استضافت القاعة الرئيسية بالدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب أولى ندواتها بعنوان “كن متصلاً” بمحور “قراءة المستقبل”، حيث ناقشت دور الذكاء الاصطناعي في استشراف المستقبل وحقيقة تسببه في البطالة.
وشارك في الندوة كل من: الدكتورة نيفين مكرم لبيب، نائب رئيس الجمعية المصرية لنظم المعلومات وتكنولوجيا الحاسبات، والدكتور حسن الشريف، أستاذ الفلسفة المساعد بجامعة طيبة، والدكتورة أسماء عبد العزيز، باحثة ومترجمة في العلوم الإنسانية، كما أدارت الندوة الإعلامية هالة الحملاوي.
مفهوم الذكاء الاصطناعي
في البداية، رحبت الإعلامية هالة الحملاوي بالضيوف قائلة: “يشرفنا أن نستضيف ضيوفنا الأعزاء، وسنتحدث عن دور الذكاء الاصطناعي في استشراف المستقبل وكيف يندمج مع العلوم الإنسانية مثل الفلسفة”.
ثم وجهت سؤالها الأول للدكتورة نيفين مكرم لبيب حول مفهوم الذكاء الاصطناعي، وما بين كونه عاملا مساعدا أو مسببا للقلق بخصوص تأثيره السلبي على الوظائف.
أجابت الدكتورة نيفين مكرم لبيب: “الذكاء الاصطناعي هو علم من علوم الحاسب الآلي، نحاول من خلاله أن نصنع برامج وأجهزة تقوم بمحاكاة أي مهمة تحتاج لبشر، مثل برنامج تشخيص الأمراض في المجال الطبي، أو برامج تعلم الطلاب كأنهم معلمون خصوصيون لهم في المجال التعليمي، فهو لديه قدرة على التفكير المنطقي أو القدرة على الابتكار، وفيما عدا ذلك يعتبر ميكنة عادية”.
وأضافت أن الذكاء الاصطناعي ليس علمًا مستحدثًا بل تم اكتشافه عام 1950، ولكن أهميته ظهرت بشكل كبير وقت كورونا، حيث أدرك الجميع أن الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية بل ضرورة لاستمرار الحياة.
أنواع الذكاء الاصطناعي
وقسمت الدكتورة نيفين الذكاء الاصطناعي إلى نوعين: النوع الأول هو “تعلم الآلة”، حيث يتم تغذية البرنامج بكمية ضخمة من البيانات “big data”، ومن خلالها نستطيع اكتشاف أنماط لظواهر جديدة، وكلما تمت إضافة بيانات أكثر، كلما تعلمنا أنماطًا جديدة، أما النوع الثاني فهو “التوليدي”، الذي يُعتقد أنه مهدد للبشر حيث يولد أفكارًا جديدة، مثل “شات جي بي تي” (ChatGPT)، الذي يتيح للمستخدم التحدث مع شخص بلهجات مختلفة ويولد أفكارًا جديدة.
دور الذكاء الاصطناعي في تطور العلوم الإنسانية
انتقل الحديث إلى الدكتور حسن الشريف، الذي تم سؤاله عن دور الذكاء الاصطناعي في تطور العلوم الإنسانية. وأجاب قائلاً: “بالطبع، الذكاء الاصطناعي لن ينجو من أي مجال أو فئة، وإذا تحدثنا عن سوق العمل، من المتوقع أن أكثر من 20% من الوظائف سيتم استبدالها بالذكاء الاصطناعي”.
وأضاف أنه في مجال الفلسفة على وجه الخصوص، هناك أبعاد أخلاقية للذكاء الاصطناعي سيتم التركيز عليها أكثر في المستقبل، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات مثل: “إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على القيام بالعديد من المهام، فهل سيأخذ وظائف البشر؟” وتطرق كذلك إلى مشكلة التحيز في الذكاء الاصطناعي، التي يمكن أن تؤدي إلى تنبؤات غير دقيقة في بعض الحالات. لكنه في النهاية أشار إلى أن “البطالة” تبقى هي المشكلة الأبرز.
الذكاء الاصطناعي في الترجمة
تحدثت الإعلامية هالة الحملاوي مع الدكتورة أسماء عبد العزيز عن تأثير الذكاء الاصطناعي في الترجمة، خاصة بعد تطور تطبيقات الترجمة الإلكترونية مثل “جوجل ترانسليت” التي بدأت أحيانًا تتفوق على البشر.
وأجابت الدكتورة أسماء عبد العزيز: “في العلوم الإنسانية يوجد ما يسمى بـ ‘المعنى’، وجوجل ترانسليت لا يستطيع أن يصل إليها، قضية الحضور الافتراضي هي قضية جديرة بالبحث، فالإنسان دائمًا يبحث عن السيطرة على الطبيعة وكشف خباياها، وعندما اندمجت العلوم التجريبية والإنسانية، كانت النتيجة هي مستوى الرفاهية الذي وصلنا إليه اليوم”.
وأضافت أن التكنولوجيا قد قفزت بالإنسان قفزة كبيرة جدًا في وقتنا الحالي، مشيرة إلى أننا الآن نعيش في “الواقع الافتراضي” وفي “الواقع الذي نعيشه”، وأن التحول الرقمي هو “صدفة تاريخية” وأن “مفهوم الوظيفة نفسه تغير منذ 20 سنة”، حيث أصبح الأطفال الآن يحلمون بوظائف مثل “مبرمج” أو “تيك توكر” أو “مؤثر على السوشيال ميديا”.
الذكاء الاصطناعي واستشراف المستقبل
حينما عاد الحديث إلى الدكتورة نيفين مكرم لبيب، تم سؤالها عن دور الذكاء الاصطناعي في استشراف المستقبل. فأجابت: “إذا تحدثنا عن الذكاء الاصطناعي في استشراف المستقبل، فإنه يعتمد على تغذيته بالبيانات والمعلومات التاريخية التي تساعده في التنبؤ بما قد يحدث. وبناءً على تحليل وصفي وتشخيصي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم توصيات استشرافية تساعدنا في الاستفادة من الأشياء الجيدة وتجنب السيئة”.
البطالة ودور الذكاء الاصطناعي في القضاء على الوظائف
وعن دور الذكاء الاصطناعي في القضاء على بعض الوظائف، أكدت الدكتورة نيفين مكرم لبيب أن هناك العديد من الوظائف التي ستختفي، لكن الذكاء الاصطناعي لا يسبب البطالة بشكل مباشر، بل يكشف البطالة المقنعة.
وأضافت أن “الوظيفة التي تكون مدخلها مثل مخرجها لا تعد وظيفة، وبالتالي سيحل الذكاء الاصطناعي محل الوظائف المقنعة”.
وفي تعليق لها، أكدت الإعلامية هالة الحملاوي أن الذكاء الاصطناعي سيكون له دور في اختفاء بعض الوظائف مثل الترجمة، ولكنه سيسهم أيضًا في استحداث وظائف جديدة.
بينما أكدت الدكتورة نيفين مكرم لبيب أن الذكاء الاصطناعي، رغم وجود العديد من برامج الترجمة التوليدية، لن يتمكن من التعرف على السياق والمعنى الثقافي الكامل، حيث أن بعض المفاهيم، مثل السخرية والنبرة في الكلام، لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فهمها بالشكل الصحيح.
وأوضحت أنه رغم تأثير الذكاء الاصطناعي على بعض الوظائف، إلا أنه سيساهم في زيادة الإنتاجية وتحسين جودة العمل.