأمل كل أسرة أن يجد ابنها او بنتها وظيفة مناسبة بعد التخرج حيث ان معدل البطالة رغم انخفاضه مؤخرا إلا أنه مازال مرتفعا خاصة بالنسبة لحملة المؤهلات العليا .. ونعلم أن الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة أصبحت متخمة بالموظفين والحل كما قال الرئيس في فتح أبواب الاستثمار و تشجيع القطاع الخاص .. و أن تبحث الحكومة أيضا عن حلول مبتكرة لتشغيل الشباب كأن تقيم مجمعات صناعية وتملك الورش والمصانع الصغيرة للشباب او تساعدهم على إستصلاح الأراضي .. وتعيد تأهيلهم على المهن التي يحتاجها سوق العمل .
والمشكلة الثانية التي تواجه الشباب وأسرهم هي الشقة وهذه فى الحقيقة قامت الدولة فيها بجهد كبير من خلال اقامة مشروعات الإسكان المتعددة من اسكان اجتماعي واقتصادي وعلى كل المستويات وأن كانت بعض الاجراءات تحتاج الى تيسير .
الشعب يريد من الرئيس اعادة الهيبة إلى مؤسسات الدولة التعليمية والصحية .. وعندما يتذكر كبار السن كيف كان حال المدارس الحكومية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي يتحسرون على أحوال مدارسنا التي يهرب منها التلاميذ و يذهبون إلى المدارس الخاصة والأجنبية .. بعد أن كان لا يذهب إلى هذه المدارس ايام زمان إلا من يفشلون او يتكرر رسوبهم .. وكل علماء مصر بالخارج بمن فيهم الدكاتره احمد زويل الحاصل على نوبل وفاروق الباز عالم الفضاء الكبير ودكتور القلوب السير مجدي يعقوب وغيرهم هم من خريجي المدارس والجامعات الحكومية .. وكذلك معظم المسئولين والوزراء خلال الأربعين عاما الماضية كانوا أيضا من أبناء التعليم الحكومي .
.. وبالنسبة للمستشفيات العامة لا يمكن إنكار الطفرة التي حدثت بها ولكن ما زال هناك الكثير يمكن تقديمة مع المبادرات الرئيسية المهمة لعلاج المرضى .. ومن يشاهد أفلام الأبيض والأسود سيرى كيف كانت النظافة والمعاملة والخدمات في مستشفيات الدولة مثل القصر العيني القديم ودار الشفاء والهلال وغيرها من الصروح الطبية التى اهملت طويلاً .
.. وعلى الجانب السياسي ينتظر المواطن العادي الذي لا يتاح له المشاركة في الحوار الوطني أن يشعر أنه رأية له أهمية وأن صوته سيكون مسموعاً وأن الأمر لا يقتصر على أخذ رأى السياسيين والمفكرين وقادة الأحزاب فالمطلوب توسيع دائرة الحوار وأن تكون هناك لجان بكل مدينة و قرية ووحدة محلية تستقبل مقترحات وأراء المواطنين في كل محافظة وإرسالها إلى اللجنة العليا للحوار .. والأهم أن يتم استكمال آخر المستحقات الدستورية بإجراء انتخابات المحليات وزيادة منافذ الحوار والحرية في الصحافة والإعلام لابداء مختلف الأراء طالما أنها في الإطار الوطني الشرعي ..وكذلك إصدار قانون اتاحة المعلومات وتداولها .. والاستمرار فى سياسة الافراج عن المحبوسين ضمن استراتيجية حقوق الانسان التى تم اعتمادها .
يبقى الجانب الاجتماعي و للأمانة فإن الدولة لا تدخر جهدا خاصة في مشروعي ” تكافل وكرامة وحياة كريمة ” ولكن شدة الأزمات الاقتصادية التي مر بها الوطن خلال الأعوام الثلاثة الماضية تستدعى جهدا اكبر فى هذا المجال خاصة للأرامل والأيتام وأصحاب المعاشات والغارمات .. لان الشعب بصراحة بعد كل ما عاناه يحتاج الى ” هدنة ” ولمن ” يطبطب عليه ” .. وعلى المجتمع المدني والجمعيات الأهلية مساعدة الحكومة في هذا الأمر .
علينا أن نعترف انه خلال الأعوام الماضية تحقق العديد من الانجازات .. ومع ذلك فما زال أمامنا الكثير لننجزه في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية .. و الحقيقة التى لا ينكرها أى منصف هى أن الحمل ثقيل والمشاكل كبيرة ومتراكمه من عشرات السنين .. والمطالب لكى تتحقق تحتاج الى وقت وعمل والأهم ان يلطف ربنا بالبلد والمنطقة والعالم وتنتهى الحروب والاضطرابات حتى لا تستمر الازمات وتتفاقم .. ولكن الشعب الذي لا يعرف المستحيل هو الذى اختار السيسي و يعلم أن رئيسة يشعر بمعاناته .. و أنه سيخوض معه الطريق الطويل الشاق بالعمل والعرق .. لبلوغ الهدف والوصول إلى مستقبل مشرق في مصر الجديدة بإذن الله .