العالم فى خطر بسبب نقص الفراشات !

الفراشات هذه الكائنات الصغيرة الحساسة جداً والتي تلعب دوراً كبيراً في تلقيح النباتات، أصبحت اليوم مهددة بفعل التغيرات المناخية القصوى وارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ على سطح كوكبنا. وتشير الأبحاث إلى أن 30 إلى 40 بالمائة من الفراشات لم تعد موجودة مما ينبئ بأخطار التغير المناخي لاسيما أن الفراشات تعدّ مؤشراً بيئياً هاماً.

إذا ما علمنا أن حوالي ثلاثة أرباع المحاصيل الزراعية من فواكه وبذور تعتمد على التلقيح، بما في ذلك تلقيح الفراشات، فإن أي تغيّر في هذا النظام البيئي ينعكس سلباً على حياتنا.

في الأكوادور وغاباتها التي تحوي نحو 4 آلاف نوع من الفراشات وتشكل موطناً هاماً لهذه “الجواهر الطائرة” كما يسمّيها الباحثون، والتي تختزن معلومات كثيرة تتيح قياس الآثار الفتّاكة للتغير المناخي، عكف فريق من علماء الأحياء وحرّاس المنتزهات على مراقبة أعداد الفراشات في محمية كويابينو التي تشتهر بوفرة الحياة البرية، منذ شهر آب/ أغسطس 2023.

نصب الباحثون لهذا الغرض مصائد للفراشات على أغصان الأشجار، وبواسطة زجاجات تحوي طعوماً من السمك أو الموز المخمر وُضعت داخل الشباك، استدرجوا الفراشات البالغة لكي يُجروا عليها دراسات، إذ أن حياتها القصيرة تتيح للعلماء في وقت قليل تكوين معطيات عن انقراض بعض الأنواع.

وأثمرت جهود أعضاء الفريق البحثي عن جمع 169 فراشة في أسبوع واحد، معظمها من فصيلة الحورائيات  Nymphalidae.

ووضعوا علامات على أجنحة 97 منها وأطلقوا سراح الباقي، في حين احتفظوا بالفراشات من الأنواع الأخرى لإجراء دراسات عليها، إذ تنتمي على الأرجح إلى أنواع جديدة.

انخفاض كبير في عدد الفراشات بلغ 50 بالمئة

توقّعت عالمة الأحياء ماريا فرناندا تشيكا التي تتولى إدارة هذا المشروع والتي تعمل منذ عشر سنوات على تحليل الفراشات في حديقة ياسوني الوطنية، التوصل إلى بعض الاكتشافات، حيث لاحظت أن عدد أنواع الفراشات التي تقع في المصائد انخفض بنسبة 10 بالمئة، كما أشارت إلى انخفاض كبير جداً بعدد الفراشات الذي بلغ نحو 50 بالمئة.

أوضحت تشيكا أن الفراشات هي بمنزلة “مؤشرات حيوية”، أي أنها “حساسة جداً حتى للتغيرات المحدودة في المنظومة البيئية، نظراً إلى أن طبيعة دورة حياتها التي تبدأ بالبيوض، ثم اليرقات وأخيرا مرحلة البلوغ القصيرة. وأشارت إلى أن مواسم الجفاف خصوصاً “مميتة” للحشرات.

ونبّهت عالمة الأحياء إلى أن “معدّل اكتشاف الأنواع أصبح أبطأ من معدل الانقراض” في أماكن شديدة التنوع كمحمية ياسوني. وهذا يعتبر مشكلة خطيرة في نظر العلماء، بسبب الوظائف التي تؤديها الفراشات في الطبيعة ومنها التلقيح.

تقنيات البحث والتعامل بلطف مع الفراشات “الكائنات الحساسة”

ومن تقنيات البحث أن الباحثون يُمسكون بطون الفراشات بأيديهم، وينفخون بلطف على جذوعها حتى يسحبوا أرجلها، وباستخدام الملقط يفردون أجنحتها، فتتبدى لوحة ساحرة من الألوان الزاهية، وتبدو أشبه بالفراء المرقّط لحيوانات الجاكوار أو بخطوط الحمير الوحشية.

ويشرح حارس الغابة نيلو ريوفريو الذي يبرع في اصطياد الفراشات خلال طيرانها أن “لوناً بسيطاً وخطاً صغيراً يتيحان التمييز بين أنواع الفراشات المختلفة”.

التغير المناخي يؤثر سلباً على أعداد الفراشات

ترى عالمة الأحياء إليزا ليفي إلى أوكلت إليها مسؤولية مراقبة الفراشات في غابة كويابينو التي تنمو فيها الأشجار وسط البحيرات، أن للأزمة المناخية انعكاساً على النظام البيئي يشبه تأثير الدومينو، “فإن لم يتكيف النبات المضيف الذي تتغذى عليه اليرقة مع هذه التغيرات المناخية، لن تتمكن الفراشة من البقاء على قيد الحياة”.

وتقول ليفي “إذا كان المناخ يبرد أو يسخن إلى درجات حرارة مفرطة، فمن غير المرجح أن تكون قادرة على التكيّف بسرعة”.

فالفراشات في المناطق الاستوائية لا تتكيّف مع التغيرات المناخية كما هي الحال في بلدان الفصول الأربعة في المناطق ذات المناخ الأكثر اعتدالا.

نقلا من مونت كارلو الدولية

Exit mobile version