الواجهة الرئيسيةتكنولوجيا واتصالات

تقنية زرع الرقائق الدماغية لعلاج الاكتئاب

تكنولوجيا الدماغ حقيقة لا تخيف كما قد تظن رغم أن فكرة زرع الرقائق في الدماغ قد تثير القلق لدى البعض، فإن الواقع يختلف تمامًا، فقد ساعدت رقاقات صغيرة مزروعة على الجمجمة في علاج رجل كان يعاني من الاكتئاب المزمن لسنوات عديدة.

إريك (اسم مستعار لحماية هويته) هو رجل في منتصف العمر يعمل في خدمات الطوارئ في الولايات المتحدة، وكان يعاني من الاكتئاب والأفكار الانتحارية لمدة 17 عامًا.

لم يكن يستطيع النوم معظم الليالي، وكان الضغط العصبي والانفعال الشديدين يؤثران على حياته الشخصية والعائلية، حيث كان أفراد أسرته يتصرفون بحذر شديد حوله، وكأنهم يمشون على قشر البيض. في يوم من الأيام، اتخذ إريك قرارًا عشوائيًا، دون أن يدرك تمامًا تبعاته.

 تم دعوة إريك للمشاركة في دراسة علمية حول زراعة رقاقة دماغية يمكن أن تساعد في علاج حالته، كانت هذه فرصة لا تعوض، فقرر خوض التجربة، ورغم قلقه قبل يومين من إجراء الجراحة، كان متفائلًا بأن هذه هي الفرصة التي قد تغير حياته.

مرت سنة كاملة منذ أن أصبح إريك واحدًا من أولى الحالات التي تتلقى هذه الرقاقة التجريبية، التي طورتها شركة Inner Cosmos الناشئة في كاليفورنيا، وقد كانت النتائج مشجعة للغاية.

خلال الأشهر الستة الماضية أظهرت تقييمات إريك انخفاضًا في درجة الاكتئاب حسب مقياس مونتغومري آسبيرغ، ما يعني أنه أصبح في حالة تحسن ملحوظ. حتى عائلته لاحظت التغيير الواضح في سلوكه.

يعد الاكتئاب من أبرز التحديات الصحية النفسية في العصر الحديث، حيث لا يستجيب ثلث المرضى للأدوية المضادة للاكتئاب، وكان الخيار العلاجي التقليدي لمثل هذه الحالات هو العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS)، وهو إجراء يتطلب من المريض الذهاب يوميًا إلى المستشفى لمدة شهر أو أكثر لكن مع تقدم التكنولوجيا، أصبح هناك بدائل أكثر فاعلية، مثل الرقاقة التي تم زرعها في دماغ إريك.

الرقاقة هي جهاز مسطح دائري يتم زرعه فوق الجمجمة، مما يسمح له باستخدامها في أي وقت بواسطة جهاز يدوي منفصل، لا يشعر إريك الآن سوى بإحساس خفيف عند تفعيل الجهاز، ويمكنه استخدامه أثناء أداء أنشطة يومية مثل جز العشب أو شرب القهوة، لكنه يتجنب استخدامها أثناء القيادة.

في السنوات الأخيرة بدأ استخدام تكنولوجيا الدماغ في معالجة حالات صحية مختلفة بطرق غير جراحية وأصبح هذا المجال يشهد تطورًا سريعًا بفضل الابتكارات مثل تقنية زرع الرقائق الدماغية.

قامت شركات مثل نيورالينك (Neuralink) بقيادة إيلون ماسك بتطوير هذه التقنيات، مما فتح آفاقًا جديدة لمساعدة المرضى الذين يعانون من إعاقات حركية وأمراض نفسية.

شركة Inner Cosmos اكتشفت طريقة لعلاج المشاكل النفسية من خلال تقنية أقل تدخلاً من الزرع التقليدي للأجهزة داخل الدماغ، حيث يتم تثبيت الرقاقة على سطح الجمجمة دون اختراقها، وهذا الابتكار قد يكون بداية لحلول جديدة لمشاكل مثل مقاومة العلاج في حالات الاكتئاب.

رغم أن هذه التقدمات تبدو واعدة في مجال العلاج الطبي إلا أن هناك تحديات كبيرة في ما يتعلق بتكامل هذه التقنيات مع الذكاء الاصطناعي، مما يثير بعض القلق بشأن التأثيرات المحتملة على خصوصية الأفراد وتفكيرهم الشخصي.

لكن في الوقت الحالي يظل لهذه التقنيات دور كبير في تقديم حلول فعّالة لمشاكل صحية نفسية مزمنة، مما يفتح باب الأمل للعديد من المرضى حول العالم.

رغم أن الخوف من التغيير قد يظل موجودًا إلا أن تقنية زرع الرقائق الدماغية تفتح آفاقًا جديدة لعلاج الاكتئاب والأمراض النفسية، وتجعلنا نرى أملًا جديدًا في عالم الطب العصبي.

محمد صبري

كاتب ومحرر صحفي بموقع نمبر1نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button