الواجهة الرئيسيةتقارير

ترامب والهجوم على النظام القضائي الأمريكي مفيدة لبوتين

بعد صدور حكم إدانته التاريخي في قضية شراء السكوت، هاجم دونالد ترامب نظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة، وقدم ادعاءات لا أساس لها من الصحة حول محاكمة “مزورة” ورددت تصريحات أروقة الكرملين في روسيا، وذكر جرايم روبرتسون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة واشنطن، أن الزعماء، بمن فيهم بوتين، “يجب أن يعجبوا” بأي انتقادات تصدرعن ترامب ضد “المؤسسات الرئيسية للديمقراطية”، لأنه تضفي الشرعية عليهم في عيون شعوبهم. 

ويعتقد المراقبون أن ترامب يرى نفسه “حاكما قويا” ويتطلع إلى بوتين للحصول على الإلهام وهجماته ضد العدالة الأمريكية تشجع أي دولة – من تلك التي لديها شكوى خفيفة من سياسات واشنطن إلى الدول المعادية بشكل علني – على “أن تحظى باللحظة المناسبة لإسقاط العملاق الأمريكي”.

وقال ترامب يوم الجمعة، متحدثا من برجه الذي يحمل اسم ترامب في نيويورك: “إذا كان بإمكانهم فعل هذا بي، فيمكنهم فعل ذلك لأي شخص” وعلى بعد آلاف الأميال، ربما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يفرك يديه في نشوة وسعادة”، كما قالت فيونا هيل، مستشارة الأمن القومي السابقة في البيت الأبيض لثلاثة رؤساء أمريكيين، بما في ذلك ترامب. 

وأوضحت هيل أن الرسالة الموجهة إلى المواطنين الصينيين والروس الذين يشاهدون الدراما تتكشف في الولايات المتحدة هي أن حالهم أفضل في وطنهم وأن الرسالة الموجهة إلى الدول التي تتودد إليها روسيا والصين أثناء محاولتها توسيع نفوذها في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية هي أن موسكو وبكين يمكن أن تقدما شراكات أكثر موثوقية.

وقال ماثيو كرونيج، مسؤول دفاع سابق ونائب رئيس المجلس الأطلسي ومركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن، إن التهديد الذي يمثله “المحور الجديد للاستبداديين”، بما في ذلك روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، وذلك “أمر مخيف”، حيث تعمل هذه الدول بشكل أوثق مع المصالح المتداخلة.

وقال كروينج إن موسكو على وجه الخصوص ستحاول على الأرجح استغلال الاضطرابات السياسية في الولايات المتحدة لتقسيم التحالف الأمني لحلف شمال الأطلسي وقال إنها قد تحاول تأليب الرأي العام في دول الناتو ضد الولايات المتحدة من خلال تشجيعهم على التساؤل عما إذا كانت لديهم “قيم مشتركة” مع الأمريكيين وإذا نجح هذا فقد يؤدي إلى إعادة تشكيل جوهرية للبنية الأمنية العالمية ــ وهو هدف روسيا والصين ــ منذ نهاية الحرب الباردة.

وفي الوقت نفسه، تجد بعض الحكومات الغربية نفسها عالقة في تناقض دقيق بين عدم الرغبة في نبذ ترامب باعتباره الرئيس المقبل المحتمل للولايات المتحدة، والحاجة إلى احترام النظام القضائي الأمريكي وهناك دول أخرى، مثل المجر، العضو في الاتحاد الأوروبي، تتودد إليه علنًا.

وقالت هيل: “بالنسبة لبوتين، يجب أن يكون الأمر مثاليًا لأنه يخلق فوضى يمكن أن يحاول استغلالها”.

وتؤكد هيل وغيرها من المحللين إن هجمات ترامب قد تكون مفيدة لبوتين وغيره ممن يتطلعون إلى تعزيز مكانتهم بين مواطنيهم، وربما التأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة التي يكون فيها ترامب هو المرشح الجمهوري المفترض، وتقويض مكانة الولايات المتحدة العالمية ونفوذها وتأثيرها. 

وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن موسكو وافقت على تقييم ترامب للحكم الصادر يوم الخميس ووصفته بأنه “القضاء على المنافسين السياسيين بكل الوسائل القانونية أو غير القانونية الممكنة”  وفي سبتمبر، قال بوتين إن محاكمة ترامب كانت انتقاما سياسيا “يظهر فساد النظام السياسي الأمريكي” وبعد صدور الحكم، وصف رئيس الوزراء المجري الشعبوي الموالي لروسيا، فيكتور أوربان، ترامب بأنه “رجل شرف” وحثه على “مواصلة القتال”.

وأشارت صحيفة جلوبال تايمز المملوكة للدولة في الصين إلى أن إدانة ترامب تزيد من “الطبيعة الهزلية” للانتخابات الرئاسية الأمريكية هذا العام، مضيفة أنها ستؤدي إلى تفاقم التطرف السياسي وتنتهي “بمزيد من الفوضى والاضطرابات الاجتماعية”.

ويقول المحللون إن من المرجح بشكل خاص أن يرى بوتين الاضطرابات الأخيرة كفرصة وهو قد سعى منذ فترة طويلة إلى توسيع الانقسامات في المجتمعات الغربية في محاولة لتعزيز النظرة الروسية للعالم ومنذ غزو أوكرانيا، وقبل الانتخابات الحاسمة في مختلف أنحاء الغرب هذا العام، اتُهمت روسيا بتنفيذ العديد من الهجمات التخريبية واستهداف المنشقين في الخارج لإثارة المخاوف وزرع الفتنة.

واتُهمت موسكو بالتدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016 التي فاز بها ترامب من خلال إنشاء مصنع للمتصيدين، واختراق حملة هيلاري كلينتون، ونشر أخبار كاذبة، ومحاولة التأثير على المسؤولين المرتبطين بترامب.

ويمكن أن تفيد الفوضى السياسية الزعماء المناهضين للسياسات الأمريكية من خلال صرف انتباه واشنطن عن القضايا الرئيسية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا.

وقال ديفيد سالفو، المدير الإداري للتحالف من أجل تأمين الديمقراطية في صندوق مارشال الألماني في واشنطن العاصمة، إن هدف روسيا هو نقل الأصوات من “أطراف النقاش السياسي إلى التيار الرئيسي”.

ويفعل الكرملين ذلك جزئيًا من خلال الدفع بوجهات النظر الروسية تحت ستار الأخبار ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تبدو وكأنها مصدرها الغرب وأشار سالفو إلى أن الخلافات في الكونجرس التي أخرت حزمة المساعدات لأوكرانيا جاءت في أعقاب حملة روسية على وسائل التواصل الاجتماعي استهدفت الأمريكيين، وأدى ذلك إلى اكتساب روسيا اليد العليا في ساحة المعركة.

وقالت هيل لوكالة أسوشيتد برس إن الهجمات على النظام القضائي الأمريكي من قبل ترامب وحلفائه هي “مادة مثالية” لـ “عملية دعاية وتأثير كبيرة” أخرى، مما يشير إلى أن روسيا يمكن أن تستهدف الناخبين المتأرجحين في الولايات التي تشهد منافسة قبل انتخابات نوفمبر.

وعلى مدى أجيال، صورت الإدارات الرئاسية الأمريكية أمريكا على أنها معقل للديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان، وشجعت الدول الأخرى على تبني هذه المُثُل. لكن ترامب أشار إلى أن النظام القضائي يُستخدم لاضطهاده، وهو ما يحدث في بعض الدول الاستبدادية.

زر الذهاب إلى الأعلى